بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 آذار 2024 12:39ص مدريد 2: الأرض مقابل السلام

حجم الخط
وزير الخارجية الأميركي جايمس بايكر يقول في شهر أيار 1989 أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «ايباك» أن على إسرائيل أن تتخلى عن سياستها التوسعية. وقد اعتبر هذا التصريح على أنه إشارة الى أن خطوات ريغان المؤيدة لإسرائيل قد ولت.
بعد حرب الخليج في 6/ آذار/1991خاطب الرئيس جورج بوش الأب الكونغرس الأميركي في خطابه المعتاد عن شؤون الإتحاد وأكثر من الكلام على الأسباب التي تتعلق بالنظام الجديد للشرق الأوسط.
وقد جاء خطاب بوش كخطوة أولى نحو إعترافه بعقد مؤتمر سلام دولي، وأعربت إدارته عن إعتقادها بأن هناك فرصة سانحة لإستخدام الرأسمال السياسي الذي حققه انتصار الولايات المتحدة في حرب الخليج من أجل تنشيط عملية السلام العربية الإسرائيلية.
ركزت مبادرة السلام هذه على عقد مؤتمر دولي متعدد الأطراف والذي سوف ينقسم الى مسارات منفصلة وثنائية ومتعددة الأطراف. ولهذا قام الوزير بايكر بثماني زيارات دبلوماسية الى المنطقة للحصول من دولها على دعم للمؤتمر.
وبالفعل انعقد بين 30 أكتوبر و 1 تشرين ثاني 1991 مؤتمر للسلام استضافته اسبانيا في مدريد وشاركت برعايته الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي قبل انهيار الأخير. وكان مؤتمر مدريد 1 دعي اليه كل من اسرائيل وسوريا ولبنان والأردن والفلسطينيين.
كانت رغبة المجتمع الدولي من هذا المؤتمر هي إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية من خلال مفاوضات ثنائية ومباشرة ومتعددة الأطراف بدأت في مدريد واستكملت في أميركا ولكن من دون أن يكون لهذا المؤتمر سلطة فرض حلول أو نقض إتفاقيات موقعة سابقا.
وفي العام 2002 إنعقدت في بيروت قمة عربية تبنت في مقرراتها طرحا تقدم به المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان في حينه ولياً للعهد. قام هذا الإقتراح على قاعدة «الأرض مقابل السلام». وهذا الإقتراح هو تفسير لما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي 242 عام 1967 والذي كان في أساس عملية السلام العربية الإسرائيلية اللاحقة,ووفقا لما ورد في الفقرة الأولى من القرار 242 فإن تطبيق السلام يستوجب مبدأين: 
1 إنسحاب القوات الإسرائيلية والتخلي عن الأرض بالإضافة الى إلغاء كل الطلبات.
2 إلغاء حالة الحرب أي عقد سلام.
لكن تفسير القرار على هذه الصورة أثار كثيرا من الجدل في إسرائيل التي إعتبرت أن هذا التفسير الواسع إنما يعني إنسحاباً بهدف عقد السلام.
ومع ذلك كان أول تطبيق لمبدأ الأرض مقابل السلام تطبيقا للقرار 242 هو معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي وقّعت العام 1979 التي بموجبها انسحبت إسرائيل من سيناء كجزء من اتفاقية سلام شاملة. والتطبيق الثاني برز من خلال معاهدة سلام مماثلة في العام 1994 بين الأردن وإسرائيل حول ترسيم الحدود بين البلدين.
واليوم وبعد مرور ثلاثين عاما على مؤتمر مدريد الأول للسلام عدنا نسمع أصواتا دولية مختلفة أبرزها الصين تطالب بعقد مؤتمر دولي جديد لحل الصراع العسكري بين العرب وإسرائيل الذي أخذ مظهرا مأساويا فظيعا في العمليات العسكرية التي شهدتها وما تزال مدينة غزة ومدينة رفح. هذا فضلا عما نتج عن حروب سابقة من آلاف القتلى والجرحى والتشريد وإستيلاء إسرائيل على المزيد من الأراضي العربية.
ولقد إنضم الأمين العام للأمم المتحدة الى الأصوات الدولية وقال أنه يجب عدم فقدان الأمل على الرغم من كل الإنتكاسات إذ لا بد أن نستطلع كل فرصة تلوح لنا لتنشيط عملية السلام.
فهل تكون مدريد 2 حلا نهائيا للصراع العربي الإسرائيلي على قاعدة «الأرض مقابل السلام» تجنباً لوقوع المزيد من الضحايا؟!