بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الثاني 2019 12:55ص غيوم سياسيِّة وماليّة تُسابِق قمّة العرب الإقتصادية

تكذيبات متبادلة بين اللجنة المنظِّمة وعين التينة.. وهبوط سندات الدولار بعد تقرير إعادة جدولة الديون

حجم الخط
فصلت الجامعة العربية بين عقد القمة العربية الاقتصادية التنموية والخلافات السياسية اللبنانية، لا سيما بين الرئاستين الأولى والثانية، والسجال الذي اندلع بين اللجنة الإعلامية المنظمة للقمة والمكتب الإعلامي للرئيس نبيه برّي، الذي نفى ما نسب إليه من انه وافق على دعوة ليبيا بعدما أبلغ بالنية على دعوتها.
وبصرف النظر عن مجرى التحضيرات لعقد القمة بعد أسبوع، فإن الإنسداد السياسي، آخذ بالترسخ، بعدما غابت المبادرات، وكادت تتجمد، بصورة شبه كلية، نظرا لتباعد الخيارات الراهنة والبعيدة.
ويبدأ الموفد الأميركي ديفيد هيل على رأس وفد الذي يصل غداً إلى بيروت، سلسلة لقاءات سياسية، وعسكرية، ودبلوماسية، بدءاً من وزارة الخارجية، حيث يلتقي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ثم يزور «بيت الوسط»، ويلتقي الرئيس المكلف سعد الحريري، فضلا عن قيادات عسكرية وأمنية.
تصعيد ينذر بمضاعفات
في هذا الوقت، ارتدى التصعيد السياسي والإعلامي بين رئيس المجلس نبيه برّي واللجنة المنظمة للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية، وجهاً بالغ الخطورة، ينذر بمضاعفات واسعة، ليس على مستوى القمة فحسب، والتي تؤكد كل المؤشرات انها ستعقد في موعدها، بحسب ما أكدت الجامعة العربية، بل لناحية تدهور العلاقات بين عين التينة وبعبدا، ولو ان رئاسة الجمهورية ما زالت حتى الساعة تحيد نفسها عن «الكباش» الحاصل، فيما «حزب الله» يراقب عن بُعد، وان كان معظم نوابه شارك في مداولات المجلس الشيعي أمس، ما ينذر بتداعيات واسعة، لن تكون الملفات الخلافية بمنأى عن شظاياها، وفي مقدمها تشكيل الحكومة، الذي بات أمر ارتباطها بالتجاذب الحاصل حول قمّة بيروت مكشوفاً، أو «فالج لا تعالج» على حدّ تعبير الرئيس برّي، فضلا عن الوضعين الاجتماعي والاقتصادي- المالي، في ضوء الكلام عن إعادة جدولة الديون، من ضمن خطة وزير المال علي حسن خليل لإعادة هيكلة الوضع المالي للدولة، الأمر الذي انعكس سلباً على قيمة السندات الدولية  بالدولار، إضافة إلى ما يُمكن ان يتطور إليه الوضع في الشارع، على خلفية التحرّك الموعود من قبل الحراك المدني غداً الأحد.
وزاد من خطورة مضاعفات ما يجري على صعيد القمة، ولا سيما ما يتصل بدعوة سوريا والاحتجاج على دعوة ليبيا، دخول إسرائيل على خط توتير الأجواء، من خلال استئناف أعمال إنشاء الجدار الاسمنتي في النقاط المتحفظ عليها لبنانياً على الخط الأزرق في خراج بلدة العديسة، من دون اعلام قوات «اليونيفل» بذلك، ما اثار قلقاً لبنانياً رسمياً عبّر عن نفسه الاجتماع الطارئ  للمجلس الأعلى للدفاع، من ان تكون التحركات الإسرائيلية في الجنوب بمثابة تمهيد لشن عدوان على لبنان، بذريعة انفاق «حزب الله»، في ضوء أخضر أميركي عبر عنه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في القاهرة، أمس الأوّل، عندما أعلن بأنه لن يقبل بوجود «حزب الله» في لبنان كأمر واقع.
