بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تشرين الأول 2018 12:36ص تقاسُم الوزراء بين «التيّار» و«القوات»: التفاؤل يتلاشى

الحريري مصدوم بالتصعيد المفاجئ.. وجنبلاط و«القوّات»: ليس باسيل من يحدِّد معيار التأليف

حجم الخط
أعاد المؤتمر الصحفي لرئيس «تكتل لبنان القوي» الوزير جبران باسيل الكرة إلى ما قبل الإطلالة التلفزيونية للرئيس المكلف سعد الحريري، والذي تحدث عن عشرة أيام حاسمة، ستؤدي إلى ولادة الحكومة الثلاثينية الوفاقية، العتيدة..
هذا يعني ان مساجلته «للقوات اللبنانية» فتحت المشهد على وضع معايير التعقيد على الطاولة، بعدما كانت تعلن، ولا تكشف.. فما ان اخرج حصة رئيس الجمهورية من الحكومة الجديدة، حتى وضع المعيار الذي دأب على المطالبة به: كل 5 نواب يمثلهم وزير واحد.. فكتلة من 15 نائباً «كالقوات» مثلاً، تكون حصتها 3 وزراء فقط..
وما لم يقله باسيل في مؤتمره الصحافي، قالته «O.T.V» في نشرتها المسائية: كرة تأليف الحكومة، وإخراج البلد من عنق الزجاجة في ملعب «القوات»..
الحملة المركزة على «القوات» استدعت «تغريدة» أولى من وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال جاءت بمثابة ردّ أوّل وفيها: «جبران يلعب البطولة في فيلم لا أريد حلاً.. أما مدته.. فعند ربك».
ومع الضبابية التي هبطت بعد ظهر على الوضع الحكومي، قال مصدر مطلع لـ«اللواء» ان مسار التأليف تعرض «لانتكاسة بسيطة» لكن الاتصالات تضاعفت بعد مؤتمر باسيل، بهدف احتواء التداعيات السلبية.
وأكد المصدر ان الرئيس الحريري متمسك بتصوره لصيغة الحكومة العتيدة، وسيحمل هذه التشكيلة إلى بعبدا، وليتحمل كل واحد، عندها مسؤوليته..
مفاوضات جديدة للتأليف
وعليه، لم يكد يطلع النهار على المقابلة التلفزيونية للرئيس الحريري، والتي اشاعت أجواء إيجابية، بالنسبة لمسار تأليف الحكومة العتيدة، ينتهي، حتى توالت المواقف التصعيدية، من طرفي أزمة التمثيل المسيحي في الحكومة أي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» بالنسبة إلى الحصص وتوزيع الحقائب و«المعيار العادل» الذي اقترحه رئيس التيار باسيل، وهو وزير لكل خمسة نواب، ما استدعى رداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تغريدة له، بأن هذا المعيار يعني «هو»، أي باسيل، فضلاً عن ردّ مسهب من قبل القوات، فيما برز عدم رضى من موقف الحريري من تمثيل النواب السنة المستقلين عبر موقف من النائب فيصل كرامي اعتبر فيه ان «الحريري يقول في التمثيل السني: أنا أو لا أحد».
وذكرت مصادر رسمية متابعة للاتصالات ان «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» رفعا بعد بيان «القوات» قبل يومين، ومؤتمر باسيل امس، سقف المواقف والمطالب، ليس بالضرورة من اجل التعطيل، بل ربما لإعادة التفاوض حول الحصص، ولكن هذا يعني بشكل مباشر إعادة الكرة الى ملعب الرئيس المكلف، الذي بات عليه اجراء دورة جديدة من المفاوضات وخلال مهلة العشرة ايام التي وعد بها لتشكيل الحكومة، مبدية اعتقادها بأن الامور ستنتهي على خير في نهاية المطاف وستتشكل الحكومة بتوافق بين الرئيسين ميشال عون والحريري. خاصة ان «التيار» و«القوات» ردا امر التشكيل وقراره الى الرئيس المكلف حتى لو لم تعجبهما الصيغة التي سيتقدم بها ولو بقيا خارج الحكومة كما صرح الطرفان اكثر من مرة. 
واوضحت المصادر انه بعد موقف الطرفين، لا توجد صيغة متفاهم عليها، وان المفاوضات الجديدة ستتمحور حول السقوف العالية وكيفية خفضها. مايعني ان الحريري سيتفاوض مع «التيار و«القوات» مجدداً حول حصصهما والحقائب التي يريدانها.. وبالنسبة لتمثيل النواب السنة المستقلين ابدت المصادر تقديرها بتجاوز هذه العقدة. 
 وبالنسبة لتمثيل «حزب الله» في الحكومة والاعتراض على منحه حقيبة الصحة او اية حقيبة اخرى تحتم على الوزير التواصل والتعاون مع الجهات الدولية المانحة والصديقة، ذكرت مصادر مطلعة على موقف الحزب، انها دليل على وجود ضغوط خارجية تؤخر تشكيل الحكومة اضافة الى الاسباب الداخلية الاخرى المعروفة. 
