بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الثاني 2024 12:06ص اتفاق الهدنة.. احترام لبنان للشرعية الدولية

حجم الخط
أولى الحروب العربية الإسرائيلية التي سميت ايضا حرب النكبة نشبت في العام 1948 عقب انتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين واعلان قيام اسرائيل.
ويعود سبب هذه الحروب الى سعي اليهود لإقامة وطن لهم في فلسطين. ولهذا اقدموا وبمعاونة بعض الدول الغربية على تفريغ فلسطين من سكانها العرب لإقامة دولة اسرائيل ما تسبب بنشوب معارك حربية بين اسرائيل والدول العربية المجاورة لها وهي مصر، سوريا، لبنان والأردن.
بذلت منظمة الأمم المتحدة، لكن دون جدوى، جهودا حثيثة لوقف القتال الذي بدأ يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين ما دفع بمجلس الأمن الدولي وبالإستناد الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ان يقرر بتاريخ 4 و16 من تشرين الثاني 1948 اعلان هدنة عامة دائمة بموجب القرارين 61 و62.
التزمت كل الأطراف تنفيذ هذين القرارين ووقعت اربع اتفاقيات هدنة من بينها اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل بتاريخ 23/3/1949.
وقع لبنان هذه الإتفاقية في رأس الناقورة ضابطان لبنانيان ومثلهما من إسرائيل بحضور الوسيط الدولي رالف بانش.
تضمنت هذه الإتفاقية مقدمة وثماني مواد بالإضافة الى ملحق بعنوان «تعريف القوات الدفاعية».
تعهد الجانبان بموجب هذه الإتفاقية بالتقيد بدقة بالأمر الصادر عن مجلس الأمن بعدم اللجوء الى القوة العسكرية لتسوية قضية فلسطين والإمتناع عن اتخاذ اية اعمال عدائية ضد شعب الطرف الآخر.
كما تعهدا بعدم تخطي، مهما كان السبب، خط الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين أو دخول المجال الجوي او البحري للطرف الآخر. ولقد حددت الإتفاقية عديد القوة المسلحة لكلا الطرفين بألف وخمسمائة ضابط وجندي وعشرين عربة عسكرية.
يعتبر اتفاق الهدنة هذا اطارا قانونيا لضبط النزاع بين لبنان واسرائيل وفي الوقت عينه آداة بيد الأمم المتحدة للإمساك بالوضع الأمني بكامله بين البلدين لخدمة الأمن والإستقرار بالمنطقة.
تعتبر الأمم المتحدة الطرف الثالث الموقع على الإتفاقية لتكون بذلك مرجعا يحتكم اليه الطرفان. من هنا تعتبر هذه الإتفاقية معاهدة دولية او اتفاق دولي يتمتع بكل المواصفات التي حددها القانون الدولي لأنها تعبر عن توافق ثلاث ارادات من اشخاص القانون الدولي لإحداث اثار قانونية معينة.
ان احد اهم هذه الآثار هو احترام اسرائيل لحدود لبنان المعترف بها دوليا وهي الحدود السابقة التي كانت بين لبنان وفلسطين والتي يبلغ طولها 120 كلم والتي تتطابق في قسم كبير منها مع الخط الأزرق الذي وضعته الأمم المتحدة في العام 2002 وقد تحفظ لبنان على الفوارق بين هذا الخط والحدود الدولية.
 ومن الملاحظ ان جميع القرارات الصادرة لاحقا بما في ذلك القرار 1701 لم تؤثر على الطبيعة القانونية لإتفاق الهدنة المشار اليه آنفا.
لكن اسرائيل اطاحت من جانب واحد بهذه الإتفاقية واعلنت تخليها عنها عندما اجتاحت لبنان في 5/حزيران/1967 مخالفة بذلك مبادىء القانون الدولي. وعندما اقدمت على احتلال اجزاء من الأراضي اللبنانبة وما تزال تحتلها حتى اليوم.
وبالرغم من ذلك ما تزال الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولبنان يعتبرون اتفاقية الهدنة الإطار القانوني الدولي الصالح والواجب التطبيق للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
غير ان لبنان لم يعتبر اتفاق الهدنة معاهدة سلام مع اسرائيل التي ما زال يعتبرها كيانا غاصبا للحق العربي في فلسطين،ولذلك قد اصدرت الدولة اللبنانية بتاريخ 23/حزيران/1955 قانون مقاطعة اسرائيل الذي بموجبه حظرت الحكومة اللبنانية كل اشكال التعاون مع الكيان الإسرائيلي واعتبرت ان التعامل معه خارج اتفاق الهدنة وخارج رعاية الأمم المتحدة عملا جرميا غير مشروع ويقع تحت طائلة العقاب. 

* مدعي عام التمييز سابقاً