24 تموز 2020 07:26ص إنذار فرنسي عنيف للطبقة الحاكمة: ماذا تنتظرون للإنتقال إلى الإصلاحات؟

تبريرات «العقبات» لم تقنع لودريان.. وتفشي الكورونا يفضح عجز الإجراءات

البطريرك الراعي مستقبلاً لودريان وبدا السفير فوشيه والوزير الأسبق سجعان قزي البطريرك الراعي مستقبلاً لودريان وبدا السفير فوشيه والوزير الأسبق سجعان قزي
حجم الخط
بين اللهجة الدبلوماسية التي اعتمدها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان مع كبار المسؤولين (الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وحسان دياب)، والمكاشفة المباشرة لمن التقاهم، سواء وزير الخارجية ناصيف حتي، أو البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أو حتى رئيس مؤسسة «عامل» الدكتور كامل مهنا، والتي تضمنت أسئلة بلا اجوبة:

1 - ماذا ينتظر المسؤولون للبدء بالاصلاحات؟

2 - لماذا لم يقطع المسؤولون للوزير الفرنسي- الصديق- أية وعود، أو مهل للانتقال من الأقوال إلى الأفعال؟

3 - التباطؤ اللبناني في الشروع بالاصلاحات، بعد ستة أشهر من تأليف الحكومة الحالية.

الوزير لودريان أبلغ من التقاهم، بصورة حميمية، انه اسمع المسؤولين كلاماً عنيفاً جداً لجهة التباطؤ... وقال: ما فيهم يكملوا هيك، في إشارة إلى أداء الحكومة..

وخلال زيارة إلى «مؤسسة عامل الدولية»، المنظمة غير الحكومية التي تقوم ببرامج صحية وتعليمية، بدا لودريان أكثر قسوة تجاه المسؤولين اللبنانيين.

وقال «أكثر ما يذهلنا هو عدم استجابة سلطات هذا البلد» للأزمة الراهنة، مضيفاً «زيارتي بمثابة إنذار.. قرأت في الصحف اللبنانية أن لبنان ينتظر لودريان(...) لا، فرنسا هي التي تنتظر لبنان، تنتظر منه أن يأخذ المبادرات وهي جاهزة لدعمها».

وشدد على أن «المهم أن يحظى هذا البلد بثقة شركائه. اليوم هذه الثقة مفقودة».

وحذر لودريان بعد لقائه حتّي بأن «لا بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي للسماح للبنان بالخروج من الأزمة»، مشدداً على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد، التي شهدت تباينات بين المفاوضين اللبنانيين أنفسهم، إن كان حول حجم الخسائر المالية أو إصلاح القطاع المصرفي.

وتطرق لودريان بشكل أساسي إلى قطاع الكهرباء، الذي كبّد خزينة الدولة اللبنانية أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، فصرح «أقولها بوضوح، ما تم حتى الآن في هذا المجال ليس مشجعاً».

وفي بكركي أكدت مصادر المجتمعين ان الوزير الفرنسي أكّد للبطريرك وقوف فرنسا الدائم مع لبنان سياسياً واقتصادياً.

وقالت المصادر لـ «اللواء» ان الزائر الفرنسي كرّر امام البطريرك الماروني ان الوقوف إلى جانب لبنان يجب ان يقترن مع خطوات معينة عليه ان يقوم بها، اننا دائما نسمع من المسؤولين عن إصلاحات ولكن لم نر بعد هذه الإصلاحات.

وكشفت ان الوزير الفرنسي أبلغ الراعي انه كان عنيفاً جداً في كلامه مع المسؤولين وانه ابلغهم بأنهم لا يستطيعون ان «يكملوا هيك»، مستغرباً كيف ان لدى لبنان كل مقومات النجاح، فيما المسؤولين فيه يتركونه يغرق.

وأكّد الوزير الفرنسي للراعي ان الوضع في لبنان يُشكّل حالة غير مألوفة في أي دولة، وقال: هل يعقل ان تقدّم الدول 11 مليار دولار للبنان، فيما الدولة التي رصد لها هذا المبلغ لا تقوم بأي مبادرات لتظهر جديتها في القيام باصلاحات.

