بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الثاني 2019 12:28ص الشارع يُطالِب بحكومة.. والدولار يرفع الأسعار

لقاء الحريري - باسيل يُنهي القطيعة.. و«المركزي» للمصارف: زيادة الرساميل 20٪

قطعوا أمس طريق «جسر الرينغ» بأجسادهم (تصوير: طلال سلمان) قطعوا أمس طريق «جسر الرينغ» بأجسادهم (تصوير: طلال سلمان)
حجم الخط
مع بداية الأسبوع الرابع على «الانتفاضة الشعبية» والوطنية العارمة، أظهر الحراك الأهلي ضد الفساد، والطبقة السياسية، العاجزة عن تحقيق أي تقدَّم في أي ملف من الملفات، حرصاً على العودة إلى الإنتظام العام من خلال الضغط لتكليف شخصية قادرة على تأليف حكومة غير سياسية، ومن خارج الطبقة السياسية المتهمة بالفساد، في وقت عمم فيه حاكم مصرف لبنان على المصارف يطلب منها رفع رساميلها من خلال السماح للمساهمين بضخ المزيد من السيولة بنسبة تصل إلى 20٪ من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019، وحتى نهاية 2020.

ومن شأن هذه الخطوة التي أشارت إليها «اللواء» (في عددها أمس ص1) ان تعزز رسملة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتضاف إلى رسملة تصل إلى  أكثر من 20 مليار دولار، ويرفع من القدرة الحالية على مواجهة الأوضاع المالية، واي تطورات مستقبلية، فضلاً عن عدم توزيع انصبة الأرباح لهذه السنة.

وواجه عملاء البنوك قيوداً على سحب الدولار والتحويلات إلى الخارج، بينما توجه المعتصمون إلى المصارف التي فتحت أبوابها لاقفالها، وهذا ما حدث فعلاً في غير منطقة من العاصمة إلى طرابلس وصيدا..

وارتفعت سندات لبنان السيادية الدولارية مجددا امس الاثنين عقب أسبوعين تقريبا من الخسائر الفادحة في ظل مواجهة البلاد أكبر أزماتها الاقتصادية في عقود، وذلك بالرغم من أنه لا توجد مؤشرات تذكر على خفوت الاحتجاجات بحسب وكالة «رويترز». وأظهرت بيانات «تريدويب» فان المكاسب كانت لإصدارات في معظم الآجال، إذ شهدت سندات مستحقة في 2021 أكبر قفزة لتضيف 2.12 سنت في الدولار ليتم تداولها عند 74.375 سنت. لكن ذلك لا يزال أقل بكثير من مستواها قبل الاحتجاجات قرب تسعين سنتا في الدولار. وأضافت الكثير من الإصدارات الأطول أجلا نحو 1.5 سنت في الدولار امس الاثنين.

ومع ارتفاع السندات، خرقت الأجواء القاتمة، بادرة أمل مالية تمثلت في إعلان محافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك راشد المنصوري أن «البنك يدرس تقديم مساعدات للبنان وأنه سيرفع توصية بذلك إلى قيادة الدولة، في مسعى إلى تقديم الدعم للبنان الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية طاحنة» بحسب المنصوري. 

وثمنّت أوساط اقتصادية المبادرة الإماراتية، كاشفة أن هذا الدعم «لا يمكن أن يكون سوى وديعة مالية في مصرف لبنان دون أي شيء آخر».

وقال متعامل في سوق الصرف ان سعر الدولار بلغ 1680 ليرة لبنانية في السوق الموازية.

عودة الاتصالات

وفي الوقت الذي تضاءلت فيه نسبة الحشود في ساحات الاعتصام أمس، باستثناء طرابلس، التي ما زالت تحتضن يومياً ألوف المواطنين في ساحة النور، وانتقل الحراك الشعبي إلى استراتيجيته القديمة بقطع الطرقات رغم التذمر منها، واعتماد لعبة الكر والفر بينه وبين القوى الأمنية، وفيما بقيت المصارف والمدارس بين الفتح والاقفال تبعاً لأوضاع كل منطقة، عادت الاتصالات المباشرة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، للمرة الأولى منذ استقالة رئيس الحكومة حيث استقبل الحريري باسيل في «بيت الوسط» واستبقاه الى مائدة الغداء في لقاء امتد نحو ثلاث ساعات، بُنيت حوله التكهنات، ولم تعرف تفاصيله فوراً، خاصة بسبب تكتم الطرفين على نتائجه او على الاقل عناوينه. حيث افادت مصادر «التيار الحر» انه لم تتوافر لديها تفاصيل عن اللقاء سوى انه تناول كل الامور المتعلقة بالمرحلة السياسية الحالية ومقاربة عملية التكليف والتأليف الحكومية، والتصور لمقاربة المرحلة المقبلة.

