بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تموز 2018 01:06ص الحريري يغادر وباسيل لن يتراجع.. والعُقد عالقة

رؤساء الحكومات: دعم مطلق للرئيس المكلّف.. ورفول يتّهم «القوات» بالتآمر على الجيش والمقاومة ولن تُعطى وزارة الدفاع

حجم الخط
قبل ان يتوجه «رئيس تكتل لبنان القوي» جبران باسيل، وهو وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال إلى بيت الوسط، ليعقد اجتماعاً مع الرئيس المكلف سعد الحريري، وهو رئيس حكومة تصريف الأعمال، عند التاسعة من مساء أمس، كانت الأوساط النيابية والسياسية، ذات الصلة بالتيار الوطني الحر تتحدث عن:
1- انفتاح على مواصلة النقاش والأخذ والرد مع الرئيس المكلف، الذي يعتزم السفر لأسبوع أو أقل إلى الخارج، لقضاء إجازة عائلية..
2- تفنيد ممنهج لمقولات رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ما خص «تفاهم معراب» والمصالحة المسيحية، واتهامه بالعمل من تحت الطاولة لنسف هذا التفاهم، وانتزاع ما ليس حق له لجهة المساواة في عدد المقاعد الوزارية المسيحية، واقتسامها مع التيار الوطني الحر، من زاوية «الثنائية المسيحية» المماثلة للثنائية - الشيعية..
3- حملة أقل حدة، على اللقاء الديمقراطي اللبناني، ورئيسه الفخري وليد جنبلاط، الذي يبتز التيار تحت خلفية «مصالحة الجبل»..
4- وهذا هو الأهم، الإعلان عن رفض التنازل عن أي حق من الحقوق التي يعتبرها باسيل «حقوقاً ثابتة وغير قابلة للتصرُّف» في ما يتعلق بتياره وتكتله.. فهو «لن يتزحزح عمّا هو حق له.. مهما تعددت اللقاءات واستمرت المشاورات..» (الاقتباس من مقدمة النشرة المسائية المطولة لمحطة O.T.V البرتقالية)..
هذا هو المتوقع قبل الاجتماع ان يكون سمعه الرئيس الحريري من الوزير باسيل، ومؤداه: عدم قبول «لعبة الوقت» في الضغط لتشكيل الحكومة.
ولكن ما سمعه باسيل من الرئيس المكلف هو الأساس، الذي يمكن ان يُبنى عليه، وفقاً لمؤشر عملي: فإذا سافر الرئيس بعد اللقاء، هذا يعني ان طبخة التأليف لم تستوِ، وان «جبل العقبات» أشبه «بجبل النفايات» المتجددة ازمتها من صيدا باتجاه الجبل وبيروت، وكل لبنان.. وإذا ارجأ سفره فهذا يعني ان «تطرية حدثت» والمجال مفتوح امام معالجة قريبة لازمة الحصص والاحجام والتوازنات..
وما أبلغه الرئيس الحريري يستند إلى قوة الصلاحيات التي يمنحه إياها الدستور، والتي تعززت بالاجتماع الذي عقد السبت الماضي في بيت الوسط، مع رؤساء الحكومات السابقين، الذين زاروه هناك من أجل دعم موقعه في عملية التشكيل انطلاقاً من الصلاحيات الدستورية والعرفية بعد الطائف.
وليلاً، وما ان انفض الاجتماع، وانصرف الوزير باسيل، حتى غادر الرئيس الحريري في زيارة إلى الخارج لقضاء إجازة لبضعة أيام، على ان تستمر الاتصالات والمشاورات على الرغم من ان باسيل بقي على موقفه، في وقت كان فيه وزير شؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول يشن هجوماً غير مسبوق على «القوات اللبنانية».
