بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2018 12:49ص موفد رئاسي روسي يَخترق جمود الإنتظار الحكومي الأسبوع المقبل

عون لا يريد ثلثاً معطلاً.. والراعي ينتقد من بعبدا إملاء مواقف على الرئيس

حجم الخط
حكومة أم لا حكومة!
من الواضح ان المعنيين منقسمون: ينقل عن الرئيس المكلف أنه لا يزال على تفاؤله، وتنقل دوائر مقرَّبة من بعبدا، ان عملية التأليف «تراوح مكانها». مع رهان، لم يزل قائماً، لاحداث خرق.
وكشف مصدر دبلوماسي لـ«اللواء» ان المشاورات التي جرت لغاية أمس في بعبدا لم تحدث خرقاً، وان لا «زحزحة» في العقد، وسط تمسك فريق 8 آذار بتمثيل النواب السُنَّة الستة في الحكومة.
وهذا الوضع، سواء المتعلق بالضغوطات الاقتصادية على البلد أو الوضع في الجنوب في ضوء التحرشات والاستفزازات الإسرائيلية ضد لبنان، استدعى تحركاً دبلوماسياً، روسياً.. إذ علمت «اللواء» ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيوفد مبعوثاً خاصاً إلى بيروت، للقاء كبار المسؤولين.
ولخصت مصادر دبلوماسية روسية مهمة الموفد الرئاسي بقضيتين: 1- الأولى تأكيد موسكو على تثبيت الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان، وإبلاغ الأطراف المعنية بهذا التوجه.
2 - تأييد موسكو تشكيل حكومة في وقت سريع، تتمثل فيها المكونات اللبنانية، من أجل الحفاظ على الاستقرار الداخلي، والاستفادة من حزمة المساعدات الدولية للبنان سواء مقررات «سيدر» أو غيره.
وتوقعت المصادر حصول الزيارة قبل عيد الميلاد المجيد وبالتزامن مع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت في الساعات الثماني والأربعين المقبلة.
في انتظار الحريري
وبالانتظار، لم يطرأ أي تطوّر على صعيد الحراك الذي بدأه الرئيس ميشال عون، منذ الاثنين الماضي، لتحريك الجمود في الملف الحكومي، واحداث ثغرة في جدار عقدة تمثيل السُنَّة من خارج تيّار «المستقبل»، في انتظار عودة الرئيس المكلف المرجحة اليوم أو غداً، آتيا من لندن، حيث احتفل أمس مع أفراد عائلته بتخرج ابنه حسام من الكلية العسكرية.
وقالت مصادر مطلعة، ان الرئيس عون حاضر لعقد اجتماع مع الرئيس الحريري، في أي وقت يعود فيه إلى بيروت، حتى ولو كان في نهاية الأسبوع، من أجل ان يُصار إلى تقييم المشاورات التي أجراها خلال وجود الرئيس المكلف في العاصمة البريطانية، والتصور المفترض ان يكون قد استخرجه من هذه المشاورات، ومن مواقف الأطراف المعنية بالعقدة السُنِّية، أي «حزب الله» والنواب السُنَّة الستة، علماً ان هذه المواقف، أو الأجوبة، لم تكن مشجعة في احداث الخرق المطلوب، فيما قالت مصادر الرئيس الحريري ان الأمور هي رهن مشاورات عون التي سيبلغه إياها، عندما يلتقيان خلال اليومين المقبلين، سواء في ما يتعلق بتعديل صيغة الحكومة، أو بالمخارج المقترحة، ومنها على سبيل المثال شرط «حزب الله» بأن يكون لقاء الرئيس المكلف بالنواب السُنَّة، فاتحة لمفاوضات بين الطرفين، وليس ان يكون اللقاء في مقابل تنازل هؤلاء والنواب عن توزير أحدهم في الحكومة.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، انه «اذا كان المطلوب من الرئيس الحريري ان يخضع لإرادة «حزب الله» ولمجموعة نيابية تمثله، فهذا الأمر لن يحصل، لا اليوم ولا غداً ولا بعد مائة عام». مشيرا إلى انهم «فبركوا المشكلة وعليهم ان يحلوها».
