بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2019 06:00ص «مأزق ثقة» يُدخِل لبنان في المجهول.. وتخفيض جديد للتصنيف

تَرنُّح ورقة الصفدي ورؤساء الحكومات لإعادة تكليف الحريري.. والمستشفيات تستغيث

أطباء وممرضات يرفعون الأعلام البيضاء: لا أدوية! (تصوير: جمال الشمعة) أطباء وممرضات يرفعون الأعلام البيضاء: لا أدوية! (تصوير: جمال الشمعة)
حجم الخط
شهر مضى على انتفاضة اللبنانيين، رفضاً للفساد الهائل الذي ضرب السلطة السياسية، والموظفين الكبار والصغار، ورفضاً لاستباحة رواتب موظفي الدولة، واحتجاجاً هائلاً على سرقة ودائع النّاس الموجودة في المصارف، التي تمعن لليوم الاخير من هذا الاسبوع في الاقفال على خلفيات، متعددة، تارة لاعتبارات تتعلق بالدولار، وتارة أخرى لاعتبارات تتعلق بالامن، على الرغم من التطمينات من الجهات المعنية بتوفير الحماية المطلوبة.

كل ذلك على وقع خفض وكالة التصنيف الدولية (ستاندرد آند بورز) تصنيف ثلاثة بنوك محلية من بي «B» إلى C.C.C سي سي سي مع نظرة سلبية.

وفي وقت لاحق، خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني تصنيف لبنان إلى C.C.C/C بفعل تزايد المخاطر المالية والنقدية مع نظرة مستقبلية سلبية.

واعتبرت الوكالة ان «النظرة المستقبلية السلبية للبنان تعكس المخاطر الخاصة بالجدارة الائتمانية للدولة بسبب تنامي الضغوط المالية والنقدية».

كما أكدت ان «تراجع الثقة في الحكومة والاقتصاد بلبنان قد يؤدي إلى مسار معاكس لتدفقات الودائع للبنوك».

وبدا من سير الاتصالات، لا سيما بعد ترنح ورقة ترشيح النائب السابق محمّد الصفدي، التي سقطت بضربة رؤساء الحكومات السابقين الذين اعادوا ترشيح الرئيس الحريري ليتولي رئاسة الحكومة، وانعدام أي اتصال بين الرؤساء المعنيين، مما يُشير إلى أزمة ثقة رئاسية بين الرؤساء الثلاثة، ومكونات الطبقة السياسية، الامر، الذي يعني ان لبنان دخل في مرحلة غير مسبوقة، بخيارات مجهولة،  تطرح على بساط البحث، مصير الدستور المنبثق عن الطائف، والدولة المركزية، واحتمالات الفدرالية أو التوسع في اللامركزية الإدارية، فضلا عن إعادة فرز مواقع الثروة، وانتهاء حقبة الازدهار، الذي تلا اعادة بناء البلد في الحقبة الممتدة من العام 1992 إلى ما قبل العام 2000، والتي قادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

باسيل يتجاوز الكل

سياسياً، بدا ان الاغرب تأكيد وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل «أننا تواصلنا مع الوزير الصفدي، وهو وافق على تولي رئاسة الحكومة في حال حظي اسمه بموافقة القوى السياسية الاساسية المشاركة في الحكومة».

وقال باسيل لتلفزيون (إم.تي.في) إن عملية تعيين الصفدي رئيساً للوزراء يجب ان تبدأ بعد غد الاثنين وإن من المرجح تشكيل حكومة جديدة بشكل عاجل بعد ان اتفقت جميع الاطراف الرئيسية على ضرورة التحرّك بسرعة.

وكشفت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة ان إعلان الوزير جبران باسيل عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة من وزارة الخارجية بدلا من ان تصدر ببيان رسمي عن القصر الجمهوري ببعبدا استنادا للدستور، يؤكد أن رئيس الجمهورية العماد ميشال قد فوض صلاحياته لصهره الذي يتصرف فيها خلافا للدستور والمصلحة العامة. 

وما حصل يؤكد كل ماكان يقوله العديد من السياسيين ويحذرون منه،خصوصا لجهة إعطاء باسيل حصرية التصرف بهذه الصلاحيات في امور ومسائل مهمة صحيحة وقد ترتب عليها تداعيات سلبية انعكست ضررا بالغا على الرئاسة الاولى وأثرت كثيرا على موقعها لدى الداخل والخارج معا. ولاحظت المصادر المذكورة انه بالرغم من بيان النفي الاستلحاقي الذي صدر عن بعبدا فيما بعد لما اعلنه باسيل، الا ان وقع كلامه بقي متقدما على توضيح بعبدا لا سيما بعدما كشف تفاصيل ومراحل تسمية الوزير السابق محمد الصفدي واظهار نفسه بأنه عراب عملية تشكيل الحكومة الجديدة والآمر الناهي فيها وان أدوار الآخرين ثانوية خلافا للواقع،وهو ما يعني كذلك  رسم طريق محدد امام الصفدي ووضع اطار معين لشكل الحكومة الجديدة قبل تاليفها وبالتالي وضع العصي في طريقه.