ولم يستبعد مسؤول حزبي رفيع مقرّب جداً من «حزب الله» بأن تكون زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى بيروت الأحد المقبل تندرج في إطار مواكبة ما تحضر له إسرائيل من عدوان على لبنان، يتوقع ان يكون في الربيع المقبل، مشيرا إلى ان الحزب بدأ التحضير من جهته لوجستياً وعسكرياً لمواجهة هذا العدوان، جازماً بأن الحزب يراقب بدقة وعن كثب التحركات الإسرائيلية، وهو بات جاهزاً لمواجهة أي عدوان، مؤكدا ان الحزب هو اليوم في حالة جهوزية تامة، أو بمعنى أوضح في حالة حرب، ووضع الخطط اللازمة للمواجهة وجهز المقاومين نفسياً وعسكرياً لما تحضره إسرائيل.
وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء» ان زيارة هيل إلى بيروت تأتي من ضمن جولة لمسؤولي الخارجية الأميركية للدول الحليفة والصديقة لاميركا في الشرق الأوسط وأوروبا، والتي يقوم بها الوزير بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، مشيرة إلى ان هيل الذي زار من ضمن هذه الجولة المانيا وبولونيا يهدف إلى «طمأنة الحلفاء والاصدقاء» إلى ان أميركا لن تترك منطقة الشرق الأوسط للفراغ أو لإيران وحلفائها.
ومن المفروض ان يلتقي هيل في بيروت يوم الاثنين المسؤولين اللبنانيين، وبينهم وزير الخارجية جبران باسيل.
توضيحات اللجنة المنظمة
إلا ان زيارة الموفد الأميركي هيل، على الرغم من جدية وخطورة الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب، لن تحجب مضاعفات التصعيد السياسي الداخلي، خاصة وانه لم تظهر بعد أية ملامح جدية لاحتوائه، باستثناء توضيح مصادر مطلعة لــ «اللواء»، بأن البيان الذي صدر عن اللجنة المنظمة للقمة التنموية كان واضحاً في النقاط التي فندها، وان إظهار بعض الحقائق هدف إلى وضع الأمور في نصابها، وليس المقصود الدخول في سجالات وإنما تبيان ما يجب تبيانه، خصوصا في موضوع مشاركة ليبيا، وكذلك في دعوة سوريا إلى القمة.
ولفتت المصادر ذاتها إلى ان سوريا لا يُمكن لها ان تُلبّي أي دعوة للمشاركة في أي قمّة، سواء في بيروت أو في تونس، ما لم يُصرّ إلى إصدار قرار من الجامعة العربية حول دعوتها إلى الكنف العربي.
ورأت هذه المصادر انه مع تأكيد اللجنة المنظمة انعقاد القمة في موعدها، بالتزامن مع إعلان الأمين العام المساعد للجامعة ورئيس مكتب الأمين العام السفير حسام زكي الذي وصل إلى بيروت أمس، آتيا من القاهرة لمتابعة الإجراءات اللوجستية الخاصة بالقمة، بأن القمة ستعقد في موعدها، وان التجاذبات السياسية اللبنانية لا تخص الجامعة بشيء، فإن الأنظار تتجه إلى احتمال انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب لبحث عودة سوريا إلى الجامعة، على ان يكون هذا الموضوع البند الوحيد على جدول الأعمال، الا ان المصادر لفتت إلى ان لا معطيات قاطعة بعد بهذا الشأن، علماً ان الدعوة قد تحصل إذا كان هناك توافق داخلي لتكليف الوزير باسيل بتوجيه الدعوة إلى هذا الاجتماع، لا سيما ان لم تكن هناك إمكانية لانعقاد مجلس الوزراء واتخاذ قرار بهذا الصدد.
وكانت اللجنة المنظمة للقمة قد أصدرت أمس بياناً كشفت فيه ان التحضيرات للقمة بدأت منذ شهر آب الماضي بالتنسيق بين مختلف الإدارات الرسمية، موضحة ان رئيس اللجنة العليا المنظمة للقمة انطوان شقير ورئيس اللجنة التنفيذية نبيل شوير زارا كلا رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء، سعد الحريري والوزراء المختصين واطلعوهم على كل الترتيبات المتعلقة بالقمة والدول المشاركة فيها والمواضيع المقترحة لوضعها على جدول الاعمال». 