باسيل في «بيت الوسط»
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان زيارة باسيل لبيت الوسط، وكذلك الزيارة المرجحة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى القصر الجمهوري خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، تصبان في تحريك الركود في مياه مشاورات تأليف الحكومة العتيدة، على الرغم من جرعات التفاؤل التي يبثها فريق الرئيس الحريري، وكان آخرها ما اشاعه وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري بعد لقائه الرئيس عون في بعبدا السبت، وعلى الرغم من معلومات سرت عن تساهل «القوات» في ما يتعلق بمطلب نائب رئيس الحكومة، وبعد توضيح الحزب الاشتراكي كلاماً نسب إلى رئيسه وليد جنبلاط، نافياً ان يكون حمل تصعيداً في ملف التأليف، مشيراً إلى ان زيارة جنبلاط إلى «بيت الوسط» لم تكن محدداً أمس، مثلما اشيع، وربما استعيض عنها باللقاء الذي تمّ بين الوزير خوري والنائب وائل أبو فاعور، علماً ان زيارة جنبلاط، ستظل واردة، في ضوء ما يمكن ان يستجد من معطيات على هذا الصعيد بين الحريري وباسيل، لا سيما بالنسبة إلى إصرار «التيار الحر» على تمثيل النائب طلال أرسلان في الحكومة، وهو ما يرفضه جنبلاط، ويتمسك بأن تكون حصته ثلاثة وزراء دروزاً.
وإذا كان الطبق الرئيسي في مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الحريري على شرف ضيفه الوزير باسيل، هو حصة «القوات» في الحكومة، بالإضافة إلى منصب نائب الحكومة، وربما أيضاً إسناد حقيبة سيادية للقوات، على الرغم من ان الحقائب السيادية الأربع باتت محجوزة للتيار و«المستقبل» وحركة «أمل» ولم يتبق سوى حقيبة الدفاع، التي تحتاج إلى توافق وطني عليها لاعتبارات عديدة، فإن اللقاء بحد ذاته أنهى فتوراً في العلاقة بين الرجلين، تولد في لقائهما الأخير في باريس، حيث لم يكن ناجحاً ولا ايجابياً، إذ تسرب عن لسان باسيلقوله انه لا موجب لتمثيل «القوات» أو «المردة» في الحكومة، ما يؤكد توجه «التيار» الى تشكيل حكومة بالاكثرية النيابية، ما يتوافق مع الدعوات الكثيرة التي يرددها نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي في غير مناسبة.
وبحسب المعلومات، فإن الحريري حدّد في لقائه باسيل، والذي لم يتسرب عنه أية معلومات، باستثناء ما ذكره المكتب الاعلامي للرئيس الحريري، بأنه تناول المستجدات السياسية ولا سيما ما يتعلق بموضوع تأليف الحكومة، ما سبق ان طرحه امام الرئيس عون عندما التقاه يوم الخميس الماضي، لكي يكون باسيل في صلب المفاوضات، سواء بالنسبة لاحترام الصلاحيات التي حددها الدستور، لعملية تأليف الحكومة، أو بالنسبة للتمسك باستمرار التسوية الرئاسية.
تضامن رؤساء الحكومات
الا ان الجديد الذي طرأ على هذا الطرح هو ان الحريري بات محصناً بالدعم الذي محضه اياه رؤساء الحكومة السابقون، خلال زيارتهم لها في «بيت الوسط» السبت، حيث أكدت مصادر المجتمعين ان الأجواء كانت إيجابية جداً باتجاه تدعيم موقع رئاسة مجلس الوزراء، والوقوف إلى جانب الرئيس المكلف لإتمام مهمته، رافضين تعريض مقام الرئاسة الثالثة لأي اهتزاز، خصوصاً في مرحلة التكليف.
وفي المعلومات ان اجتماع الحريري برؤساء الحكومة السابقين، جاء بمبادرة من الرئيس فؤاد السنيورة، رداً على تلويح البعض بإسقاط تكليف الحريري، أو تحديد مهلة للتأليف، بما يعتبر تجاوزاً لصلاحيات الرئيس المكلف، ومساً بصلاحيات رئيس الحكومة، وهو ما شدّد عليه رؤساء الحكومة نجيب ميقاتي وتمام سلام والسنيورة، في البيان الذي صدر عنهم، وفيه «تأكيد الجميع على أهمية التعاون مع الرئيس المكلف والتضامن على دعمه في مهمته لتأليف الحكومة العتيدة وما يلي التأليف من مسؤوليات.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري التقى الرئيس ميقاتي على انفراد قبل اكتمال وصول الرئيسين سلام والسنيورة، وانه أبلغ المجتمعين ان العقد الحكومية قابلة للحل خلال أيام، وان الاتصالات مستمرة على أكثر من صعيد قبل ان يسافر إلى باريس في رحلة عائلية، وانه سيعود بعد ذلك إلى بيروت حيث سيلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، حيث يفترض ان يكون عاد بدوره من اجازته في إيطاليا، تمهيداً لنقل تشكيلة حكومية قريباً إلى بعبدا.
