بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الأول 2018 12:45ص عون يستبق لقاء وفد حزب الله: مبادرتي أو الكارثة

المستقبل تنوّه بمشاورات بعبدا وطي صفحة الرسالة.. و«اليونيفيل» تنقل للمسؤولين «أجواء خطيرة»

حجم الخط
مع ان الهدف من التواجد المشترك لكل من الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في لندن اليوم، هو المشاركة في مؤتمر حول الاستثمار، فإن ملف تشكيل الحكومة سيكون حاضراً بين الرجلين، في ضوء المشاورات التي يجريها الرئيس ميشال عون مع الأطراف المعنية، فبعد استقبال وفد رفيع من حزب الله، مثله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد ومعاون الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الحاج حسين خليل، في لقاء استمر 55 دقيقة، يستقبل اليوم أعضاء اللقاء التشاوري النيابي، أو ما يعرف بنواب سنة 8 آذار، المدعومين من حزب الله، لدخول أحد منهم الوزارة العتيدة من حصة السنة.. وهو الأمر الذي يعارضه الرئيس الحريري، لاعتبارات تتعلق بمحاولة فريق 8 آذار الإخلال بتوازن عدد الوزراء داخل مجلس الوزراء، وفي حكومة يرأسها هو.
المعلومات العائدة لمصادر حزب الله قالت ان «العصف الفكري» الذي اشار إليه النائب رعد، منطلقه منظومة المواقف التي اعلنها السيّد نصر الله في ما خص دعم تمثيل النواب السنة من خارج كتلة المستقبل.
والاهم ان التفاوض يكون مع هؤلاء، وان الحزب لن يكون بديلاً عن أحد وان المنطلق يبدأ عندما يعترف الرئيس المكلف بتمثيل تجمع النواب السنة بالحكومة على انه حق..
«حلقة مفرغة»
وفي المعلومات ان الحلقة الثانية من مشاورات الرئيس عون، ضمن مبادرته لتحريك الجمود في الملف الحكومي، والتي شملت أمس «حزب الله» وتستكمل اليوم بلقاء النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل»، لم تكن على مستوى التوقعات أو الآمال، بإحتمال تخفيض الحزب لسقوفه بالنسبة إلى تمسكه بتمثيل هؤلاء النواب في الحكومة العتيدة، إذ أعاد الحزب على لسان النائب رعد والحاج حسين الخليل، موقفه المعروف، بوجوب الحوار مع النواب السنة المستقلين، وانه يقبل بما يقبل به هؤلاء النواب، الأمر الذي وصف بأنه ابقى كل «العصف الفكري» الذي تحدث عنه النائب رعد، وهو يقصد مجموع الأفكار التي تمّ تداولها للخروج من «النفق الحكومي»، داخل «الحلقة المفرغة»، حيث انه من المعروف ان الرئيس المكلف يرفض استقبال هؤلاء النواب كمجموعة، وان يكون أحدهم ممثلاً في الحكومة، فيما كان لافتاً للانتباه، كلام رعد، بعد لقاء رئيس الجمهورية، عن ان هناك أفكاراً قابلة للدرس، وأخرى مستبعدة، بمعنى انها «غير مقبولة»، ما يُشير إلى ان الحزب ما يزال متمسكاً بمواقفه المعلنة، من دون ان يتزحزح عنها.
وفيما استمرت احاطة الأفكار التي يتداولها الرئيس عون مع أطراف المبادرة، أي المعنيين بتأليف الحكومة، بستار كثيف من الكتمان من جانب قصر بعبدا، قالت مصادر مطلعة انه سيُصار في الأيام المقبلة إلى متابعة هذه الأفكار، بعد ان يكون كل من رعد والخليل قد نقلاها إلى قيادة الحزب، وتحديداً إلى أمينه العام السيّد حسن نصر الله، ليكون «للبحث صلة»، بحسب رعد.