واضافت «في ما خص دعوة ليبيا الى حضور القمة، فقد ابلغ الرئيس بري عضوي اللجنة العليا موافقته على دعوة ليبيا على ان توجه الدعوة عبر القنوات الديبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية. اما في ما يتعلق بدعوة سوريا، فقد اوضح عضوا اللجنة للرئيس بري ان هذه المسألة مرتبطة بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وليس قراراً لبنانياً»، مشيرة «الى انه خلال القمة العربية التي عقدت في بيروت في العام 2002، شاركت ليبيا في القمة بوفد رفيع المستوى».
وهذه الإشارة وحدها كانت كافية للتلميح إلى ان الرئيس برّي يزن الأمور بميزانين، فسارع إلى الرد على اللجنة، عبر مكتبه الإعلامي، مؤكداً على ان كل هذه المعلومات «مختلقة وعارية من الصحة»، مبدياً «استغرابه الشديد بأن يصل هذا الاسلوب من الاختلاقات والتلفيقات إلى هذا المستوى من القضايا والمقام»، كاشفاً «ان وزير المال زار الرئيس عون بناء لطلب برّي محتجاً على توجيه دعوات إلى الليبيين».
ولاحقاً، ردّ الوزير باسيل، من زحلة، على برّي من دون ان يسميه متهماً اياه بالمزايدة، معتبراً ان «العلاقة مع سوريا تصب في مصلحة لبنان بكل مكوناته، وهي لا يُمكن ان تكون موضع مزايدة داخلية يستخدمها طرف يريد ان يحسن علاقته الخاصة بسوريا فيزايد على حساب لبنان».
المجلس الشيعي يحذر
تزامناً، تفاعلت المواقف الرافضة لدعوة ليبيا إلى القمة على الصعيد الشيعي، في وقت تواصلت فيه عاصفة السجالات بين حركة «امل» و«التيار الوطني الحر» على خلفية ما أثير حول قضية هنيبعل القذافي من ملابسات أثارها وزير العدل سليم جريصاتي، وحذر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من «تجاهل ردّات الفعل الشعبية التي يُمكن ان تنتج عن الإصرار على دعوة الوفد الليبي»، ما يُؤكّد المعلومات التي تحدثت عن احتمال قطع طريق المطار من قبل مناصري «امل» لمنع وصول الوفد الليبي.
ودعا المجلس الذي التأم في اجتماع طارئ بهيئته التنفيذية والشرعية، وغاب عنه النائب جميل السيّد، «جميع المسؤولين اللبنانيين والحكومة الالتزام بما نصت عليه البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة لجهة قضية اختطاف الامام موسى الصدر واخويه الشيخ محمّد يعقوب والإعلامي عباس بدر الدين، ودعم لجنة المتابعة الرسمية، مذكراً الجميع ان السلطة الليبية الحالية ترفض التعاون وترفض ايضا تنفيذ مذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين، بخصوص هذه القضية، معتبرا ان «موقف السلطات الليبية يستدعي اتخاذ الموقف المناسب وعدم دعوتها إلى مؤتمر القمة في بيروت ورفض حضورهم لها، لا سيما وان بعض مسؤولي هذه السلطة الذين يعتبرون من ألد أعداء هذه القضية ويمثلون مصالح آل القذافي».
واللافت ان البيان لم يتطرق إلى مسألة حضور سوريا القمة.
هبوط السندات
على صعيد مالي، اشارت وكالة «رويترز» إلى ان «السندات الدولارية اللبنانية تهبط بما يصل إلى 3.7 سنت بعد أحدث تقرير عن إعادة هيكلة الديون».
لكن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل قال رداً على ما جاء في تقرير لبلوغ نسب إليه بأن خطة يجري اعدادها لإصلاح مالية الدولة تتضمن إعادة جدولة للدين.
وسئل خليل عمّا إذا كان خفض للدين قيد الدراسة فأجاب قائلاً: «لا نية على الإطلاق للمس بقيمة السندات اللبنانية أو اقتطاع نسبة منها أو أي عملية تخل عن التزامات لبنان».
وأضاف قائلاً: «المقترحات هي عملية تنظيم وإدارة الدين والسير بالاجراءات الإصلاحية التي تخفف من اعبائه».