بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 نيسان 2019 01:27ص الموازنة «تترنَّح» بين التمويل والملاحقة الأميركية لشبكات حزب الله

موفد الملك سلمان في بيروت: دعم وإغاثة.. واتجاه لنزع الفتيل مع بعبدا

حجم الخط
في وقت تطبق فيه الولايات المتحدة الأميركية الخناق على إيران واقتصادها وتحالفاتها، عبر إلغاء كل الاعفاءات التي كانت منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، برغبة ان يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ان «صادرات النفط الإيراني ستصبح صفراً»، يرتفع منسوب الانشغال الدولي والإقليمي في ما يمكن وصفه «بالخلافات اللبنانية» الرسمية حول مسار التخفيضات في الموازنة العامة لـ2019، والآليات التي ستعتمد في التمويل، فضلاً عن العقبات التي تحول دون إخراج هذه الموازنة من الغرف المغلقة إلى مجلس الوزراء ثم إلى المجلس النيابي..
وكانت الموازنة حضرت في الخلوة بين الرئيسين ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي.. والتي اعقبها تصريح رئيس الجمهورية حول جهوزية بعبدا للمساعدة لمن لا يعرف كيفية إنجاز الموازنة..
وإذا كانت أوساط عين التينة والسراي الكبير ترفض الدخول في سجال مع بعبدا، وسط اتجاه لنزع فتيل الخلاف مع بعبدا، بعد توضيحات مصادرها ان الرئيس عون بكلامه من بكركي لم يكن يقصد لا الرئيس سعد الحريري ولا الوزير علي حسن خليل، فإن العقدة الأساسية في الموازنة، انتقلت إلى توفير مصادر التمويل فضلاً عن النفقات والإيرادات.
وعليه، فإن الموازنة التي يتوقع ان تحضر في اجتماع مالي اليوم، وسط ترقب لتحديد موعد جلسة لمجلس الوزراء الخميس تترنح بين كيفية تأمين الأموال، قروض، مساهمة المصارف، أو سندات يورو بوند وما جاء في بيان الخارجية الأميركية من انها وعدت بتقديم مكافآت جديدة، يمكن ان تصل الى عشرة ملايين دولار لمن يقدم معلومات يمكن ان «تعرقل» عمل الشبكات المالية لحزب الله في العالم.
وقالت إنها تتقصى أي معلومات حول مصادر تمويل حزب الله المدرج على لائحة الارهاب الاميركية، والمتحالف مع إيران.
كما أوضحت أيضا أنها تسعى لكشف «الآليات الأساسية التي يعتمدها الحزب لتسهيل حركة امواله»، ولمعرفة «أبرز المانحين له» و«المؤسسات المالية» التي تساهم في حركة أمواله.
وجاء أيضا في بيان الخارجية الاميركية أن «مداخيل حزب الله تصل الى نحو مليار دولار سنويا تتأمن عبر الدعم المالي المباشر الذي تقدمه ايران، والمبادلات والاستثمارات الدولية، وعبر شبكة من المانحين ونشاطات تبييض أموال».
ومن بين الممولين المفترضين لحزب الله الذين تريد واشنطن معلومات عنهم، أوردت وزارة الخارجية اسماء أدهم طباجة ومحمد ابراهيم بزي وعلي يوسف شرارة، والثلاثة حاليا على اللائحة السوداء الأميركية «للارهابيين الدوليين».
وفي سياق الحصار، على دول المحور الإيراني - السوري، علمت «اللواء» ان هناك تحذيراً اميركياً من السماح بتهريب البنزين من لبنان إلى سوريا.