وقالت بعض المصادر ان المدير العام للامن العام عباس ابراهيم دخل على خط تقريب المسافات بين الحريري وباسيل، فزار الرجلين وزار القصر الجمهوري، وعمل على تسهيل عقد اللقاء.

 وفيما ذكرت بعض المصادر إن اللقاء بين الحريري وباسيل لم يكن سلبيّاً، ذكرت مصادر اخرى انه لو حصل تطور ايجابي بين الرجلين لكان قد صدر عن قصر بعبدا ما يوحي بقرب تحديد موعد للإستشارات النيابية لرئيس الجمهورية، لكن اوساط القصر الجمهوري اكدت مجدداً ان الرئيس عون ما زال يفضّل التوافق المسبق على التأليف والتكليف تلافيا لإطالة امد التأليف لو حصل التكليف، خاصة ان المهلة دستورية تُلزمه تحديد موعد للاستشارات، وانه حصلت سوابق حيث تم تحديد موعد الاستشارات بعد ثلاثة اسابيع من استقالة الحكومة.

الى ذلك، ثمة من قال ان احد اسباب التاخير ايضاً في تاخير تحديد موعد للاستشارات هو استمرار قطع الطرقات ما يمكن ان يحول دون وصول عددكبير من النواب الى القصر الجمهوري ما يُفقد الاستشارات حيويتها وشموليتها، مشيرة الى ان هذا السبب لوحده كان وراء تأجيل جلسة انتخاب اللجان النيابية، والتي كانت مقررة اليوم الى الثلاثاء المقبل في ١٢ تشرين الثاني.

ويبدو ان الرئيس الحريري لا زال عند موقفه بإتباع الاصول الدستورية في عملية التكليف والتأليف واستعجال الاستشارات، حيث صدر امس بيان عن «تيار المستقبل» جاء فيه: ان الرئيس الحريري لن يضع نفسه تحت أي ظرف في حلبة السباق الاعلامي على رئاسة الحكومة، ويعتبر التكليف مسألة دستورية تخضع للاستشارات النيابية الملزمة، وليس لتمنيات الباحثين عن الشحن الطائفي على مواقع التواصل». بينما يبدو ان الوزير باسيل وتياره تراجعا خطوة الى الوراء عبر التواصل المباشر مع الحريري للوقوف على رأيه في عملية التكليف والتأليف وتحديد ما يمكن تقديمه وما لا يمكن التنازل عنه، خاصة بعد الكلمة التي وجهها باسيل الى انصار التيار في مسيرة بعبدا الاحد الماضي.

وحسب مصادر متابعة أن الرئيس الحريري رفض استمرار التركيبة التي أدّت إلى الوضع الراهن، وكما رفض الشروط التي حاول البعض وضعها عليه كشرط مسبق لتسميته رئيساً للحكومة.

وأشارت المصادر إلى ان الرئيس الحريري حريص على إعطاء الحراك القائم موقعاً في الوضعية السياسية المقبلة، انطلاقاً من عدم إمكانية تجاهل هذا الواقع من قبل أحد..

ولكن كان لافتاً للانتباه، نفي مصادر مقربة من «بيت الوسط» المعلومات التي نشرها موقع الكتائب حول اجتماع «بيت الوسط» بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، مشيرة إلى ان الاخبار التي روّجت عن ان الحريري وافق على صيغة أو اقتراحات صيغ حكومية غير صحيحة.

بعبدا متمسكة بالمشاورات

في المقابل، أوضحت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا لـ«اللواء» ان المشاورات التي يجريها الرئيس ميشال عون تهدف أولاً وأخيراً إلى تسهيل عمليتي التكليف والتأليف تفادياً للوقوع في الفراغ.

وقالت ان هذه المشاورات تسهم في تهيئة المناخات السياسية لتشكيل الحكومة، ومن هنا يأتي تريث رئيس الجمهورية في تحديد موعد الاستشارات، وبمنح المشاورات المزيد من الوقت لتفادي حصول أي دعسة ناقصة تدخل البلاد في الجمود عند تعذر تشكيل الحكومة.

وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية يؤيد أي صيغة حكومية تؤمن أوسع توافق وطني، مع العلم ان الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة ستكون مؤشراً لشكل الحكومة الجديدة، مشيرة إلى ان ما من نص دستوري يلزم رئيس الجمهورية بمهلة للدعوة إلى هذه الاستشارات، كما ان التريث لا يُشكّل مخالفة للدستور، مذكرة بسوابق في هذا المجال عندما استقال الرئيس الحريري في حكومته الأولى وتريث الرئيس ميشال سليمان وقتها في الدعوة للاستشارات مُـدّة ثلاثة أسابيع من أجل اجراء مشاوراته.