وأكّد ان الرئيس المكلف لن يسير بحكومة يُحدّد مواصفاتها «حزب الله»، مشيرا إلى ان حكومته جاهزة، ولا مانع من حكومة من 30 أو 24 أو 18 وزيراً.
الا ان الحريري أكّد التعاطي الإيجابي مع مبادرة رئيس الجمهورية، وافساح المجال امام الحوار الهادئ، في انتظار نتائج المشاورات الرئاسية والأجوبة التي سيتلقاها الرئيس المكلف بعد عودته من لندن، معتبراً ان مواقف النواب الستة بعد زيارة بعبدا تؤشر إلى سلبية ونوايا واضحة بالاستمرار في مواجهة التعطيل الحكومي.
عون: لا أريد ثلثاً معطلاً
ومن جهتها، كررت مصادر سياسية مطلعة على مواقف رئيس الجمهورية، ان ما يهمّه هو تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن، على ان تمثل جميع الأطراف، لأن الظروف التي يعيشها لبنان على جميع المستويات لم تعد تحتمل المزيد من التأخير.
ونفت المصادر كل ما يقال عن أن الرئيس عون يطالب بالثلث المعطل واصفة هذا الكلام بأنه غير صحيح، لأنه في كل الاتصالات التي أجريت معه كان هدفه أن تكون الحكومة هي حكومة وفاق وطني تعكس نتائج الانتخابات وأن تكون متجانسة لكي تتمكن من الانتاج، و لم يشر يوما بالتالي إلى رغبته في الحصول على الثلث المعطل وقالت ان هذا الامر لم يطرحه لا مع الرئيس المكلف و لا مع غيره، لأن ما يعنيه هو تجانس الحكومة و التوافق بين أعضائها لكي تنجح في أدائها، و قد توافق مع الرئيس الحريري بأن يتمثل في الحكومة المقبلة بأربعة وزراء لكي يتمكن من متابعة أعمال الحكومة إنطلاقا من مسؤولياته الدستورية. أما بالنسبة لما تطالب به الكتل النيابية فهذا أمر يعنيها وتتواصل مع الرئيس المكلف من اجل بحث مطالبها.
واشارت الى ان الرئيس عون يأمل خلال وقت قصير أن يتم إنجاز الحكومة خصوصا أن مشاوراته التي أجراها خلال هذا الاسبوع، أحدثت ثغرة في حائط الازمة والفترة المقبلة هي فترة ترقب لردة فعل الاطراف المعنية في الملف الحكومي مع الاشارة الى ان رئيس الجمهورية قصد كل ما قاله من ان الوضع يصبح كارثياً اذا فشلت محاولات الحل.
وكان اللقاء الوحيد في بعبدا الذي له علاقة بالموضوع الحكومي، قد جرى مع البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي زار الرئيس عون أمس لدعوته إلى حضور قدّاس عيد الميلاد في بكركي، ثم كانت له مواقف لم تخل من انتقاد مبطن لبعض الأطراف التي شاركت في المشاورات الرئاسية، ولا سيما اللقاء التشاوري للنواب السُنَّة، عندما لاحظ ان رئيس الجمهورية يصغي للجميع، لكن لا يكفي ان يأتي أحدهم إلى هنا ويقول له: «هذا ما أريده»، فهذا ليس بحوار، حيث كل واحد يحمل فقط ما يريده ويتمسك به، ففي الحوار، على كل واحد ان يخرج من ذاته ومصالحه ويضع نصب عينيه مصلحة الوطن، مقتنعاً ان هذه المصلحة تقتضي التباحث في كيفية إنقاذ البلد.
وقال إذا بقي كل أحد متشبثاً بموقفه، ومتمسكاً بمطلبه، وانتهى الأمر، ماذا يحل إذ ذاك بالشعب وبالدولة والمؤسسات والاقتصاد المنهار، والاخطار المالية؟ وبالتالي من هو المسؤول عن كل ذلك؟
وتابع: «ليس بإمكاننا ان نكتفي بالتفرج على الرئيس، كما لا يُمكن لأحد ان يكتفي بالتعنت في موقفه، فهكذا لا يُمكن للبلد ان يسير بشكل صحيح».
