بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آذار 2020 12:01ص «اللــواء» تنشر حيثيات ما استندت إليه «المحكمة العسكرية» بكفِّ التعقّبات عن العميل الفاخوري

حجم الخط
«اللـواء» - خاص:

قررت المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت برئاسة العميد الركن حسين عبدالله عضوية المُستشار المدني القاضي ليلى رعيدي، والمُستشارين العسكريين: العقيد الركن شادي نخلة، العقيد هيثم الشعار والعقيد إلياس أبو رجيلي، في الجلسة التي عقدتها يوم الاثنين في 16 آذار/ مارس 2020، بالإجماع «قبول الدفع بمرور الزمن وكفّ التعقبات عن المتهم عامر إلياس الفاخوري بالنسبة الى جرائم المواد ٥٤٩ و549/201 عقوبات لسقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن العشري سنداً للمادة ١٠ أ.م.ج. وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن محكوماً أو موقوفاً بداعٍ آخر».

وقد إثار هذا الحكم عاصفة من المواقف.

«اللــواء» تنشر نص الحكم، وما استندت إليه هيئة المحكمة بوقف التعقبات، والذي جاء فيه:

«حيث إن المتهم يدلي في مذكرة الدفوع الشكلية التي قدّمها بالدفع المنصوص عليه في البند 2 من المادة 73 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وهو سقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط المحددة قانوناً، وبالدفع بعدم قبول الدعوى لسبب يحول دون سماعها أو السير بها قبل البحث في موضوعها المحدد في البند 3 من المادة المذكورة، وبالدفع بقوة القضية المحكوم بها المشار إليه في البند 6 منها وبالدفع ببطلان إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق المذكور في البند 7.

وحيث إنه لا بدّ من البدء، وقبل التطرق إلى الدفوع الشكلية المثارة، من الإشارة إلى انه يجوز للمدعى عليه تقديم دفوعه الشكلية أمام المحكمة وإن كان قد تقدّم بها أمام قاضي التحقيق الذي لا يتمتع القرار الصادر عنه بشأنها بقوة القضية المحكوم بها تجاه المحكمة، كما ان الأخيرة ليست مرجعاً استئنافياً للطعن أمامها بقرارات قاضي التحقيق ولا يجوز لها مناقشة مدى صوابية قراراته وما إذا اخطأ أم لا.

وحيث إنه بالنسبة إلى الدفوع المدلى بها فإن المتهم يطلب أولاً قبول الدفع الشكلي والحكم برد الشكوى الحاضرة برمّتها وجميع الشكاوى والاخبارات المضمومة إليها وعدم سماعها لعلّة توافر أحكام البند الثاني من المادة 73 أ.م.ج. لناحية الدفع بسقوط الدعوى العامة سنداً لأحكام المادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية»، مدلياً بأن أسباب سقوط الدعوى العامة هي العفو العام ومرور الزمن وقوة القضية المحكوم بها وبأن دعوى الحق العام قد سقطت تبعاً لصدور قانون العفو العام رقم 84/91 وبأن الأسير علي عبد الله حمزة قد توفي في العام 1985 كما ثبت من تقرير هيومن رايتس واتش ومن إفادة الشاهد إبراهيم كلش وتم تسليم جثته إلى الأمن العام اللبناني في بنت جبيل في تاريخه، وبأن دعوى الحق العام قد سقطت بمرور الزمن وفقاً للقوانين اللبنانية وليس على أساس المعاهدة الدولية وفقاً لأحكام المادة 2 فقرة أولى من قانون أصول المحاكمات المدنية ولسريان مرور الزمن وفقاً لقانون مناهضة التعذيب رقم 65/2017 كونه قانوناً داخلياً لاحقاً للمعاهدة الدولية ويبقى ساري المفعول وعلى القاضي تطبيقه، وبأن قوة القضية المحكوم بها أو سبق الملاحقة متوفرة لأن المحكمة العسكرية الدائمة أصدرت الحكم رقم 4589/2016 القاضي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة في حقه مدة خمسة عشر سنة وقد صدر عن النيابة العامة العسكرية قرار قضى بإسقاط العقوبة لمرور الزمن، ويطلب ثانياً سنداً للبند 3 من المادة 73 أ.م.ج. عدم قبول الدعوى لسبب يحول دون سماعها أو السير بها قبل البحث في موضوعها لمرور الزمن على الأحكام الجزائية سنداً لأحكام المادتين 147 و163 من قانون العقوبات وهو يلاحق في الدعوى الحاضرة بذات الأفعال الجرمية التي مرَّ عليها الزمن تبعاً للحكم الصادر في حقه، ويطلب ثالثاً إعلان سقوط الدعوى العامة بقوة القضية المحكمة عملاً بأحكام البند 6 من المادة 73 أ.م.ج. ولعدم جواز ملاحقة الفعل الواحد إلا مرة واحدة وفق أحكام المادة 182 من قانون العقوبات فهو قد صدر في حقه حكم بهذه الأفعال كما جاء سابقاً، ويطلب رابعاً قبول الدفع المذكور في البند 7 من المادة 73 أ.م.ج. ببطلان إجراء أو اكثر من إجراءات التحقيق تبعاً للإكراه المادي والمعنوي وتبعاً لانتزاع توقيعه على محضر التحقيق الأولي.

