بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2023 12:10ص قتل الأطفال: لا للإفلات من العقاب

حجم الخط
لكل طفل الحق في الحياة. لذلك يحق للأطفال الحصول على الحماية أثناء الحروب وفقا لما نصت عليه المادة «38» من اتفاقية «حقوق الطفل» الصادرة عن الأمم المتحدة.
إن من بين ابرز المخاطر التي يواجهها الأطفال في زمن الحرب: الموت، التيتم، سوء التغذية، الإصابة بجروح، الإنفصال عن الأسرة، عدم الحصول على الرعاية الصحية أو صعوبة ذلك ما قد يؤدي الى الموت.
إن مسألة رعاية الأطفال في زمن الحرب هي من الوسائل التي اهتم بها القانون الدولي الإنساني الذي فرض ان لا يكون الأطفال بأي حال من الأحوال هدفا للهجمات الحربية.
لقد حدد مجلس الأمن الدولي ستة انتهاكات خطيرة ترتكب بحق الأطفال في زمن الحرب ووضع ادانات على مرتكبيها. وهذه الإنتهاكات هي: قتل وتشويه الأطفال، تجنيد الأطفال او استخدامهم في القوى المسلحة من جيوش جماعات، الهجمات على المدارس والمستشفيات، الإغتصاب وباقي اشكال العنف الجنسي الخطير واختطاف الأطفال لمنعهم من الحصول على اوضاع انسانية مناسبة.
لكن النازيين الجدد في حربهم على غزة ضربوا تحت اعين المجتمع الدولي الصامت صمتا مريبا بعرض الحائط بكل هذه الممنوعات. فمنذ بداية حصار غزة تم الإبلاغ عن مقتل 3195 طفلا خلال الأسابيع الأولى من الحصار وفقا لما ورد في تقرير لـ «منظمة انقذوا الأطفال على الأرض الفلسطينية». وقد وصف المدير الإقليمي لهذه المنظمة «جيسون لي» هذه الأرقام بأنها مروعة وتوقع ازديادها، اذا ما استمر القصف وتوسع ولذلك اطلق نداءه الى المجتمع الدولي لـ «وضع حياة الأفراد المدنيين قبل السياسة».
أما المديرة الإقليمية لمنظمة اليونيسيف فقالت أن الوضع في غزة يشكل وصمة عار على جبين الجماعة البشرية لأن عدد الوفيات والإصابات بين الأطفال كان صادما.
ومع أن حق الأطفال بالحماية في زمن الحرب منصوص عليه باتفاقية «حقوق الطفل» للعام 1989 التي انضمت اليها جميع دول الأرض ما عدا الولايات المتحدة الأميركية، فإن هناك حوالي البليون طفل يموت في كل عام من العنف.
لكن وللأسف أن عدد البلدان التي تشهد صراعات عنفية هو الأعلى منذ ثلاثين عاما بحيث ادت هذه الصراعات المسلحة الى نزوح اكثر من 30 مليون طفل يتعرض أكثرهم للإستعباد وسوء المعاملة والإتجار. فما بين العام 2005 والـ 2022 تم رصد اكثر من 315 الف انتهاك خطير ضد الأطفال ارتكبتها الأطراف المتحاربة ومن المؤكد أن العدد الفعلي هو أعلى بكثير.
 ففي غزة وحدها وبحسب منظمة الأونروا أن 70% من الذين استشهدوا من جراء الغارات الإسرائيلية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحصار هم من الأطفال والنساء. ما حدا باليونيسيف لتقول أن مقتل الأطفال في جباليا/غزة هو وصمة عار على الضمير الجماعي.
وهكذا نرى أنه وبعد مرور ثلاثين سنة على إقرار اتفاقية «حقوق الطفل» وسبعين سنة على إبرام اتفاقات «جنيف» التي هي في أساس القانون الدولي لحماية المدنيين في زمن الحرب يجعلنا نصرخ بصوت عال بأن الأوان قد آن لإلزام القوى المتحاربة سواء كانت دولا او جماعات وقف الإعتداءات على الأطفال لأن هؤلاء الأطفال هم بحاجة للسلام بالمقام الأول. 
ولهذا مطلوب من الحكومات الوفاء بالتزاماتها تجاه الأطفال واحترام اتفاقية «حقوق الطفل» التي انضمت اليها. كذلك على المجتمع الدولي أن يعي خطورة ما يتعرض له الأطفال خاصة في غزة وممارسة الضغط المطلوب على مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف الإعتداءات لا سيما تلك التي تطال الأطفال على أن يكون هذا القرار تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. وكذلك العمل على تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
إنه من المعيب حقا ان تبقى كل هذه الجرائم المرتكبة ضد الأطفال بلا ردع ولا عقاب.

* مدعي عام التمييز سابقاً