بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2018 12:16ص وأخيراً... هل تتحقق المعجزة؟

حجم الخط
هل فعلاً ستتحقق أخيراً هذه المعجزة التي لطالما اعتقد اللبنانيون أنها بعيدة كل البعد عن مرحلة الإقتراب والإتفاق والتأليف؟ هل صحيحة تلك الأقوال والإستنتاجات بل والتصريحات التي انهمرت فجأة من القصر الجمهوري وعين التينة وبيت الوسط وكأنها زخّات من التفاؤل وفتح ابواب الأمل أمام اللبنانيين الذين كادت قلوبهم وعيونهم ومشاعرهم أن تنطفىء من فرط الإنكفاء العام عن تحقيق ما لا بد من تحقيقه، متمثلا بهذه الحكومة التي ما ان مُهّدت أمامها الظروف للإعلان عن تشكيلها، حتى صدر فرمان فرملتها وتجميدها والإعلان الحادّ والصارم بأنها لن تتشكل لا الآن ولا بعد أشهر وسنوات وحتى يوم القيامة، طالما لم تلبِّ طلبات الحزب بتوزير أحد النواب السنّة الستة المنتمين قولا وواقعا إلى أحزاب وجهات وفئات بعيدة عن الإرادة السنية العامة والقرار السني المتمثل في الصلاحيات المعطاة دستورياً لرئيس الحكومة المكلف، بالتفاهم مع رئيس البلاد. 
إشتدّي أزمة تنفرجي، هل يتحقق هذا القول المنسجم مع تطورات الأيام الأخيرة، وهل يتم التشكيل من خلال جملة متبادلة من التنازلات والتراجعات بحيث يتحقق فيها قول مأثور للرئيس الراحل صائب سلام: لا غالب ولا مغلوب وتقيّدٌ بمنهجية التفهم والتفاهم التي أطلقها واعتمدها في مسيرته السياسية على مدى عمر مديد...أي من خلال عقول هادئة لا تشكو من الحماوة والإنفعال، ليتم تجاوز ذلك إلى التخفيف من حدة المواقع والمواقف التي أدت إلى هذه الأزمة التي تدرجت واستفحلت وتجمدت، ليكون «الانفجار» في النهاية، ربما، خضوعا لرغبة جامحة لدى اللبنانيين الذين أطبق عليهم خناق اليأس والخوف والتحسب، وأعمت أبصارهم حاجات حياتية وإجتماعية لم يسبق أن عانوا من أمثالها قبل الآن، وباتت تلوح لهم معالم البؤس والجزع، وصولا في معاناتم إلى حرمان أطفالهم من مدارس محترمة ومن متطلبات حياتية لم تراودهم يوما فكرة التخفيف من حجمها ومستواها، ووضع أولادهم الذين حرموا أنفسهم لقمة العيش المرتاح لتأمين تخصّصهم الجامعي وإطلاقهم إلى الحياة وإلى العمل وإلى تكوين أسرة هانئة، فإذا بهم يطلقونهم إلى البطالة وإلى الفراغ، الذي لطالما جرّ إلى الإنحراف والرذائل وإلى المستقبل الظالم والمظلم.
 هل فعلاً ستتحقق هذه المعجزة، أخيراً، وسينعقد مجلس الوزراء حول طاولة اشتاقت إلى روادها واتخاذ القرارات التي توقظ هذا البلد من غفلته وغفوته، ومن غيبوبته بما يكاد أن يفقده وجوده وكيانه، هل سيتمكن مجلس الوزراء من الانعقاد على طاولته الفسيحة وتعداد وزرائه المبحبح وتناقض وزرائه في انتماءاتهم ومواقعهم واتجاهاتهم وتناغم أشخاصهم المنتمين إلى مجتمعات سياسية واجتماعية وفكرية متناقضة ومتناهضة؟ هل يتمكن مجلس الوزراء العتيد بعد أن يكون تمكن دولة الرئيس المكلف من إتمام تشكيلته من اعتماد القرارات المتخذة في مؤتمر سيدر ومن أن يهيىء لها ظروف التكون والإنطلاق بين الأفخاخ والبراكين، وهل يتمكن رئيس الجمهورية وحزب الله وتيار المستقبل وبقية المكونات الوزارية من الإمساك برقبة الفساد وخنقها، ومن تنقية الوزارات والمؤسسات من رموز الفاسدين وأزلامهم، وهل يتمكن العهد الجديد (الذي لم يعد جديدا) من مباشرة حكمه الطائل والقادر والصارم والعادل مع مباشرة الوزارة الجديدة لسلطاتها في الحكم والقيادة والحكومة ومباشرة عملية الإصلاح والتغيير بعد أن كاد مرور الزمن أن يطيح بها من جذورها؟ أسئلة استجدت مع ما استجد علينا من تصريحات بدأت تتوالى من هنا وهناك وأهمها تلك التي أطلقها الرئيس الحريري الذي لم يتوقف يوماً عن التعبير المتفائل تصريحاً وتلميحاً، وفي أحلك الظروف، وفي عز انسداد شرايين الحلول طوال الاشهر السبعة المنصرمة، واذا بنا أخيرا نكاد أن نكتشف أنه قد تخطى عقبات هامة نحو تحقيق معجزة التأليف. 
فهل نحن أمام معجزة تشابه تلك التي طاولت تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، وفرملتها عن التشكيل لمدة تناهز العشرة اشهر، وفجأة، حصلت قولا وفعلا، وخلال أيام معدودة، تشكلت تلك الحكومة العتيدة التي تعايشت مع الاوضاع اللبنانية خلال مرحلة غاية في الدقة والحساسية والصعوبة.
هل تكون ملامح التغيرات والتعديلات الحاصلة على الصعيد الدولي والإقليمي، هي الدافع المستجد للتفاؤل؟ وهل فعلا هناك حلول جدية لحل المعضلات الأساسية القائمة بدءا بحرب اليمن ومرورا بالوضع العراقي المضطرب والسوري المتلاشي، ووصولا إلى حلحلة وضعية الحكومة اللبنانية قيد التشكيل المتذبذب منذ ما يناهز السبعة أشهر؟ بصراحة، إننا بصدد وضع يميل إلى التفاؤل بشدة واصرار، هذا ما يأمله اللبنانيون ويأملون في أن يكون حقيقة ستتجسد لهم هدية حرزانة في الأعياد الكريمة المقبلة أو في مطلع العام الجديد، نتفاءل بالخير، وبالحل علّنا نجده، وعله يتحقق بعد سنوات من خيبة الآمال، وتدهور الأحوال. 
ما أصعب العيش لولا فسحة الأمل، وفي الواقع كم كانت حياة اللبنانيين صعبة ومظلمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ لبنان الحديث، على كلٍّ: كل عام وأنتم بخير... بالقول وبالتحقق . 
المحامي محمد
أمين الداعوق