في الدفع بسقوط الدعوى العامة المنصوص عليه في البند 2 من المادة 73 أ.م.ج.:

حيث ان الدفع المنصوص عليه في البند الثاني من المادة ٧٣ أ.م.ج. يتعلق بسقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط المحددة قانوناً.

وحيث إن المادة 10 أ.م.ج. تحدد أسباب سقوط دعوى الحق العام على انها: وفاة المدعى عليه، العفو العام، مرور الزمن، سقوط دعوى الحق الشخصي في الحالات المنصوص عليها في القانون.

وحيث إن المتهم يدلي بدفع سقوط دعوى الحق العام للعفو العام ولمرور الزمن ولقوة القضية المحكوم بها.

وحيث إنه بالنسبة إلى سقوط الدعوى العامة بمرور الزمن، ومن العودة إلى القرار الاتهامي الذي أصدره قاضيا لتحقيق رقم 32/2020 تاريخ 4/2/2020 وقراره المنتهي إلى رد الدفوع الشكلية تاريخ 29/10/2019، يتبيّن ان دعوى الحق العام بوشرت في حق المتهم في 13/9/2019 وأحيل لاحقاً إلى هذه المحكمة ليحاكم بجرائم المواد 549 و549/201 و569 عقوبات وقد نسب إليه إقدامه خلال تولّيه أمرة سجن الخيام ما قبل العام 1998 على قمع احتجاجات قام بها الأسرى بالعنف والقوة أدّت الى وفاة الأسيرين إبراهيم أبو عزة وبلال السمان في العام 1989، وعلى ممارسة ضروب التعذيب على الأسرى ومعاملتهم معاملة غير إنسانية وعلى المشاركة «أو» الاشراف على تعذيب الأسير علي حمزة ومن ثم على خطفه وإخفائه وما زال مصيره مجهولاً حتى اليوم، وان قاضي التحقيق اعتبر في القرارين المذكورين ان الأفعال المذكورة - باستثناء الخطف - هي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية دولية غير قابلة للسقوط بمرور الزمن، في حين ان الخطف هو جرم مستمر طالما ان المخطوف لم يحرر فلا يسري عليه مرور الزمن (الصفحة 32 من القرار الاتهامي).

وحيث إن المتهم ينازع في القانون الواجب التطبيق مدلياً بأن دعوى الحق العام قد سقطت بمرور الزمن وفقاً للقوانين اللبنانية وليس على أساس المعاهدة الدولية وفقاً لأحكام المادة الثانية فقرة أولى من قانون أصول المحاكمات المدنية، ولسريان مرور الزمن وفقاً لقانون مناهضة التعذيب رقم 65/2017 كونه قانوناً داخلياً لاحقاً للمعاهدة الدولية ويبقى ساري المفعول وعلى القاضي تطبيقه، وكذلك وفقاً للمادة العاشرة من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وحيث ان ما انتهى إليه قاضي التحقيق العسكري في قراره والمسائل التي يثيرها المتهم لجهة مرور الزمن توجب على المحكمة وقبل بت الدفع بسقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن، تحديد القانون الواجب التطبيق.