وقد اعرب لودريان عن استيائه للوضع الراهن، وأبلغ الراعي انه أخذ وعوداً من المسؤولين بتنفيذ ما هو مطلوب، لكن فرنسا لن تحكم على الوعود بل على الأفعال.

وحسب بيان بعبدا، فإن البطريرك الراعي تناول «الظروف اللبنانية والاقليمية التي شجعته على طرح مشروع الحياد الايجابي والناشط في سبيل انقاذ لبنان، خصوصا وان لبنان تاريخيا هو بلد محايد ولطالما ادت سياساته السابقة المحايدة الى درء الاخطار العسكرية والسياسية والاقتصادية عنه، ما ادى الى ازدهاره وتميزه في محيطه».

واشار ايضا الى ان «نظام الحياد يقتضي قيام دولة قوية بمؤسساتها وجيشها لتتمكن من حل القضايا الداخلية العالقة والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله».

من جهته عبر الوزير لودريان عن تقديره لـ«مبادرة البطريرك الراعي، لاسيما وان سيادة لبنان التي تتمسك بها فرنسا تستلزم ان يكون لبنان بلدا محايدا بعيدا عن الصراعات والمحاور» مؤكدا ان «لبنان يملك كل المقومات للنهوض من جديد».

وقالت مصادر ديبلوماسية مواكبة لزيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان إنها جاءت خالية من اي مبادرة سياسية او اي مسعى فرنسي كان لاخراج لبنان من ازمته، في حين أن مضمون لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لم يخرج عن ثوابت الموقف الرسمي الفرنسي تجاه لبنان والذي اعلنه قبيل هذه الزيارة، وانما كان بمثابة إعادة تكرار وشرح من دون أي تغيير مع التشديد على التزام فرنسا بدعم سيادة واستقلال ووحدة لبنان وصيغة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين.

وكشفت المصادر ان الوزير الفرنسي كان في منتهى الصراحة مع جميع من التقاهم بقوله، ان من يعتقد بحصول لبنان على مساعدات  مالية دولية من دون القيام باتمام الاصلاحات المطلوبة فهو واهم وغير مطلع على حقيقة الموقف الفرنسي بهذا الخصوص.

واشارت الى ان ما ذكره لودريان في رده على أسئلة الصحفيين بالشروط والمطالب الواجب على الحكومة اللبنانية اتخاذها محددا بدايتها من ملف الكهرباء ومنع التهرب الضريبي والجمركي واصلاح القضاء وتقوية اجهزة الرقابة الحكومية بكل ما للكلمة من معنى يشكل المدخل المؤاتي لحصول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المالية التي يمر بها، مشددا امام جميع من التقاهم ولاسيما الرؤساء الثلاثة بان كل ماقامت به الحكومة بما يتعلق بالاصلاحات هو خطوات خجولة وهزيلة لا تلبي ما هو مطلوب منها فعليا لاعطاء الثقة بصدقية الحكومة والتزامها القيام بما هو مطلوب منه مشددا على وجوب الاسراع  بالتنفيذ دون تردد ولاسيما منها مايتعلق بتعيين الهيئات الناظمة في كل من الكهرباء والاتصالات وغيرها نظرا لاهميتها وتاثيرها في اعادة انتظام عمل وزيادة انتاجية هذه المؤسسات ووقف الهدر والاستنزاف لمواردها المالية.

وتتابع المصادر الدبلوماسية  ان ملف الكهرباء كان الابرز الذي تصدر جميع اللقاءات التي عقدها لودريان مع المسؤولين ولاسيما مع بري ودياب، وقد استوضح رئيس المجلس النيابي مدى إمكانية استعانة لبنان بالخبرات الفرنسية للنهوض بقطاع الكهرباء في لبنان بسرعة باعتبار ان هذه المشكلة المزمنة لم يعد ممكنا التهاون بوضع حلول سريعة لها  في حين كان إلحاح من لودريان في كل احاديثه على الاسراع بحل مشكلة النفايات في كل لبنان من دون استثناء.           وفي تفسيرها لعدم لقاء الوزير الفرنسي لزعماء وسياسيين في زيارته قالت ان جدول زيارة لودريان كان حافلا بالمواعيد ولم يكن بالامكان عقد لقاءات مع سياسيين دون غيرهم كي لا يفسر ذلك بانه انحياز لفرقاء معينين ومخاصمة اخرين  وهذا ليس واقعيا، ولذلك اقتصرت لقاءات ألوزير الفرنسي مع كبار المسؤولين مع استثناء البطريرك الماروني وذلك لتأكيد الجانب الفرنسي دعم  وتاييد المبادرة التي طرحها مؤخرا لتحييد لبنان عن الازمات والصراعات بالمنطقة.