واعتبرت المصادر أن «التقدم الذي حصل يكمن في طرح الافكار وتحريك الملف الذي اصابه الجمود، وبالتالي يمكن القول أنه أصبح هناك حيوية ما في ما يسمى «العقدة السنية» لأن الجميع يعلم أن لحزب  الله دورا مساعدا في حلحلة هذه العقدة، وبالتالي  الافكار التي طرحت ستكون موضوع تشاور  وجوجلة  من قبل رئيس الجمهورية الذي إستمع إلى آراء كل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وحزب الله ليستنبط بعدها الحلول الناجعة لهذه الازمة، وبعد عودة الرئيس الحريري سيكون هناك لقاء لتقييم ما توصل إليه الرئيس عون خلال مشاوراته، ومن المرتقب ان يستكمل الرئيس عون لقاءاته اليوم فيجتمع الى اعضاء اللقاء التشاوري بعد الظهر، في اشارة الى ان استقبال النواب السنة سيكون باعتبارهم تكتلاً نيابياً، وليسوا مجموعة مثل آخر لقاء تم بينهم وبين رئيس الجمهورية.
تجدر الإشارة إلى ان لقاء الرئيس عون بوفد «حزب الله» كان الأوّل بينهما منذ إعلان الحزب تمسكه بتمثيل السنة المستقلين في الحكومة، والموقف الرئاسي المتلفز لمناسبة مرور عامين على انتخابه رئيساً للجمهورية، اعتبر هؤلاء بأنهم أفراد وليسوا تكتلاً، ووصفت المصادر اللقاء امس بأنه كان مفيدا وضروريا لجهة إضاءته على الوضع في الجنوب اللبناني والانفاق بين لبنان وفلسطين المحتلة وصولا إلى الملف الحكومي، حيث عرض الرئيس عون وجهة نظره والافكار التي يسعى لطرحها ورؤيته للمرحلة المقبلة في ظل الاوضاع الاقتصادية التي يمر بها لبنان والتي تقتضي ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة».
وكان الرئيس عون حرص قبل حضور وفد «حزب الله» على التحذير بأن لبنان سيكون امام كارثة إذا لم تنجح مبادرته، مشدداً على ضرورة نجاحها.
وقال الرئيس عون في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس النمساوي الكسندر فان در بيلين الذي يزور لبنان حالياً، بأنه «بعد تعثر الوضع الحكومي والعجز عن معالجته بالطريقة التقليدية بين رئيس الحكومة المكلف وبقية الأطراف، رأينا انه من الواجب أخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة، لأن الاخطار أكبر من قدرتنا على تحملها».
اضاف: «قمنا بهذه المبادرة كي تنجح، ويجب ان تنجح، والا سنكون امام كارثة، وهذا بصراحة سبب تدخلي، وآمل ان تنجح هذه المبادرة لأننا نملك رأياً للتوفيق بين كل الاطراف».
ورجحت مصادر متابعة للاتصالات  ان موقف الرئيس عون يدلّ على انه يسعى الى حل بتوزير شخصية مقربة منه ومن اللقاء التشاوري وتُرضي الرئيس المكلف في الوقت ذاته، لكن لم يُعرف ما اذا كان اللقاء التشاوري سيتنازل عن موقفه بتوزيراحد اعضائه ام يكتفي بتسجيل موقفه «انه خرق احادية «تيار المستقبل» في تمثيل الطائفة السنية عبر توزير شخصية مقربة منه وبموافقته».
وأشارت المصادر إلى انه جرى تحقيق تقدّم من خلال طرح أفكار ما أدى إلى تحريك الملف الحكومي الذي كان جامداً، منذ سقوط مساعي الوزير جبران باسيل، أو اصطدامها باقتراح حكومة الـ32 وزيراً، فيما ذكرت قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله : ان الرئيس عون عرض لوفد الحزب وجهة نظره والأفكار التي يطرحها وجرى في اللقاء طرح أفكار وخيارات عدة، والوفد سينقل ما جرى بحثه الى قيادة «حزب الله» لتقرير الموقف.
