بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الأول 2019 12:34ص الحرائق تفضح التسوية: إتفاق أو فُراق!

برّي يتدخَّل: مجلس وزراء للموازنة اليوم.. وغداً إصدارات سندات بالليرة وتعديل ضريبة الدخل

طوافة تطفئ الحرائق من الجو (تصوير: جمال الشمعة) طوافة تطفئ الحرائق من الجو (تصوير: جمال الشمعة)
حجم الخط
 
كل لبنان، تحوّل أمس إلى مشهد تراجيدي، وكوميدي في الوقت نفسه: الاودية، واعالي الجبال، والشجر الأخضر، وحتى المزروعات، وحتى الحجر تشتعل والهاربون من النار، كان ينطبق عليه المثل السائر: كالمستجير من الرمضاء بالنار..

استعان لبنان بمروحيات من دول الجوار: قبرص، اليونان، الأردن، قبل ان تتدخل العناية الالهية، بغضب البرق والرعد، وسقوط المطر، الذي اطفأ القلق، قبل اطفاء الحرائق، وأدخل «الهواء البارد» إلى الافئدة المضطربة، وهي تشهد محافظات وجبال وأودوية تحترق من الشمال إلى الجنوب مروراً بالجبل، الذي كانت له الحصة الكبيرة من الحرائق والخسائر، في وقت تحول فيه نواب ووزراء «تكتل لبنان القوي» إلى أصوات نشاز، تارة تتحدث عن «استهداف طائفي» للمناطق المسيحية بالحرائق، وتارة يندفع أحد وزراء التكتل إلى الادعاء على أشخاص، رفضوا ان يتواجد بينهم وزير ينتمي إلى التيار الوطني الحر.

دع عنك، التقصير والقصور في الرؤية، ومسببات الحرائق، سواء من الطبيعة، أو مختصين بهذا النوع من التخريب، أو من خلال «استهدافات معادية»، المهم ان الحرائق كشفت حجم هشاشة الوضع، ووضعت كبار المسؤولين امام اللحظة الصعبة، اتفاق أو افتراق؟!

خاج البحث عن مسببات الحرائق، والفضائح التي كشفتها أو فضحتها، حضرت الموازنة بقوة في اللقاء بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري في عين التينة باعتبار ان استمرار الحرائق السياسية حولها يهدّد بأخطر العواقب، وأكثرها تدميراً: تأخير إقرار الموازنة.

شدَّ الرئيس برّي على يد الرئيس الحريري في اللقاء الذي حضره وزير المال علي حسن خليل، الذي كان ممتعضاً مما يجري على صعيد الموازنة. وأسفر اللقاء الذي استمر 60 دقيقة عن تعويم جلسات مجلس الوزراء، بحيث يعقد مجلس الوزراء جلستين في السراي الكبير: الأولى عند الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم لمتابعة درس مشروع الموازنة، والثانية عند الساعة الواحدة من بعد ظهر غد لبحث جدول أعمال من 36 بنداً، ومتابعة درس مشروع الموازنة.

الحريري في عين التينة

سياسياً، لم يحل الانهماك الرسمي والاستنفار اللوجستي لكل أجهزة الدفاع المدني والاطفاء والجمعيات الأهلية لمكافحة النيران التي اجتاحت لبنان، أمس، قبل ان ترأف به العناية الالهية مساء، بهطول الأمطار، من دون تسجيل حركة علي الخط السياسي، تمثلت بزيارة مفاجئة للرئيس الحريري لرئيس المجلس نبيه برّي في عين التينة، في محاولة إنقاذ ما يُمكن انقاذه للموازنة، التي واجهت في مجلس الوزراء الاثنين احتمال خروجها عن المهلة الدستورية، بسبب التباينات والسجالات، والتراجع عن التعهدات، ما دفع الرئيس الحريري إلى رفع الجلسة دون تحديد موعد جديد لالتئام شمل الحكومة مجدداً.

وبحسب المعلومات، فإن أولى ثمار لقاء عين التينة، والذي شارك فيه أيضاً وزير المال علي حسن خليل، جاء بدعوة الحكومة إلى الاجتماع بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي، لاستئناف درس مشروع الموازنة، بدلاً من اجتماع لجنة الإصلاحات في نفس الموعد، كما تقرر ان يعقد مجلس الوزراء جلسة أخرى في السراي عند الواحدة من بعد ظهر غد الخميس لبحث جدول أعمال عادياً من 36 بنداً.