الا ان البطريرك الراعي نفي ان يكون البحث قد تطرق إلى المبادرة التي يقوم بها الرئيس عون راهناً، لكنه أشار إلى ان رئيس الجمهورية ينتظر عودة الرئيس المكلف لمتابعة الحديث معه في الشؤون المطروحة فلا يُمكن للرئيس بلوغ الحلول من دون وجود الرئيس المكلف».
النواب السُنة: لقاء الإثنين
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان اعضاء اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين سيعقدون اجتماعا يوم الاثنين المقبل، في منزل عضو الكتلة النائب عبد الرحيم مراد، لمناقشة المستجدات التي تكون قد طرأت على نتائج التحرك المستمر الذي يقوم به الرئيس عون ورئيس «التيار الوطني الحر « الوزير جبران باسيل مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، من اجل معالجة مطلب توزير احد منهم، وسط تناقض وغموض في المعلومات عمّا توصل اليه الحريري وباسيل في اجتماعهما الذي عقد قبل يومين في لندن.
وقال عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد لـ«اللواء»: ان اللقاء لم يتبلغ اي جديد منذ لقائه الرئيس عون، وهو مصر على مطلبه بتوزير احد اعضائه اسوة بباقي الكتل النيابية، ووفق المعايير التي تم تحديدها لتشكيل حكومة وحدة وطنية وعدم احتكار تمثيل اي طائفة من قبل فريق سياسي واحد اسوة بباقي القوى السياسية واحترام الناس التي انتخبتنا وتمثيلهم في حكومة الوحدة الوطنية... ونقطة على السطر.
واوضح ان اللقاء مع الرئيس الحريري ليس مطلبا بحد ذاته ليتم تصوير الامر على اننا مصرون على اللقاء لمجرد اللقاء، بل انه لقاء لشرح وجهة نظرنا للرئيس المكلف وللاستماع منه مباشرة على الاسباب التي يرفض بموجبها توزير احد اعضاء اللقاء. ومن واجبه ان يستقبلنا بصفتنا النيابية وبصفته رئيسا مكلفا للحكومة للاستماع الى رأينا في تشكيل الحكومة، فاما نقنعه بوجهة نظرنا واما يقنعنا بوجهة نظره.
ونفى الصمد وجود اي خلافات بين اعضاء اللقاء حول ما يتردد عن تسوية تقضي بتسمية شخصية مقربة من اللقاء من حصة رئيس الجمهورية، وقال: هذا كلام لا معنى ولا مكان له وهي تمنيات، نحن موقفنا واضح عند الرئيس عون وعند غيره، لا نطلب نصف وزير، ولا يمكن ان نتنازل عن حقنا طالما اننا نطلب وزيرا واحدة ولو طلبنا وزيرين لكنا تنازلنا عن واحد، بينما غيرنا يطلب 11 وزيرا او ستة وزراء ولا يتنازل عن واحد منهم. فالمطلوب منهم التنازل وتشكيل الحكومة لأنها مسؤوليتهم اولا واخيرا وليست مسؤوليتنا نحن».
وعن سبب تمسك «التيار الوطني الحر» بالثلث الضامن قال الصمد: لا ادري اسبابه، لكن لاحظوا كيف تم توزيع الحصص الوزارية في الحكومة الحالية.
وأوضحت مصادر مطلعة على موقف باسيل لـ«اللواء» انه لم يقل حرفيا ان «التيار الحر» ورئيس الجمهورية يطلبان 11 وزيرا، وربما هذا استنتاج سياسي من كلام سابق وجديد، مفاده ان نتائج الانتخابات النيابية تتيح للتيار ان يطلب مع رئيس الجمهورية 11 ويزرا لكن ليس معناه انه طلب رسميا ذلك من الرئيس المكلف.