واشارت المعلومات المتوافرة الى ان وفد الحزب طرح كمنطلق للحل الاعتراف بحق النواب السنة المستقلين بتوزير واحد منهم او من يمثلهم، وقالت: ان الافكار المرفوضة التي حُكي عنهاهي حكومة من 24 وزيرا رفضها الرئيس عون وحكومة من 32 وزيرا رفضها الرئيس الحريري.
 وعلى خط موازٍ، ابدت مصادر اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين ارتياحها لتحرك الرئيس عون،  وقالت: ان اللقاء لن يستبق الامور مع ان موقفه معروف، ولكنه سيستمع الى ما سيطرحه رئيس الجمهورية، وستتم مناقشة مقترحات الرئيس وافكاره وسيطرح الوفد ما لديه، مشيرة الى ان الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون كان ايجابيا ما يدل على ان هناك محاولة حلحلة.
كتلة «المستقبل»
إلى ذلك، كان لافتاً للانتباه أيضاً، تنويه كتلة «المستقبل» النيابية بمبادرة رئيس الجمهورية الحكومية، ورأت فيها «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، تطوي ما سبقها من دعوات وفتاوى دستورية وتعيد الحوار السياسي إلى جادة الصواب المطلوب الذي لا بديل عنه للوصول إلى المخارج الممكنة»، في إشارة إلى طي صفحة الرسالة الرئاسية التي أكّد الرئيس نبيه برّي أمس ان رئيس الجمهورية «استغنى عنها».
وأكدت الكتلة في هذا المجال على ان صلاحيات الرئيس المكلف غير قابلة للمساومة والمساس تحت أي ظرف من الظروف، وان كافة المحاولات التي تجري في هذا الشأن، سواء من خلال إما ابتداع أعرافٍ جديدة أو عبر فرض شروط سياسية على عملية تأليف الحكومة، ستؤول حكماً الى الفشل بحكم الدستور، الذي ينص على استشارات نيابية ملزمة غير قابلة للنقض والتراجع، لأي سبب من الاسباب.
يذكر ان الرئيس الحريري وصل مساء أمس إلى لندن في زيارة تستمر اياماً عدّة، من المقرّر ان يُشارك خلالها اليوم في منتدى الأعمال والاستثمار اللبناني - البريطاني، حيث ستكون له كلمة في المناسبة، ويرعى توقيع اتفاقية بين شركة رولز رويس الانكليزية وشركة طيران الشرق الأوسط. كما يعقد الحريري لقاءات ثنائية عدّة مع مسؤولين بريطانيين ومستثمرين ورجال مصارف بريطانية، ومع أبناء الجالية، ويختم الزيارة بحوار يجريه في «شاتهام هاوس» مع الفاعليات الاقتصادية.
ووصف بيان كتلة «المستقبل» زيارة الحريري إلى لندن، بأنها «لحماية النتائج التي أسفر عنها مؤتمر «سيدر» حيث سيتولى عرض برنامج الإصلاحات والاستثمارات على مستوى القطاع الخاص على المسؤولين البريطانيين، بهدف تسويق المشاريع التي أقرّت في مؤتمر «سيدر» لرجال الأعمال البريطانيين، وبينها قطاع النفط والغاز».
وتوقعت مصادر مطلعة، ان يعقد على هامش منتدى لندن، اجتماع بين الحريري والوزير باسيل الذي وصل بدوره أمس إلى العاصمة البريطانية، سيكون موضوع الحكومة أبرز مواضيع البحث بينهما.
الجنوب
في غضون ذلك، بقيت الإجراءات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية في واجهة الاهتمامات السياسية لليوم الرابع على التوالي، فيما واصلت قوات الاحتلال عمليات البحث عن انفاق تقول ان «حزب الله» أقامها من الحدود الجنوبية إلى داخل الأراضي المحتلة، حيث أكدت قوات «اليونيفيل» وجود نفق ثان قرب الخط الأزرق، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز»، مشيرة في بيان ان قوات «اليونيفيل» مستمرة في متابعة هذه القضية بتنسيق وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية، لكن الاحتلال الإسرائيلي تحدث عن اكتشاف نفق ثالث.