ولوحظ ان الرئيس الحريري دخل عين التينة من باب جانبي وغادرها أيضاً من المدخل نفسه، من دون الإدلاء بأي تصريح، لكن مصادر رئيس المجلس أوضحت ان «اللقاء مع الحريري تمحور حول المسار الذي تسلكه الموازنة العامة في جلسات مجلس الوزراء واللجان الوزارية والسبل الآيلة لتذليل العقبات لإنجاز الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي في المواعيد الدستورية، فضلاً عن المخاطر الناجمة من اضاعة الوقت في السجالات السياسية وانعكاساتها الخطرة على الوضعين المالي والاقتصادي اللذين لا يحتملان التلكؤ في اتخاذ الاجراءات الفورية للجم التدهور الحاصل.

واشارت الى ان البلد الذي يحترق بنيران الأزمات في حاجة الى خطوات تطفئ هذه النيران وليس الى إشاعة اجواء تؤجج من اشتعالها.

كما كان موضوع اتساع رقعة الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الأشجار الحرجية في الشوف وجبل لبنان ومناطق لبنانية عدة حاضرة في اللقاء.

وفي المعلومات، ان الرئيس برّي اعرب عن قلقه الكبير من تأخير إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، وهو قال امام زواره: «انه في حال عدم إقرار الموازنة في مجلس الوزراء غداً (اليوم) أو الخميس على أبعد تقدير «فالله يسترنا».

ورأى برّي ان خطورة الوضع الاقتصادي توازي خطر إسرائيل.

وقال: «لا يجوز الاستمرار في المماطة وتأخير الموازنة.. كفى».

وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري شكى للرئيس برّي الوضع الحالي ومما جرى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، فطلب منه رئيس المجلس الصبر، داعياً اياه حسم الأمور لأن الوضع متأزم للغاية ولا يحتمل التأخير أو الرهان على الوقت، حتى ولو تمّ اللجوء إلى التصويت.

وذكرت معلومات خاصة، انه في حال جرت الأمور على النحو الإيجابي في جلستي مجلس الوزراء اليوم وغداً، فإنه سيُصار إلى تحديد جلسة نهائية يوم الجمعة في قصر بعبدا لإقرار الموازنة، أو في حدّ أقصى يوم الاثنين المقبل، عشية انتهاء المدة الدستورية لرفع الموازنة إلى المجلس في أوّل ثلاثاء بعد بدء الدورة العادية أي 22 تشرين الحالي.

وبحسب ما رشح من معلومات فإن الرئيس برّي يميل إلى وجهة نظر الرئيس الحريري، بوجوب السير بالاصلاحات في موازاة اعداد الموازنة، ولا بأس في ان تتضمن فذلكة الموازنة مجموعة من الإجراءات الإصلاحية، بينما يُصار إلى وضع مجموعة أخرى في مشاريع قوانين تحال إلى المجلس النيابي، لكن هذا الرأي اصطدم في آخر جلسة لمجلس الوزراء، برفض وزراء «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الموافقة على الموازنة، إذا لم تتضمن مشاريع وافكار إصلاحية، الأمر الذي اثار انزعاج رئيس الحكومة، ودفعه إلى مغادرة القاعة غاضباً.

الا ان المصادر اعتبرت ان العودة إلى عقد جلسات للحكومة مؤشر إلى احتمال تجاوز هذه النقطة، ومعها أيضاً كل ما يتعلق بموضوع الضرائب سواء على البنزين أو على الضريبة على القيمة المضافة، أو بالنسبة للحسومات التقاعدية.

جدول جلسة الخميس

والبارز في جدول جلسة الخميس، البند رقم 1 والذي يتضمن طلب وزارة المالية الموافقة على إصدار سندات خزينة خاصة بالليرة اللبنانية بقيمة 867.975.189.53 ليرة لبنانية لمدة خمس سنوات بفائدة سنوية لا تتعدّى نسبتها 80 في المائة من معدلات فوائد سندات الخزينة حسب المعدلات الرائجة بتاريخ 13/11/2018، أي 5.25 في المائة.

والبند الثاني ويتضمن اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 31 من المرسوم الاشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 وتعديلاته (ضريبة الدخل).

ومشروع رسوم ورد في البند رقم 4 يرمي إلى فتح اعتماد  إضافي في الموازنة العامة لعام 2019 في باب النفقات المشتركة لتغذية تعويضات نهاية الخدمة ومعاشات التقاعد.