وحيث إنه جاء في القرار الاتهامي، وكما سبق ذكره، ان الأفعال المسندة إلى المتهم من قتل وتعذيب هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية دولية غير قابلة للسقوط بمرور الزمن، وكان قاضي التحقيق قد توصل إلى هذه النتيجة باستناده إلى القانون الدولي الإنساني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمعاهدات والاتفاقيات والقرارات المرتبطة بالجمعية العامة للأمم المتحدة والى المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية، بينما المتهم يدلي بوجوب تطبيق أحكام القوانين اللبنانية.

وحيث إن المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية تنص في فقرتها الثانية على أنه «عند تعارض أحكام المعاهدات الدولية مع أحكام القانون العادي، تتقدّم في مجال التطبيق الأولى على الثانية». في حين تنص المادة السادسة منه على ان «تتبع القواعد العامة في قانون أصول المحاكمات المدنية إذا وجد نقص في القوانين والقواعد الاجرائية الأخرى».

وحيث إنه ولئن كان يفهم من المادة الثانية المذكورة ان المعاهدات الموقّعة والمصادق عليها رسمياً تكتسب مرتبة تسمو على القوانين الوضعية، الا ان هذا المبدأ لا يمكن اعتماده في المطلق ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالقوانين الجزائية.

وحيث إن القانون الجزائي هو أقرب إلى القانون العام منه إلى القانون الخاص لأن المصلحة التي يحميها هي دائماً المصلحة العامة ومصلحة المجتمع وهي يحمي المصالح الفردية الخاصة تبعاً لعنايته بالمصلحة العامة وتلازماً معها، كما ان التشريع العقابي يعد من القوانين المتصلة بسيادة الدولة.

وحيث إن قانون العقوبات يتميّز عن غيره من القوانين بأنه يخضع لقاعدة عدم وجود جريمة ولا جزاء إلا بناءً على نص قانوني، وهذا ما يعبّر عنه بمبدأ الشرعية أو شرعية النص على الجرائم والعقوبات الذي يعتبر من الضمانات الدستورية وقد كرّسه الدستور اللبناني عندما ذكر في نص المادة الثامنة منه انه «لا يمكن تحديد جرم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون».

وحيث إن المبرر الرئيسي لهذا المبدأ هو ما ينطوي عليه هذا القانون من تقييد لحريات وحقوق الأفراد، لذلك فإن مصادر التجريم والجزاء محصورة في مصدر واحد فقط هو النص المكتوب.

وحيث إنه يترتب على ذلك ان المصدر المباشر له هو التشريع أو النص المكتوب الذي تصدره سلطة مختصة بالتشريع، أي بعبارة أخرى القوانين الجزائية الوطنية، اما القانون الدولي فلا يعتبر مصدرا مباشراً لقواعد قانون العقوبات الا إذا تبنّى قواعده تشريع جزائي داخلي صادر عن السلطة التشريعية المختصة في الدولة، وهذا الأمر ليس مقتصراً على المبادئ العامة في القانون الدولي وإنما يشمل أيضاً الجرائم الدولية التي اصطلح على تسميتها «بجرائم الانسانية» أو جرائم الجنس البشري، كتجارة الرقيق، وإساءة معاملة جرحى الحرب، ومصادرة أموال الأجانب دون تعويض، وجرائم الإبادة، لكن يشترط لمعاقبتها وطنيا ورود النص الداخلي عليها. (يراجع الوسيط في شرح قانون العقوبات «القسم العام»، د. سمير عاليه والمحامي هيثم عاليه، ص. 83 و84).

وحيث إن ما يُؤكّد هذه الوجهة هو ما تتضمنه كل من اتفاقيات جنيف الأربعة التي تتناول حماية حقوق الإنسان الأساسية في الحرب من نص صريح حول معاقبة مرتكبي المخالفات الجسيمة للاتفاقيات (المادة 49 من الاتفاقية الأولى والمادة 50 من الاتفاقية الثانية والمادة 129 من الاتفاقية الثالثة والمادة 146 من الاتفاقية الرابعة)، بحيث جاء في مستهل النص: «تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي اجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعّالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية...».