وأشارت المصادر كذلك، إلى انه ما من نص دستوري أيضاً يلزم رئيس الحكومة المكلف بمهلة تأليف الحكومة، مشيرة إلى ان الدستور حدّد ضوابط تتصل بإنجاز البيان الوزاري للحكومة خلال مهلة شهر.

وذكرت المصادر نفسها ان الرئيس عون حدّد في خطابه مواصفات الوزراء الذين يدور حولهم الخيارات، معتبرة ان الأهمية تكمن في المشاورات التي تسبق التأليف والتحرك الذي سجل بين «بيت الوسط» وميرنا الشالوحي.

وإذ رأت ان لنوع الحكومة ظروفها، لفتت إلى ان المهم تأليف الحكومة وألا يحصل تأخير، كما حصل أيام الحكومة المستقيلة التي استغرق تأليفها تسعة أشهر.

إلى ذلك، ترددت معلومات مفادها ان تواصلاً تمّ بين القصر الجمهوري وقادة الحراك في الفترة ما بين خطابي الرئيس عون، في أعقاب الاعتصامات ولمناسبة مرور ثلاث سنوات على توليه سلطاته الدستورية.

وكان الرئيس عون أبلغ أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، خلال استقباله له أمس في قصر بعبدا، ان من أولى مهمات الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة متابعة عملية مكافحة الفساد من خلال التحقيق في كل الادارات الرسمية والمؤسسات العامة والمستقلة بهدف محاسبة الفاسدين، لافتا الى ان التحقيق يشمل جميع المسؤولين الذين تناوبوا على هذه الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من مختلف المستويات».

واكد ان «الاصلاحات التي اقترحها ووعد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها، من شأنها تصحيح مسار الدولة واعتماد الشفافية في كل ما يتصل بعمل مؤسساتها»، مشددا على ان «دعم اللبنانيين ضروري لتحقيق هذه الاصلاحات».

واشار الى ان «النداءات التي وجهها الى المتظاهرين والمعتصمين، عكست تفهمه للمطالب التي رفعوها»، مشيرا الى ان «لا بد من الحوار مع هؤلاء المتظاهرين في الساحات من اجل التوصل الى تفاهم على القضايا المطروحة».

قطع الطرق

ميدانياً، تراجعت نسبياً نسبة الحشود الشعبية في ساحات الاعتصام، في اليوم التاسع عشر للانتفاضة، ولا سيما في ساحتي رياض الصلح والشهداء اللتين استعاضتا عن الحشود بعقد حلقات نقاش وتجمعات حول الخيم مع اغانٍ وطنية، من دون ان تسجل أية إشكالات، بينما انتقلت الاعتصامات إلى اتباع استراتيجية قطع الطرقات، ولا سيما الرئيسية، عند جسر الرينغ، حيث أفاد آخر تقرير أمني عن قطع طريق الجسر بالاتجاهين، بعدما كان مقطوعاً خلال ساعات النهار عند مسرب الحمراء- الأشرفية في حين أعاد المعتصمون فتح المسلك الغربي من اوتوستراد جل الديب، حيث سجلت حركة مرور خانقة على الطريق البحرية بين الزقا وجل الديب. كذلك اعيد فتح الطريق على اوتوستراد الجية- عند مفرق برجا، والتي ظلت مقطوعة بالاتجاهين طول النهار. ونفى الحزب التقدمي الاشتراكي أي علاقة له بقطع الطرقات في منطقة الجبل، وخصوصاً في صوفر وعاليه وصولاً إلى إقليم الخروب.

وافيد عن اشكال حصل في خيمة الحراك في صور، تبين انه ناجم عن خلاف شخصين أحدهما فلسطيني، وتدخلت القوى الأمنية وحلت الخلاف.


حلقة نقاش في رياض الصلح حول الحراك (تصوير: محمود يوسف)

وفي صيدا تجمع المجتمعون في ساحة ايليا وسط اقفال كافة المسارب الجانبية، قبل ان يعاد فتحها بعيد منتصف الليل.

ولوحظ ان المحتجين اعتمدوا اسلوباً جديداً للتعبير عن الحراك، عبارة عن قرع الطناجر من شرفات المنازل، وان هؤلاء اعتمدوا أسلوب التزمير في اليومين الماضيين من خلال شعار: «زمر إذا أنت مع الحراك».

اما في طرابلس، فقط غصت ساحة النور بالحشود الشعبية وسط إجراءات مشددة من الجيش لحماية المتظاهرين، وتخلل السهرة وقفات فنية من وحي الحراك وعروض مسرحية ذات صلة.

وذكرت معلومات ان الحراك جدد نيته قطع الطرقات في البحصاص، من الخامسة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً، والدعوة إلى الإضراب والعصيان المدني للمطالبة بحكومة انتقالية تنطلق معها رحلة التغيير.