بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2018 12:20ص ماكنزي ليست أدرى بشعابنا…

حجم الخط
تستمر سياسات التلزيم فصولاً لتعبّر عن غياب الخطط الرسمية الواضحة لمحاربة الفساد من جهة وانتاج سياسات اصلاحية وإنمائية من جهة اخرى، حيث شكل تلزيم شركة ماكنزي لوضع تصور للنهوض الاقتصادي عبثية جديدة يمارسها المسؤولون ، ليس فقط من ناحية تهجير الكفاءات والادمغة بل أيضاً بحق الخبرات الصامدة في الوطن رغم انسداد الأفق بالفساد والمحسوبيات! لقد تعود اللبنانيون التغني بإنجازات المغتربين الذين اثبتوا قدرات وابداعات في سائر المجالات في دول تحترم شعوبها وتستثمر بالطاقات البشرية لتعطي اعلى مستوى إنتاجية ولتحصل على أفضل فرص ومكافأة مادية ومعنوية… ولكن ان تفقد طبقة المثقفين والخبراء المتخصصين الإيمان في نظام تآكل امام الفساد وتهاوى امام الاستزلام بعيدا عن الجدارة فهي مسؤولية الدولة بشكل مباشر، لأن الاستخفاف بعقول اللبنانيين وقدرتهم على المحاسبة فتح شهية المفسدين وبشر باستمرار هذا الواقع الأسود في المراحل المقبلة. 
وبالعودة الى صفقة ماكنزي، لقد تخطت الاستهتار المتعمد للطاقات الموجودة في لبنان والتي سيشكل الخبراء الاقتصاديون المحليون حجر الأساس في دراسة الشركة الأجنبية من حيث معلوماتهم وضلوعهم بالداخل اللبناني وخصوصية اقتصاده، الى واقع أن هذه الشركات غالباً ما تكون دراساتها معلبة وتوصياتها عامة غير قادرة على معالجة الملفات الاقتصادية المرتبطة بالسلطات السياسية ودهاليز المحسوبيات واجندات الطوائف والأحزاب ، وبالتالي على الأرجح ان تبقى حبراً على ورق أسوة بكم هائل من المشاريع التنموية المرمية في ادراج المسؤولين لسنوات طويلة! 
ان التحدي ليس بتشخيص الحالة بل بإيجاد العلاج الشافي، واللبنانيون لم ينقصهم يوماً القدرة على وضع الدراسات والتوصيات كما تم مع الهيئة الناظمة للكهرباء، والهيئة الناظمة للخصخصة، اضافة مشروع معالجة النفايات الذي أقر عام ٢٠١٠ دون ان يدخل حيّز التنفيذ، والذي كان وفر كما هائلا من تلوث الثروة البحرية والمياه الجوفية التي نعاني منها الْيَوْمَ… إنما التحدي كان وسيبقى في وجود النوايا الرسمية لتطبيق المشاريع التي وعدت الطبقة السياسية في برامجها الانتخابية من إصلاح وتغيير وتنمية والوعود بمستقبل مشرق والعبور بلبنان من هانوي الى هونغ كونغ… 
لا تتجاوز دراسة ماكنزي كونها صفقة كسائر الصفقات من بواخر كهرباء الى محارق ومطامر نفايات الى بيع المياه الجوفية أضف الى الكسارات وسلسلة لامتناهية من مشاريع نهبت الدولة واثقلت كاهل المواطن!