بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2019 12:10ص إيران والولايات المتّحدة اختلاف في توقيت وميدان المواجهة

حجم الخط
بالرغم من اختلاف وجهات النظر والرؤى حول التطورات المرتقبة للصراع الدائر في الخليج العربي والإستنففار المعلن بين إيران وأذرعها العسكرية من جهة والولايات المتّحدة وحلفائها وأصدقائها الأوروبيين من جهة أخرى، فإنّ العقلانية في قراءة ما يجري تسمح بالإستنتاج أنّ طهران عازمة على فرض التوقيت الذي يناسبها لانطلاق العمليات العسكرية وإشعال الحرب. الهجمات المتكررة التي شنّتها إيران، بواسطة الحرس الثوري أو الميليشيات الحوثية، على أهداف مختلفة توزّعت من الخليج العربي شرقاً وحتى البحر الأحمر غرباً وبعمق يصل الى ألف كيلومتر في عمق المملكة العربية السعودية يُثبت كذلك أنّ إيران اختارت حقل المعركة المُفترض. التصعيد الأخير بإسقاط الطائرة الأميركية بعد سلسلة من الإعتداءات الإيرانية وعدم الرد الأميركي يُدحضان نظرية أنّ إيران لا تريد الحرب أو أنّ الحرب قد تقع نتيجة تصرف طائش أو خطأ غير مقصود.

لا يمكن تحميل أسباب عدم الرد الأميركي للحملة الإنتخابية الرئاسية، فموقف الرئيس ترامب من إيران الذي بدأ بانسحاب الولايات المتّحدة من الإتّفاق النووي واستُتبع بأكثر من رزمة عقوبات على إيران شكّل أحد مرتكزات الحملة التي أوصلت ترامب الى الرئاسة، وهذا الموقف ستُبنى عليه الحملة الإنتخابية المقبلة لما له من جاذبية لدى اللوبي اليهودي واللوبي العربي المؤثّرين في الحملات الإنتخابية في الولايات المتّحدة، ناهيك  عن المساهمات الكبرى التي تقدّمها شركات الأسلحة المستفيدة من هذا التوتر. السلوك الأميركي في التعامل مع الإستفزاز الإيراني يوحي ليس فقط بعدم مجاراة إيران في اختيار توقيت الحرب وميدان القتال، بل في تجريدها من فرصة المواجهة الندّية مع الولايات المتّحدة وتحويلها الى مواجهة دولية. 

يبدو الحراك الدبلوماسي الأميركي الذي أظهر نشاطاً فائقاً بعد إسقاط الطائرة وكأنّه يُطلق العدّ التنازلي لجملة من الإجراءات لاستعادة المبادرة ووضع كلّ المستفيدين من أمن الممر الحيوي في مضيق هرمز أمام مسؤولياتهم. 

زيارة وزير الخارجية مارك بومبيو يوم أمس لكلّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية ووصفهما بالحليفين العظيمين وإعلانه أنّه بصدد البحث في بناء تحالف عالمي لمواجهة إيران وتأمين الملاحة في الخليج العربي، واللقاء الثلاثي غير المسبوق الذي سيُعقد اليوم في القدس الغربية بين رؤساء مجلس الأمن القومي، الأميركي جون بولتون والروسي نيكولاي بتروشيف والإسرائيلي مئير بن شبات بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو، سيشكّل الوجود الإيراني في سوريا والمطلب الروسي الدائم للإعتراف الأميركي بنظام الأسد الورقتين الوحيدتين الجاهزتين للتداول، كما أنّ المواقف الأوروبية المتصاعدة ولا سيما بريطانيا وفرنسا والمانيا المطالبة لإيران بالكف عن التهديد بالملف النووي يوحي بأنّ أوروبا المعنية مباشرة باستمرار تدفقات النفط والغاز أضحت على قاب قوسين أو أدنى من تعليق موافقتها على الإتفاق النووي، وربما تكون قمّة العشرين هي المنصة المؤاتيّة لهذا الموقف الأوروبي إذا لم تعدّل إيران من مواقفها، يبدو كلّ ذلك كافياً لرسم خارطة طريق تضع إيران في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وتسقط عليها لعنة الجغرافيا.  

 ومع رزمة العقوبات الجديدة التي وقّعها بالأمس الرئيس ترامب والتي تستهدف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي رداً على إسقاط طهران للطائرة الأميركية المسيّرة، ستندفع إيران حكماً الى المزيد من الإرتكابات ومزيد من التهوّر. تخرج إيران مكرهةً من حقل المعركة الذي اختارته نحو ميادين أخرى وتضع ولاية الفقيه في مواجهة القوة العظمى الأكبر لإضفاء طابع القداسة على حرب غير متكافئة وعابرة للحدود مستنفرة معها كلّ الميليشيات المنضويّة تحت مسميّات تمّ إنتقاؤها بعناية من اللاوعي المذهبي علّها تحاكي ميتولوجيا صراع الحق والباطل وقيام الدولة. 





* مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات

Twitter: @KMHamade