بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الأول 2020 06:48ص المسؤولون يعزفون موسيقى الموت...!

حجم الخط
ليس ثمة ما يؤشر إلى إمكانية حدوث إنفراجات سريعة في الوضع السياسي الذي يزداد تعقيداً وتوتراً، فيما الضائقة الإقتصادية والمعيشية تُمسك بخناق الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، الذين سقط ٥٥ بالمئة منهم تحت خط الفقر!

بل لعل العكس هو الصحيح، بمعنى أن البلد مُقبل في أعقاب عطلة الأعياد، على مرحلة جديدة من التدهور والإنهيارات المتسارعة، بعد الفشل الذريع لهذه المنظومة الحاكمة في تشكيل حكومة تتجاوز أساليب المحاصصة الكريهة، وعدم إستعداد فريق العهد على التراجع عن الثلث المعطل، والإستئثار بتعيين الوزراء المسيحيين، وبالتالي تضييع المزيد من الوقت في عدم الإستفادة من موجة العطف الدولي إثر إنفجار المرفأ، والحماسة الرئاسية الفرنسية في تأمين المساعدات المالية الفورية للبلد المنكوب.

 طلائع المرحلة الجديدة من الإنهيار بدأت تظهر إلى العلن من خلال إحتدام الخلافات السياسية، والصراعات الحزبية، حتى داخل بيت الطائفة الواحدة، مثل ما يجري بين القوات والتيار الوطني، أو على مستوى التقاطعات السياسية، على نحو ما حصل في الجامعة اليسوعية مؤخراً من صدامات بين طلاب حزب الله والتيار الوطني من جهة، وطلاب القوات والكتائب من جهة ثانية.

 ويُلاحظ في هذا الإطار، أن الدعوات إلى إستقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بدأت تأخذ طريقها إلى التداول اليومي في الحركة السياسية، بعدما إنضم رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى كل من رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس المردة سليمان فرنجية في موقفهما الداعي لرئيس الجمهورية بالإستقالة، على إعتبار أن العهد وصل إلى طريق مسدود بسبب فشله في إدارة مسلسل الأزمات التي طوقت البلد، والإستمرار في التصرف وكأنه رئيس لفصيل حزبي، وليس حكماً بين اللبنانيين، حيث يؤيد دائماً مواقف باسيل، بغض النظر عن تداعياتها ومضاعفاتها على الوضع العام.

 يُضاف إلى تمدد مساحة المطالبة بالإستقالة الرئاسية، أن الخلاف المستحكم بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري، يكاد يقطع الطريق على أي إمكانية لإصلاح ذات البين بينهما، ولا يدعو للتفاؤل بإحتمال سرعة إقلاع الحكومة العتيدة، في حال معالجة عقد التأليف في اللحظة المناسبة، لأن الكيمياء بين الرجلين لم تعد موجودة، فضلاً عن التباينات الحادة في المنطلقات ووجهات النظر حول معالجة الملفات المالية والإقتصادية المطروحة، مما يعني أن جلسات الحكومة قد تتحول إلى جولات من « النقار والنقير» بين الرئيسين، وتحول دون التوصل إلى إتخاذ القرارات اللازمة بالسرعة المطلوبة.

 وثمة مؤشر ثالث لتصاعد التوتر وتسريع الإنحدار في الأسابيع المقبلة، يتمثل بهذه الحملة الجاهلية لتطييف الخلافات السياسية والحزبية، وإضفاء الطابع الطائفي البغيض على المحاصصة في المقاعد الوزارية، تحت الشعار الذي درج رئيس التيار الوطني على ترديده منذ فترة وهو: الدفاع عن حقوق المسيحيين، إلى جانب خطابه الشعبوي المعروف حول إستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية التي أُخذت منه في الطائف.

 وإذا أضفنا إلى هذا الجو المتوتر سياسياً، والغارق في نفق مظلم لا بصيص ضوء في نهايته، التخبط المستمر في الوضع المالي والنقدي، وغياب معالجات «الحد الأدنى» لوقف الإنحدار المستمر، قبل وصوله إلى نقطة الإرتطام المدمر، ندرك خطورة ما ينتظر اللبنانيين في الأسابيع المقبلة، من أزمات ومعاناة إجتماعية ومعيشية، خاصة إذا تم رفع دعم المواد الغذائية، والسلع الضرورية الأخرى مثل المحروقات والغاز، عشوائياً على النحو الذي تم فرضه منذ أشهر ، دون الأخذ بعين الإعتبار أهمية حصر الدعم بالطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، عوض إنفلاشه على أكثر من ٣٥٠ سلعة، وإستفاد منه الغني مثل الفقير.

 لبنان يغرق مثل باخرة «التيتانيك»، يقول وزير خارجية فرنسا، الذي رافق رئيسه في زيارتيه إلى لبنان، ولكنه لم يُكمل المشهد ويقول: والمسؤولون فيه يعزفون بأنفسهم موسيقى الموت لوطنهم المنكوب وشعبهم المعذب!