بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 أيار 2019 12:54ص 5 حزيران الثالث

حجم الخط
ارتبط تاريخ يوم الخامس من حزيران بالوعي العربي واللبناني بحرب الأيام الستة وذكرى نكسة الخامس من حزيران ١٩٦٧، والتي كانت بمثابة موت فكرة تحرير فلسطين عبر الجيوش العربية، بعد اتساع مساحة الاحتلال الاسرائيلي لتشمل الجولان والقنيطرة السورية والقدس والضفة الغربية وصحراء سيناء وإقفال قناة السويس، وهذه الدول انهمكت بتحرير ارضها المحتلة خلال حرب تشرين في العام ١٩٧٣ واستطاعت خلالها القوات المصرية عبور قناة السويس، واستعادت سوريا مدينة القنيطرة وصدور القرار ٣٣٨ الذي اكد على القرار ٢٤٢ وأكد على الشروع فوراً بمحادثات سلام، وذهبت مصر برئاسة المشير الجمسي الى مفاوضات الكلم ١٠١، وذهبت سوريا الى جنيف برئاسة العماد حكمت الشهابي للتفاوض مع العدو الاسرائيلي برئاسة موشيه دايان، وبذلك يكون يوم الخامس من حزيران الاول هو ذكرى موت فكرة تحرير فلسطين عبر الجيوش العربية. 

يوم الخامس من حزيران الثاني كان ذكرى الاجتياح الاسرائيلي للبنان١٩٨٢، واحتلال العاصمة بيروت وانهاء الوجود الفلسطيني، وموت فكرة تحرير فلسطين عبر الكفاح الشعبي المسلح بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي تسبّب وجودها في لبنان باندلاع النزاع الأهلي المسلح، وتقويض اسباب الدولة وتفكك المجتمع اللبناني وخسارة لبنان لاستقراره وعمرانه ومستقبل أجياله، بعد ما عرف آنذاك باتفاق القاهرة ١٩٦٩ الذي أعطى الفلسطينيين حق استخدام الاراضي اللبنانية لتحرير فلسطين، فكانت النتيجة بعد الخامس من حزيران الثاني ١٩٨٢ ان غادرت منظمة التحرير لبنان على متن البواخر الى تونس واليمن، واحتلت اسرائيل لبنان على مدى ثمانية عشر عاماً حتى العام ٢٠٠٠، وبذلك تكون مناسبة الخامس من حزيران الثانية ٨٢ هي مناسبة موت فكرة تحرير فلسطين عبر البندقية الفلسطينية من جنوب لبنان، وذهاب منظمة التحرير الى مفاوضات السلام في أوسلو، وتوقيع الاتفاق بين أبو عمار ورابين في حديقة البيت الابيض عام  ١٩٩٣، ثم توقيع اتفاق وادي عربة بين رابين والملك حسين عام ١٩٩٤.

جدد الاحتلال الاسرائيلي للجنوب اللبناني اسباب النزاع المسلح، فكانت المقاومة الوطنية ثم المقاومة الاسلامية حتى تحرير الجنوب عام ٢٠٠٠، وفي العام ٢٠٠٢ استقبلت بيروت القمة العربية وتم طرح المبادرة العربية للسلام والتي شكلت المضمون الوحيد للسياسة الخارجية العربية على مدى السنوات الماضية، وتستعد المنطقة هذه الايام ومنها لبنان لاستقبال الخامس من حزيران القادم والذي يصادف نهاية شهر رمضان المبارك، والذي حددته الادارة الاميركية مناسبة لطرح مبادرتها للسلام في المنطقة تحت عنوان صفقة القرن، ويراد من الخامس من حزيران الثالث موت فكرة الصراع مع اسرائيل نهائياً بعدما انخرطت شعوب المنطقة في نزاعات داخلية مدمرة ومأساوية، اذ اصبح الشعب الفلسطيني منعماً امام الشعب السوري والعراقي واليمني والليبي وغيرهم.

تتعاظم التوترات السياسية والاستعدادات العسكرية، وتحتشد جيوش العالم في مياه المنطقة في المتوسط والخليج، وتتعاظم التهديدات والاستعدادات للانخراط في النزاعات القادمة مع تهيّب الجميع من عدم القدرة على تسويق صفقة القرن بعد نقل أميركا سفارتها الى القدس وتوقيع الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان والحديث الاميركي عن عدم طرح الدولة الفلسطينية المستقلة او الحديث عن حق العودة او القدس الشرقية، فهل سيكون يوم الخامس من حزيران الثالث ٢٠١٩ شبيه بالخامس من حزيران المشؤوم الأول والثاني في ١٩٨٢ و١٩٦٧، وما هو مصير لبنان الحبيب رأس الحربة في النزاع المسلح مع العدو الإسرائيلي.