بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 آب 2019 12:40ص قَصْف عوني على الحريري قبل عودته من واشنطن

ترحيب درزي برئيس الجمهورية يمهِّد للقاء مع جنبلاط ... ومجلس الوزراء هذا الأسبوع في بيت الدين

الرئيس عون متحدثا امام الوفد الاشتراكي الذي زاره مرحباً في قصر بيت الدين السبت (تصوير: دالاتي ونهرا) الرئيس عون متحدثا امام الوفد الاشتراكي الذي زاره مرحباً في قصر بيت الدين السبت (تصوير: دالاتي ونهرا)
حجم الخط
في أجندة الأسبوع ما قبل الأخير من آب اللهاب، حيث ترتفع الحرارة على نحو غير مسبوق، بدءاً من الخميس المقبل، جلسة لمجلس الوزراء، يتحدد موعدها، غداة عودة الرئيس سعد الحريري المتوقعة اليوم، وان كان مكانها محدداً نفسه، إذا ما كانت برئاسة الرئيس ميشال عون، في قصر بيت الدين، الذي على اجندته السياسية زيارة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بعد عودته من «سفره المريح»..

عودة النصاب الرسمي

وإذا سارت الرياح بحسب ما يشتهي المسؤولون اللبنانيون، فإنه يفترض، مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري المرتقبة اليوم إلى بيروت، بدء عودة عجلة الحياة السياسية والنشاط الرسمي الفعلي، بعد انتهاء عطلتي عيد الأضحى وانتقال السيدة العذراء، وسط أجواء انفراجات داخلية، احدثتها اللقاءات التي تمت ومهدت للمعالجات بين الأطراف المعنية بحادثة قبرشمون - البساتين، ويفترض ان تستكمل بمساعي الرئيس نبيه برّي هذا الأسبوع، خصوصاً بعد ان تعززت بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في المقر الصيفي في بيت الدين بوفد من الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي النيابي ممثلا رئيس الحزب وليد جنبلاط وابنه رئيس التكتل تيمور جنبلاط، ومن ثم بوفد كبير ضم زهاء 300 شخص من فعاليات الشوف تقدمته السيدة داليا وليد جنبلاط للترحيب بالرئيس، على ان يقوم جنبلاط الاب والابن الموجودين خارج لبنان بزيارة عون يوم السبت المقبل بعد عودتهما من الخارج.

ووصفت مصادر «اللقاء الديموقراطي النيابي» اجتماع الوفد النيابي الوزاري بالرئيس عون في بيت الدين ، بأنه «ودّي وايجابي جدا». وقالت لـ«اللواء»: اكدنا خلاله ان مصالحة الجبل ثابتة ولن تهتز، خاصة ان الرئيس عون اضاف اليها كثيرا بزيارته دار المختارة عام ٢٠١٠. 

وحول معالجات حادثة البساتين؟ قالت المصادر: لم نتطرق لهذا الموضوع ، لكن مسارات المصالحة ماشية، ونستطيع ان نؤكد اننا اصبحنا امام مرحلة جديدة.

ويبدو ان هذه الانفراجات مهّدت للاتفاق على عقد جلسة لمجلس الوزراء مبدئيا يوم الاربعاء المقبل او الخميس على أبعد تقدير في بيت الدين، بعد عودة الحريري، الذي من المرتقب ان يزور الرئيس عون للاتفاق على موعد الجلسة وجدول اعمالها، ويضعه في اجواء لقاءاته في واشنطن لا سيما مع وزير الخارجية مايك بومبيو. وذلك في اطار التوافق الذي جرى لطي المواضيع الخلافية والبدء بمعالجة الملفات المهمة المطروحة اقتصاديا وماليا وانمائيا وخدماتيا. وقد رجحت مصادر وزارية تكثيف الجلسات لتعويض ما فات خلال ازمة قبرشمون- البساتين التي استمرت أربعين يوما. 