وقالت المصادر: «ان الحزب لمس منذ بدء مفاوضات تشكيل الحكومة اعتراضا من الادارة الاميركية ربمابطلب من بعض حلفائها في المنطقة، على تمثيله نهائيا، وان كان لا بد فليتمثل بحقائب عادية او اقل من عادية، لكن الحزب متمسك بشدة بحقيبة الصحة او بحقيبة اخرى خدماتية او رئيسية الى جانب حقيبتين عاديتين، حتى لا يفسر تراجعه بأنه إذعان للضغوط والشروط الاميركية، وقد ابلغ المعنيين بتشكيل الحكومة بموقفه هذا.. وهو امر محسوم لدى الحزب». 
ولم تشأ مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة اضافة معلومات جديدة على ما ذكر عن وجود مناخ جدي في تأليف الحكومة حتى وان ظهرت مواقف في الساعات الماضية لم تدخل في السياق الذي عبر عنه منذ يومين اي السياق التفاؤلي داعية الى انتظار استكمال الاتصالات التي لفت اليها الرئيس المكلف. 
واوضحت ان حسم توزيع الحقائب لم يتم وان اللقاء المرتقب الاسيوع المقبل بين الرئيس عون والرئيس الحريري من شأنه ان يرسم صورة اكثر وضوحا واذا كانت الامور ميالة الى التسهيل قد تكون هناك صيغة شبه نهائية لكن كل شيء يبقى مرهونا بخواتيم المفاوضات الحكومية.
الحريري متفاجئ
وفي المعلومات، ان الرئيس الحريري فوجئ بالمواقف عالية السقف، التي خرج بها باسيل في مؤتمره الصحفي، فضلاً عن الرد السريع من قبل «القوات»، لا سيما وأن سهام رئيس «التيار الوطني الحر» طالته شخصياً، عندما شكك بحقيقة نياته بخصوص التنازلات التي أبدى استعداده لتقديمها من أجل تسهيل تأليف الحكومة، مطالباً بأن تكون هذه التنازلات فعلية وليست كلاماً.
وقالت مصادر في تيّار «المستقبل» ان الحريري كان يأمل بأن تنعكس المواقف التي أطلقها خلال اطلالته المتلفزة مساء الخميس، إيجاباً على مجمل الأوضاع، وخاصة على الملف الحكومي، بعد ان بشر اللبنانيين بأنه ستكون لهم حكومة خلال أسبوع أو عشرة أيام، ولكن مؤتمر باسيل والذي كان مقرراً مسبقاً، والذي لم يوفّر فيه أحداً من القيادات السياسية، ولا سيما «القوات اللبنانية» شكل احراجاً للرئيس الحريري، واوحى بشكل أو بآخر، بأن أفق تأليف الحكومة بات مسدوداً.
القوات اللبنانية
اما مصادر «القوات اللبنانية» التي بدت مستاءة جداً من كلام باسيل، فقد اعتبرت لـ«اللواء»، انه بات من الواضح ان رئيس التيار لا يريد حكومة، وانه لا يمكن تفسير مواقفه الا انه ردّ على الرئيس المكلف وعلى المناخات الإيجابية التي عمممها، وأتى ليعيد الأمور الى النقطة صفر، وبالتالي إلى المربع الأوّل والنقاش حول المعايير، علماً ان هذا النقاش كان افتتحه منذ انطلاق مسيرة مشاورات التأليف، وهذا الافتعال أدى حينذاك إلى اشتباك حول الصلاحيات، عندما تمادى بالحديث عن ان الرئيس المكلف يجب ان يكون لديه مُـدّة زمنية للتكليف.
وشددت المصادر على ان الدستور لم يُحدّد معايير التأليف، على اعتبار ان هذا الأمر من مسؤوليات الرئيس المكلف وبالتشاور مع رئيس الجمهورية، فضلاً عن انه من قال ان هذه المعايير يجب اعتمادها ولا يجب اعتماد معايير أخرى؟.
وكانت الدائرة الإعلامية في «القوات» أصدرت بياناً ردّت فيه بالتفصيل على بعض النقاط التي تخصها في مؤتمر باسيل، أكدت فيه انه «ليس هو من يضع المقاييس والمعايير للحكومة، بل رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، ولم نتبلغ يوماً من الرئيس انهما تفاهما على هذا المقياس، الذي تحدث عنه، معتبرة بأن المقياس الوحيد المعمول به حتى الساعة، وفي تشكيل الحكومة بالذات، هو نسبة التمثيل الشعبي، وبالتالي فإنه يحق للقوات ثلث التمثيل الوزاري المسيحي في الحكومة عدداً ووزناً، بعدما نالت في الانتخابات ثلث التمثيل الشعبي المسيحي».
وبالنسبة لقول باسيل حول وجود «فيتو» وطني على تولي «القوات» حقيبة سيادية، سأل بيان القوات: «أين هو هذا «الفيتو» الوطني؟»، مؤكداً انه لا اثر لهذا «الفيتو» في أي تصريح لرئيس حزب أو موقف لكتلة نيابية، وخلص إلى ان هذا الكلام مجرّد اختلاق لا أكثر ولا أقل، نافياً بشدة اتهام «القوات» بضرب العهد، لافتاً إلى أنه «إذا كان باسيل يعتبر معارضة وزراء «القوات» لصفقة بواخر الكهرباء ضربة للعهد، فنحن نعتبر في المقابل اننا قد ادينا خدمة كبرى للعهد، لأنه لا يشرف أي عهد حصول صفقة من هذا النوع في أيامه».
