بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الأول 2019 12:59ص شرارة الـWhatsApp تَحرُق الحكومة.. وتمهِّد للفوضى!

البيان رقم واحد لإطاحة الطائف.. وجنبلاط لن يترك الحريري وحيداً

قطع جسر الرينغ من قبل  الحراك المدني بالعوائق (تصوير: جمال الشمعة) قطع جسر الرينغ من قبل الحراك المدني بالعوائق (تصوير: جمال الشمعة)
حجم الخط
حرقت شرارة الـ«whatsApp» حكومة الوحدة الوطنية، واتخذت احداث التظاهرات والحرائق المتلازمة معها، بدءاً من ساحة رياض الصلح، امتداداً الى طريق المطار ومداخل ضاحية بيروت الجنوبية، ووصلت الشرارة إلى صيدا وطرابلس والنبطية والدورة والطرق الساحلية من الجنوب إلى الشمال والبقاع، طارحة جملة من التساؤلات المخفية، وغير المسبوقة: إلى أين يتجه لبنان? بيروت خضعت بشوارعها واحيائها ليلاً لحرق دواليب وإلحاق اضرار ببعض المشتركات في الشوارع، واتخذت الأحداث طابعاً سياسياً، تخطى مسألة مصير الحكومة التي تعقد اجتماعاً لها في قصر بعبدا بعد ظهر اليوم، ليتقرر مصيرها، أكثر مما يتعلق بالعودة إلى جلسات الموازنة، باعتبار ان الأبعاد السياسية لما يجري بدأت تتوضح. وفي السياق يجري الحديث الجدي عن ما يشبه البيان رقم واحد لإعادة النظر «بوضعية لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والنقدية، في ضوء ما نقل عن قيادي بارز في 8 آذار مقرّب من حزب الله أمس أن موازنة 2020 هي الشرارة للهدوء أو التصعيد، والذي كشف لـ«اللواء» عن ان حزب الله يربط نزلته إلى الشارع بالاصلاحات والضرائب في الموازنة المقبلة وباداء الحكومة فيما خص التعامل مع الضغوطات الاقتصادية والنقدية وباعادة ترتيب العلاقات الرسمية مع سوريا، نقطة على أوّل سطر.

وفيما أعلن النائب السابق وليد جنبلاط ان لن يتخلّى عن الرئيس الحريري، ولن يتركه وحيداً: فالبقاء معاً أو الانسحاب معاً في ا لحكومة، كشف النقاب عن كلمة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله غداً السبت.

وتخوفت مصادر مطلعة من دخول لبنان في الفوضى، إزاء مأزق بقاء الحكومة أو استقالتها، تاركة البلد معلقاً بلا موازنة أو حلول لأزماته المتفاقمة.

تحرك أم انتفاضة؟

ومنذ الساعة الثامنة من مساء أمس، تطورت الأمور في البلد في اتجاه أشبه ما يكون بالانتفاضة الشعبية على محاولات الحكومة بفرض ضرائب جديدة في الموازنة، وعلى رأسها فرض رسم 20 سنتاً على اتصالات «الواتساب» الذي زاد من منسوب الاحتجاج الشعبي، باتجاه النزول إلى الشارع وقطع الطرقات، ولم تنحصر هذه التحركات في العاصمة أو الضاحية الجنوبية، بل شملت كافة المناطق من الشمال إلى الجنوب والجبل والقطاع، مما أعاد إلى الأذهان التحرّك الذي أطاح بحكومة الرئيس الراحل عمر كرامي في العام 1992.

وترددت معلومات ليلاً عن احتمال استقالة الحكومة تحت ضغط انتفاضة الشارع ضد الضرائب، لكن مصدراً مطلعاً أبلغ «اللواء» ان لا صحة لما يتم تداوله في الهواتف النقالة عن توجه الرئيس الحريري لاعلان استقالة الحكومة.