كما علمت «اللواء» في مجال اخر، ان رئيس حزب التوحيد العربي الوزير الاسبق وئام وهاب، سيزور الرئيس عون اليوم الاثنين على رأس وفد كبير للترحيب به في الشوف، في حين تقرر ان تكون زيارة رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان هذا الاسبوع  ايضا، بعد احياء الحزب مراسم ذكرى ضحيتي حادثة البساتين رامي سلمان وسامر أبو فراج امس الاحد في دار خلدة.

واتسمت مراسم الذكرى بالهدوء بشكل عام، ولم تخرج كلمة أرسلان عن سياق المصارحة والمصالحة التي أرساها لقاء بعبدا، وبدا ان خلدة ما زالت متمسكة بها، على اعتبار انها مسار طويل وتندرج في اطارها بنود كثيرة، وهي خطوة أولى باتجاه خطوات أخرى، لم يحددها، وان كان أوضح انه كرمى الرئيس برّي قبل بوضع كلمة المصالحة إلى جانب المصارحة، مشيراً إلى انه ينتظر ان تبدأ المحكمة العسكرية عملها ونحن بكل روح إيجابية وتعاون حاضرون لكي يذهب المطلوبين إلى التحقيق ولا غطاء على أحد.

وشدّد أرسلان على ان ما حصل مع وزير شؤون النازحين صالح الغريب في قبرشمون لم يكن حادثاً عابراً أو حادثة بنت ساعتها، كما يحاول البعض توصيفها (في ردّ غير مباشر على الحزب الاشتراكي)، وانه ليس من مدرسة التفاوض على الدم.

ترحيب اشتراكي بعون

إلى ذلك، علمت «اللواء» من مصادر مطلعة ان زيارة وفد نواب الحزب التقدمي الأشتراكي للرئيس عون في قصر بيت الدين كان ضروريا ووصفت الأجواء بالجيد حيث دار كلام عن اهمية لقاء المصارحة والمصالحة في قصر بعبدا وضرورة متابعته من خلال الأجراءات التي اتفق عليها وتنقية الأجواء بشكل نهائي وان يأخذ القضاء مجراه في ملف التحقيق لأنه بذلك لن يشعر اي طرف بأنه مغبون بأي قضية تحصل.

وقالت انه في العموم كان الجو جيداً، متوقفة عند اطلاق النائب ارسلان مواقف هادئة غير مستفزة امس الأمر الذي يشجع على السير في ما اتفق عليه بشكل جيد على ان يكمل القضاء مهمته.

وافادت المصادر ان للحديث تتمة في اللقاء المرتقب بين الرئيس عون والنائب السابق وليد جنبلاط بعد عودته من الخارج.

وكان الرئيس عون قد أكد امام الوفد الحاشد، ان المصالحة الأساسية التي حصلت لن تهتز، وان اختلفنا سياسياً.

وقال: «ان الاختلاف السياسي طبيعي في النظام الديموقراطي، ولكنه ليس اختلافا على الوطن. والانسان يغتني في حق الاختلاف الذي يتيح المجال للاغتناء المتبادل والالتقاء على ما هو صح والابتعاد عما هو خطأ».

اما الوفد الاشتراكي فقد رحب باسمه الوزير اكرم شهيب الذي أكّد ان «وجود الرئيس عون في بيت الدين هو تكريس للمصالحة الراسخة التي أرساها البطريرك الراحل نصر الله صفير وعززتها زيارتكم إلى المختارة في العام 2010».

وقال: ان المصالحة كانت وستبقى عنواناً ساطعاً للعيش الوطني الواحد الراسخ في الجبل «وهي فعل وعي يمارس يومياً عن قناعة وخيار ثابت».

مجلس الوزراء

وبالنسبة إلى مجلس الوزراء، فقد اشارت المصادر المطلعة نفسها إلى انه مع عودة الرئيس الحريري من الخارج فإنه يفترض ان يتحرك ملف مجلس الوزراء ومن المرجح ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع في قصر بيت الدين والأمر مرتبط بعودة الحريري وانجاز جدول أعمال مجلس الوزراء والدعوة الى انعقاد الجلسة.

