بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آب 2020 01:20م «دعشنة طرابلس غبّ الطلب».. قاضي شرعي يوقع الفيحاء في صدمة

حجم الخط

في الوقت الذي تنشغل فيه طرابلس وأهلها في محاولة انتشال بيروت، بل والبلد، من تحت الركام، في ظلّ مبادرات فرديّة ومجتمعيّة بالجملة، تنطلق يوميًا من الفيحاء خصوصًا، والشمال عمومًا، لمدّ يد العون إلى كلّ من يحتاجها في عاصمتنا المنكوبة، صُدم الشارع الطرابلسيّ أمس، بتصريح صاعق، صدر عن قاضي المحكمة الشرعيّة الشيخ عبد المنعم غزاوي، مدّعيًا وجود "آلاف مؤلّفة" من "الداعشيّين" في طرابلس.

غزاوي الذي أثار موجة من الغضب والاستنكار عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، قال إنّ "المفتي القادم لطرابلس عليه مهمّتان: ترتيب البيت الداخلي، وضبط الساحة السنيّة"، زاعمًا أنّ "هناك خمسة أو عشرة آلاف داعشي في طرابلس، كخلايا نائمة".

"تصريح معتوه"

هذا التصريح البالغ الخطورة من حيث مضمونه وتوقيته، وصفه عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، مصطفى علوش، في حديث إلى "اللواء"، بـ "التصريح المعتوه"، مشيرًا إلى أنّ هذا الكلام لا يستند إلى أيّ شيء من المنطق. فإن كان هناك آلاف الداعشيّين في طرابلس، أين عمل مخابرات الجيش والمعلومات"؟

كما أوضح علوش أنّه "إذا افترضنا أنّ هذا الشيء موجود، فهل من الممكن أن يكون هو الوحيد الذي لديه هذه المعلومة؟ وإن كان يريد أن يتكلّم بلغة الأرقام، فهل هو أحصى هؤلاء؟ وهل يستطيع أن يسمّيهم بالأسماء وأن يثبت صلتهم بـ "داعش"؟

علوش أضاف "هذا الكلام تافه بكلّ ما للكلمة من معنى"، و"هذا كلام شخصيّ"، متسائلًا عن سبب موقف غزاوي في هذا التوقيت.

مصطفى علوش: السلاح غير الشرعي أوصل البلد للانهيار

(عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش)

القيادي في المستقبل، ولدى سؤاله إن كان هناك خلفيّات وراء كلام غزاوي، كونه يرشّح نفسه إلى منصب مفتي طرابلس والشمال، رأى أنّ "غزاوي ربّما يبالغ في كلامه ليقول إنّه قادر على مواجهة هذه الحالة، إلّا أنّه فقَد فرصته في احتمال تولّيه لهذا المنصب بعد كلامه، فالكلّ اليوم يريد أن يتبرّأ منه".

"كلام غير العارف"

وردًا على القاضي الشرعي أيضًا، اعتبر المستشار السياسي للرئيس نجيب ميقاتي، خلدون الشريف، أنّ "هذا الكلام هو كلام غير العارف لا بالمدينة ولا بعمقها ولا بنسيجها، لأنّنا نعلم تمامًا أنّ طرابلس محافظة، لكنّها ليست ولن تكون داعشيّة".

الشريف استطرد قائلًا إنّه "قد يكون في المدينة كما في كلّ مكان في العالم، بعض العناصر المتطرفة، ولكن هذا ليس وجه طرابلس ولن يكون"، معتبرًا أنّ "ما قاله غزاوي لا يعبّر عن نسيج هذه المدينة، ولا يعبّر إطلاقًا عن عمقها وروحيّتها".

المدن - خلدون الشريف: توافق ميقاتي - الحريري في امتحان حساس

(المستشار السياسي للرئيس نجيب ميقاتي، خلدون الشريف)

كذلك استغرب المستشار السياسيّ لميقاتي "السياق الذي جاء فيه حديث غزاوي"، مشيرًا إلى أنّه "لا يستطيع أن يبرّر له هذا الكلام على الإطلاق"، متسائلًا إن كان يقدّم أوراق اعتماده كمفتي: "من طلب منه أن يتّهم طرابلس بأنّها إرهابيّة ليكون مفتيًا عليها؟ هذا الخطأ خطأه، وإن كان يقدّم أوراقه فهو مخطئ بالعنوان".

ما بين استحقاق وآخر، توضع طرابلس إذًا، على سلّم التجاذبات السياسيّة والاقتصاديّة والدينيّة، فيما ترزح الغالبيّة العظمى من أهلها تحت خطّ الفقر والعوز، ويبقى اتّهامها بـ "الداعشيّة"، وإلصاق تهم الإرهاب بشبابها "غبّ الطلب"، وفقًا للجوّ السائد، في ظلّ غياب رادع، إن لم يكن قانونيًّا، فأخلاقيًّا على الأقلّ.