خلاف على الموازنة
وعلى الرغم من توضيح بعبدا لتصريحات الرئيس عون صبيحة عيد الفصح في بكركي، من انه لم يكن يقصد لا الرئيس سعد الحريري ولا وزير المال علي حسن خليل «بقلة الخبرة» في الوضع المالي، وحرص رئيس الحكومة، فور عودته إلى بيروت، علی الاتصال بالرئيس عون معايداً بالفصح، حيث اتفقا على لقاء قريب، وعلى عدم الرد على رئيس الجمهورية ولو بطريقة غير مباشرة، فإن ذلك لا يعني سوى استمرار الخلاف في وجهات النظر حيال معالجة الأزمة المالية، وطبيعة الإجراءات الإصلاحية التي يفترض أن يتضمنها مشروع موازنة العام 2019 ، لتكون بحق موازنة تقشفية تستطيع ان تضع البلد على أول درجات الخلاص.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان تطيير الاجتماع الثاني في «بيت الوسط» لممثلي الكتل السياسية والنيابية، والذي كان مقرراً اليوم، بهدف التوافق على إجراءات الموازنة، قد يكون بمثابة ردّ على تطيير الاجتماع المالي في بعبدا الخميس الماضي، وإن كان لا علاقة له بالموازنة، لكنه بالتأكيد ينطوي على خلافات ليست فقط بين فريقي رئيس الحكومة والجمهورية، بل داخل البيت الواحد، ولا سيما بين جناحي وزيري الخارجية والاقتصاد، حيث لكل جناح وجهة نظره حيال التخفيضات التي يجب أن تطرأ على مشروع الموازنة.
وفيما كشف وزير التربية أكرم شهيب لـ«اللواء»، من انه لم توجه الى فريقه السياسي (الحزب الاشتراكي) دعوة للاجتماع اليوم في «بيت الوسط»، كان لافتاً للانتباه كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، من أن حزبه جاهز اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل ليكون جزءاً من اتخاذ القرار المناسب في شأن الموازنة، سواء في مجلس الوزراء أو في لقاءات داخلية، من دون أن يوضح أسباب تحديد يوم الأربعاء، وليس اليوم الثلاثاء حيث يفترض عقد الاجتماع الثاني للكتل النيابية والسياسية، أو يوم الخميس المقبل، وهو الموعد المحتمل لمجلس الوزراء، حيث يُصرّ الرئيس عون على ان يطرح فيه مشروع الموازنة.
وزاد في غموض الأمور، إشارة الرئيس الحريري إلى ان هناك اجتماعاً أخيراً لموضوع الموازنة، لافتاً إلى ان السبب الاساسي في تأخير انجازها هو التوافق على الأرقام والتخفيضات التي سنجريها، لافتاً إلى أن الخميس سنكون جاهزين ان شاء الله».
لكن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي أورد وقائع «الدردشة» التي جرت مع الإعلاميين، بعد استقباله عصراً في «بيت الوسط» المستشار في الديوان الملكي السعودي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، لم يشر إلى جهوزية الحكومة لبدء درس مشروع الموازنة يوم الخميس المقبل، الا انه شدد (أي الحريري) على ان الإصلاح في موضوع الاقتصاد والنمو يتطلب توافق جميع الأطراف المشاركة في مجلس الوزراء، لأنه ليس باستطاعة أي مسؤول ان يقوم بمفرده بهذه المهمة، والأمر نفسه يسري على عملية التقشف».
ونفى الحريري ما يتردد من انه لن تكون هناك أموال في ظل التقشف، مؤكداً ان هذا التقشف سيؤدي إلى طرح مشاريع «سيدر» كلّها على طاولة مجلس الوزراء، ومن ثم نبدأ بتنفيذ مشروع وراء مشروع، وهذا هو الأساس، أي ان يكون النمو مع التقشف، مشيراً إلى انه من المؤكد انه في العام المقبل لن يكون هناك تقشف لأننا نكون قد توصلنا إلى تأمين التيار الكهربائي 24 على 24 مع زيادة التعرفة، وهذا الأمر يساعدنا بالوصول إلى الأرقام التي نريد ان نتوصل إليها في العامين 2020 و2021.
ولم يشأ الردّ عمّا قاله الرئيس عون في بكركي، لكنه قال انه «يفهم ان كلا من الاحزاب السياسية يريد ان يزيد رصيده، ولكن بالنسبة لي هي النتيجة، وان يُقرّ مجلس الوزراء موازنة فيها إصلاح كبير جداً من أجل مستقبل أولادنا، وما يهمني هو ان نتشارك جميعاً في هذا الموضوع، نريد أن نأكل العنب ولا نريد قتل الناطور».