وذكرت بأن اولوية رئيس الجمهوريه تقوم على التركيز على الشق الأقتصادي وورقة العمل التي اقرت في الأجتماع المالي والأقتصادي الذي انعقد في قصر بعبدا لاسيما ان هناك نقاطا لا بد من استكمالها من ضمن الآجراءات التي اتخذت خصوصا ما يتعلق بموازنة العام 2020 لجهة انجازها سريعا ضمن المهلة الدستورية وخطة الكهرباء وكذلك الأمر بالنسبة الى خطة «ماكينزي» ومقررات سيدر وكل المقترحات الواردة في الورقة والتي تشكل اولوية لدى الرئيس عون في المرحلة المقبلة ويرغب في تنفيذها، مذكرة بما قاله في دردشة لدى الأعلاميين انه ما لم يكن هذا الآجتماع قادرا على تنفيذ القرارات التي اتخذها فحتما هناك امر غير صحيح.

ولفتت الى ان هناك ايجابيات تسجل في التطورات التي حصلت مؤخرا كما ان جو زيارات قصر بيت الدين تعزز مناخاً سليماً.

وفي تصريحات جديدة له، أعلن الرئيس عون انه سيرعى شخصياً المسار التنفيذي لمقررات لقاء بعبدا المالي والاقتصادي بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والقوى السياسية المشاركة في السلطة».

وأضاف في تصريحات لـ«رويترز»، إن «الهدف هو ضمان الاستقرار السياسي في مجلس الوزراء وخارجه، وتأمين أكبر قدر من الانتاجية خاصة لجهة تنفيذ موازنة 2019 بوارداتها وإصلاحاتها».

وقال عون إنه يتوقع أن «يبدأ هذا المسار التنفيذي مع بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بعد الانتهاء من التحضيرات الجارية الآن في مختلف الادارات، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو وينعكس إيجابا على الوضعين الاقتصادي والمالي».

وبين الخطوات التي تم الاتفاق عليها، في اللقاء المذكور، الانتهاء من ميزانية 2020 في الموعد المناسب، وإعداد خطة لبدء مشروعات تبلغ قيمتها 3.3 مليار دولار وافق عليها مجلس النواب، والتنفيذ الكامل لخطة إصلاح قطاع الكهرباء وقوانين لمكافحة التهرب الضريبي وتنظيم العطاءات العامة.

وتعهدت حكومات أجنبية ومؤسسات مانحة العام الماضي بتقديم 11 مليار دولار للبنان، لتمويل مشروعات البنية الأساسية الرئيسة خلال مؤتمر سيدر في باريس، شريطة تنفيذ الإصلاحات، بحسب ما قالت «رويترز» التي اضافت بأنه ينظر إلى إجراءات خفض عجز الميزانية وإصلاح قطاع الكهرباء، الذي يستنزف الأموال العامة في الوقت الذي يجعل فيه اللبنانيين يعانون انقطاع الكهرباء، على أنهما اختباران مهمان لقدرة الحكومة على الإصلاح.

الحريري في واشنطن

وكانت لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن قد خرجت بمواقف تؤكد الدعم الاميركي لمؤسسات لبنان الدستورية والعسكرية والامنية اضافة الى الدعم الاقتصادي، لكنها لم تبت بشكل قاطع في أحد اهداف الحريري من الزيارة، وهي تبيان المدى الذي ستسلكه الادارة الاميركية في عقوباتها على ايران وبالتالي على «حزب الله»، علما ان الوزير بومبيو قال في تغريدة له عبر «تويتر» بأن اجتماعه مع الحريري كان مثمراً، وأنه أكد له دعم استقرار لبنان، وفي الوقت نفسه عبر له عن قلقه ازاء «حزب الله»، مؤكداً استمرار العقوبات الأميركية على الحزب».

يُشار إلى ان الحريري وأفراد عائلته استضافوا أمس الوزير بومبيو وعائلته إلى الغداء في مزرعة الحريري الخاصة خارج واشنطن، في حضور الوزير السابق الدكتور غطاس خوري الذي يرافقه كمستشار وحضر جميع لقاءاته في العاصمة الأميركية.