وأكّد المصدر ان الرئيس ميشال عون اتصل بالرئيس الحريري وتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا، وليس بحسب ما كان مقررا في السراي الحكومي لاستكمال درس مشروع الموازنة.

وقال ان الرئيس الحريري، وبعد ان تأكد له الإجماع اللبناني على رفض فرض ضرائب جديدة ضمن الموازنة، طلب من وزير الاتصالات محمّد شقير وهو الوزير المعني بموضوع الرسم على «الواتساب» الإعلان عن وقف البحث في هذا الموضوع، وبالفعل أعلن الوزير شقير قرابة الحادية عشر ليلاً وقف موضوع الرسم على «الواتساب» وإسقاط فكرتها، لكنه أشار إلى ان هناك امراً وراء ما يجري في الشارع، معتبراً ان هذا لم يتقرر في ساعة أو ساعتين، والوضع الاقتصادي والمالي لا يتحمل وعلينا ان نكون مسؤولين.

وكشف وزير المال علي حسن خليل عن مشاورات عاجلة جرت بين الرئيسين برّي والحريري أدى إلى الطلب من شقير التراجع عن قراره.

وقال الوزير خليل انه من حق النّاس التعبير عن رفضها بطريقة رسمية، مشيراً إلى انه لم يوافق على أي قرار حول «الواتساب» ولا عن غيره من الضرائب، نافياً ان يكون قد تم اتخاذ أي قرار في مجلس الوزراء بفرض ضريبة على «الواتساب»، وانه حتى هذه اللحظة لم يتم اتخاذ أي قرار بفرض ضرائب جديدة في موازنة 2020.

على ان التطورات التي تسارعت ليلاً لم تتوقف ميدانياً، بل كانت لها تداعيات سياسية، حيث أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ان الرسالة وصلت، وانه حان الأوان لحكومة جديدة، مؤكداً انه لن يُشارك في حكومة أخرى، لكنه أعلن انه لن يترك الرئيس الحريري وحده، وان الرئيس نبيه برّي موجوع أكثر مني، كاشفاً إلى ان استقالة الحكومة مرتبطة بما يمكن ان تنجزه في مجلس الوزراء اليوم.

اما رئيس الكتائب النائب سامي الجميل فدعا الكتائبيين إلى النزول إلى الشارع والتعبير عن رفضهم للأوضاع بطريقة حضارية..

«قبة باط» حزبية

ولم تستبعد مصادر سياسية مطلعة ان تكون هناك رفع «قبة باط» سياسية حيال ما حدث مساء أمس في الشارع، من انتفاضات شعبية وتحركات احتجاجية ضد محاولات فرض ضرائب جديدة على النّاس في صلب الموازنة التي يجري درسها في مجلس الوزراء، بالرغم من نفي الوزير خليل ذلك، لكنه أقر بالرسم على «الواتساب»، وان كان اعتبر ان لا علاقة له في الموازنة.

وبحسب هذه المصادر بأن رفع «حزب الله» الحظر على جمهوره بالنزول إلى الشارع، وهو ما ظهر من قطع طرقات واشغال دواليب في المشرفية (الضاحية) وطريق المطار وخلدة، فضلاً عن بيروت جزء من خطة قرّر اللجوء إليها لمواجهة ما يجري من نقاشات في مجلس الوزراء، وهو ما ألمح إليه وزير حزب الله في الحكومة محمود قماطي عندما أعلن ان الحزب سيلجأ إلى كل الوسائل القانونية المشروعة والممكنة، لاسقاط قرار مجلس الوزراء بفرض رسم بوضع 20 سنتاً على «الواتساب»، بما في ذلك مجلس شورى الدولة، مؤكداً رفض الحزب لهذه الضريبة، مستغرباً كيف تحول الأمر من مجرّد فكرة قيد التداول إلى قرار.