وحضرت هذه الإجراءات الإسرائيلية، في المحادثات التي أجراها الرئيس النمساوي في بيروت مع الرئيسين عون ونبيه برّي، وكذلك في جولة قائد «اليونيفيل» الجنرال ستيفانو دل كول على الرئيسين عون وبري، بالتزامن مع جولة السفير الفرنسي برونو فوشيه على هذه المرجعيات بالإضافة إلى قائد الجيش العماد جوزف عون، ما يعني ان التطورات في الجنوب تحظى باهتمام دولي لافت، خصوصاً وأن إسرائيل تنوي نقلها إلى موسكو خلال زيارة وفد عسكري إليها لوضع المسؤولين الروس في وجهة النظر الإسرائيلية، وايضاً في لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المرجح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفيما استبعد الرئيس النمساوي احتمال امتداد الاعتداءات الإسرائيلية إلى لبنان داعياً إلى الهدوء، كشف الرئيس عون ان «اسرائيل أبلغتنا عبر الولايات المتحدة ان ليس هناك من نوايا عدوانية وستستمر بالعمل من داخل اراضيها»، مضيفاً: «نحن أيضاً لا نوايا عدوانية لدينا، وبالتالي لا خطر على الاستقرار على الحدود، إنما يجب أخذ بعض التدابير لإزالة سبب الخلاف، ونحن مستعدون للعمل في هذا المجال ولكن بعد الحصول على التقرير النهائي وتحديد المواضيع التي تجب معالجتها».
وأبلغ عون لاحقاً قائد «اليونيفيل» تمسك لبنان بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 انطلاقاً من حرصه على المحافظة على الأمن والاستقرار في الجنوب، ورفضه أي ممارسات يمكن ان تؤدي إلى توتير الوضع على الحدود، وأكّد للجنرال دل كول ان «لبنان ينتظر نتائج التحقيقات الميدانية الجارية في موضوع الانفاق والتي تتولاها القيادتان اللبنانية والدولية ليبنى على الشيء مقتضاه».
اما الرئيس برّي، فقد كرّر بأن لبنان لا يزال ينتظر اعطاءه الاحداثيات بما يتعلق بالانفاق، مؤكداً الإصرار على تنفيذ القرار 1701 الذي ينص على عدم احداث خرق من طرف ضد الآخر بينما هناك 150 أو 160 خرقاً اسرائيلياً شهرياً ضد لبنان.
ومن جهته، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أن «اتصالات لمنع إسرائيل من خرق القرار 1701 تجري على قدم وساق»، وطمأن من أن «الوضع على الحدود تحت السيطرة».
وأكد في حديثٍ للـ«ان بي ان» ان «الجانب اللبناني على الجهوزية التامة لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي»، وأوضح ان «الأنفاق موجودة منذ زمن ولكن توقيت استخدامها من قبل الجيش الإسرائيلي يُسأل عنه».
اما الجنرال دل كول، فأوضح في بيان لقيادة «اليونيفيل» انه اطلع الرئيسين عون وبري على زيارته الأخيرة لموقع بالقرب من المطلة، حيث أجرى خبراء تقنيون من اليونيفيل عملية تفتيش للموقع للتأكد من وجود نفق، وان فريقاً تقنياً تابعاً «لليونيفيل» بقيادة نائب القائد العام تحقق من وجود نفق ثانٍ شمال النفق السابق في محيط المنطقة نفسها.
واوضح أن «العمل لا زال قيد المتابعة، وستبذل اليونيفيل أقصى جهدها للحفاظ على قنوات اتصال واضحة وذات مصداقية مع كلا الجانبين حتى لا يكون هناك مجال لسوء الفهم حول هذه المسألة الحساسة. الأهم من ذلك، يجب الحفاظ على الهدوء والاستقرار على طول الخط الأزرق، وقد تشجعت عند سماعي من كلا الطرفين أنهما لا يعتزمان تصعيد الوضع على طول الخط الأزرق وأنهما حريصان على مواصلة العمل مع اليونيفيل لتحقيق هذه الغاية».