بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الثاني 2019 06:30ص عبد المهدي يقدّم إستقالته على وقع المجازر في الناصرية

متظاهر عراقي يرفع شارة النصر في بغداد احتفالا باستقالة عبد المهدي (أ ف ب) متظاهر عراقي يرفع شارة النصر في بغداد احتفالا باستقالة عبد المهدي (أ ف ب)
حجم الخط
أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالته غداة أحد الايام الاكثر دموية في حركة الاحتجاج المستمرة منذ شهرين، وبعد أن دعا المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني نواب البرلمان إلى إعادة النظر في مساندتهم لحكومة تهتز فوق بركان الاضطرابات منذ أسابيع فيما تواصلت مجازر الناصرية أمس حيث أسفرت المواجهات عن سقوط ٢١ قتيلا.

وعلى الفور خرجت احتفالات في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، حيث يخيم محتجون مناهضون للحكومة. 

وبدأ المتظاهرون في الغناء والرقص وإطلاق الألعاب النارية، معبرين عن فرحتهم بقرار استقالة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي.

وبدا واضحاً للمرة الاولى، دعم المرجع السيستاني (89 عاما) للاحتجاجات الغاضبة التي تدعو منذ الاول من تشرين الاول ، الى «إقالة الحكومة» وتغيير الطبقة السياسية التي تسيطر على العراق منذ 16 عاماً، مع اتهامها بالفساد وهدر ثروات هذا البلد. 

وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، إن «مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ الى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب». 

وأضاف ”وعلى المتظاهرين السلميين أن يميزوا صفوفهم عن غير السلميين ويتعاونوا في طرد المخربين ـ أيا كانوا ـ ولا يسمحوا لهم باستغلال التظاهرات السلمية للإضرار بممتلكات المواطنين والاعتداء على أصحابها".

ودعا إلى توخي الحذر من «الانجرار إلى الاقتتال الداخلي ومن ثم إعادة البلد الى عصر الدكتاتورية المقيتة".

وبعد ساعات، اعلن عبد المهدي (77 عاما) المستقل والذي تولى منصبه منذ اكثر من عام، عزمه على الإستقالة. 

وقال في بيان «سأرفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس اعادة النظر في خياراته».

ولم يوضح البيان متى سيستقيل عبد المهدي. 

ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسة طارئة غدا الأحد لمناقشة الأزمة.

وعلى الفور، هتف متظاهرون في ساحة التحرير بوسط بغداد، معبرين عن فرحهم بهذه الخطوة التي تندرج في اطار مطالبهم ب»إسقاط الحكومة» وتغيير القادة السياسيين.

وقال احد المتظاهرين «هذا اول نصر لنا، وستكون هناك انتصارات اخرى على الاخرين».

واضاف وسط هتافات وابواق عربات «التوك توك» الثلاثية العجلات التي باتت رمز الاحتجاجات في بغداد «إنه إنتصار كذلك للشهداء الذين سقطوا» خلال الاحتجاجات.

ويقدر عدد هؤلاء بأكثر من 400 عراقي منذ الأول من تشرين الاول  اضافة الى الاف المصابين والمعوقين وفق حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر طبية وامنية. 

ووتواصلت عمليات القتل أمس في مدينة الناصرية بجنوب العراق، بحسب ما أفادت مصادر طبية.

وقالت مصادر طبية إن قوات الأمن قتلت بالرصاص 21 متظاهرا على الأقل في الناصرية بعد أن حاول متظاهرون اقتحام مركز للشرطة في المدينة. 

وفي مدينة النجف، أطلق مسلحون مجهولون أعيرة نارية على متظاهرين مما دفعهم للتفرق.

وكان مدير شرطة المدينة الجنوبية أعلن في وقت سابق استقالته غداة استقالة المحافظ وإقالة القائد العسكري المكلف إدارة خلية الأزمة، عقب أعمال الفوضى الدامية في المدينة التابعة لمحافظة ذي قار التي تضم آثارا تاريخية. 

ومن غير المرجح ان تحد الخطوة الـتي أتخذها رئيس الوزراء من موجة العنف التي تضرب مناطق جنوب العراق، حيث التقاليد العشائرية ، بعد مقتل وجرح عدد كبير من أبناء تلك العشائر.