وادرج في الجدول ايضا خطة عمل وزارة المهجرين المؤجلة من جلسة 12/9/2019 تحت البند رقم 10.

الند 22- طلب وزارة الاتصالات الموافقة على إنشاء كابل بحري جديد (europa) بين لبنان وقبرص ليحل محل الكابل البحري (cadmos) وإطلاق المناقصة في قبرص من قبل هيئة الاتصالات القبرصي (cyta) وباشراف وزارة الاتصالات اللبنانية.

البند 23- عرض وزارة الدفاع الوطني مشروع المسودة النهائية لاستراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان IBM.

كتلة «المستقبل»

ولفت الانتباه، ما روته كتلة «المستقبل» النيابية من وقائع عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، إذ قالت بعد اجتماعها الأسبوعي، أن «اللبنانيين توقعوا ان يرتفع الدخان الابيض من جلسة مجلس الوزراء يوم امس الأول، معلنا الانتهاء من اعداد الموازنة ورزمة القرارات والاصلاحات المطلوبة للخروج من نفق الازمة الاقتصادية، فإذا بدخان الصراخ السياسي وهدر الوقت واستحضار الشروط والشروط المضادة يرتفع على وقع التهديد بقلب الطاولات واقتحام المصارف واستخدام الشارع في حلبات الصراع السياسي،  مما اضطر الرئيس سعد الحريري إلى رفع الجلسة طالما ان كثرة الجالسين على كراسي الحكم تصر على اعتماد سياسة الهروب من القرارات الجريئة والتهرب من مواجهة الحقيقة، والاصرار على بيع الرأي العام بضاعة البحث عن الأوهام».

وإذ نبهت الكتلة الجميع إلى «خطورة استمرار الدوران في الحلقات الفارغة، أبدت قلقها الشديد تجاه الاصطفافات التي يمكن ان تستجر لبنان إلى حلبة الانقسامات الاهلية»، مشيرة إلى انه إذا كان البعض يعتبر ان الوقت يتيح للجميع ممارسة الترف السياسي وتقاذف الاتهامات، فإنه سيكون امام قرار بالانجراف نحو المجهول.

وجددت تأكيدها على ان الوقت أخطر عدو للبنان، وأن التنكر لهذا الواقع لن يعفي أحداً من المسؤولية، فإما ان نبادر فوراً إلى القرارات الجريئة، واما سيكون لنا واللبنانيين حديث آخر».

تكتل «لبنان القوي»

ومن جهته، لوحظ ان تكتل «لبنان القوي» عمد إلى توضيح ما قاله رئيسه الوزير جبران باسيل في احتفال ذكرى 13 تشرين بالنسبة إلى قلب الطاولة، فقال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان ان «قلب الطاولة الذي نريده هو على الفساد والفاسدين، وكل ما هو ضد المصلحة الوطنية ويعيق تطوّر العمل الاصلاحي في لبنان»، ورأى ان الحديث مع الدولة السورية لمصلحة وطنية، يجب ان لا يُشكّل عقدة، خصوصاً وان سوريا ما تزال عضواً في الأمم المتحدة وحتى الولايات المتحدة تتعاطى معها على هذا الأساس.

وأمل كنعان إنجاز الموازنة في الأيام المقبلة وإرسالها إلى المجلس النيابي، ونقل عن وزراء التكتل بأن النقاشات وصلت إلى اتفاق على الكثير من المسائل، لكنه أشار إلى وجه الاختلاف عندما قال «اننا نريد الموازنة وسيلة لتحقيق الهدف الاصلاحي بضبط المالية العامة وهو ما لا يتحقق بمجرد تعداد ارقام».

لا تعيينات الخميس

الى ذلك، علمت «اللواء» من مصادر مطلعة ان هناك امكانية لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري للتداول بعدد من القضايا علما ان انعقاد جلسة عادية هذا الخميس في السراي بعني ان لا تعيينات ستصدر.

ولفتت المصادر نفسها الى ان موضوع الموازنة اصبح بحاجة الى الحسم اقله قبل الثاني والعشرين من الشهر الحالي مؤكدة ان جدول اعمال جلسة الخميس التي تضم 36 بندا وزع متأخرا على الوزراء. 

وعلم ان الرئيس عون مستعجل الأصلاحات ولاسيما ملف الكهرباء وهو كان بالأمس قد تابع بين موعد رسمي واخر تفاصيل الحرائق التي اندلعت في عدد من المناطق اللبنانية.