وحيث إنه يستفاد مما سبق عرضه ان القضاء الجزائي اللبناني لا يمكنه النظر بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ما لم يكن قد نص عليها قانون العقوبات اللبنانية أو غيره من القوانين الجزائية اللبنانية، عملاً بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، كما انه لا يمكن تطبيق أحكام المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية على قانون العقوبات في ما خص الجرائم، وذلك بمعزل عمّا إذا كانت المعاهدات والاتفاقيات والقرارات المشار إليها سابقاً تدخل ضمن مفهوم المعاهدة القانوني وعما إذا كانت نافذة اصولاً في لبنان.

وحيث إنه قد ورد في حكم أصدرته محكمة الجنايات في بيروت ما يلي: «وحيث تجدر الإشارة إلى ان الفقه الفرنسي اعتمد بغالبيته على النظرية الآيلة إلى عدم الأخذ بالمفعول الآني Effect direct لاحكام المعاهدات الدولية في حال تعارضها مع احكام القانون الداخلي العادي بالرغم من التسليم بمبدأ «تسلسل القواعد القانونية»، بل استقر على اعتبار ان هناك إلزاماً يقع على الدولة التي ارتبطت بمعاهدة دولية بتعديل نصوص القانون الوضعي الداخلي لكي تتلاءم مع المعاهدات الدولية التي التزمت بها تلك الدولة».... «وقد تماشى الاجتهاد الفرنسي مع هذه النظرية التي وجدت طريقها إلى التطبيق امام المحاكم الفرنسية التي لا تعترف بحق المتقاضين بالتذرع مباشرة امامها بالقواعد القانونية المكرّسة في المعاهدات الدولية بالرغم من ان لكل معاهدة دولية، من الوجهة القانونية، قوة إلزامية بالنسبة لأطرافها كما سبقت الإشارة إليه».

(يراجع حكم محكمة الجنايات في بيروت، غرفة الرئيسة اسكندر، رقم 488 تاريخ 7/6/2016 المنشور على الموقع الرسمي لمركز المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية).

وحيث إن التشريعات الجزائية لا تتضمن نصاً يجرّم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي لا يمكن المعاقبة عليها في لبنان.

وحيث إنه فضلاً عن ذلك، فإن مرور الزمن الجزائي في القانون اللبناني - الذي يستفيد منه الشخص المدعى عليه - يتعلق بالنظام العام ويقوم على قاعدة النسيان، فالجريمة التي لم تجر ملاحقتها خلال الفترة المحددة قانوناً قد محيت من ذاكرة الناس ومن المصلحة الإبقاء على هذا النسيان وعلى الاستقرار الذي نشأ بنتيجة سكوت المجتمع ممثلاً بسلطات الملاحقة عن اتخاذ اجراءات هذه الملاحقة، وذلك لاعتبارات مختلفة منها أنه بعد مُـدّة زمنية طويلة يكون من الأجدى عدم إثارة الماضي وأحقاده وتصبح طرق الإثبات أكثر تعقيداً بحيث يصعب الاستحصال على الأدلة العلمية أو الركون الى ذاكرة الشهود وإفاداتهم، كما أن العبرة من العقاب تمسي أخف.

وحيث إن المشترع اللبناني أكد على التمسّك بهذا السبب من أسباب سقوط دعوى الحق العام عندما استثنى من أحكام تعليق المهل في المادة السادسة من قانون العفو العام رقم 84/91، تعليق مهلة مرور الزمن على الجنايات المرتكبة قبل نفاذه في حين أبقاها سارية المفعول على الحق الشخصي الناجم عن الجناية.

وحيث إن القول بخلاف ذلك ونسف مبدأ مرور الزمن على الجرائم المعتمد في التشريع اللبناني من شأنه أن يقوض الأسس التي أراد المشرع إرساءها في المجتمع عند اعتماده هذا المبدأ من استقرار وتهدئة اجتماعية، وإسدال ستار النسيان على جرائم ارتكبت في الماضي بهدف حذفها من الذاكرة الاجتماعية هي وظروفها كي يتهيأ المجتمع ويمضي في مرحلة جديدة.

وحيث إن مبدأ مرور الزمن الجزائي المتعلق بالنظام العام، ووفقاً للتعليل المساق آنفاً، لا يخضع بدوره الى القاعدة المحددة في المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية المذكورة.