باسيل
وكان باسيل، أكّد في مؤتمره الصحفي، ان التيار لا يعرقل التشكيل، متهماً «القوات» بالمطالبة بما هو ليس من حقها، مشدداً بأن التيار قد يذهب إلى المعارضة إذا لم تعجبه صيغة حكومية يضعها رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف، لافتاً إلى أننا «قد نكون في المرحلة الأخيرة قبل ولادة الحكومة، إذا اعتمدنا معايير صحيحة، مشيراً إلى ان المعيار العادل هو وزير لكل خمسة نواب، لأننا لو اعتمدنا معيار 4 نواب لكل وزير لكنا في حاجة إلى 38 وزيراً».
وخصص باسيل مؤتمره الذي عقده في مركز التيار الرئيسي في ميرنا الشالوجي، لملف تأليف الحكومة، والكلام عن الحصص والمعايير، داعياً الرئيس الحريري إلى إظهار استعداده لتقديم التنازلات تماماً كما طالب رئيس الجمهورية بخطوة من هذا النوع في اطلالته التلفزيونية، وزاد على ذلك متمنياً عليه ان «يتنازل فعلياً ويفرض على الآخرين التنازل الفعلي وليس بالكلام»، معتبراً بأن «التنازلات يجب ان تكون حقيقية وغير وهمية».
ولفت إلى انه لا مانع لدى التيار ان تحصل «القوات» على حقيبة سيادية من الحقائب الأربع، لكن هناك «فيتو» وطنياً من مكان آخر، ومن دون ان يصبح ذلك قضية حق، لأن الحق في هذا الموضوع ان يأخذ رئيس الجمهورية الحقيبة السيادية ويتولاها أكبر تكتل نيابي.
ولخص موقف التيار بأنه يطالب بحكومة منتجة وعلى أسس عادلة بمعايير واحدة تعطي الثقة للبنانيين لتنهض بالاقتصاد وتحارب الفساد.
وفي ما يشبه سيناريو ليس بعيداً عن تفكير التيار، قال: «صحيح ان لا مهلة دستورية للرئيس المكلف لتشكيل للحكومة، ولكن اكيد ان رئيس الحكومة يضع مهلة لنفسه ولمصلحة البلد واحدى وسائل وضع المهلة هي تحديد مرحلة معينة وفي نهايتها يقول هذه هي الحكومة التي نريدها ويذهب بها الى المجلس النيابي بعد موافقة رئيس الجمهورية فاذا نالت الثقة بالاجماع او بالاكثرية يكون ذلك جيدا، واذا سقطت تكون رسالة من المجلس الى رئيسي الجمهورية والحكومة انها حكومة غير مقبولة وفي هذه الحالة نعود ونسمي الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة ولكن على قواعد اخرى نتفق عليها كي تنال هذه الحكومة الثقة».
ويتوجه باسيل غداً إلى الكويت حاملاً دعوة من الرئيس عون إلى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، لحضور القمة الاقتصادية العربية في بيروت في النصف الثاني من كانون الثاني 2019.
لقاء جعجع - فرنجية
وفيما وطيس الحرب الإعلامية على اشده بين «التيار العوني» و«القوات» أفادت مصادر عاملة على خط التواصل بين حزب «القوات» وتيار «المردة» ان ظروف المصالحة على مستويي القيادة السياسية والكوادر والقواعد الشعبية نضجت، وان اللجان المشتركة انجزت تحضيرات لقاء رئيس «القوات» سمير جعجع و«المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، والذي بات مسألة ساعات لا أكثر، على ان يعقد في أحد اديرة الشمال، علماً ان جعجع أكّد في حديث سابق لوكالة الأنباء «المركزية» قبل يومين ان الاتصالات قطعت اشواطاً بعيدة، وصفحة الماضي ستطوى، لتفتح أخرى جديدة قريباً جداً.
دوكان في بيروت
وعلى خط  آخر، علم ان المبعوث الفرنسي لشؤون المتوسط السفير بيار دوكان الذي كان له دور أساسي في الاعداد لمؤتمرات الدعم الدولي للبنان، ولا سيما مؤتمر «سيدر» سيزور بيروت الأسبوع المقبل، بناءً على تكليف بمتابعة المؤتمر مع الجهات اللبنانية المعنية، من أجل وضع مقرراته موضع التنفيذ، إذا صدقت التوقعات الحكومية بقرب تأليف الحكومة العتيدة.
وأشارت المعلومات إلى ان جولة دوكان ستشمل مسؤولين في القطاعين النقدي والاقتصادي في مقدمهم، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الاقتصادية نديم المنلا، كما سيزور الهيئات الاقتصادية، فيما لم يسجل في أجندة مواعيده أي زيارة لمسؤولين سياسيين.