بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الثاني 2019 06:00ص السُلطات الحاكمة تصطدم بقوة الحَراك: الإطاحة بالجلسة النيابية

لقاء رئاسي الجُمعة في اليرزة.. وباريس تنصح بإستمرار تصريف الأعمال تَجنُّباً لحكومة مواجهة

المشهد بعد إعلان الرئيس بري إرجاء الجلسة: فرحة عارمة وسط بيروت المشهد بعد إعلان الرئيس بري إرجاء الجلسة: فرحة عارمة وسط بيروت
حجم الخط
ما يمكن قوله ان «الاشتباك على الأرض» اتخذ ابعاداً خطيرة أمس، مع ارجاء جلسة مجلس النواب بعدما عمد مئات اللبنانيين إلى اقفال الطرق المؤدية إلى المجلس، في تطوّر اعتبره المتظاهرون «انجازاً جديداً» للحراك المتواصل منذ أكثر من شهر، وسط بحث بعيد عن الأضواء عن المخارج للأزمة الحكومية، تعدى الإطار المحلي، في ظل دخول فرنسي مباشر متابع لما يجري، منذ انتهاء مهمة وفد الخارجية الفرنسي في بيروت.

وفي السياق، ووفقاً لمعلومات مصادر قيادية مقربة من حزب الله، كلام رئيس الجمهورية والحزب لجهات دولية حول لاءات لا يمكن تجاوزها في تشكيل الحكومة الجديدة :لا لحكومة تكنوقراط خالصة، لا لحكومة مهما كان شكلها او تسميتها لا يتمثل فيها حزب الله، ولا لحكومة تتعهد مسبقا بترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة وفقا للشروط الاميركية او توافق سلفا على توطين الفلسطينيين والسوريين.

وفي هذا الصدد، كشفت المصادر ان ٨ اذار تصر على ان يتمثل كل فريق بوزير سياسي في الحكومة المقبلة الى جانب وزراء التكنوقراط وممثلي الحراك، وهذا يشكل اضافة الى اللاءات السابقة للهيكلية العامة للحكومة المنتظرة.

ورغم صعوبة الازمة واستفحالها، يبدو ان قوى ٨ اذار وضعت نفسها في صورة الأسوأ، وبدات بالتحضير لسيناريو ما بعد احتمال فشل اخر المفاوضات مع الحريري والتي بدات منذ يومين وستتكثف خلال ٤٨ ساعة المقبلة بوساطة دولية ترعاها فرنسا بشكل غير مباشر، حيث تشدد المصادر على انه بعد استنفاد كل الحلول فان الامور سوف تكون مفتوحة على كل الاحتمالات.

وعلمت «اللواء» من مصدر دبلوماسي غربي ان إدارة الرئيس عمانويل ماكرون، أبلغت من يعنيه الأمر ان باريس مع استمرار حكومة تصريف الأعمال، إذا لم يكن من الممكن التوفيق بين الطروحات الجارية بين إصرار فريق رئيس الجمهورية وحزب الله على حكومة سياسية، وإصرار الرئيس سعد الحريري على حكومة مستقلين كلياً عن الأحزاب المكونة للحكومة المستقيلة.

وتحدث المصدر عن ان اطرافاً دولية تجري اتصالات مع الحراك للحد من تفاقم الموقف أو التصعيد على الأرض، تمهيداً لإعادة تحريك المساعدات المالية الفورية للبنان، للتخفيف من حدة الأزمة المالية التي تضرب بالبلاد.

مواصفات عون للحكومة

في بعبدا، ابلغ الرئيس عون المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان السيد يان كوبيتش الذي استقبله قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، انه يواصل جهوده واتصالاته لتشكيل حكومة جديدة يتوافر لها الغطاء السياسي اللازم وتضم ممثلين عن مختلف المكونات السياسية في البلاد ووزراء تكنوقراط من ذوي الاختصاص والكفاءة والسمعة الطيبة، اضافة الى ممثلين عن « الحراك الشعبي». 