وفي مدينة الديوانية، جنوب البلاد، حيث أقيم تشييع رمزي تكريماً ل 46 متظاهراً قتلوا الخميس بالرصاص في مدن متفرقة من البلاد، أعرب متظاهر عن سعادته، مشيراً في الوقت نفسه الى ان «مشكلتنا ليست رئيس الوزراء (فقط)، نريد ان ترحل جميع الاحزاب»، في أشارة لفشل السياسيين في ادارة البلاد وما ترتب على ذلك من سوء الخدمات وفساد وأرتفاع معدلات البطالة في العراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط. 

وقال المحامي سجاد حسين (35 عاما) ، متحدثا من ساحة التظاهر وسط مدينة الكوت، جنوب بغداد، إن «هذه الاستقالة بداية لتنفيذ مطالب المحتجين، وإنطلاقة لتصحيح مسار العملية السياسية وحقن الدماء». 

واورد المتظاهر علي حسين من ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية ، جنوب بغداد، ان «هذه خطوة مهمة رغم كونها متأخرة، وبعد ايام دموية خصوصا هنا في الناصرية».

ورحبت جهات بينها كتل سياسية بالدعوة التي كان اطلقها المرجع وقال تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي «ندعو مجلس النواب العراقي لعقد جلسة خاصة غدا (اليوم) لسحب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مستقلة».

 وكان  الصدر اكد مرارا ان عدم استقالة الحكومة سيكون «بداية النهاية بالنسبة للعراق». 

كما أعرب تحالف «الفتح» الذي يمثل فصائل الحشد الشعبي المدعومة أغلبها من إيران، ويعتبر ثاني أكبر الكتل البرلمانية، عن موقفه المؤيد لتوجيهات المرجعية .

وقال قيس الخزعلي احد ابرز قادة فصائل الحشد الشعبي في تغريدة «أمري لأمركُم مُتبع «، في اشارة للمرجعية الشيعية.

رغم قمع التظاهرات، يواصل المحتجون التمسك بمطالبهم ب»إسقاط النظام» السياسي الذي شكله الاميركيون بعد اسقاطهم نظام صدام حسين عام 2003، وخصوصا مع النفوذ المتنامي لايران سواء في صفوف الطبقة السياسية او على الصعيد الاقتصادي.  

 وتمثل الخطوة أحدث منعطف في أزمة غير مسبوقة بالبلد الذي تطحنه الحرب والذي يحاول جاهدا التعافي من آثار عقود من الصراع والاضطرابات والعقوبات.

ويطالب شبان عاطلون عزل بإعادة تشكيل النظام السياسي الذي يقولون إنه يعاني من تفشي الفساد ويخدم قوى أجنبية خاصة طهران حليفة بغداد.

وقد يمثل رحيل عبد المهدي ضربة للنفوذ الإيراني بعد تدخل فصائل حليفة لإيران وقادتها العسكريين الشهر الماضي للإبقاء على رئيس الوزراء في منصبه رغم الاحتجاجات العارمة ضد الحكومة.

وتمثل هذه الاضطرابات أكبر أزمة يواجهها العراق منذ سنوات. 

ويقف المحتجون من معاقل الشيعة في بغداد والجنوب في مواجهة نخبة حاكمة فاسدة يسيطر عليها الشيعة ويُنظر إليها على أنها أداة تحركها إيران.

الى ذلك قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، امس إنها ستقدم إحاطة لمجلس الأمن في نيويورك حول ما يجري في العراق الثلاثاء المقبل.

وأضافت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق على «تويتر» أن الأعداد المتزايدة من الضحايا والإصابات وصلت لمستويات لا يمكن التسامح معها.

واعتبرت أن وجود المندسين في التظاهرات السلمية يضع العراق على مسار خطير.

ودعت الولايات المتحدة امس، قادة العراق إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين «المشروعة»، فيما حثت الخارجية البريطانية، المسؤولين في بغداد، على العمل مع الأمم المتحدة لأجل تبني إصلاح انتخابي حقيقي.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «نشارك المتظاهرين أسباب قلقهم المشروعة».

وأضافت: «نواصل حض الحكومة العراقية على المضي قدما بالإصلاحات التي يطالب بها الشعب، ومن بينها تلك المرتبطة بالبطالة والفساد وإصلاح النظام الانتخابي»، بدون أن تتطرق مباشرة إلى قرار رئيس الوزراء.

ونددت الخارجية البريطانية، في بيان، باستخدام العنف ضد المتظاهرين، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن أحداث العنف في البلاد.

 (أ ف ب-رويترز)