بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الأول 2018 06:21ص تظاهرات في شوارع بيروت وأخرى في الجنوب وطرابلس

تطالب بضمان الشيخوخة واستعادة المال المنهوب ووقف الموت على أبواب المستشفيات

مشادة كلامية بين المتظاهرين والقوى الأمنية مشادة كلامية بين المتظاهرين والقوى الأمنية
حجم الخط
تنفيذاً لما دعت إليه الحركات النقابية وهيئات المجتمع المدني للتظاهر يوم أمس الأحد في بيروت احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والصحية وتفشي البطالة واستشراء الفساد في المؤسسات العامة، لبى المئات من اللبنانيين من مختلف الاعمار والمناطق والطوائف الدعوة ونظموا مسيرات وتجمعات حاشدة في ساحة الشهداء، سرعان ما جاءت كلمة سرّ للتوجه إلى ساحة رياض الصلح والتظاهر امام السراي الحكومي من دون التوقف في ساحة النجمة أمام مجلس النواب، ومن دون أي تحرك باتجاه القصر الجمهوري، علماً أن الحكومة مستقيلة، وتقوم بتصريف الأعمال بانتظار حكومة عتيدة طال انتظارها.
وفي ساعات الصباح الأولى بدأت وفود المتظاهرين بالوصول إلى ساحة الشهداء، ارتدى بعضهم سترات باللون الأصفر تيمّناً بالتظاهرات في فرنسا، وتجمعوا في ساحة الشهداء على وقع الاناشيد والاغاني الوطنية ويرفعون العلم اللبناني، وما هي الا ساعات قليلة حتى امتلأ المكان بمتظاهرين من لون معين وبعضهم يضع أقنعة وآخرون تلثموا بالكوفية والشالات وبدأ هرج ومرج، أدى إلى انفصال قسم كبير من المشاركين عنهم، وبعد مطالبة المقنعين بالتوجه إلى ساحة رياض الصلح والتظاهر امام السراي الحكومي انشق عدد كبير من التظاهرة وعادوا إلى بيوتهم قبل ان تبدأ أعمال الشغب وتتواصل في أكثر من منطقة وشارع، لا سيما في منطقة الحمراء والنويري والبسطة الفوقا.
وفي بيروت عشيّة الأعياد، وبالتزامن مع عجز القوى السياسية عن التوصّل إلى اتفاق لتشكيل حكومة جديدة، جالت احتجاجات «شعبية» شوارع العاصمة، انطلقت شرارتها من ساحة الشهداء، لتنتشر في غير محلة وشارع.
فقد لبّى المشاركون في الاحتجاج «السترات الصفر»، أمس دعوة، تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد «الطبقة السياسية والفساد في مؤسسات الدولة».
وأكد المتظاهرون أنّ تحركهم «شعبي» بعيد عن أي حزب أو تنظيم سياسي، لكن الأمور كادت تخرج عن السيطرة، وأنذرت بمواجهة مفتوحة مع العناصر الأمنية.
وناشد متظاهرو الحراك السلمي، قبل أنْ تتدخل فيه الأيدي المشبوهة، الناس النزول من منازلهم ومشاركتهم التظاهر، مشيرين الى انهم قد ينصبون خيماً في ساحة رياض الصلح حتى تحقيق المطالب، ومؤكدين استمرار التحرك، مطالبين بإعادته ظهر الأحد المقبل.
انطلاق الشرارة
فبداية تجمّع المحتجون في ساحة الشهداء، ثم انطلقوا سيراً على الأقدام إلى ساحة رياض الصلح، مروراً بالرينغ والإسكوا وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة.
ولدى وصولهم أمام السراي الحكومي، تصادم بعض المتظاهرين مع القوى الامنية في محاولة منهم لإزالة العوائق الحديدية، كما رشقوا عبوات المياه على القوى الامنية، الامر الذي ادى إلى اصابة عدد من المتظاهرين بجروح طفيفة جراء رمي عبوات المياه نحو القوى الامنية، وفق الوكالة الوطنية.
وعمدت مجموعة من الحراك إلى إقفال الطريق البحرية - جادة شفيق الوزان، ثم عادت وفتحتها، فيما تجمّعت مجموعة أخرى أمام مبنى جريدة النهار، في محاولة لقطع الطريق، تزامناً مع قطع الطريق عند تقاطع برج الغزال، ما أدى الى زحمة سير كثيفة.
ليصل المتظاهرون الى ساحة بشارة الخوري، حيث تخلّل التظاهرة أعمال شغب، أسفرت عن تكسير مستوعبات النفايات وإحراقها، كما تكسير أحواض الزراعة، ما استدعى وصول مجموعة من الجيش إلى ساحة بشارة الخوري، وقطعت الطريق باتجاه ساحة الشهداء، فحصل بعض التدافع بين الجيش والمتظاهرين.
وعاد المحتجون من رأس النبع باتجاه ساحة الشهداء، وسلكوا طريق بشارة الخوري، بعدما فتح الجيش الطريق المؤدي باتجاه رأس النبع الطيونة.