واول ردود الفعل السلبية على مواقف باسيل بخصوص تحديد موعد الاستشارات وتسمية الصفدي وتحديد مواصفاتها صدور البيان عن رؤساء الحكومات السابقين الذي يشدد على تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة وليس أي شخصية اخرى،الامر الذي اعتبرته دوائر بعبدا انه بمثابة سحب البساط من تحت عملية تسمية الصفدي لرئاسة الحكومة الجديدة، وبالتالي فإن الامور تتطلب معاودة الإتصالات مع بيت الوسط لتبيان موقف الرئيس الحريري من هذا التطور، في حين ان جميع الاطراف السياسية تبلغت موقف الرئيس الحريري المتمسك بتشكيل حكومة انقاذ وطني مؤلفة من شخصيات مشهود لها تكنوقراط وهو لم يغير موقفه هذا وقد ايد ترشيح الصفدي لرئاسة الحكومة في حين أن مسألة مشاركة تيار المستقبل مباشرة أو بشكل غير مباشر او عدم المشاركة فيها لم تعط أي أجوبة قاطعة بخصوصها لاي كان وهذا يتوقف على شكل الحكومة وكون وتركيبتها لاسيما وأن الرئيس الحريري يرفض تشكيل حكومة مختلطة على شاكلة الحكومة السابقة. 

وفيما لم تصدر مواعيد الاستشارات النيابيه الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف من القصر الجمهوري بإنتظار بعض المشاورات لاسيما بين الكتل في اعقاب الكلام عن طرح اسم الوزير السابق الصفدي علمت اللواء من مصادر مطلعة ان هناك حالة انتظار بعدما دخل على الترشيح بعض علامات استفهام جراء بيان الخليلين وتوضيح موقع المستقبل ومصادر الرئيس الحريري وموقف وزراء الحكومات السابقين وتصريح الوزير الصفدي بأنه في الانتظار ولن يؤلف حكومة تخيب امال الناس مؤكدة ان الساعات القليلة المقبلة قد تأتي بالاجوبة الناجعة. 

وافادت المصادر ان الرئيس عون سيجري هذه الاستشارات في اقرب وقت ممكن، وهو يرغب في حكومة منسجمة وتنصرف الى اولويات الوضع الاقتصادي فيما تحل مطالب الحراك ايضا بندا فيها.

واكدت المصادر ان اي تواصل بين الرئيس عون والصفدي لم يسجل وان رئيس الجمهورية يلتزم بالدستور لجهة ما تفضي اليه نتائج الاستشارات النيابية في تسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة، ومساء لاحظت مصادر معنية ان الامور لا تزال مكانها وكأن هناك تراجعا في الحماسة بشأن الصفدي ما يؤشر الى ان الامور «غير ظابطة». 

وكانت مصادر المعلومات قد ذكرت ان الرئيس الحريري ابلغ «الخليلين» موافقته على تسمية النائب والوزير الاسبق محمد الصفدي بعد اعتذار الرئيس تمام سلام عن المهمة، وذلك بهدف تسريع عملية الاستشارات النيابية وبالتالي تسريع التكليف والتأليف.لكنه قرر عدم المشاركة بالحكومة بشخصيات سياسية  التزاماً بموقفه بتفضيل تشكيل حكومة تكنوقراط، إلا انه سيمنح الحكومة الثقة والتغطية السياسية لها.

وأكد الرؤساء: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الاتي: «منذ بداية الازمة السياسية شددنا ونعيد التأكيد اليوم على موقفنا الاساسي باعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة وإننا نرى، في ضوء الاوضاع الراهنة، ان على القوى السياسية كافة تسهيل مهمته في ذلك».

وفي السياق نفت مصادر رؤساء الحكومات السابقين «ان يكون الرؤساء السابقون قد ابلغوا الحريري موافقتهم على الصفدي واكدت ان ما تبلغه الخليلان ليس دقيقا».

وبالنسبة لموقف الرئيس سلام، ذكرت صحيفة «السياسة الكويتية» انه قبل الحديث عن تكليف محمد الصفدي حاول السياسيون إقناع الرئس سلام فرفض. وحاول الرئيس الحريري إقناعه فرفض أيضاً.وعاد الرجل بالذاكرة الى فترة توليه رئاسة الحكومة حيث عانى بحسب قوله «من تفرّد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالقرارات»، وهو بحسب المقرّبين منه غير مستعد لتكرار التجربة. 

