بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2018 12:42ص ماذا يعني الانقلاب على الطائف..؟

حجم الخط

لا تزال عُقد تشكيل حكومة العهد الأولى تراوح مكانها من دون أن تلوح أية بوادر تنازلات في الأفق، والتي من شأنها أن تدفع عجلة التأليف قدماً. ويشتدّ الصراع بين حكومة الوفاق التي يسعى إليها رئيس الحكومة، حيث تتمثل فيها الأقطاب على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وحكومة الانتخابات التي يسعى إليها فريق العهد ومعه ٨ آذار لتتمثل فيها الأقطاب حسب نتائج الانتخابات، في محاولة لإلغاء الآخر من جهة، ولإحكام الإطباق على السلطات التنفيذية بعد التشريعية! 
ولم يعد خافياً أن الحديث عن مهل لرئيس الحكومة، يعني بشكل مبطن مراجعة لأحكام الدستور، وبالتالي إعادة النظر باتفاق الطائف برمته، مما يُعيد عقارب الساعة لأيام مظلمة في تاريخ لبنان الحديث، ويُحوّل الدستور إلى مادة جدلية يحوّرها كل فريق حسب مصالحه وأجنداته الخاصة.
هي ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها فريق ٨ آذار الانقلاب على الطائف وتعريض صيغة العيش المشترك إلى الخطر من جديد، ولكن هذه المرة لن يتحمّل فريق ١٤ آذار وحده مسؤولية إنقاذ البلاد من الدخول في هذه الدوامة العبثية، بعدما أثبتت التجارب أن التنازلات لم يقابلها إلا المزيد من التعنت، وأن حسن النوايا يُترجم ضعفاً في قاموس السياسة اللبنانية! 
أيعقل أنّ مَن يدّعي الإلمام بدهاليز الدستور ويحاول التلاعب لإفراغ الطائف من مضمونه تمهيداً للانقلاب الكلي عليه، غفل عنه واقع الدولة التي أفرغت من مؤسساتها واقتصادها الذي جُرّد من مقوماته، ومجتمعها الذي انقلبت قيمه رأساً على عقب وبات الدخيل عليه أقوى من الأصيل؟ فأي طائف وأية رؤية لدستور حديث إذا لم يتم النهوض بمؤسسات الدولة أولاً وتكريس دورها كمرجعية أولى وأخيرة بعد أن يتم إقفال الزواريب المرادفة ويقدّم كل فريق طاعته لدولته وليس لأجنداته الخاصة، ويكون البحث على أساس التوافق على إنصاف كل الطوائف كخطوة أولى على درب إلغاء الطائفية السياسية التي عطلت تقدّم المؤسسات الرسمية وتطوّر دورها كقوة إنتاجية ورقابية فاعلة، بعيداً عن الزعامات التي تكرّس المحسوبيات وتعطي الأولويات للولاءات الخاصة. 
إن أي حديث عن إلغاء الطائف قبل النهوض الفعلي بمؤسسات الدولة والقيام بالإصلاح فعلياً وليس عبر الشعارات، إنما هو كيدية سياسية ومحاولة واضحة لإلغاء الآخر وأخذ الوطن رهينة أجندات خاصة، تقضي على ما تبقى من مفهوم الجمهورية الحرة والمستقلة... ويبقى الوطن أمانة في أعناق مَن يُسمّون أنفسهم بالزعماء ومَن حصلوا بشكل أو بآخر على ثقة الناخبين!