ولشارع الحمراء كانت حصة من «الحراك»، حيث انتقل عدد من المتظاهرين من رياض الصلح الى شارع الحمراء، فتجمعوا أمام مبنى وزارة السياحة، وعمد بعضهم إلى تكسير واجهات المحلات التجارية في الشارع الرئيسي قرب «ستاربكس» ومحلات الصيرفة القريبة منها، مردّدين هتافات «ثورة»، وسط انتشار أمني بداية من أمام مصرف لبنان.
كما وضعوا مستوعبات النفايات في وسط الطريق المؤدي الى الحمراء، وأشعلوا النيران بداخلها، مردّدين الشعارات الداعية الى تأمين البطاقة الصحية، اضافة الى مطالب معيشية اخرى، ومنها تأمين العمل والحد من العمالة الأجنبية.
وسرعان ما تمكنت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، من تفريق المتظاهرين الذين غادروا منطقة الحمراء. وأعيد فتح المتاجر التي كان أصحابها قد أقفلوها خلال عمليات الشغب التي قام بها عدد من المتظاهرين.
طرابلس
ومن طرابلس افاد مراسلنا حسام الحسن ان عدداً من ممثلين عن المجتمع المدني اعتصموا صباح امس رفضاً للاهمال الحاصل في طرابلس على جميع الصعد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية.
وبعد العصر تجمّع العشرات في ساحة التل في طرابلس، بدعوة من ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، ورفعوا لافتات كتب عليها «ثورة المحرومين» و«الطبابة المجانية من حقنا وأطفالنا تموت على أبواب المستشفيات» و«لا للحرمان لا للظلم نريد عدالة اجتماعية»، في ظل انتشار لعناصر من قوى الأمن والجيش اللبناني.
وألقيت كلمات شددت على الاستمرار بالتظاهرات السلمية «لإنصاف أهل طرابلس والفقراء والمحتاجين».
صور
ومن صور افاد مراسل «اللواء» جمال خليل أن العشرات من قرى وبلدات قضائي صور والزهراني نفذوا وقفة إحتجاجية على الوضع القائم وتردي الأوضاع الإقتصادية وتفشي البطالة وإستشراء الفساد، وذلك عند طريق عام صيدا صور محلة القاسمية رفع خلالها المشاركون لافتات اكدت مواصلة التحرك حتى إزالة الإذلال عن المواطن، ولرفع الصوت من أجل حياة كريمة وإحقاق القانون والمؤسسات.
وتخلل الوقفة مهرجان خطابي استهل بكلمة رئيس جمعية دعاء لمعالجة مرض السرطان الدكتور فارس بدران أكد فيها البقاء في خدمة الجميع، مشيراً الى أن وقفة اليوم ما هي الا لرفع الصوت بوجه الفساد والظلم.
والقى الدكتور غسان فضل الله كلمة قال فيها: «ان اي تحرك سيكون عنوانه رفض الفساد والظلم والمطالبة بوقف الهدر».
ودعا المهندس سمير الحسيني الى المنافسة في خدمة المواطن وليس التزاحم على حصص وزارية.
وأكد الناشط السياسي والإجتماعي عصام فاخوري عدم الوقوف مكتوفي الأيدي امام اللصوص والفاسدين. وأن حراكنا ليس موجهاً ضد شخص انما ضد نهج السلطة وفسادها، نحن قدمنا الشهداء والتضحيات في سبيل وطننا لننعم بالأمن والأمان على كافة صعده وليس ليموت اولادنا على أبواب المستشفيات ودون مدارس وجامعات. ناضلنا لنعيش بكرامة وسيادة. وختم عليكم ان تختلفوا لما فيه مصلحة الشعب وليس على وزير هنا او هناك.
وفي الختام تحدث المحامي معن الأسعد، فقال: سنبقى سائرين على السلطة وفسادها وتوجهنا ليس ضد اي شخص انما ضد الفساد المستشري في معظم مؤسسات الدولة وضد الفاسدين فيها سنبقى نرفع الصوت بوجه الظلم والإستبداد.
وأضاف:«عدونا واحد وما يجمعنا واحد هو الفساد اينما كان تجمعنا المطالب الحياتية المحقة، مشيراً الى أن وقفة اليوم هي اعتصام رمزي لا حرق دواليب فيه ولا تخريب فيه نجتمع تحت العلم اللبناني لرفع حاجز الخوف والمطالبة بحقوقنا المشروعة التي سلبت بفضل السياسات الخاطئة المتبعة منذ أمد طويل واوصلت البلد الى ما هو فيه من عجز ومديونية. هدفنا ان تشكل حكومة تأخذ على عاتقها حل كافة الأزمات التي تعصف بالوطن والمواطن لا ان نبقى بلا حكومة خلافها وزير هنا او اخر هناك، مخاطباً السلطة بالقول لديكم فرصة في تحسين ادائكم لأن هناك العديد من الشرفاءعليهم إعادة تصويب الإمور الى نصابها، مؤكداً على مواصلة التحركات المطلبية ومحاربة الفساد والفاسدين والدعوة الى تحسين اداء السلطة وتنظيم مؤسسات الدولة وتقديم المطالب الخدماتية للمواطن حيث لا يمكن البقاء على هذا الحال.