نصر اللله
ولوحظ ان رؤية الرئيس الحريري لكيفية إخراج الموازنة، لا تختلف عن رؤية «حزب الله» التي عبر عنها أمينه العام في كلمته في عيد كشافة الامام المهدي ولو بالشكل، عندما شدّد على ان «الحل يجب أن يكون مسؤولية الجميع، وان هذا الحل سيؤدي إلى تقشف ما، لذا علينا التحلي بروح المسؤولية عند النقاش والتصرف بحكمة وشجاعة لدى طرح الاقتراحات، مشيراً الى ان هناك اجماعا في لبنان على ان الوضع المالي مأزوم وهناك إجماع على ضرورة إيجاد الحل، متمنياً ان يأتي الحل عبر اللبنانيين بأنفسهم، ولكن يبدو انه سيكون غصباً عنّا، من خلال شروط «سيدر» والبنك الدولي.
وأعلن ان «حزب الله» سيكون «شريكا في المسؤولية، وسيكون جزءا من الدولة والشعب في تحمل المسؤولية، كما اننا ننظر الى الموازنة على أنها ستكون بداية الاصلاح، ونعتبر ان ما يجري اليوم من نقاش هو فرصة ذهبية للحد من الهدر».
ورأى ان «اللبنانيين صاروا أمام الحائط بسبب الهدر والفساد»، مؤكدا «انفتاح حزب الله على كل نقاش مع التزامه الايماني والاخلاقي بعدم المس بمداخيل الناس او بفرض ضرائب جديدة».
ودعا الجميع الى «الابتعاد عن المزايدات، متوقعا «الوصول الى حلول بمزيد من العبر».
ورداً على ما نشرته صحيفة «الرأي» الكويتية حول احتمال نشوب حرب مع إسرائيل هذا الصيف، قال نصر الله ان «ما نشر خاطئ في الكامل وفي التوقيت سيئ»، نافياً ان يكون قد قال في أي جلسة من «الجلسات ولا مع نفسه أيضاً أن هناك حرباً إسرائيلية على لبنان في الصيف، ولم أقل في أي جلسة أنه إذا حصلت حرب أنا لن أكون بينكم فأنا لا أعلم بالغيب»، مشدداً على انه «في مطلق الأحوال، أنا شخصياً أميل لإحتمال إستبعاد شن إسرائيل حرب على لبنان».
توضيحات بعبدا
وكانت مصادر سياسية مطلعة أوضحت لـ«اللواء» ان الرئيس عون لم يتوجه في كلامه من بكركي إلى الرئيس الحريري ولا إلى الوزير خليل، إنما شكى من تأخر وصول الموازنة إلى مجلس الوزراء، وهناك التزام بأن تقدّم في وقت معين كي يتمكن مجلس الوزراء من درسها قبل انتهاء الدورة العادية للمجلس، مشيرة إلى ان ما قصده بقوله انه إذا كانت هناك مشكلة حول الموازنة فلتأت إلى بعبدا لحلها، أي لتأتي إلى مجلس الوزراء في اجتماع الحكومة في بعبدا كي يُصار إلى الاتفاق حولها.
واشارت المصادر الى ان الرئيس عون يرغب في ان تأتي الموازنة الى مجلس الوزراء وهو طلب ان تعقد يوم الخميس والأمر ينتظر بحثه مع الرئيس الحريري بعدما عاد الى بيروت وذلك من اجل بت انعقاد او عدم انعقاد الجلسة هذا الأسبوع.
وكشفت ان رئيس الجمهورية يفضل ان يكون مجلس الوزراء في حال التئامه هذا الخميس متضمنا للموازنة من ضمن جدول اعماله، وقالت انه من غير الجائز حصول اي تأخير كي يتسنى لمجلس الوزراء درسها قبل ان ترسل الى مجلس النواب الذي يحولها الى لجنة المال والموازنة التي تحتاج الى الوقت لدرسها، وكررت رغبة الرئيس عون في ان تدرس الموازنة في اول جلسة لمجلس الوزراء وسواء كانت الخميس فهذا جيد اما اذا لم تكن فلا بد من الاتفاق على وقت. قائلة ان عون يريد انجازها في اسرع وقت ممكن لأن الوقت اصبح داهما ولا يجوز الاستمرار في التأخير.
