بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 أيلول 2019 12:40ص لماذا التغافل عن سبر أغوار الثروات الحقيقية؟

حجم الخط
السؤال الكبير المطروح محلياً وإقليمياً ودولياً، لماذا هذا الإصرار من قبل بعض المسؤولين على معالجة موضوع الكهرباء  آفة المشاكل والأسباب الناهشة لصلب الإقتصاد اللبناني، بصورة مجزوءة وبعيدة عن الجدية في التوصيف والمعالجة العلمية والمنطقية وتجنيب الحكم والحاكمين والدولة كلها والشعب اللبناني بأسره، سيئات الكثير مما هو حاصل ومما قد يحصل ويستفحل. معالجة الشأن الكهربائي في لبنان منقوصة وملغّمة وتحتاج إلى ترميم وتصحيح وتصويب يعيد إليها الجدية والصدقية والشفافية في القرار والتطبيق والتعامل.

وبالرغم من المعالجات الجزئية التي اتُخذت، ما زالت هناك ثغرات وتساؤلات نسمعها يومياً على لسان المواطنين وبعض السياسيين وكثير من الخبراء في هذا الحقل الذين يجتهدون في سعيهم إلى ترتيب الوضع الكهربائي بما يؤمن له هيكلية متطورة ومتوازنة مع أهمية شمولية لأن تكون الحاجة ملحّة في أن تكون الصورة المعقولة والمقبولة التي نطل بها على المجتمع الدولي وعلى أوساط سيدر، وعلى مموليها الرئيسيين  الذين ستكون القروض والهبات المقبلة محمولة على كواهلهم ومنفذة بالقدر الذي تؤمن لهم الإطمئنان المطلوب الذي يضمن سلامة تنفيذ المشاريع المقرر تبنيها، كما يؤمن لهم ضمانا قائماً على أسسٍ ثابتة وسلامة في التنفيذ والإستثمار المجدي الذي  من شأنه حقاً وواقعاً حفظ المال المبذول في غاياته وتأميناً لإستمرارية مجدية وغير قابلة للتسريب والتخريب والنهب المنظم على النحو الذي باتت مسيراته المذهلة، أسرع الطرق وأضمنها لتحقيق ثروات طائلة ومال حرام سريعا ما يتسيّر إلى بنوك الخارج حفظا له من العين المراقبة (ان وجدت) ومن محاسبة لاحقة طائلة وقادرة (إن وجدت أيضا).

لنتساءل بعد ذلك بقدر كبير من الإصرار والاستفسار: لماذا لا يكون هناك مجلس إدارة يُمسك بشؤون الكهرباء وشجونها ويتمتع بالكفاءة والنزاهة والقدرة الدينامية على تصحيحٍ شفافٍ بعيد عن كل أنواع المزاريب غير الشرعية؟ وهو تساؤل لطالما عمد إليه مهتمون يمثلون وجهة نظر المجتمع الدولي وبصورة خاصة، يمثل رأي الجهات المتبنية لمؤتمر سيدر ومقرراته وشروطه المعروضة من منطلقه ومن أساساته التي بنيت عليها التعهدات المتعلقة به. 

ونتساءل كذلك: ماذا يحول دون تحويل مزاريب الطاقة المنتجة من البترول الى الغاز والى الطاقات النفطية الاخرى كتلك المعتمدة على الطاقة المائية والشمسية؟

عشر سنوات مرت على تسلم الكهرباء وتفاصيلها ودقائقها الى جهة معينة وما زالت العيون شاخصة الى حلول جذرية لا تعتمد المداورات المؤقتة والمفصلة على أحجام معينة ومطامح ومصالح محددة. نرغب في كل الاحوال تفسير الخطوات الجزئية المتخذة في الاطار الكهربائي بحسن نية، ونحن بانتظار المزيد، الذي يضع مقررات سيدر في مأمن من المفاجآت غير السارة.

وبالتالي، وإضافة إلى الوضع الكهربائي الذي ما زال يشكو من أوضاع غير مطمئنة حتى الآن هناك أمور اخرى بانتظار المعالجة الجذرية بعيداً عن التعمية والتورية وعن التنصل من معالجات حقيقية سريعة تزيل عن المواطن هموم الغوص في وسائل عيشه المتعثرة، خاصة في هذه الايام المظلمة.

وما زال المواطن ينتظر معالجة حقيقية للممرات المشرعة على الغارب لكل أنواع التجارات الممنوعة والتهريبات المشبوهة (مع احترامنا الكامل لتلك التبريرات والتفسيرات الصادرة عن أكثر من مسؤول بهذا الصدد) وما زالت عيون المواطن موجهة باصرار ومتابعة جدية للتهريبات  الملتوية التي تتم عن طريق المطار والموانئ المختلفة الكائنة على امتداد الشاطئ اللبناني، وما زلنا جميعا بانتظار معالجة حقيقية للمستعمرات الشاطئية الممنوحة عبثا ودون مقياس إلا مقياس الإنتماء والزبائنية الذي نثر المال الشاطئي العام لقما سائغة شوهت الشاطيء وأكلت جناه المالي، وهو أصلا مال الشعب.

وحتى الآن، ما زالت القضايا الضرائبية المعروفة، تغوص في لقمة المواطن الحائر في كيفية تأمين عيشه وأقساط مدرسة أولاده، فضلا عن مصاريف الطبابة والإستشفاء غير المتيسرة بشكل معقول ومقبول لجميع المواطنين. 

لا ننكر أن جهدا ملموسا قد حاول تجاوز المعيقات الضخمة القائمة أمام تصحيح الوضع الإقتصادي والمالي لهذا البلد المشرعة أبوابه لكل محاولات النهش العشوائي والمنظم، ولكنه جهد ما زال محصورا حتى الآن بأوجه تغطي عيونها وقلوبها وضمائرها عن رؤية الزوايا والخبايا الحقيقية التي يقتضي أن تتولاها الجهود العامة المسؤولة بكافة درجاتها وفئاتها، وهل هناك إغفال مقصود إلى هذه الحدود المؤسفة والمؤلمة بكل ما تعلق بشؤون وشجون الزبالة والمطامر المنتشرة على الطرقات وفي أماكن الثروات المائية الكامنة في قلب أراضينا المعتدى عليها، مما حولها إلى مصادر للجراثيم والأمراض القاتلة، وهل مسؤولونا غافلون في جملة تغافلهم, عن الأمراض السرطانية التي اقتحمت مناطق بأسرها، ومواطنين يتعرضون لشتى أنواع المخاطر الطبية والقاتولية، وفي هذا المجال... حدّث ولا حرج. 



daouknet@idm.net.lb