وعاد سلام بالذاكرة الى ما قبل الطائف والى زمن الرئيس الراحل سليمان فرنجية ورئيس الحكومة الراحل صائب سلام، فقال: «كان الرئيس فرنجية يريد طوني نجله رئيس الظلّ في حكومة والدي وقد عانى والدي كثيرا، أما أنا اليوم فلن أكون رئيس حكومة صورياً، فيما الفعليّ وبحكم الظروف سيكون جبران باسيل نفسه.

وفي السياق، سجلت امس حرب مصادر بين بيت الوسط والوزير باسيل.

فقد قالت مصادر المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والوزير علي حسن خليل،  حول اللقاء مع الحريري في بيت الوسط: «لقد أصرينا على أن يتولى رئاسة الحكومة الرئيس سعد الحريري نفسه، ولا مانع عندنا من أن تكون ثلثا الحكومة تكنوقراط غير أن الحريري أصر على تكليف غيره، وبعد أن أكد أن الرئيس تمام سلام يرفض ترؤس الحكومة بادر إلى القول بأن «رؤساء الوزراء مجتمعين وافقوا على رئاسة السيد محمد الصفدي لهذه الحكومة، وتعهد بأن يتمثل المستقبل وأن يسمي الوزراء فيها. وتعاطينا مع هذا الامر بإيجابية طالما حصل على إجماع المعنيين».

الوسط يوضح

وتعقيبا، قالت مصادر الوسط  أن الكلام المنسوب للحريري في ما جاء عن مصادر الخليلين عن مشاركة المستقبل في الحكومة وتسمية الوزراء فيها غير دقيق لان الحريري لم يقدم اي تعهدات في هذا الشأن سوى التأكيد على موقفه من دعم الحكومة واعطائها الثقة وموضوع التمثيل الوزاري مسألة في عهدة الرئيس المكلف الذي يجب ان تكون لديه مساحة واسعة من حرية الاختيار وتكوين فريق عمله في هذا المرحلة الدقيقة.

وأثارت تسريبات حول احتمال تكليف الوزير السابق محمّد الصفدي غضب وسخرية المتظاهرين الذين يطالبون في حراكهم المستمر منذ نحو شهر بإسقاط الطبقة السياسية بالكامل متهمين إياها بالفساد وبالعجز عن حل الازمات المعيشية. 

وفي وقت مبكر مساء الجمعة، تجمع محتجون أمام منزل الصفدي في بيروت اعتراضا على احتمال تعيينه، ووصفوه بانه «فاسد». وقال علي نور الدين، أمام المنزل «جئنا اليوم لنؤكد رفضنا التام لتعيين الصفدي (...) هذا الموضوع مرفوض رفضا تاما» من قبل الثوار (...) الصفدي احدهم وفاسد مثلهم». وتناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للصفدي كتب عليها «هل تستهزئون بنا؟». وتظاهر العشرات ليل الخميس في بيروت وطرابلس (شمالاً) احتجاجاً على تسميته. في طرابلس، قال متظاهر آخر «يثبت طرح محمد الصفدي لرئاسة الحكومة أن السياسيين في السلطة يعيشون في غيبوبة عميقة وكأنهم في كوكب آخر خارج نبض الشارع».

الوضع الميداني

ميدانياً، اعاد متظاهرون امس قطع الطرق في بعض المناطق، واعتصم العشرات أمام أحد مخافر بيروت احتجاجاً على توقيف ناشطين إثنين قبل أن يتم إطلاق سراحهما. وكانت القوى الامنية أوقفت خلال الايام الماضية متظاهرين عدة قبل أن تعود وتطلق سراحهم، وقد بدا على إثنين منهم على الاقل أثار ضرب. ومساء، صدر بيان للجيش اكد ان «بعض المحتجين عمد الى التعرض للعسكريين بتوجيه عبارات استفزازية ومحاولة الاعتداء عليهم لدى قيام قوى الجيش بتنفيذ مهامها في فتح الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية». وتابع ان ذلك «أدى إلى إصابة عدد من العسكريين برضوض وجروح مختلفة الامر الذي دفع إلى توقيف المعتدين الذين بلغ عددهم 20 شخصاً وأحيلوا على التحقيق». واكد بيان الجيش «إخلاء سبيل 9 منهم، والابقاء على 7 أشخاص رهن التحقيق وأحيل 4 منهم بينهم سوري على الشرطة العسكرية بعدما ثبت تورطهم بمخالفات أخرى».

ونفذت امس مستشفيات عدة إضراباً جزئياً ليوم واحد فقط لم تستقبل خلاله سوى الحالات الطارئة تنفيذاً لإجراء تحذيري اتخذته للضغط من أجل تسهيل حصولها على الدولار الاميركي لشراء مستلزمات طبية، في وقت تمرّ البلاد بأزمة سيولة خانقة.

وتحدثت بعض محطات التلفزة عن تدقيق في الهويات عند حاجز على اوتوستراد الذوق ومستديرة عشقوت.


أمام منزل الصفدي في كليمنصو: رفضاً للتكليف المفترض!