بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آذار 2019 12:04ص قمة تونس وتجديد الفكرة العربية

حجم الخط
 بعد القمة الأوروبية العربية الأولى في شرم الشيخ، وجّه الرئيس ماكرون رسالة إلى الأوروبيين بأربع وعشرين لغة، بمثابة دعوة الى تجديد الفكرة الأوروبية وضروراتها الأمنية والاقتصادية للشعوب الأوروبية في مواجهة النزعات الانفصالية التي تجتاح أوروبا، على مثال استفتاء البريكست في بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى المنافسة الانتخابية الحقيقية التي أصبح يمثلها اليمين الأوروبي المتطرف. 
تابعت ملتقى الشباب العربي الأفريقي في أسوان، ومصر ترأس الاتحاد الأفريقي، الذي شهد عملية تجديد للفكرة الأفريقية من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي، كان الملتقى برعاية ومشاركة الرئيس السيسي الذي دعا إلى إعداد ورقة جدية حول العلاقات العربية الأفريقية وتقديمها إلى القمة الإفريقية العربية القادمة في الرياض، مع إيضاح المقصود بالجدية اي ورقة علمية ومختصرة ذات مردود إيجابي على الدول والشعوب الأفريقية والعربية، بما يشبه البيان الختامي للقمة العربية الاوروبية الذي تضمن التوجهات الاوروبية بدقة ووضوح، والذي يحتاج إلى ورقة جدية عربية تحدد المصالح والمخاطر المشتركة وتحاكي العقل الأوروبي وتعمل على تغيير الصورة النمطية عن الشخصية العربية واتهامها بالعدمية والفشل والتخلف. 
اعتقد بأن إرادة تفعيل سياسة الجوار العربي الأوروبي والأفريقي والآسيوي تحتاج إلى إعادة تجديد الفكرة العربية الحاضنة للتنوع الديني والجغرافي والعرقي والاثني في إطار اللغة العربية الواحدة وخلافا لدول الاتحاد الأوروبي ذات الثماني والعشرين لغة، والاتحاد الأفريقي ولغاته الرسمية الست، ان سياسة الانفتاح على الجوار تحتاج الى إعادة بناء الثقة بالذات العربية والتعمق في قراءة التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وإنتاج البيان الاجتماعي الاقتصادي العربي الجاد الذي يحدد الرأسمال الانساني والطبيعي والتحديات المستقبلية.
السبت القادم ٣٠ آذار/مارس تنعقد القمة العربية الثلاثين في تونس والمنطقة العربية في حال يصح فيه قول الشاعر تكسرت النصال على النصال، وهناك الكثير من الكتابات الجادة  للعديد من المفكرين العرب موجهة الى كل القادة الذين يعملون على اساس رؤية استراتيجية لصناعة استقرار مجتمعاتهم يدعونهم فيها الى ضرورة التعامل الجاد مع ما تعانيه الفكرة العربية من خواء استراتيجي وضرورة إشراك النخب الفكرية في عملية إعادة تجديد وتحديث المنظومة العربية التي تحمّلت أعباء تحقيق فكرة الدولة العربية المستقلة، بالإضافة إلى تبعات النزاع التاريخي وأثمانه والنزاعات المستجدة والاختراقات الإقليمية والدولية للمجتمعات العربية.
بعد عقود طويلة على حديث وزير الخارجية البريطاني انتوني إيدن ٢٩ أيار/مايو ١٩٤١ عن المفكرين العرب وتطلعهم الى الوحدة ثم تأييده الفكرة العربية في ٢٤ شباط/فبراير ١٩٤٣ بعد دعوة رئيس الوزراء المصري نحاس باشا كلاً من السعودية وشرق الأردن وسوريا والعراق ولبنان واليمن والفلسطينيين الى اجتماع تشاوري في الإسكندرية 5 أيلول/سبتمبر ١٩٤٢ ثم الدعوة الى اجتماع ثان وإنتاج بروتوكول الإسكندرية المؤسس لجامعة الدول العربية في ٧ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٤٤. 
 إن مبادرة المفكرين العرب جادة ومسؤولة، وخصوصا مبادرة رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل الذي عمل على تجديد الفكرة العربية عبر مؤتمرات التكامل العربي وإحياء الذكرى السبعين لتأسيس جامعة الدول العربية، ثم الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس مجلس التعاون الخليجي وقبل ذلك مبادرة القمة الثقافية العربية والتي أقرها مجلس الجامعة على مستوى القمة في سرت في ٢٨ آذار/مارس ٢٠١٠ ولم تنعقد. إن النخب العربية تحتاج إلى قيادة عربية تشكل مظلة لحوار فكري عربي جاد  واعتبار الذكرى الخامسة والسبعين لتوقيع بروتوكول الاسكندرية في ٧ أكتوبر ٢٠١٩ مناسبة لإطلاق ورشة تجديد الفكرة العربية.
 ahmadghoz@hotmail.com