هجوم عوني على «القوات»
وقبل اجتماع الحريري - باسيل، لفت الانتباه الهجوم الصاعق الذي شنّه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول على «القوات اللبنانية» واتهامها بالتآمر على الجيش والمقاومة، وقال انه «لو وافق «حزب الله» على إعطاء وزارة الدفاع للقوات فنحن كتيار لا نقبل».
ولفت رفول، في حديث تلفزيوني إلى ان «القوات» تصعد وما حصل معهم هو اتفاق نوايا، وبعدها حصلت خطة تطبيقية أوّلها دعم العهد وتحقيق الشراكة في الحكومة والمناصفة في الدولة ودعم رئيس الجمهورية، معتبراً ان «الانجاز الوحيد لوزراء «القوات» هو معارضة عودة النازحين»، مشيراً إلى ان تصرف القوات هو الذي اسقط ورقة النيّات لكن المصالحة المسيحية باقية.
ونقل عن رفول ان «القوات» تآمرت ايضاً على رئيس الحكومة.
وتزامن هجوم رفول على «القوات» مع تقرير بثته محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» عن لسان مصدر مطلع، شدّد فيه على أن التفاهم مع الرئيس المكلف ثابت والتسوية مستمرة، لافتاً إلى ان «التيار» يخوض معركة دفاع عن حقوق عائدة له، ولا يشن حرباً على الآخرين لنيل مكاسب إضافية، معتبراً ان لا تناقض بين التفاهم والتسوية من جهة والحقوق من جهة ثانية.
غير ان المحطة شنت حملة على «القوات» على لسان المصدر الذي سأل: «هل انتقل رئيس «القوات» إلى ضرب «تفاهم معراب» بالعلن، بعدما كان يستهدفه بشكل مضمر طيلة الفترة الماضية؟ وقال: «من يتهم اخاه بالفساد بهذا الشكل الواضح، الا يعمل على ضرب التفاهم بمفهومه الشعبي بعدما خرج عنه بمعناه السياسي الذي يسمو على موضوع الحصص؟ معتبراً انه يمكن إيجاز سياسة «القوات» في المرحلة الراهنة بثلاثة عناوين:
الاول: دفاع كلامي عن تفاهم معراب فيما الهدف استخدامه لتحصيل المغانم والحصص.
والثاني: إصرار على كسر نتائج الانتخابات النيابية عبر الترويج لفكرة المساواة في التمثيل بين «القوات» و«التيار»، فيما الحقيقة ان حجم تكتل التيار مضاعف عن حجم تكتل «القوات».
والثالث: التركيز على مقولة اما ان تعطينا من حصتك لنرفع حجم حصتنا عن غير حق، أو ان نتهمك بالانقضاض على المصالحة المسيحية.
وأوضح المصدر ان «التيار» لا يحارب «القوات» في حق من حقوقها، لكنه لا يقاتل من أجل منحها المزيد, كما فعل في المرة السابقة، حيث كان التفاهم السياسي محترماً من جانبها.
وفي المقابل، كشف عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان ان اتفاقاً مكتوباً بين «القوات» و«التيار» ينص على انه طوال مُـدّة عهد الرئيس ميشال عون فإن حصتنا في أي حكومة توازي حصة التيار الحر فيها.
واضاف عدوان في حديث لتلفزيون «الجديد»: «إن اتفاق ​معراب​ السياسي هو من ساهم بانتخاب الرئيس والقوات قدمت الشق الاساسي منها بانها ساهمت بانتخاب عون رئيسا للجمهورية، واتصور ان الرئيس سيحمي الاتفاق لانه جزء اساسي منه والاسبوع القادم سيشهد توطيدا للاتفاق وليس تراجعا عنه».
إلى ذلك، أفادت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان انعقاد اللقاء بين الرئيس عون وجعجع المرجح ان يعقد في الساعات القليلة المقبلة، سيكون مؤشراً لحلحة الملف الحكومي من ناحية التمثيل القواتي كما لمعالجة ثغرات اتفاق معراب.
وأشارت إلى أن الجهود ما تزال متواصلة لتسهيل ولادة الحكومة سريعا ولذلك فإن الأيام المقبلة ستكون مفصلية في هذا المجال.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن معالجة العقدة الدرزية يتولاها الرئيس الحريري الذي سيبقى على تواصل مع النائب السابق وليد جنبلاط أو موفديه مع العلم أن لا شيء مضمونا في ما خص نجاح التفاوض مع المختارة.