تعديلات في الموازنة
في المقابل، كشفت مصادر في وزارة المال، ان مشروع موازنة العام 2019 ما زال يخضع لمزيد من التعديلات والمراجعات بهدف وضع جدول كامل للتخفيضات التي يقوم بها وزير المال علي حسن خليل، ويرسلها تباعاً إلى رئيس الحكومة.
وذكرت مصادر رسمية ان الوزير خليل طرح خلال الايام الماضية بعض الافكار واقتراحات التغييرات على مشروع الموازنة لتحديد حجم التخفيضات اللازمة واي قطاعات ستطال، على ان يتقرر موعد طرح الموازنة على مجلس الوزراء في لقاء مرتقب بين الرئيسين عون والحريري اذا انتهى الاخير خلال اليومين المقبلين من تحقيق التوافق بين القوى السياسية على التخفيضات المتوقعة.
وتشير المصادر الى ان عدم الانتهاء من تدقيق ديوان المحاسبة في قطع حساب موازنة العام 2017 لا زال يؤخر ربما طرح الموازنة، لأنه يفترض ان يكون مقرونا بها.
ويبدو ان هناك صعوبات اخرى لا زالت تحول دون التوافق على تخفيضات الموازنة وكل ارقامها وعلى السياسة المالية للدولة بين الاطراف التي تشكل الحكومة، وفي هذا الصدد قال وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش لـ«اللواء»: ان لدى فريقنا السياسي وجهات نظر مختلفة الى حدما عن التوجهات المطروحة، سبق وعبرنا عنها في اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الموازنة وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته مؤخراً، لشرح خطتنا وتوجهاتنا لمعالجة الوضع الاقتصادي ويتبناها رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. ونحن ننتظر طرح الموزانة على مجلس الوزراء لنناقش كل الافكار والمقترحات التي نطرحها.
موفد السعودي
في غضون ذلك، بدأ المستشار في الديوان الملكي السعودي المشرف العام على مركز الملك سلمان للاغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة زيارة للبنان تستمر ثلاثة أيام لافتتاح مجموعة من المشاريع، الإنمائية والانسانية، يبدأها اليوم بتدشين عدد من المشاريع الإنمائية في البقاع تخدم اللاجئين والمحتاجين بهدف «مد جسور التعاون بين مركز الملك سلمان للاغاثة ومؤسسات المجتمع المدني اللبنانية سواء كانت رسمية أو مجتمعية بحسب تعبير الربيعة لدى وصوله إلى مطار بيروت، حيث كان في استقباله السفير السعودي وليد بخاري ومسؤولين في السفارة.
وجال الموفد السعودي، بعيد وصوله وبرفقته السفير بخاري على الرئيس الحريري في «بيت الوسط» ورؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، والبطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي.
وقال الربيع في أعقاب كل زيارة، انه نقل للمرجعيات الروحية تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، مؤكداً حرص المملكة العربية السعودية على أمن واستقرار وعروبة لبنان، مشيراً إلى ان المملكة حريصة دائماً على الأمن والاستقرار في العالم العربي والإسلامي، آملاً ان نرى لبنان بجميع طوائفه وفئاته مستقراً زاهراً شامخاً بعروبته..
وأوضح ان زيارته تأتي تنفيذاً لتوجهات خادم الحرمين الشريفين، وتأكيداً على العلاقات المتينة بين المملكة ولبنان، ومن خلال الزيارة سوف يتم تنفيذ العديد من البرامج وتوقيع الاتفاقيات لدعم العمل الإنمائي والإنساني في مناطق اللاجئين السوريين وكذلك الشعب اللبناني، وهذا العمل هو بداية لبرامج متعددة قادمة لاستمرار هذه العلاقة المتينة في كافة المجالات.