وبالرغم من التفسيرات الدبلوماسية لعدم لقاء الوزير الفرنسي للزعامات السياسية الاساسية كعادة اي مسؤول فرنسي يزور لبنان، اعتبر البعض  ان سبب ذلك يعود إلى تجنب عقد اي لقاء مع حزب الله على اي مستوى كان في هذا الظرف الصعب والمعقد الذي يمر به لبنان والمنطقة، كي لا يعطى تفسيرات وتحليلات في غير محلها.

وفي الوقائع، في بعبدا، نقل الوزير الفرنسي إلى الرئيس عون رسالة شفوية من الرئيس ماكرون، تضمنت الوقوف إلى جانب لبنان، وهو الذي مارسته تاريخياً، وفي الرسالة:

{ تصميم فرنسيا على مساعدة لبنان.

{ المطلوب من لبنان إنجاز الإصلاحات الضرورية.

{ مفاعيل مؤتمر «سيدر» قائمة، وتتحرك بالتوازن مع تطبيق الإصلاحات.

واشار الوزير الفرنسي حسب بيان بعبدا، الى ان «باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنسية في لبنان واللبنانية، لمواجهة الازمة الراهنة وهي تشمل اكثر من اربعين مدرسة ستتلقى دعما ماليا في اطار الدعم الذي تقدمه فرنسا للمدارس التي تدعمها في الشرق». ولفت الى «المساعدات التي قدمتها بلاده لمواجهة وباء «كورونا»، اضافة الى دعم انساني بلغت قيمته 50 مليون يورو».

وقالت مصادر مطلعة لـ «اللواء» ان لودريان، قال لعون ان فرنسا عندما استضافت مؤتمر سيدر كانت تدرك ان ذلك يدل على علاقة لبنان مع فرنسا وانه اصر على عقد مؤتمر باريس لمجموعة الدعم الدولية للبنان في كانون الأول الماضي وعلى الرغم من الظروف وذلك للتأكيد على ان المساعدات جاهزة انما اهم شيء الاصلاح.

وفي المقابل، سمع جان ايف لودريان من رئيس الجمهورية ان صعوبات وعراقيل كثيرة تواجه مكافحة الفساد، خصوصا مع وجود متورطين كثرٍ فيه، يمارسون ضغوطا عديدة لوقف العملية.

ولم يفت رئيس الجمهورية ان يكرر امام ضيفه الفرنسي، الإشارة إلى التداعيات التي خلفتها الحرب في سوريا على الاقتصاد اللبناني، ولا سيما بعد إغلاق الحدود، وكذلك مسألة النازحين السوريين التي كبدت لبنان خسائر تتجاوز الأربعين مليار دولار وفق المعطيات المتوافرة لدى المنظمات الدولية.

والأبرز في محادثات السراي: التطرق إلى الإصلاحات المطلوبة لترجمة مقررات مؤتمر «سيدر» والمفاوضات مع صندوق النقد.

واستطراداً جرى التطرق إلى ملف النازحين السوريين، والتجديد لليونيفيل.