النبطية
ومن النبطية، افاد سامر وهبي أن «تحرك شباب الجنوب»، نظم اعتصاما على مثلث النبطية- كفررمان- حبوش ضد الفساد والأوضاع الاقتصادية، رافعين لافتات تطالب بمحاسبة الفاسدين وبتوفير الماء والكهرباء وضمان الشيخوخة والطبابة للمواطنين.
وبدأ المعتصمون بالتجمع منذ الثالثة بعد الظهر، ورفعوا الاعلام اللبنانية ولافتات كتب على بعضها» البلد مفلس والزعما عم يكزدروا من بلد لبلد على حسابنا»، و«لا طائفية ولا فئوية ولا حزبية»، و«اعطونا بلد او اعطونا فيزا وتيكت للسفر»، و«لا نريد شراء الخدمات مرتين» على وقع الاناشيد الحماسية.
وتحدث حسين نور الدين باسم «تحرك شباب الجنوب» فدعاالمسؤولين إلى «الاعلان عن ثرواتهم هم وكل أفراد أسرهم»، كما طالب بـ: إجراء محاكمات علنية للفاسدين، تنظيم اليد العاملة الأجنبية وحماية اليد العاملة اللبنانية، ايجاد حل لشراء الخدمات مرتين من مؤسسات السلطة مرة ومن سماسرة السلطة مرة ثانية، تشريع واقرار قوانين تسمح للقضاء بالتحرك ضد أي فاسد مهما كان موقعه من دون العودة لأية مرجعية. كا دعا إلى: اقرار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، والغاء الطائفية السياسية التي يتسلح بها كل أركان السلطة، والغاء ما تسمى بالحصانة.
وتحدث رئيس حراك المعلمين المتعاقدين الثانويين حمزة منصور فاتهم «السلطة بالفساد، السلطة التي تستحم بعذابات الناس، هذه التي تتلذذ بتعيين وزير هنا وتسمية وزير هناك من دون أن يرف لها جفن حرية واخلاق»، متسائلاً أين تذهب مخالفات السير، هل تذهب الى مالية الوزارة أم الى جيوب القضاة والضباط، هذه السلطة تستبيحنا من خلال ضرائبها في النافعة والعقارات،السلطة تتقاضى عن كل صفيحة بنزين 12ألف و500 ليرة، هذه السلطة فارطة ويعيش النواب والوزراء على حساب المواطن، نحن في الجنوب يدنا على بندقية المقاومة للدفاع عن أرضنا عندما يفكر العدو الصهيوني، بالمغامرة باجتياح الجنوب، كلنا سنكون مقاومة، لا نقبل أن نبقى تحت رحمة أصحاب المولدات، وأن نشتري مياه في الشتاء أو نموت على أعتاب المستشفيات، وينظم العسكر مخالفة سير بحقنا على حزام الأمان».
وتحدثت شقيقة الطفلة آية الطيراني التي ذكرت بأن شقيقتها «توفيت بالسرطان من دون علاج في احد المستشفيات»، ودعت إلى «إقامة مستشفى لمرضى السرطان في لبنان». كما تحدث عدد من الشباب فنددوا بالوضع الاقتصادي والمعيشي، مطالبين بايجاد الحل «قبل وقوع الكارثة».
بعد ذلك سار المتظاهرون في مسيرة صامتة حول الدوار مرددين هتافات « فليسقط النظام».
وواكبت الاعتصام والتحرك، دوريتان للجيش وقوى الأمن الداخلي بعدما تسبب بزحمة سير على المثلث، حيث قامت عناصر قوى الأمن الداخلي بتنظيم السير.
كما نظم تحرك مماثل عند جسر حبوش على اوتوستراد النبطية -حبوش
وتنفذ القوى الامنية انتشارا كثيفا في المحلة.
انتهاء الحراك
وبعد يوم احتجاجي طويل، أعلن ناشطو «الحراك المدني» مساءً الأمس، عن إنهاء مشاركتهم في الوقفة الاحتجاجية أمام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح.
وأكدت نعمة بدر الدين بإسمهم «بدء مشاورات مع ناشطي الحراك ورواد التواصل الاجتماعي من المواطنين، لبحث إمكانية استمرار الاحتجاج والنزول إلى الشارع غداً (اليوم) أو في نهاية الأسبوع، ليعلنوا بداية اعتصام مفتوح، وهذا الشارع مفتوح بسبب مسرحية تشكيل الحكومة ويحق للمواطنين ان يعبروا عن رأيهم».
تجدر الإشارة الى أن شوارع بيروت شهدت الأسبوع الفائت تظاهرة حاشدة في بيروت لمواجهة «الانهيار الاقتصادي»، نظّمها الحزب الشيوعي اللبناني، الذي حمَّل السلطة مسؤولية الانهيار المرتقب، داعياً لمزيد من التحركات الاحتجاجية.

(تصوير:جمال الشمعة وطلال سلمان)