وكانت ترددت في الساعات الماضية، فكرة تقول بمنح «التيار الحر» ثلاث حقائب دولة، كمحاولة لاقناع «القوات» بمنحها أربع حقائب بلا حقيبة دولة، وبالتالي التخلي عن منصب نائب رئيس الحكومة أو حقيبة سيادية، لكن «التيار العوني» رفض ذلك لأن حصة رئيس الجمهورية من الوزراء تبلغ عشرة وزراء، وعدد نواب «التيار» هو ضعف عدد نواب «القوات»، فلا يجوز منحه ثلاث حقائب دولة لوحده مخصصة للمسيحيين وثلاث حقائب دولة للمسلمين مجتمعين. ورأت المصادر ان هذا الطرح غير منطقي اساسا ولا ينطبق على المعايير المعتمدة لتوزيع الحصص على القوى السياسية وبالتالي لا بد من منح «القوات» حقيبة دولة من ضمن الحقائب الاربع لها، لكن هناك حلول بديلة ستطرح خلال الاتصالات الجارية.
أزمة النفايات
على ان اللافت وسط الحراك السياسي المتعلق بتأليف الحكومة، بروز مجموعة من الأزمات تحتاج إلى حكومة فعّالة لمواجهة وحصر تداعياتها، بدءاً من أزمة الاسكان إلى مسألة النازحين لم تتجاوز الـ42 شخصاً إلى معضمية الشام، عبر معبر المصنع، وصولاً إلى موضوع النفايات الذي شهد أمس أيضاً فصلاً اضافياً من فصولة في صيدا، حيث تكدست اكوام النفايات في شوارعها بعد اقفال معمل المعالجة بسبب اقتحامه من قبل مواطنين نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث منه، مما دفع بلدية صيدا إلى إعلان حالة الطوارئ في المدينة ومنطقتها، وبالتالي الطلب من المعمل استئناف العمل بعد الحصول على تطمينات أمنية بالحماية.
وفي تقدير مصادر متابعة، ان استمرار أزمة النفايات في صيدا، نتيجة اقفال المعمل، سيؤدي حتماً إلى انفجار أزمة مماثلة في بيروت، على اعتبار ان المعمل يعالج في صيدا ما يراوح 250 طناً من نفايات العاصمة يومياً، وفي حال استمرار اقفاله، فإن هذه الكميات ستكون عُرضة للانكشاف، وبالتالي عجز بلدية بيروت، عن إيجاد حل لها، الأمر الذي يفرض عودة المعمل إلى العمل سريعاً، طالما أنه مرفق عام بموجب الاتفاق الموقع بينه وبين بلدية العاصمة.
على صعيد عودة النازحين السوريين قامت المديرية العامة للأمن العام اعتباراً من صباح امس الأول «بتأمين العودة الطوعية لاثنين وأربعين نازحاً سورياً الى بلداتهم في سوريا». 
وانطلق النازحون بواسطة حافلتين من نقطة التجمع في منطقة المصنع، بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى نقطة جديدة يابوس الحدودية، وتمت عودة النازحين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضورها.
وبعد طول انتظار لأكثر من ثلاث ساعات وصلت حافلتان سوريتان مع وفد من «لجنة المصالحة في معضمية الشام» إلى الحدود اللبنانية في نقطة المصنع عند مركز الأمن العام اللبناني، لنقل السوريين العائدين طوعاً الى بلادهم، حيث غادر 42 نازحا سوريا  من قرى في البقاع الاوسط باتجاه منطقة معضمية الشام في ريف دمشق، حيث أن كل المغادرين من معضمية الشام، وكانوا من سكان المنازل في لبنان وليس المخيمات، وقطنوا بغالبيتهم في بلدة الصويري في البقاع الغربي، وفي بلدتي تعلبايا وبر الياس في قضاء زحلة، علما ان عدد الذين كانوا مسجلين في قوائم الأمن العام هو 61 نازحاً، لكنهم لم يحضروا جميعهم ، وعاد منهم فقط 42 شخصاً، بينهم 14 طفلاً، تلقوا لقاحا ضد شلل الأطفال من وزارة الصحة اللبنانية، بحضور مندوبين من المفوضية العليا للاجئين الذين كانوا يراقبون أدق التفاصيل. (راجع ص ٥)