وأفادت معلومات مصادر السرايا، ان  الرئيس دياب قال للوزير لو دريان: انجزنا إصلاحات عديدة وواجهتنا عقبات، وضعنا جدولا زمنيا بباقي الإصلاحات أما تلك المتعلقة بسيدر، فقد أنشأنا لجنة وزارية لمتابعتها. ونحن نريد دعم فرنسا بملف الكهرباء وفي المفاوضات مع صندوق النقد، وقد اقرينا في الحكومة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان لكشف الفجوة المالية وأسبابها وخلفياتها، لأننا حريصون على الشفافية، فالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان يفتح نوافذ وأبوابا نحو المؤسسات الأخرى للتدقيق الجنائي فيها»

وأردف: «كما أقرينا قبل يومين إعتماد اجهزة كشف سكانر على الحدود وفي المرافىء والمطار، لأن هذا يضبط البضائع جمركياً ويؤمن للدولة مداخيل كبيرة كانت تذهب هدراً، خصوصاً في ظل الضغط المعيشي والإجتماعي على اللبنانيين، وأيضاً على النازحين السوريين، وهذا ما قد يؤدي إلى موجة هجرة لبنانية كبيرة، إلى جانب نزوح سوري للنازحين من لبنان في مختلف الإتجاهات».

وأشار الى أن «المجتمعات المضيفة للنازحين بدأت تشعر بهواجس من وجود النازحين، والنازحون بدأوا يشعرون بعدم الراحة، وهذا أمر خطير».

وطلب دياب «تفهم فرنسا ودعمها للبنان لتجديد مهمة اليونيفيل من دون تعديل في الوكالة والعديد، لحفظ الأمن والسلم الدوليين وتمكين القوات الدولية من تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي يلتزم به لبنان».

وفي عين التينة، حضرت كل الملفات في لقاء الرئيس برّي مع لودريان، واستمر اللقاء ساعة، ولم تشأ مصادر عين التينة، الكشف عن معلومات عن اللقاء.

ونقل ان رئيس مؤسسة «عامل» الدكتور كامل مهنا، صارح الوزير الفرنسي، بالقول: يجب ان تسارعوا إلى مساعدة لبنان، قبل ان تتكرر تجربة تركيا معكم، ويتوجه النازحون إلى أوروبا، إذا انفجر الوضع، واهتز الاستقرار، بصرف النظر عن الإصلاحات فالبلد على شفير الانهيار.

ويختتم اليوم زيارته بزيارة مستشفى رفيق الحريري في بيروت، حيث تتركز جهود مكافحة وباء كوفيد-19. كما سيعقد اجتماعاً حول التعليم الفرنكوفوني مع مدراء المدارس الفرنكوفونية التي تعاني أيضاً من الأزمة الاقتصادية وخصصت لها فرنسا تمويلاً طارئاً.

وتلقى الرئيس عون اتصالا هاتفيا مساء امس من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس استطلع خلاله عن الاوضاع في لبنان، مؤكدا تضامن الامم المتحدة مع لبنان في الظروف التي يمر بها ومتمنيا الخير للبنانيين، مشيرا الى دعم المنظمة الدولية كل ما من شأنه تحقيق معافاة لبنان وتجاوزه المرحلة الدقيقة التي يعيشها.

وشكر الرئيس عون لغوتيريس عاطفته مؤكدا العمل على تجاوز المحنة الراهنة بما يعود بالخير على لبنان واللبنانيين ويمكنهم من استعادة الدور الذي طالما لعبه لبنان في محيطه والعالم.

في مجال دبلوماسي افتراضي، أجرى الرئيس دياب اتصالا عبر «سكايب» مع الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي، في إطار زيارته «الافتراضية» إلى لبنان، في حضور السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ والمستشار السياسي سيمون أودونيل، ومستشار رئيس الحكومة السفير جبران صوفان. وتم التداول في إصلاحات الحكومة والمساعدة التي يمكن أن تقدمها بريطانيا إلى لبنان.

وقال وزير المال غازي وزني ان التفاوض مستمر مع صندوق النقد الدولي، بناء للخطة الاقتصادية التي وضعتها الحكومة.

وفي الإطار المالي، لم تنفِ جمعية المصارف انها قد لا تشارك في الاجتماعات مع وزارة المال، والمستشار المالي للحكومة «لازارد». 

ارتفاع قياسي بالاصابات: 3260

صحياً، ارتفاع قياسي بالإصابات بفايروس كورونا، إذ اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 156 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 3260.