وقال انه «سوف يحدد موعدا للاستشارات النيابية الملزمة، فور انتهاء المشاورات التي يجريها مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، والتي تهدف الى ازالة العقبات امام هذا التشكيل وتسهيل مهمة الرئيس المكلف منعا لحصول فراغ حكومي في البلاد».

ورأت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا، أن «رئيس الجمهورية لم يحدد موعدا للاستشارات النيابية، لكن موقفه امام كوبيتش يؤشر الى قربها، وان الاتصالات التي تتم من شأنها ان تقدم صورة»، مشيرة الى ان «ما من طرف محدد يقوم بها».

واذ اكدت المصادر ان اسم الرئيس سعد الحريري «لا يزال مطروحا»، تحدثت عن اسماء اخرى مطروحة ورأت انه «بعدما حدد الرئيس عون سقف مواصفات الحكومة التي تشكل وفق الدستور بالتعاون مع رئيس الحكومة فإنه ليس معروفا بعد اذا كان ذلك يرضي الرئيس المكلف ام لا»، لكنها اكدت ان «المهم هو ادراج هذه المواصفات في خانة تسهيل مهمة الرئيس المكلف في عملية التأليف فضلا عن ان الكتل النيابية اضحت تدرك جيدا السقف المحدد في هذا الموضوع وبالتالي ما من حاجة لأي تأخير».

في سياقٍ متصل، أكد الرئيس عون أنه ماضٍ في التزاماته تجاه جميع اللبنانيين وهو متفائل بامكانية الوصول إلى نتائج إيجابية، مبدياً تفهمه لمطالب العمال.

موقف الرئيس عون جاء خلال استقباله وفداً من الإتحاد العمالي العام سلمه مذكرة تضمنت أبرز القضايا والمسائل التي تهم العمال والموظفين في لبنان، كما شدد الاتحاد العمالي على رفضه أي تدخل اجنبي من أية جهة كانت وخصوصاً منها الولايات المتحدة الأميركية في الشأن اللبناني.

إلى ذلك، إستقبل الرئيس عون وفداً من ضباط قيادة الجيش سلمه دعوة لترؤس الإحتفال الرمزي الذي سيقام لمناسبة عيد الإستقلال يوم الجمعة المقبل في وزارة الدفاع الوطني في اليرزة.

كما زار بيت الوسط مساء أمس وفد من قيادة الجيش برئاسة العميد الركن وسيم صالح، وجه له دعوة للمشاركة في العرض العسكري الذي سيقام في وزارة الدفاع باليرزة لمناسبة عيد الاستقلال.

ونقل زوّار الرئيس عون عنه قوله ان أية حكومة جديدة يترأسها الحريري يجب ان يتمثل فيها الوزير جبران باسيل.

ولم يستبعد مصدر مطلع ان يلتقي الرؤساء الثلاثة في حفل قيادة الجيش في اليرزة الجمعة المقبل، إذ من المتوقع ان يجري التطرق إلى الوضع المتأزم في البلاد.

تأجيل الجلسة

وليلاً، وبعد ارجاء الجلسة، أعلن الرئيس نبيه برّي امام زواره أمس ان الكتل النيابية والنواب حسب ما صرّحت كانوا صادقين لكن جهات أخرى لم تلتزم بما وعدت ورب ضارة نافعة.

وفي وسط بيروت، فإن المنتفضين في الشوارع والطرقات نجحوا في منع النواب من الوصول إلى البرلمان لحضور جلستي التشريع وانتخاب اللجان اللتين كانتا مقررتين قبل ظهر أمس، حيث اقتصر الحضور النيابي على خمسة نواب بالإضافة إلى الرئيس نبيه برّي الذي كان قد بات ليلته في مكتب الرئاسة، وهو ما أدى إلى ارجاء رئيس المجلس الجلسة التشريعية إلى موعد لم يحدده، بالإضافة إلى الاستعانة بفتوى قانونية من الدكتور ادمون رباط جعلته يُقرّر اعتبار اللجان النيابية الحالية قائمة بجميع أعضائها الحاليين.