وقالت اوساط سياسية متابعة للملف الحكومي «ان رئيس «التيار الوطني الحر» يتمسك بورقة الثلث المعطّل لاستخدامها في اللعبة الدستورية الداخلية حينما تدعو الحاجة منطلقا من تجربته مع الحكومة السابقة».
تصنيف «موديز»
مالياً، شكل إعلان وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية تعديل النظرة المستقبلية لتصنيف لبنان من مستقرة إلى سلبي، اثر تصاعد التوترات الداخلية والجيوسياسية، دليلا اضافيا الى حراجة الوضع الاقتصادي والمالي. ولفتت الوكالة إلى أن «النظرة المستقبلية السلبية للبنان ترجع إلى زيادة المخاطر على وضع السيولة الحكومية والاستقرار المالي في البلاد».
وتوقعت أن تظل معدلات العجز في الموازنة اللبنانية أعلى لأمد أطول من المتوقع، مما يزيد أعباء الدين على الحكومة»، مضيفة أن «احتياطات العملة الأجنبية في لبنان تبدو أقل حجما عند تقييم مخاطر الاستقرار المالي المرتبطة بتدفقات الودائع النازحة المحتملة أو انخفاض التدفقات الداخلة».
وتعقيبا، غرّد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل عبر حسابه على «تويتر» معتبرا «ان تقرير «موديز» الذي حافظ على تصنيف لبنان مع تغيير النظرة إلى سلبية، يفرض على الجميع الانتباه إلى المضمون الصحيح الذي يؤكّد على أهمية تشكيل الحكومة والبدء بالإصلاحات لإعادة الثقة وتخفيف معدّل المخاطر وتخفيف العجز. إذا كان هذا الأمر ممكناً الآن، فربما سنخسر فرصته بعد أشهر إذا ما بقيت النظرة السلبية نفسها».
وزاد خليل، لمحطة «ان.بي.ان» بأن هذا الواقع ليس حتمياً، لأن هناك متابعة للملف، وسنتخطى الوضع، والأمور تحل بتسريع تأليف الحكومة.
«انفاق» «حزب الله»
وبالنسبة لمسألة الانفاق التي اثارتها إسرائيل، وقالت ان «حزب الله» انشأها في الجنوب، وصولاً إلى الأراضي المحتلة، تحدثت معلومات إسرائيلية أمس (يديعوت احرونوت) عن جلسة لمجلس الأمن الدولي ستعقد يوم الأربعاء المقبل، في ظل شكوى لبنانية ضد التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية.
وبحسب أوساط ديبلوماسية متابعة، فإن تل أبيب تحاول نقل الملف إلى مجلس الأمن، بقصد طرح تعديل القرار 1701 بما في ذلك تعديل مهمة قوات «اليونيفل»، بحسب القرار، وهو أمر يتوجّب على السلطات اللبنانية تأمين الانضباط جنوباً تحت سقف القرارات الدولية، ولا سيما التمسك بالقرار 1701 الذي لا يبيح أي وجود مسلح جنوب الليطاني، كما يتوجّب عليها الإسراع في إطلاق حوار، حول الاستراتيجية الدفاعية، وهو ما أعلن الرئيس عون منذ فترة انه سيكون بندا اساسياً على جدول أعمال أولى حكومات العهد بعد الانتخابات.
وتضيف هذه الأوساط، ان من شأن هذه الخطوة إدراج سلاح حزب الله ضمن القوّة الردعية للدولة اللبنانية وجعله تحت إمرة الأجهزة الشرعية، بما يعيد قرار الحرب والسلم الى كنف الحكومة وحدها ويسحب من اسرائيل اي ذريعة للتفكير بشنّ حرب، وهو ما يتطلّب عدم إضاعة المزيد من الوقت وتشكيل حكومة سريعا بما يؤمّن للبنان الاحتفاظ بالمظلّة الخارجية المتوافرة حاليا.
وأشارت الى انّ ذلك لا يتعزّز بتشكيل أيّ حكومة وإنما بحكومة متوازنة تحمل برنامج عمل يعكس التزام لبنان بتعهداته إزاء المجتمع الدولي سياسيا، اقتصاديا وعسكريا. (راجع ص2).