ويبدو ان نتائج زيارة الحريري الى واشنطن لا سيما في ما خصّ «حزب الله»، لن تظهر فورا بل من خلال الاجراءات التي ستتخذها الادارة الاميركية سواء لجهة دعم لبنان او لجهة العقوبات على  «حزب الله»، علما ان المعلومات افادت ان رئيس الحكومة سعى لدى الجانب الاميركي للفصل بين عمل الحكومة وضمان انتاجيتها ومعالجاتها للمشكلات المطروحة، وبين السياسة الاميركية تجاه الوضع الاقليمي وصراعها مع ايران و«حزب الله».

لكن لفت الانتباه، ان نتائج هذه الزيارة بدأت تواجه بحملة تشكيك، بعدما واجهتها في الأيام الأولى حملة تشويش، من جانب فريق دأب على تسريب معلومات عن استياء أميركي من أداء حكومة الحريري. وجديد هذه التسريبات كلام عن عدم اجراء أي اتصال بين الحريري والرئيس عون خلال وجوده في واشنطن، وكذلك تساؤلات عن أسباب عدم حضور سفير لبنان في واشنطن غابي عيسى الاجتماعات التي عقدها الرئيس الحريري مع المسؤولين الأميركيين، وخاصة مع الوزير بومبيو، مع انه كان في استقباله على المطار لدى وصوله إلى واشنطن.

وعبر عن حملة التشكيك النائب في «التيار الوطني الحر» زياد أسود الذي غرد على حسابه على «تويتر» موجهاً حديثه إلى الرئيس الحريري قائلاً: «اذا رحّت أميركا واستقبلت وتقابلت لا يمكنك ان تتعهد بشيء وإذا رجعت إلى لبنان لا يمكنك ان تنفيذ شيئاً ما كتب قد كتب دولتك».

وسارع عضو المكتب السياسي في تيّار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش إلى الرد على أسود عبر الـL.B.C بالقول: «كلام تافه وخارج عن المنطق السياسي، وهل هي تغريدة أم نعيق؟»، فيما لاحظ الوزير السابق اللواء اشرف ريفي ان اتباع من وصفهم بالمحور السوري - الإيراني بدأوا اوركسترا استهداف الرئيس الحريري وزيارته إلى واشنطن بهدف تكريس لبنان سجيناً لهذا المحور مع كل ما يدفعه من أكلاف وطنية وعربية واقتصادية.

أضاف عبر «تويتر»: «نقف إلى جانب الحريري في كل مسعى لتحرير الوطن الأسير».

وفي تقدير مصدر سياسي ان مواقف الحريري في واشنطن من موضوع العقوبات يمكن ان تكون لها نتائج سلبية على علاقته بحزب الله، ولا يستبعد ان تنعكس ايضاً على عمل الحكومة، مشيرة إلى ان أبلغ دليل على استياء الحزب من مواقف الحريري، ما قاله النائب أرسلان في ذكري أربعين ضحيتي حادثة قبرشمون في الجبل، عندما توجه إلى الحريري بالاسم قائلاً  انه «يتمنى منه ألا يرسل لنا رسائل عبر البحار، لأن البلد لم يعد يحتمل، ولأن من ينتظر رسائل عبر البحار هو من يكون في موقع الضعف وليس نحن».

اضاف: «وعندما يُحكى بتصنيفات سياسية في عواصم الدول، فهذه جريمة ترتكب يومياً بحق لبنان واللبنانيين، والحمد لله ما عندنا شيء نستحي منه لا في انتمائنا ولا بتحالفاتنا ولا ببوصلتنا».

ولم يستبعد المصدر ان تكون الحملة نتيجة «ضيقة عين» من نجاح المحادثات التي أجراها الحريري ومستوى الشخصيات الرسمية الأميركية التي التقاها، في حين ان «الآخرين» استحالت عليهم مثل هذه اللقاءات عندما كانوا يزورون العاصمة الأميركية.