بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيار 2019 02:47ص فجر الموازنة: تخفيضات قاسية في الوزارات .. والرواتب المحطّة الأخيرة

البطريرك صفير يُشيَّع الخميس والحدِاد الوطني يسبق الحداد الرسمي

مجلس الوزراء منعقداً مساء أمس  في السراي  وبدا الرئيس الحريري والوزراء وقوفاً حداداً على وفاة البطريرك صفير (تصوير: محمود يوسف) مجلس الوزراء منعقداً مساء أمس في السراي وبدا الرئيس الحريري والوزراء وقوفاً حداداً على وفاة البطريرك صفير (تصوير: محمود يوسف)
حجم الخط
مع ساعات الصباح الأولى، خيّم جو من الحزن الوطني العام على رحيل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير (1920- 2019)، في وقت كانت الأنظار تتجه إلى ترقب تطورات الجلسة رقم 10 من جلسات مجلس الوزراء حول موازنة العام 2019. وهي تبحث مسألة الإجراء المتعلق بالأجور والرواتب للعاملين في القطاع العام، عل ان ينشغل لبنان السياسي والرسمي والشعبي بترتيبات وداع البطريرك الماروني الأسبق، الذي نعته بكركي، على لسان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، والذي وصفه بـ «ايقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن».

وجاء في بيان النعى «الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن». بوصف البطريرك الراحل انه شكل علامة فارقة في تاريخ لبنان، منذ اتفاق الطائف، الذي وفر التغطية المسيحية إلى العام 2005 عام اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مرورا بالبيان الشهير في العام 2000، الذي صدر عن مجلس المطارنة الموارنة بالدعوة إلى انسحاب القوات السورية من لبنان، والذي تحقق غداة الزلزال الكبير في العام 2005 (وهو ما أشار إليه الرئيس سعد الحريري، في النعي، وإعلان الحداد، يوم الأربعاء والخميس، باستذكار اللقاء التاريخي بين والده الرئيس الشهيد والبطريرك الراحل بقوله وكأنه كتب لهذين الرجلين الكبيرين، ان يلتقيا في الموعد التاريخي الفاصل بالايمان الوطني الواحد، والتطلع الواحد، واليد الواحدة».

ومنذ ما قبل الظهر، تداول ميشال عون مع الرئيس الحريري في الخطوات الواجب اعتمادها بعد وفاة البطريرك صفير لا سيما لجهة إعلان الحداد الرسمي والتوقف عن العمل في كل المؤسسات والإدارات الرسمية والخاصة يوم التشييع حدادا على الراحل صفير.


البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير


الجلسة العاشرة

وفي الثالثة من فجر اليوم، انتهت الجلسة العاشرة لمجلس الوزراء، والتي انعقدت في العاشرة ليلاً لمتابعة درس مشروع الموازنة، من دون ان تتمكن من حسم مسألة تخفيض الرواتب المرتفعة لكبار الموظفين، وكذلك خفض رواتب الوزراء والنواب، أو حتى التطرق إلى موضوع العسكريين، بسبب غياب وزير الدفاع الياس بوصعب بداعي السفر، فيما ارجئ البند المتعلق بفرض رسم 2 في المائة على الاستيراد.

وذكرت مصادر وزارية ان كل هذه الموضوعات طلب الرئيس الحريري تأجيلها إلى حين اتضاح ان الإيرادات التي يجري بحثها قد حققت نسبة العجز في الموازنة الى حدود 9 في المائة، وهي النسبة التي وضعتها الحكومة كأحد الشروط الأساسية لإنجاز الموازنة، وفي هذه الحالة قد يتم الاستغناء أو إسقاط بند الرواتب من احتساب الموازنة، علماً ان مجلس الوزراء سيعود إلى الاجتماع مجدداً عند الثانية عشرة من ظهر اليوم في السراي الحكومي، على ان تكون الجلسة الأخيرة لإقرار مشروع الموازنة ظهر غد الثلاثاء في قصر بعبدا، قبيل الإفطار الرئاسي الذي سيقيمه الرئيس ميشال عون غروب غد ويشارك فيه الرئيسان نبيه برّي والحريري والوزراء والنواب وكبار الشخصيات، فيما الإفطار الذي سيقيمه الرئيس الحريري في السراي سبق ان حدّد غروب الجمعة المقبل، إلا ان هذا الأمر لم يتأكد، لأن أحداً من الوزراء لم يتحدث عن موعد الانتهاء من درس الموازنة، باستثناء الوزير وائل أبو فاعور الذي توقع وضع اللمسات الأخيرة على المواد العالقة.

