بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 حزيران 2018 12:39ص تحاسب وطني حول مرسوم التجنيس

حجم الخط
ردّة الفعل على تجنيس قرابة الاربعماية شخص، جاءت فاقعة الأثر والنتائج، وقد حصلت والبلاد تحاول النهوض من كبواتها العديدة سواء في قضاياها الداخلية أم في واقعها الإقتصادي الذي تجسد مؤخرا في مؤتمر سيدر، وفي نتائجه الجيدة والتي يمكن أن ترقى إلى درجة الممتازة، لولا تلك الشروط الحذرة والمتحسبة والمتخوفة التي وضعتها الدول المانحة على حصيلة تلك المقررات الواعدة وقد انصبت تحسبات ومخاوف تلك الدول على حالة الفساد السائدة في لبنان إلى الحد الذي دفع بها إلى التحسب الشديد واتخاذ الاحتياطات الدقيقة بالنسبة للأموال الطائلة التي التزمت بها تجاه وطننا المنكوب، بسعي حثيث من قبل دولة الرئيس الشيخ سعد. 
بصراحة مطلقة مرسوم التجنيس الذي صدر قبل وقته المتعارف عليه بأربع سنوات (نهاية العهد) والذي تسلل إلى اللبنانيين بالخفاء عنهم وبتكتم على وجوده وعلى مضمونه، إلاّ أن ذلك لم يمنع من تكشف بعض الفضائح التي أكدت على أن الأربعماية مجنس يتضمنون أسماء معروفة بانتماءاتها السياسية إلى الخارج، وبارتباطها بأعمال مالية قيد الملاحقة من المجتمع الدولي، وبوجه الخصوص الولايات المتحدة الأميركية، وبعضها الآخر ملاحق من الإنتربول بتهم لا تشرّف أصحابها، يضاف إلى كل ذلك رائحة الفساد التي تطاول بعض القادة وبعض الساعين الدائمين من حولهم لاقتناص الفرص، ولعل تصريح غبطة البطريرك الماروني الذي صرح أخيرا أن من مجليات الرحمة، الوضوح في التعاطي واحترام الرأي العام وخصوصا ما تعلق بموضوع التجنيس، قد جاء في أوضح صيغة وأخلص حرص على تجنيب هذا الوطن أصداءه ونتائجه المتوقعة. هذا المرسوم بما أدخل إلى قناعات الناس أن شيئا لم يتبدل على هذا الصعيد، وأن كدساً من المنافع قد طاول كثيرين ممن يدعون العفة وهي منهم براء. وقد يؤدي كل ذلك إلى توقع إجراءات عقابية معروفة الأسباب والنوعية والنتائج، فضلا عن أن أجواء الفساد التي أنعشتها فضيحة المرسوم، قد تترك نتائج مدمرة على انجازات مؤتمر سيدر التي يتلهف اللبنانيون إلى نتائجها الإنقاذية وآثارها الإيجابية على أوضاعهم الإجتماعية والحياتية. 
الضجة التي قامت حول القانون تناولت قطاعات واسعة من القيادات الدينية والسياسية والوطنية والشعبية وإذ تتواجد أحزاب وجهات عديدة في هذا الموقع المعارض (القوات اللبنانية، حزب الكتائب، والحزب الإشتراكي.... مستقلون)  
وها هي رئاسة الجمهورية تتنبه إلى أن هناك سببا جللا قد تم إيقاع القرار الرئاسي في لجته فهذا لمما يؤكد على أهميتها ووجوب إيلائها المعالجة الصائبة البعيدة عن الإنفعالات الطائشة، فقد صدر عن مكتبها الإعلامي بيان مؤاده، أن الشائعات قد تكاثرت في شأن استحقاق بعض الأشخاص للجنسية اللبنانية، ومن باب الحرص على تبديد كل الهواجس من أي نوع كانت، يطلب رئيس الجمهورية من كل من يملك معلومات أكيدة في شأن أي شخص مشمول بالمرسوم المشار إليه أعلاه ولا يستحق الجنسية اللبنانية، التوجه بمعلوماته هذه إلى وزارة الداخلية-المديرية العامة للأمن العام، للإستثبات! 
مع كامل التنويه بهذه المبادرة الصائبة من قبل فخامة الرئيس، أبو الكل، الذي يبدو أن هناك من أوقعه دون علمه ودون تحققه في هذا المغطس الصعب، فليُسمح لنا بالقول بأن هذه المهمة هي أصلا وفصلا من صلاحيات وواجبات السلطات المسؤولة. أما وأن هذه السلطات قد أحالت تحقيقاتها والحصول على حقائقها السافرة والخفية إلى كل من يملك معلومات بهذا الصدد، فهو موقف مستغرب خاصة وأن الواقع الدستوري والقانوني يفرض على المسؤولين إجراء التحقيقات المطلوبة كاملة ومن ثم، توقيعها بالتدرج من قبل ذوي الشأن وصولا في النهاية إلى قمة الهرم. 
قامت القيامة ولم تقعد رافضة للمرسوم وخفاياه وخباياه، إلاّ لدى بعض مسؤولي التيار الوطني الحر، فكان دفاعهم العشوائي عن ما لا يدافع عنه، وقد تفضل أحد قادتهم باتهام المنتفضين والمصرحين ضد مفاجأة التجنيس المتخفية، ذاكرا بأن مواقف هؤلاء... غبية!! أين الغباء في هذه التصاريح؟ هل أصبح الدفاع عن الوطن بمقوماته الأساسية وشروط انتقاله إلى مرحلة «الإصلاح والتغيير» وانقاذ الوطن من موبقات أوضاعه القائمة، قولا وموقفا غبيا. كنا اعتقدنا أنه بانتهاء مرحلة الإنتخابات النيابية ستخبو وتنطفئ، كل تلك الأقوال الهوجاء الحافلة بالتجنيات المختلفة وبأقوال القدح والذم، وكنا نعتبر أن لذلك ومبرراته الشعبوية الإنتخابية، إلاّ أن اتهام الغباء قد تجاوز تلك المرحلة، وتم التصدي به للمعترضين (البطرك الراعي- حزب القوات اللبنانية، الحزب الإشتراكي، القادة المستقلون، المعارضون من أبناء الشعب، ألخ) باسباغ صفة الغباء عليهم وعلى تصريحاتهم، وقانا الله من ترسيخ تهمة الفساد على الجسم اللبناني «اللبيس»، ووقى الله كل تلك الآمال التي نجحت في استيلاد مؤتمر سيدر ونتائجه المميزة، والتي يعالج الدفاع عنها وعن مزاياها وعن جهود الشيخ سعد بصددها، على ما رأيناه ولمسناه وتحققنا من وجوده وأهميته، ووقى الله وطننا وأمنه واستقراره وسلامة أهله وأبنائه من شر التصرفات المتخفية. 
وليعذرنا أولئك الذين لم يجدوا في المواقف المعارضة إلاّ الغباء، فهذا الإتهام العشوائي المضاد، تنقصه الرؤيا الصائبة والرصينة مع الأسف، هو اتهام مؤذ لمطلقيه، وللأسف أكثر، إنه مؤذ للبنان وسمعته ولمحاولات الانقاذ والخلاص القائمة في هذه الايام.و جهود أبنائه، والمخلصين من زعمائه.