هذا التأجيل للجلسة التشريعية والتمديد للجان النيابية كان سبقه إعلان عدد من الكتل النيابية مقاطعتهم للجلسة وهم: كتلة «المستقبل»، التكتل الوطني، اللقاء الديموقراطي، كتلة الكتائب، كتلة الجمهورية القوية، كتلة تيّار المردة، والنواب: بولا يعقوبيان، فؤاد مخزومي، اسامة سعد، محمّد كبارة، ميشال معوض، نعمت افرام، شامل روكز، فيصل كرامي وجميل السيّد.

وحيال هذا المشهد علق الرئيس برّي امام زواره بالقول: الكتل النيابية والنواب حسب ما صرحوا كانوا صادقين لكن جهات أخرى لم تلتزم بما وعدت، ورب ضارة نافعة.

وكان المتظاهرون فرضوا منذ الصباح الباكر طوقاً مشددا بأجسادهم حول ساحة النجمة منعاً لوصول النواب إلى المجلس من جهة واحتجاجاً على وضع قانون العفو العام على جدول أعمال الجلسة، وقد عمد هؤلاء إلى منع بعض سيارات النواب التي حاولت الدخول إلى ساحة النجمة، فيما نفذت في المقابل القوى الأمنية وشرطة المجلس انتشاراً واسعاً في المنطقة، تخلله اشكال بعد سماع إطلاق نار في الهواء من قبل أحد المواكب العائدة لأحد السياسيين ذكر بداية انه للوزير جبران باسيل الذي سارع إلى النفي، ثم تردّد انه للوزير علي حسن خليل الذي نفى بدوره أيضاً مؤكدا انه وصل إلى المجلس منذ الثامنة صباحاً، ليقال فيما بعد ان الموكب عائد للوزير سليم جريصاتي الذي أكّد انه لم يتوجه إلى مجلس النواب.

ولوحظ ان الوزير علي حسن خليل تحدث أكثر من مرّة إلى وسائل الإعلام حيث نفى ان نكون قد دخلنا في الفراغ السياسي، مشددا على ان المجلس مؤسسة قائمة بكل عناصرها، مشدداً على ان عدم انعقاد الجلسة لا علاقة له بموضوع وجود المجلس أو بقاء المجلس أو استمراره كمؤسسة دستورية.

المصارف وسقف السحوبات

مصرفياً، فتحت المصارف أبوابها أمس، بعد إغلاق استمر اسبوعاً، مع انتشار الشرطة امام الفروع وفرض المصارف قيوداً على سحب العملة الصعبة والتحويلات إلى الخارج.

ولم يتمكن مودعون في بعض الفروع من سحب سوى 300 دولار لكل منهم على الرغم من ان جمعية المصارف وافقت يوم الأحد على سحب 1000 دولار كحد أقصى في الاسبوع من حسابات الدولار الأميركي.

وعلى الرغم من أن سقف السحب الأسبوعي محدد بألف دولار قال ثلاثة عملاء في بنك عودة إن البنك أبلغهم بأن الحد الأعلى الممكن للسحب هو 300 دولار للعميل. وقال عدد من العملاء في بنك ميد إنه قيل لهم إن سقف السحب 400 دولار.

وقال مصدر مصرفي إن الألف دولار تقررت كحد أعلى للسحب وإن السحب أقل بالنسبة لبعض العملاء بحسب المبالغ الموجودة في حساباتهم.

وقال شريف بعلبكي (43 عاما) وهو عميل في بنك عودة ويعمل في مجال الإعلان «عندي حساب به 8000 دولار ولن يسمحوا لي بسحب أكثر من 300 دولار. قالوا لي يمكنك أن تسحب ألف دولار إذا كان في الحساب مئة ألف دولار».

وقال خالد معروف (40 عاما) وهو عميل في بنك بيروت ويعمل في صناعة النسيج إنه لا يعرف كيف يؤدي المدفوعات الدولارية التي يجب أن يسددها هذا الشهر.

وأضاف «أحتاج 20 ألف دولار قبل نهاية الشهر لأداء مدفوعات لأشخاص ولا يمكنني الحصول سوى على ألف دولار كل شهر».