وحيث إنه لا بد من الإشارة في هذا السياق الى ما يسمى القانون الحاجب Loi-écran في القانون الفرنسي التي تمنع القاضي من استبعاد نص قانوني نافذ بحجة تطبيق نص معاهدة أو حتى نصوص الدستور، بحيث يكون ملزماً بتطبيق القانون النافذ ولا يدخل ضمن صلاحياته المفاضلة ما بين القانون ونص معاهدة أو حتى نص دستوري.

وحيث إنه تأسيساً على ذلك، وفي ضوء عدم جواز تطبيق أحكام المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية، يكون القانون الواجب التطبيق هو القانون الداخلي اللبناني وتحديداً قانون أًصول المحاكمات الجزائية وليس قانون مناقضة التعذيب رقم 65/2017 - كما يدلي المتهم - لعدم انطباقه على الحالة الحاضرة، فالقانون المذكور يعاقب الموظف الرسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يمكن اعتبار العملاء المنتمين الى ميليشيا لحد التابعة للعدو الإسرائيلي يتمتعون بهذه الصفة.

وحيث إنه إضافة الى ذلك، فإن اجتهاد هذه المحكمة قد استقر على تطبيق أحكام مرور الزمن وفق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية على جرائم مماثلة متى توافر شروطه القانونية، فالمحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن ماهر صفي الدين قد أصدرت بتاريخ 16/11/2001 حكماً بجريمة مقتل المعتقلين إبراهيم أبو عزة وبلال السلمان عمدا بحق العميل انطوان يوسف الحايك بعد رميه قنبلة دخانية سامة داخل زنزانتهما (وفي الواقعة الجرمية عينها التي يلاحق على أساسها المتهم الفاخوري في الملف الراهن والتي لم يلاحق بها مع العميل انطوان الحايك في حينه)، وقد قضى الحكم بإسقاط دعوى الحق العام عنه بمرور الزمن العشري سنداً للمادة ١٠ أ.م.ج. لجهة جرم المادة ٥٤٩ عقوبات وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات بحقه، بعد التخفيف والإدغام، بجرائم المواد ٢٧٣ عقوبات بفقرتها الأخيرة و٥٦٩ عقوبات بفقرتها الثانية، وأن الحكم قد أبرم لجهة مرور الزمن على دعوى الحق العام بجرم المادة ٥٤٩ عقوبات وأن المحكوم عليه قد ميّز الحكم لجهة باقي المواد حيث صدر حكم عن محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طربيه رحمة بتاريخ 30/1/2003 قضى بإسقاط الدعوى العامة عن المتهم انطوان يوسف الحايك لجهة الجنايتين المسندتين إليه بمرور الزمن العشري وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بداع آخر (يراجع حكم المحكمة العسكرية الدائمة رقم 6409/2001 تاريخ 16/11/2001 في الدعوى رقم 4393/2000، وحكم محكمة التمييز العسكرية رقم 13/2003 تاريخ 30/1/2002 غير منشورين).

وحيث إن المادة ١٠ أ.م.ج. اعتبرت في بندها الثاني أن مرور الزمن مدة عشر سنوات على الجناية هو سبب من أسباب سقوط دعوى الحق العام، واعتبرت في الفقرة الثانية منها أن مرور الزمن يبدأ في الجرائم الآنية من تاريخ وقوعها وفي الجرائم المستمرة من تاريخ انتهاء الحالة الجرمية.

وحيث إن القتل ومحاولة القتل المنصوص عليهما في المادتين ٥٤٩ و549/201 عقوبات يعتبران جرمين آنيين وقد حصل الأول في العام ١٩٨٩ أما الثاني فحصل قبل العام ١٩٩٨ أو خلاله على أبعد تقدير طالما ثبت من التحقيقات أن المتهم استمر في التعامل مع العدو الاسرائيلي حتى العام ١٩٩٨، فيبدأ من هذين التاريخين سريان مرور الزمن على دعوى الحق العام، في حين أن جرم حرمان  الحرية الشخصية المنصوص عليه في المادة ٥٦٩ عقوبات يعتبر جرماً مستمراً متعاقباً لحين معرفة مصير المجني عليه أي لحين إطلاق سراحه أو وفاته.

