فيما يشدّ الرئيس سعد الحريري رحاله تكرارا بحثا عن آفاق وحلول للمعضلات الإقتصادية والمالية التي يجتازها الوطن، ها هو منذ أيام وقد نقل رئاسة الوزارة وبعضا من أجنحتها وأطرافها إلى دولة الإمارات تمثل فيها وزراء واختصاصيون إقتصاديون، ومن ضمن ما في جعبته «مشروع
الكبرى» الذي اقترحه عليه قياديون اقتصاديون من
، فيه كثير من الشمولية والطموح وجملة من الحلول الإقتصادية التي تتناول منطقة شاسعة من الوطن اللبناني، يزداد حِمْل أبنائها ومواطنيها على أنفسهم وعلى تأمين حياة كريمة لهم ولأبنائهم. وهو مشروع «مشاركة» ما بين المجالات الإقتصادية الهائلة التي تزخر بها محافظة الشمال (بدءا من البترون مرورا ب
ووصولا إلى عكار) وقد حمله الرئيس الحريري من ضمن ما حمل إلى دولة الإمارات، حيث باشر التسويق له ولمشاريع المرافيء الشمالية ذات المدى والآفاق الفسيحة، ومطار القليعات بعد توسعته وتكثيف إمكاناته والأرض الشمالية الفسيحة (زراعية وصناعية) وافرة الخصوبة والعطاء الدافق، ويبدو أن هذا المشروع المقترح يلقى قبولا واقتناعا لدى المراجع الإماراتية، عبّر عنه المسؤولون الإماراتيون على أعلى المستويات كما سبق أن وصفه سفير الإمارات في لبنان بأنه مشروع واسع الأفق قد يعطي انتاجا بمليارات الدولارات. وفي غمرة الأحوال الإقتصادية اللبنانية المتردية ومع احتمالات كبيرة بأن يلقى مشروع سيدر عوائق سلبية نتيجة لتباطؤ السعي لإنجاحه، وتكاثر الطعن المقصود وغير المقصود به وبالآمال المعقودة عليه، وفي خضمّ وضعية الفساد المفرط التي تشلّ آمال اللبنانيين بالإنتقال إلى مرحلة تعيد بلادهم إلى بعض من تقدمها ورخائها وطمأنينة العيش الكريم في ربوعها، يأتي هذا المشروع الطموح والمعطاء ضوءا مشعا وسط ظلام شامل دامس يسود البلاد والعباد ويملأنا أملا بوقف عمليات مسيرة الإنقاذ الإقتصادي وإمكانية الخروج من مطباته ومزالقه.
من حيث المبدأ والمنطق العام، يقتضي أن تكون الظروف الموضوعية ملائمة لهذا المشروع ولجملة المشاريع المجدية التي أسفرت عن لقاءات الرئيس الحريري والوفد المسؤول الذي رافقه إلى دولة الإمارات وشارك فيها مسؤولون واقتصاديون إماراتيون من درجات أساسية عليا، ومستثمرون لبنانيون عاملون في دولة الإمارات، إلاّ أن الأيام عودتنا على التحسب والتحفظ تجاه إمكانيات بروز مواقف معاكسة تصطنع المواقع السلبية والمطبّات المعرقلة، في وجه كل عمل إيجابي من شأنه اصطناع الثغرات في مشروع ناجح، وهذه مزالق يزخر بها لبنان إلى أقصى الحدود وأوفر الأسباب، فحيثما هناك إعادة للأمور إلى مسارها الطبيعي ضمن أطر القوانين والأعراف والصالح الوطني، تنبت عراقيل وافتعالات السماسرة والمستغلين والمنتفعين من سرقة أموال الشعب ومكامن رزقه وعيشه الكريم، وهم جماعات معظمهم معروف بالإسم والصفة وبالمشاريع التي استولى عليها متوسطا زعماء وسياسيين ورؤساء ووزراء ونوابا من ذوي القدرة على الإصطياد والمشاركة في عمليات الصيد الثمين وفي إطار المسيرات المؤدية إلى سلب ثروات الوطن ونهب قوت المواطن، يبرز المعرقلون من ذوي الإنتماءات السياسية والميليشياوية والمتسلطون على مكامن الحركة الإقتصادية في البلد من خلال أعمال غير مشروعة تتم في المطار والمرافيء والممرات البرية التي ما ان تُسدّ ثغرة من ثغراتها حتى تنفتح جملة من الثغرات التي أسفرت عن كل هذه الكوارث الإقتصادية والمالية والمعيشية التي نقلت لبنان من واقع الرخاء والتميز الإجتماعي والثقافي والحياتي، إلى مزالق التفلت والمعاناة وصولا بها إلى مواقع الخطر الشديد.
فرصة سانحة وثمينة كتلك التي تبرز معالمها من خلال ملامح المشاريع الإقتصادية المقترحة مع دولة الإمارات الشقيقة، (وهي مشكورة إلى أقصى الحدود على اهتمامها ودعمها للجهد اللبناني المبذول بهذا الصدد)، تشكل باب أمل واسع علّنا لا نقضي عليه من خلال السياسة العرجاء والصماء التي يمسك بعض مسؤولينا بمسالكها وشعارهم البارز: يا ربي نفسي ومصلحتي وجيبتي ومنطقتي وانتخاباتي، وهم في هذا المسلك لا يتركون بابا تسهيليا وترويجيا إلاّ واستعملوه بما في ذلك سائر أبواب الطائفية والمذهبية والمناطقية وهم في إطاراتها وطموحاتها غير المشروعة، أشهر الشطار وأبرز الناجحين. فرص كبيرة تبقى مفتوحة أمام اللبنانيين ومنها فرصة «
الكبرى»، التي طفت مؤخرا إلى الواجهة الإقتصادية العامة، حتى إذا ما قُدر لها حسن المعالجة والتنفيذ، قد تتوفر لنا فرصة هامة ومصيرية نتجنب من خلالها أخطار المطبات الهائلة والأفخاخ المؤذية في كل المواقع والإتجاهات والتي يخفى بعضها هدفا خطيرا يرمي إلى هز الأسس والأعمدة والأوضاع القائمة التي ما زالت حافظة للبنان وأهله.
هناك من يصوّب على الوطن ككل، وقانا الله من هول تلك الأهداف الظاهرة والخفية فهو خير الحافظين.
ذكرنا بعضا من الخير إلينا من دولة الإمارات الشقيقة، ويبدو أن بابا آخر قد بدأ فتحه للبنان من قبل مسؤولي المملكة العربية السعودية بدأت اجتماعات ومشاورات بصدده، فشكرا للأخوة العربية بكل أبوابها ومراجعها.