وقال قماطي ان الحزب يحترم التحرّك في الشارع ويحترم التعبير عن الوضع والالم، من دون ان يطلب من المتظاهرين الانسحاب من الشارع، لكننا نطلب منهم فقط اعطاءنا فرصة للغد لحل الموضوع بهدوء، لافتا إلى انه من حق النّاس مطالبة المسؤولين بالاستقالة، لكننا نقول ان الفساد حال متجذرة في الدولة والحكومات المتعاقبة، مشيرا إلى ان هناك طائفة جديدة تشكّلت هي طائفة المتضررين من الفساد في مواجهة طائفة الفاسدين التي تضم كل الطوائف والمذاهب».

وكان عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق قد أعلن خلال احتفال تأبيني في برعشيت الجنوبية، ان الحزب سيبادر إلى خطوات سياسية واقتصادية لإنقاذ البلد من مسار الكارثة، لأننا لا نريد ان نسمح للبلد بأن يغرق أكثر فأكثر في انقسامات وتوترات تزيد الغرق».

ولفت قاووق إلى ان لبنان غارق في بحر من الأزمات فلم يكفيه أزمة الكهرباء والمياه والنفايات والليرة في مقابل الدولار ليأتينا التراشق السياسي والانقسام السياسي الحاد.

وترددت معلومات عن مشاركة رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين في التظاهرات في المشرفية، لكن مصدراً مأذوناً له في الحزب نفى ذلك.

وفي معلومات قيادي في قوى 8 آذار مقرّب من الحزب، ان نزول الحزب إلى الشارع مرتبط بالموازنة، بمعنى ان الحزب يربط نزوله بالاصلاحات والضرائب في الموازنة وبإداء الحكومة في ما خص التعامل مع الضغوط الاقتصادية والنقدية وباعادة ترتيب العلاقة الرسمية مع سوريا.

اتساع التحركات الاحتجاجية

على ان اللافت التحركات الشعبية الاحتجاجية انه رغم إعلان الوزير شقير سحب مشروع «الواتساب» من التداول، فقد بقيت التظاهرات في الشارع، بل ازدادت قوة واتسعت باتجاه كافة المناطق اللبنانية، وهي كانت بدأت قرابة الثامنة مساءً في بيروت عبر قطع طريق الرينغ، بعد تجمعات عفوية في رياض الصلح، ثم ما لبثت ان انتقلت إلى المناطق وتخللتها قطع طرقات بالاطارات المشتعلة، ولا سيما في المشرفية ومدخل جسر سليم سلام والرينغ وطريق المطار وخلدة وزحلة وطرابلس والبقاع الشمالي، بالإضافة إلى اوتوستراد زوق مكايل - جونيه واوتوستراد نهر الموت.

وزاد من توتر المتظاهرين، اقدام مرافقي الوزير اكرم شهيب على إطلاق النار في الهواء أثناء مرور موكبه في وسط بيروت، لكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أعلن انه طلب من شهيب تسليم الذين اطلقوا النار في الهواء، مؤكداً بأنه تحت القانون، ولكنه يطلب تحقيقاً شفافاً.

أما الوزير شهيب فاعتذر عن إطلاق النار، موضحاً ان مجموعة من الشبان اعترضوا سيارته خلال عودته مع زوجته وابنته من مكتبه في وسط المدينة، ونزل أحد المرافقين لفتح الطريق فعمد أحد المتظاهرين على ضربه على رأسه، فعمد المرافق إلى إطلاق النار في الهواء.

ولوحظ ان قوى الأمن لم تتدخل لفتح الطرقات، باستثناء فتح جسر الرينغ ومدخل جسر سليم سلام، في حين تجمع المتظاهرون في وسط بيروت، بعد ان ازداد عددهم، مع دخول عناصر جديدة من الشبان إلى التحرّك بدراجاتهم النارية الذين عمدوا إلى اضرام النار في الاطارات وقطع طريق بشارة الخوري بالعوائق النارية، بينما انتقلت الاحتجاجات إلى غزير والكسليك في كسروان، وتم قطع الأوتوستراد الدولي بين طرابلس وبيروت، ودعا الحزب الشيوعي إلى المواجهة في الشارع ضمن خطة تصعيدية، وأعلن الاتحاد العمالي العام الإضراب اليوم واقفال جميع المؤسسات والإدارات العامة والخاصة، ودعا الىالتجمع في ساحة رياض الصلح عند التاسعة صباحاً رفضاً للضرائب والأوضاع الاقتصادية المتردية.


