بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

18 أيلول 2020 12:00ص كلّ الحكاية!

حجم الخط
من المفترض لحكايات الناس ألا تتكلم عن غير الناس. فالناسُ هم القضيّة في كل حكاية وهم الغاية من وراء كل كلمة. وإذا كانت الأحوال التي تعصف ببلدنا اليوم هي مصدر كل حكاية فلأنَّ الناس هم في عيْن هذه العاصفة، وهم المستهدفون قبل غيرهم من ملوك الطوائف وساسة السلاطين وخـدَم المال السّائب. لكنّ الناس مع الأسف يُضيعون البوصلة من أيديهم، ويتأخرون كثيراً عن الوصول إلى الحقيقة التي وحدها تُحرّرهم. 

ثمّة من يخطف الحقيقة قبل بلوغها إلى مسامعهم وقبل أن تعيها عقولهم. ثمّة من يضرب على قلوبهم غشاوة عظيمة فيبقيهم في دائرة المفعول به المنصوب (عليه) دائماً. ويفوت الناس ما يجري من حولهم، وما جرى وسوف يجري عليهم في قابل الأيام. وإن رأى بعضهم طرفاً من الحقيقة فسرعان ما يخمد وتفتر همّته ولا يجد من ثمّ غير اليأس أنيساً وغير الاحباط جليساً. كأنّ لا حول للناس في أمرهم ولا قوة لهم في معاشهم، بل أصبحوا جميعاً كورقة في مهبّ السياسات التي لم تجلب إليهم سوى الخراب والدمار. 

وكأنهم على الرغم مما هم فيه من شقاء وذلّ، ومن ضعف وهوان، يعوزهم اليقين من أحوالهم، فلا يهبّون هبّة رجل واحد، خوفاً من أن يكونوا على خطأ في أحكامهم، فيظلمون أحداً ويغفلون عن أحد. كأنّ الانهيار الذي يفرد أجنحته في سماء الوطن ويحجب عن العيون نهارها، ليس سوى كذبتنا القبيحة التي لا تستأهل منّا كلّ الرفض والغضب. كأن التعايش مع الكذب صار حياتنا المثلى. أما الحقيقة فمن ذا الذي يريد أن يعرفها؟ ومن ذا الذي يريد أن يمتثل لها؟ وما الحقيقة غير أن حكاية الناس هي كل الحكاية!


أخبار ذات صلة