على صعيد اخر لم يبرز اي امر جديد في ما خص موضوع التواصل مع الدولة السورية بشأن ملف النازحين. كذلك امتنعت مصادر قصر بعبدا عن الرد على حملة الحزب الأشتراكي على الرئبس عون مكتفية بالقول ان اسباب الحملة معروفة.

لقاء نصر الله - فرنجية

في غضون ذلك، التقى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بعد يومين على لقائه الوزير باسيل، رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية على مدى 6 ساعات في حضور وزير الأشغال العامة للنقل يوسف فنيانوس والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل.

وأوضح بيان دائرة العلاقات الإعلامية في «حزب الله» ان الطرفين اكدا موقفهما المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسوريا إلى وضعها الطبيعي، وكذلك على ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية خصوصاًُ في مجالين هامين هما الإستفادة من الفرصة الكبيرة التي يتيحها إعادة إفتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سوريا إلى العراق والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء الإقتصادية والإجتماعية الكبيرة على لبنان.

وبحسب البيان، فإن الأوضاع الاقتصادية استحوذت على اللقاء بشكل مفصل، حيث تمّ التأكيد على «ضرورة العمل على زيادة الإيرادات وخفض النفقات، آخذين بعين الإعتبار المطالب المشروعة لذوي الدخل المحدود ورفض زيادة الضرائب المباشرة وعدم المس بالرواتب والأجور والحسومات التقاعدية والعمل على دعوة الحكومة الى إيلاء الإيرادات الناجمة عن الأملاك البحرية إهتماما جادا، والتشديد على مكافحة الهدر والفساد».

وكان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قد لفت إلى ان الحزب الذي «يتابع الملف المالي الاقتصادي من خلال عرض ارائه وقناعاته في مجلس الوزراء ويناقش المشاريع والأفكار، وكذلك سيفعل في المجلس النيابي، لم يُقرّر حتى الآن ان تكون له خطوات في الشارع، وقال انه إذا قررت قيادته ذلك، فسنعلن الخطوات ولا يستطيع ان يعلن أحد عنا بأننا سننزل إلى الشارع أو اننا لن ننزل إلى الشارع، فهذا أمر يرتبط بخطة عمل».

تطييف الحرائق!

وليلاً، اطل السيّد نصر الله في كلمة عبر شاشة «المنار» ضمن ليالي عاشوراء، علق فيها على الحرائق التي اندلعت في مناطق عدّة، داعياً إلى ان نشكر الله على رحمته الواسعة في إخماد هذه الحرائق، خلافاً لتقديرات الأرصاد الجوية التي تحدثت عن عدّة أيام من الطقس الصعب، لكن ما حصل من مطر وغيث هو من رحمة الله.

وبعد ان توقف عن الروح المسؤولة والاخلاقية الوطنية التي شهدناها عن الكثير من اللبنانيين الذين عرضوا منازلهم واستعدوا لتقديم شتى أنواع المساعدات، معتبراً هذه الهبة الشعبية يجب ان تكون نموذجاً للتكامل والتعاون والتضامن بين اللبنانيين على اختلاف مناطقهم وطوائفهم، تمنى على الجميع ان لا يحولوا هذه الحادثة إلى مادة لإثارة الحساسيات الطائفية والمذهبية، ويجب التصرف بمسؤولية كبيرة امام هذا الحدث.

وكان نصر الله، يُشير بذلك إلى كلام النائب ماريو عون الذي تساءل فيه عن سبب انحصار الحرائق في المناطق المسيحية، مما اثار موجة من التعليقات وردود الفعل التي استفزها مثل هذا الكلام الطائفي البغيض.

وفد مصرفي إلى واشنطن اليوم

على صعيد آخر، يتوجه وفد موسع من جمعية المصارف برئاسة رئيس الجمعية سليم صفير إلى الولايات المتحدة الأميركية، لاجراء محادثات مع مسؤولين كبار في وزارة الخزانة الأميركية.

وعلمت «اللواء» من مصدر مصرفي واسع الاطلاع أن الوفد اللبناني، يبحث في واشنطن موضوع إصدار سندات «اليورو بوند» بالدولار الأميركي، فضلاً عن التزام المصارف اللبنانية بالمعايير الدولية، وبالقوانين الناظمة لسلامة النقد، ومكافحة تهريب الأموال، وتبييض الأموال ومكافحة الإرهاب.