مجلس الوزراء

وكان مجلس الوزراء خصص جلسته في السرايا الحكومية امس، للبحث في جدول اعمال عادي من 36 بندا، أقرها بأغلبها، ولا سيما عرض وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب للاستراتجية المتكاملة لإدارة الحدود، «التي تهدف الى ضبط الحدود مع الدول المجاورة»، والمقصود بالدول المجاورة «سوريا وليس اسرائيل طبعا»، كما قال مصدر وزاري لـ«اللواء». على ان يعقد جلسة عند الثانية من بعد ظهر اليوم الجمعة، على امل الانتهاء من الموازنة.

واعلن وزير العمل كميل ابو سليمان بعد الجلسة اعتراض وزراء «القوات اللبنانية» على استراتيجية الحدود، «بسبب عدم كفايتها بالنسبة للمعابر غير الشرعية»، لكن الوزير بو صعب علق قائلًا: مع احترامي لزميلي ابو سليمان، خطة الحدود أُقرّت من دون أي اعتراضات لأنه اذا اعترض لم يعرف على ماذا اعترض.

واوضحت المصادر الوزارية لـ «اللواء»، ان خطة الحدود التزمت المعايير الدولية في مثل هذه الامور، خاصة ان عددا من الدول التي تساعد لبنان في ضبط الحدود مثل ايطاليا وبريطانيا تابعت هذا الموضوع وطلبت بعض الاجراءات. وقالت المصادر: ان العناوين العريضة للخطة تركز على تعاون الجيش وكل الاجهزة الامنية من قوى امن وجمارك وامن عام والتنسيق في ما بينها من اجل ضبط الحدود، وضبط الحدود لا يعني فقط المعابر الشرعية بل كل المعابر والممرات غير الشرعية.

وافادت مصادر وزارية في «تكتل لبنان القوي» ان مجلس الوزراء اقر الاستراتيجية الادارية المتكاملة للحدود في لبنان برغم محاولة الوزيرين وائل ابو فاعور وكميل ابو سليمان الاعتراض على شيء لا علاقة له بالخطة، وخصوصاً انه تبيّن أنهما لم يقرآها، برغم ان بو صعب رفعها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ شهر أيار الفائت، وتأجلت مراراً، ثم وضعها الرئيس الحريري على جدول الاعمال. ومنذ شهر طلب بو صعب من جميع الافرقاء إرسال ملاحظاتهم خطياً على الخطة فلم يرسل اَي فريق اي ملاحظة ما عدا «حزب الله».

مشروع الموازنة

وبالنسبة لمشروع موازنة 2020، ذكرت المصادر الوزارية ان الرئيس الحريري يضغط من اجل الانتهاء من اقراره في جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في السرايا الحكومية، مع الاصلاحات التي تضمنها المشروع، على ان يُستكمل البحث في الاجراءات الاصلاحية الموزعة على ثلاثة اقسام: قسم سيدخل ضمن مشروع الموازنة وقسم سيصدر بقرارات عن مجلس الوزراء، وقسم سيُحال بمشاريع قوانين الى المجلس النيابي لإقرارها،وهي: قانون المناقصات او المشتريات العمومية، وقانون الاصلاح الجمركي، وقانون مكافحة التهرب الضريبي.وقانون ضمان الشيخوخة، المنجز من سنة 2012.

واوضحت المصادر ان الاصلاحات التي يتضمنها مشروع الموازنة تتضمن إلغاء ودمج عدد من المجالس والصناديق والمؤسسات، وفرض الرسم على البضائع المستوردة المصنّع منها محلياً لدعم الصناعة الوطنية، وتعديل قانون الموازنة العمومية.