في ظل التكتم الملحوظ الذي يحيط بعملية تشكيل
الحكومة العتيدة، تتوجّه الانظار الى بكركي حيث يواصل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي جهوده
لرأب الصدع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري الذي عاد أمس
الى بيروت.
هذه المحاولة، لم تحرّك آمال رئيس حزب «التقدمي
الاشتراكي»، وليد جنبلاط الذي اعتبر أن لا جدوى لها، وذهب الى دعوة الحريري للاعتذار عن المهمة الموكلة اليه وتسليمها لمحور الممانعة اي «التيار الوطني الحر» ومن خلفه «حزب الله».
لا شك أن مواقف سيد المختارة لم تحمل حتى الان
وعبر التاريخ سمة الثبات، فهي قابلة للتبدل، مع كل تغيير يطرق على الساحة الاقليمية والمحلية، وبالتالي يصعب على
الفرقاء الآخرين الوقوف عندها والتحرّك في ضوئها، لكنها تفرض تساؤلات مشروعة حول
مسار تشكيل الحكومة والخطوات التي سينتهجها الحريري بعد عودته.
من هنا، جاء رد نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى
علوش على طروحات جنبلاط عبر «اللواء»، الذي أكد أن الحريري لن يعتذّر، معتبرا أن
جنبلاط يكتفي باعطاء التصريحات وتوجيه الدعوة بالاعتذار من دون التطرق الى ماذا
سيحصل في حال اعتذر وهنا يكمن السؤال الاهم.
واعتبر علوش أن لا يمكن الركون عند موقف جنبلاط
بأن لا جدوى من محاولة الراعي، لان الفرصة لانقاذ بالبلد من الانهيار متاحة ولو
بنسبة ضئيلة، وجهود الحريري تأتي في هذا الاطار.
الحكومة المقبلة تحدد مصير لبنان
وأوضح علوش أن الإعتذار في هذه المرحلة إن حصل سيفتح الطريق أمام الفريق الاخر لتشكيل حكومة من
لون واحد تمكّنهم من التحكم بالخيارات
اللبنانية في حال حصول أي تفاهم دولي يكون للبنان حصة منه، وأضاف سنكون أمام حكومة
شبيهة بحكومة حسان دياب او حكومة تابعة بالكامل لمحور الممناعة، لافتا الى أن هذه
الحكومة ستكون على طاولة المفاوضات التي ستحدد مصير لبنان في المرحلة المقبلة.
وفي الملف الحكومي، كانت جريدة «اللواء»، قد كشفت في عددها الصادر اليوم الجمعة، معلومات جديدة تفيد بوجود مفاوضات عربية مع الجهات الفرنسية لاعادة وزارة الطاقة الى الحريري مقابل تسهيل تشكيل الحكومة، وتتضمن المفاوضات التفاهم مسبقا معهم حول كافة المناقصات المتعلقة باستخراج النفط والغاز.
في هذا الاطار، اعتبر علوش أن التكتّم هو سيد الموقف، علما أن الحريري متمسّك بتشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلين من دون ثلث معطل اضافة الى عدم تسليم الحقائب الأمنية الى أي فريق سياسي، في حين تسعى رئاسة الجمهورية الى فرض شخصيات اختصاصيين ولكن من اتباع جبران باسيل، مؤكدا أنه في حال وصول الحريري الى نقطة اللاعودة سيبادر الى مصارحة اللبنانيين ووضع النقاط على الحروف.
دفع الحريري الى تسوية جديدة
واذ اعتبر أن عقدة وزارتي الداخلية والعدل هي واجهة للتعطيل، أوضح أن الهدف يكمن في وضع العراقيل أمام الحريري لدفعه الى القبول بابرام تسوية جديدة قوامها، رفع عدد الوزراء الى 22 ما يتيح للتيار الوطني الحر الحصول على 7 وزارء.
الحريري يلغي نفسه؟
وبالعودة الى تصريحات جنبلاط النارية، التي اعتبر فيها أن الحريري غير قادر على فعل أي شيء، في ظل الهيمنة الايرانية وأن الاخير يلغي نفسه في حال بقائه، اكتفى علوش بالتساؤل: "متى استفاق جنبلاط وأدرك خطورة الهيمنة الايرانية؟، مذكّرا بأن "الاخير كان يعقد التحالفات مع حزب الله وهو من كان عراب التفاهم الرباعي الذي عوّم حزب الله عام 2005، إضافة الى أنه أول من أقدم على كسر التحالفات التي كانت قائمة منذ انسحابه من فريق 14 آذار في 2009.
وقال: "نعم لبنان تحت الهيمنة الايرانية ولكن هناك مقاومة ولا يمكن تسليم السلطة لحزب الله والسماح له بالتحكم بخيارات البلد والجلوس على طاولة المفاوضات في المرحلة المقبلة".
«الدلع التاريخي» لجنبلاط
وتعليقا على تخلي جنبلاط عن حصته في الحكومة العتيدة، وعدم ممانعته أن تكون الحصة الدرزية من نصيب الامير طلال ارسلان، اعتبر علوش أنها محاولة لحشر الحريري والدلع التاريخي لجنبلاط لم يتغيّر، لافتا الى أن لا أحد يمكنه الغاء الآخرين، وقال: جنبلاط شارك بمحاولة إلغاء سعد الحريري عندما شارك في حكومة نجيب ميقاتي عام 2011.
الحريري منفتح على مساعي الراعي
وأكد علوش أن "الحريري منفتح على طرح البطريرك الراعي والاتفاق يتطلب الالتزام بالقواعد المطروحة واقتراب عون من طرح الرئيس المكلّق يسهّل عملية التأليف".