الوضع الميداني

وكانت التجمعات بدأت صباحاً لمنع انعقاد جلسة مجلس النواب، ومع اقتراب الموعد حدث اشتباك بين القوى الأمنية والمتظاهرين.

وسمُع دوي أعيرة نارية مع اجبار مجموعة من المحتجين سيارتين رباعيتي الدفع تحملان ارقاما رسمية كما ان زجاجهما داكن علي الرجوع لدى اقترابهما من البرلمان، حسبما ظهر في لقطات مصورة بثتها قنوات تلفزيونية لبنانية.

وأظهرت اللقطات انصراف السيارتين سريعاً بعد طرقات عليهما من المتظاهرين الذين هتفوا «بره.. بره.. بره».

وليلاً، تسللت مجموعة شبان لا دخل لهم بالحراك، إلى اعتصام رياض الصلح وقاموا بالتعرض للقوى الأمنية ورشقها بالحجارة وافتعال المشاكل، هادفة لاستدراج رجال الأمن إلى الداخل واحداث الشغب وتكسير الخيم المنصوبة هناك، وبالتالي ضرب صورة الإنجاز الذي تحقق اليوم وفض الاعتصام إذا امكن.

وشوهد عدد من المتظاهرين السلميين يلاحقون مفتعلي الشغب الذين حملوا العصي، لطردهم من الساحة، وسقط عدد من الجرحى، حيث شوهدت سيّارة إسعاف تابعة للدفاع المدني تدخل إلى مكان الاعتصام لتقل المصابين. كما قامت الأجهزة الأمنية بتوقيف عدد من الشبان عرف منهم: بشير نخال، حسين موسى، أمين الرجب، محمود الزعبي، والممثل زاهر قيس.

وحضر إلى ثكنة الحلو، ليلاً، نقيب المحامين ملحم خلف، للسعي إلى إطلاق سراح الموقوفين هناك.

ومع تطوّر الوضع المتفجر وسط بيروت، عمد محتجون لقطع الطريق الدولية في محلة الناعمة في الاتجاهين.

كما تجمع محتجون، مساء امام مبنى تلفزيون «الجديد» احتجاجاً على مقدمة النشرة الإخبارية عند الثامنة، بعنوان: النصابون يعودون ادراجهم بلا نصاب.

واستهلتها بالقول: جلسةٌ تشريعيةٌ ثانيةٌ تَسقُطُ بضربةِ ثورة .. وصُدّق ولثلاثاءَ آخرَ لم يكن مجلسُ النوابِ سيدَ نفسِه ولا استطاعَ إليه سبيلا.. ومَن أمكنَهُ ذلك كان إما عَبرَ قضاءِ الليلِ حتّى الصباحِ في محيطِ ساحةِ النجمة وإما بالوصولِ عَبرَ دراجةٍ ناريةٍ كالنائب علي عمّار الذي كان شغَلَ منصِبين هما: نائبٌ في السلطة ومتظاهرٌ يرفعُ القَبضةِ ضمانًا لعبورٍ آمن. ولمّا بات وزيرُ المالِ علي حسن خليل معَ رئيسِ المجلسِ في الغُرَفِ القريبةِ المُغلقةِ فقدِ استيقظَ على موكِبِه يُطلقُ النارَ بينَ المتظاهرين ما دفعَه إلى إطلاق رَشَقاتٍ سياسيةٍ على وزيرةِ الداخلية ريا الحسَن.

وتوقفت المقدمة عند ما وصفته بـ«افتراءات وشتائم وصور اباحية وتوزيع خُطوط زميلات وزملاء.. ومعظم الجيوش من البراغيت المُهاجمة تحتمي بصورة السيّد حسن نصر الله لادعاء الحصانة الحزبية، ومع استمرار القصف المركز على الزملاء واعراضهم فإن الحزب صمت عن الإدانة أو عن تسطير بيان من بياناته الرادعة.. ولأن الصمت علامة الرضا فإن الجديد تحمله اليوم مسؤولية هذا الهجوم حتى يتبين العكس.