بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الأول 2023 06:12م مقابر اطفال غزة الجماعية.. ومنابر الجمعية العامة

حجم الخط
(مباشر مع وائل الدحدوح عندما فقد عائلته)
 اطفال غزة قتلى وجرحى خارجين من تحت الركام اسماؤهم مكتوبة على اقدامهم لتمييزهم عن رفاقهم الغير معروفة اسماؤهم، اطفال غزة غادروا الحياة برفقة امهاتهم وابائهم وجيرانهم في رحلة واحدة على ظهر عربة نقل جماعية هي ايضا قد تموت في الطريق الى المدافن الجماعية عندما ينفذ منها الوقود، اطفال غزة العطاشى تسيل دموعهم على فراق اهلهم ورفاقهم ويتطلعون الى قطرة ماء تساوي قطرات دموعهم، مجازر اطفال غزة جعلت القادة والرؤساء يهربون من مواجهة الكذب والادعاء بعد ان تركوا الشعب الفلسطيني على مدى خمسة وسبعين عاما يعيش مرارات الاغتصاب والاعتقال واللجوء والقتل والاحتلال.

 اطفال غزة ومعهم كل اطفال العالم جعلوا الدول العظمى تعيش في حالة خوف واضطراب من المسيرات والمظاهرات، لانهم أدركوا ان البشرية ستشهد بعد سقوط جدار غزة ثورة انسانية تتجاوز الثورات التكنولوجية والذكاء الصناعي والقوة الاعلامية المزيفة، وستشهد البشرية موجات وجودية تتجاوز وقاحة الاستخفاف بعقول البشر وتزييف الحقائق التي جعلت من ازدواجية المعايير قاعدة في صناعة السياسات وتجديد النزاعات الاستعمارية بالكذب والمهارات الجوفاء، والتي ازهقت ارواح الملايين واختبأت خلف أكاذيب العقود الاجتماعية وشرعة حقوق الانسان ونظام الأمن والسلم الدولي الذي ابتكره كبار الطغاه بعد الحروب الابادة العالمية.

  اطفال غزة المكتوبة اسماؤهم على اقدامهم (فلان ابن فلان)، انهم رسل الحق والتغيير وقد بدأت اوجاعهم تتغلغل في وعي المليارات من اطفال العالم من كل الالوان والقارات والاديان واللغات، وجميعهم يعرفون ان اطفال غزة ماتوا بدون ماء او كهرباء او غذاء او كساء، وان اشلاء اجسادهم انتشلت من تحت انقاض المدارس والكنائس والمساجد والمستشفيات، واطفال غزة اصطحبوا معهم الى المقابر الجماعية رفاقهم وجيرانهم ومدرسيهم ولم يشعروا برهبة موت الافراد لانهم ذهبوا الى ملاقاة ربهم جماعات جماعات، اطفال غزة وامهاتهم ورفاقهم كتبوا كل ما تحلم به البشرية منذ آلاف الاعوام لانهم اظهروا كيف ان كبار العالم ليسوا سوى مجرد تجار صغار للقيم والمبادىء والمواثيق التي كتبوها العقلاء ويتحكم في مساراتها الاغبياء الغير قادرين على حماية قيم الشرائع والرسالات لانهم مجرد ادوات وهمية تحركها عصابات المصارف والاسواق.

 اطفال غزة وحدوا اجيال البشرية في وعيهم حول حقيقة الدول الكبرى والمنظمات الاممية الوهمية، واسقطوا الكثير من وسائل الاعلام ومراكز الابحاث الوهمية التي تمادت بتحويل المعرفة الى سلعة للبيع والشراء واصبح العقلاء مجرد خدم صغار لدى الجهلاء رموز القهر والاستبداد، واطفال غزة تركوا شهاداتهم بالصوت والصورة وليس من خلال الروايات وافلام السينما والحديث عن محارق ومجازر لم يشاهدها الا ضحاياها، اما مجازر ومحارق اطفال غزة يشاهدها كل اطفال العالم الانقياء مما يجعل من هذه الساعات بداية نهاية القهر الاعلامي والقهر الاستيطاني والقهر العنصري والقهر الاممي.        
 بعد سقوط جدار غزة ستشهد البشرية ما لم تشهده بعد سقوط جدار برلين لان اطفال غزة الصادقين في موتهم وصمتهم وعذاباتهم لم يتركوا لكتبة التاريخ المزيفين فرصة تغيير الوقائع والحقائق او ان يعبثوا بنقاء دمائهم وصدق موتهم امام اعين البشرية جمعاء،  وبعد مجازر غزة ستسقط كل رويات الحروب العالمية وافلامها المركبة، وستشهد البشرية صحوة حقيقية تواجه كل ادوات القهر والاستبداد وسيعرف كل اقوياء العالم ان مقابر اطفال غزة الجماعية اكثر حضورا وتاثيرا من منابر الجمعية العامة للامم المتحدة.