وكانت الجلسة قد انعقدت على إيقاع تحركات مفاجئة للعسكريين المتقاعدين وناشطين من الحراك المدني، لم تكن متوقعة، حيث كانت كل المعلومات تُشير إلى تأجيل التحركات في الشارع إلى اليوم لمواكبة مجلس الوزراء، سواء من قبل العسكريين أو من هيئة التنسيق النقابية وأساتذة الجامعة اللبنانية، وأساتذة التعليم الرسمي. وعمد العسكريون المتقاعدون إلى نصب خيم ليلاً امام مبنى مصرف لبنان في شارع الحمراء، معلنين استمرارهم في الاعتصام إلى اليوم، فيما حاول الناشطون إغلاق المداخل المؤدية إلى السراي من ساحة رياض الصلح، واعترض عدد منهم سيارة أحد الوزراء ورشقوها بعبوات المياه، ما استدعى تدخل القوى الأمنية وحصل اشكال بين الطرفين من دون تسجيل اصابات.

واكتفى وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء الجلسة بالاعلان ان الجلسة كانت طويلة لكننا بحثنا في العمق بالمواد الضريبية، واتخذت قرارات في بعض المواد منها مثلا تخفيض رسوم التسجيل للدراجات. فكما تعرفون أن أغلب الدراجات في لبنان غير مسجلة نتيجة أن الرسوم مرتفعة. جرى تخفيضها للحد الأدنى تشجيعا للناس لكي يسجلوا دراجاتهم. كذلك مساهمة الدولة في المدارس المجانية أصبحت خاضعة لرقابة التفتيش التربوي. واتخذت قرارات بخصوص الالتزام الضريبي، والغرامات على التهرب الضريبي أصبحت عالية بشكل أن نضبط جباية الدولة من الضرائب. كما رفعنا الرسوم قليلا على إجازات العمل على الأجانب، وهذه لا تطال اللبنانيين بل الأجانب الذين يستحصلون على إجازات عمل في لبنان. كما خفضنا مساهمة الدولة في المؤسسات العامة التي تستفيد من مساهمات من المالية العامة بين 10 و50 لبعض المؤسسات لكي نضبط إنفاق هذه المؤسسات. بالطبع، هناك قرارات بحاجة إلى صياغة قانونية بخصوص تشجيع الاستثمار، خاصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. رفعنا الرسوم على الطائرات التي تهبط في مطار بيروت بما يزيد الدخل والرسوم على هذه الطائرات، تساويا مع بقية المطارات في العالم أو المنطقة. هذه أهم الأمور، هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى صياغات قانونية، غدا إن شاء الله الساعة الثانية عشرة ظهرا هناك جلسة وسنستكمل البحث. 

سئل: لماذا لم يتم حتى الآن البحث في مسألة الاقتطاع من الرواتب الخاصة بالوزراء والنواب والرؤساء وموضوع القطاع العام ما زال يتم تأجيله؟

أجاب: موضوع الرواتب ككل لم نبحثه حتى نرى الإجراءات التي اتخذناها حتى الآن وما الذي ستخفضه من العجز، وإن كانت كافية أم لا. طبعا هذا الموضوع بحاجة إلى بحث في العمق أكثر لكي نتخذ قرارا بشأنه. لكن، اليوم كل الإجراءات الضريبية التي اتخذناها وتخفيض الإنفاق في الوزارات ومؤسسات الدولة هي تخفيضات مهمة، ولأول مرة نكون قساة في التخفيضات بالموازنات، لكي نرى حجم هذه التخفيضات وانعكاساتها المالية، وعلى ضوئها نتخذ القرارات.

حداد رسمي

وخلافاً للبروتوكول الرسمي، أعلنت الحكومة الحداد الرسمي يومي الأربعاء والخميس المقبلين، على البطريرك الماروني السابق نصر الله بطرس صفير، الذي اسلم الروح عند السادسة من فجر أمس الأحد، في مستشفى «اوتيل ديو»، حيث كان يعالج من وعكة صحية لم تمهله أكثر من عشرة أيام.

وقضت مذكرة الحداد، والتي كانت موضع تشاور بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بتنكيس الإعلام خلال يومي الأربعاء والخميس على سائر الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة والبلديات، وتعدل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب والحدث الأليم. ويوم التشييع للراحل الكبير، والذي حدّد عصر الخميس يوم توقف عن العمل في جميع الإدارات العامة والبلديات والمؤسسات العامة والخاصة.

ومع إعلان خبر الوفاة من الصرح البطريركي في بكركي قرعت الاجراس حزناً في جميع الكنائس اللبنانية عند العاشرة صباحاً، وارتفعت الصلوات لراحة نفس البطريرك الراحل في كل قداسات الأحد، وعلى وجه الخصوص في بكركي، حيث ترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي قداساً على نية الراحل الكبير، اعتبر في عظته ان الكرسي البطريركي خسر بوفاة البطريرك صفير أيقونة، لكننا نربحه جميعاً شفيعاً في السماء.

وسيسجى جثمان صفير في كنيسة بكركي ابتداء من العاشرة من صباح الأربعاء وحتى ما بعد ظهر الخميس، ويحتفل بالصلاة عن نفسه عند الخامسة من بعد ظهر الخميس في باحة بكركي، ثم يدفن في مدافن البطاركة، وليس في وادي قنوبين، كما اشيع سابقاً بناء لرغبته الشخصية التي نقلها طبيبه الخاص الياس صفير، وقد أصرّ البطريرك الراعي على ان يكون الدفن مهيباً.