وحيث إن الملاحقة بوشرت في العام ٢٠١٩ بحق المتهم الفاخوري، بعد انقضاء تسعة عشر عاماً على تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي في العام ٢٠٠٠ وبعد مرور ثلاثين عاماً على القتل وأكثر من عشرين عاماً على محاولة القتل، وبالتالي بعد ما يزيد عن العشر سنوات، فتكون دعوى الحق العام قد سقطت في ما خص هذين الجرمين بمرور الزمن العشري عملاً بأحكام المادة ١٠ أ.م.ج.

وحيث إنه بالنسبة الى جرم الخطف، فإن المتهم يدلي في مذكرة الدفوع أن الأسير علي حمزة قد توفي وفق ما جاء في تقرير هيومن رايتس واتش تاريخ 27/10/1999 الذي أشار الى ان المعتقل في سجن الخيام من العام ١٩٨٥ ولغاية العام ١٩٩٠ ابراهيم كلش كان شاهداً على ظروف موت علي حمزة في العام ١٩٨٥ وقال أنه عرّي من ثيابه في ليلة باردة ووجد ميتاً في الصباح التالي، وقد أبرز إثباتاً لادلاءاته صورة عن هذا التقرير.

وحيث إنه من العودة الى أوراق الدعوى، ولا سيما القرار الاتهامي (ص. ٨ و٩) يتبين أن الشاهدين يوسف ترمس وأنور ياسين أدليا أنه في العام ١٩٨٥ قام عامر بإخراج علي عبدالله حمزة من معتقل الخيام وكان علي يلفظ أنفاسه الاخيرة، كما يتبين من جواب مديرية المخابرات في الجيش اللبناني رقم ١٤٠٧ / م م/د/س تاريخ 11/3/2020 على تكليف هذه المحكمة بتزويدها بالمعلومات عن علي عبدالله حمزة تمهيداً للبت بالدفوع الشكلية، حيث ورد بأنه تتوافر في محفوظات مديرية المخابرات المعلومات التالية حول القضية في حينه: إن المعتقل علي عبدالله حمزة توفي في العام ١٩٨٥ داخل سجن الخيام من جراء تعرضه للتعذيب من قبل العملاء، وأنه في 21/3/2006 استدعى الى مديرية المخابرات العميلان السابقان فؤاد عبلا وفؤاد ابو سمرا حيث نفيا مشاركتهما بتعذيب حمزة حتى الموت أو بمعرفتهما بمن أقدم على ذلك أو مكان دفن جثته، ومن جواب المديرية العامة للأمن العام رقم ٨٨٣٥/ س تاريخ 11/3/2020 أن المعلومات المتوفرة لديها تفيد بأن علي حمزة تم اعتقاله عام ١٩٨٦ من قبل العميل الأمني في ميليشيا لحد حسين عبدالنبي وتم نقله الى معتقل الخيام وبعد فترة أبلغ بعض المعتقلين المفرج عنهم ذويه أن ابنهم علي حمزة قد استشهد بعد تعرضه للتعذيب وربطه على عامود في ساحة المعتقل.

وحيث إنه يتبين من كل ما تقدم أن المعتقل علي حمزة قد استشهد داخل المعتقل في حينه ونقل جثمانه الى مكان مجهول، وبالتالي تبدأ مدة مرور الزمن على جرم المادة ٥٦٩ عقوبات المنسوب الى المتهم من هذا التاريخ، وقد مر حتى تاريخ الملاحقة ما يتجاوز الثلاثين عاماً، ويقتضي بالتالي اعلان سقوط دعوى الحق العام بالنسبة الى جرم المادة ٥٦٩ عقوبات لمرور الزمن العشري.

وحيث إنه في ضوء كل ما تقدم يقتضي قبول الدفع الشكلي لمرور الزمن العشري بالنسبة الى الجرائم المسندة الى المتهم واعلان سقوط دعوى الحق العام.

لذلك

تقرّر بالإجماع:

١- قبول الدفع بمرور الزمن وكف التعقبات عن المتهم عامر الياس الفاخوري بالنسبة الى جرائم المواد ٥٤٩ و٢٠١/٥٤٩ عقوبات لسقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن العشري سنداً للمادة ١٠ أ.م.ج. وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن محكوماً أو موقوفاً بداع آخر.

٢- رد كل ما زاد أو خالف.

٣- حفظ الرسوم وإبلاغ من يلزم».