ويتقبل الراعي التعازي ابتداء من اليوم الاثنين وأيام الثلاثاء والاربعاء والخميس والجمعة ابتداء من العاشرة والنصف صباحاً وحتى السادسة مساء في صالون الصرح.

وتحدثت معلومات ذكرها نائب كسروان فريد هيكل الخازن، ان الرئيس عون سيكون حاضراً في جنازة تشييع صفير، وان الرئيسين الحريري ونبيه برّي ليسا بعيدين عن ذلك، في إشارة إلى ان الرؤساء الثلاثة سيتقدمون المشيعين في باحة بكركي، حيث عاش فيها صفير 63 سنة متواصلة كاهناً واسقفاً وبطريركياً وكاردينالاً، فيما أعلن المكتب الإعلامي للنائب السابق فارس سعيد، بأن أعضاء «قرنة شهوان» الذي كان يحظى برعاية مباشرة من البطريرك الراحل، تنادوا للقاء المطران يوسف بشارة لتبادل التعازي، ودعوا جميع اللبنانيين إلى المشاركة الكثيفة في صلاة الجنَّاز نهار الخميس عربون وفاء وتقدير، وكذلك دعا «لقاء الجمهورية».

وقبل بدء التعازي رسمياً، توافد إلى بكركي عدد كبير من المواطنين ومن الوفود الشعبية لتعزية البطريرك الراعي والسفير البابوي جوزف سبيتيري، وعائلة الراحل بوفاة صفير الذي كان بطريركاً استثنائياً للطائفة المارونية، ولقب بحق بطريرك الاستقلال الثاني، بالنظر للادوار الكبيرة التي لعبها في المرحلة الأخيرة من اعتلائه سدة البطريركية المارونية، حيث غطى مسيحياً اتفاق الطائف في العام 1989 بالرغم من معارضة العماد ميشال عون آنذاك، وكان لنداء المطارنة الموارنة الشهير في أيلول من العام 2000 مساهمة كبيرة في تحقيق انسحاب الجيش السوري من لبنان، انطلاقاً من الشعار الذي رفعه النداء بالحرية والاستقلال والعيش المشترك، والذي تُكرّس لاحقاً في مصالحة الجبل في آب 2001 وإطلاق لقاء «قرنة شهوان»، والذي أسهم بدوره في إطلاق ثورة الأرز، أي انتفاضة 14 آذار 2005، في أعقاب استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

ومن الوفود التي زارت بكركي وفد من دار الفتوى برئاسة الشيخ خلدون عريمط الذي أعاد إلى الأذهان بأن البطريرك الراحل فتح صالون بكركي أثناء استشهاد مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ حسن خالد، كذلك زار بكركي الرئيس أمين الجميل والنائب إبراهيم عازار ممثلاً الرئيس برّي، والنائب شوقي الدكاش ممثلا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. 

جنبلاط: مزارع شبعا لبنانية

من جهته، وصف رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان الطرف الثاني في مصالحة الجبل، البطريرك صفير بالرجل الاستثنائي بتواضعه وشموخه، مؤكداً ان علاقته ببكركي ستبقى مستمرة بالوضع نفسه كما كانت أيام صفير، على الرغم من ان الظروف اليوم أقسى علينا كلبنانيين من تلك التي كانت موجودة في العام 2005.

وأكّد جنبلاط في حديث مع تلفزيون L.B.C ان لبنان كلّه سيكون موجوداً الخميس في وداع صفير، لكنه هو شخصياً لن يحضر بسبب اضطراره لسفر لظروف خاصة، وسيكون نجله تيمور ممثلاً عنه.

وفي شأن آخر أوضح جنبلاط انه لم ينكر لبنانية مزارع شبعا، بل طالب بتثبيت لبنانيتها، وان تعالج هذه المسألة بهدوء، لأنه سبق ان تمت الموافقة على لبنانيتها في العام 2006 بالإجماع بين اللبنانيين، ومن حقنا تثبيت لبنانيتها على الحدود البرية كما البحرية، بإجراءات قانونية تتخذها سوريا.

وفي المجال الاقتصادي أمل جنبلاط ان تصل جهود الرؤساء الثلاثة إلى خطة حقيقية للتقشف، ولا يجوز ان نستمر بمزاريب الهدر ذاتها الموجودة في الدولة، مشدداً على انه ضد أي مس بالطبقات المتوسطة والفقيرة، ولكن حين تنكشف مزاريب الهدر في الدولة لا يجوز ان نستمر بهذا المسار.

وقال اخشى على البلد من هذه السلطة وكنت جزءاً منها بسبب المبدأ الذي ارسته الوصاية السورية بأن تكون المعارضة والموالاة في السفينة نفسها.

العسكريون المتقاعدون ينصبون خيمة أمام مصرف لبنان ويعتصمون ليلاً (تصوير: جمال الشمعة)