25 تشرين الثاني 2023 12:01ص هدنة الجنوب المحققة.. هدوء وعودة إلى القرى الأمامية

تجدُّد المبادرات مع موفد قطري.. وتشريع الضرورة ببنود كاملة

زحمة سيارات عائدة إلى الجنوب عند جسر الأولي في صيدا زحمة سيارات عائدة إلى الجنوب عند جسر الأولي في صيدا
حجم الخط
سحبت هدنة تبادل الأسرى والمساجين بين اسرائيل وحركة «حماس» وفصائل المقاومة الفلسطينية نفسها على الوضع عند الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، مساء هدوء هناك، وعاد الاهالي الى القرى الحدودية الامامية لتفقد ممتلكاتهم ومنازلهم وأحبائهم، من موقع الاطمئنان، والاصرار على البقاء على الرغم من المخاطر المحدقة، والتهديدات الوقحة للكيان الاسرائيلي المتربص بلبنان.
وفي اليوم الاول «لهدنة التبادل»، استراحت الصواريخ التي دكت مواقع الاحتلال في الجهات المواجهة لحدود لبنان، من مسكاف عام الى المالكية والمنارة وكريات شمونة، وصولاً الى صفد ومواقع في الجليل الاعلى، وعاد الجنوبيون للتمركز قبالة جنود الاحتلال البعيدين عن النظر، مهللين للصمود والمواجهة غير آبهين بطلعات الاستكشاف المستمرة لـ M.K المتطورة.
وتزامنت عودة النازحين السريعة الى قراهم، مع دعوة قيادة الجيش المواطنين، الى اتخاذ أقصى تدابير الحيطة، والحذر من مخلفات القصف المعادي، والذخائر الفوسفورية، او تلك غير المتفجرة، والابتعاد عنها، وابلاغ القيادة العسكرية بها على نحو عاجل.
ولم يخفِ رئيس بعثة اليونيفيل والقائد العام ارلدو لاثارو قلقه من تجدد التصعيد، في ضوء تصريحات المسؤولين في اسرائيل، لا سيما وزير الدفاع من العودة لحرب تستمر شهرين، زعماً بتحقيق اهداف الحرب، التي لم يلمس الرأي العام العربي والاسلامي والدولي منها سوى المجازر بحق الاطفال وتدمير المنازل، والقتل الجماعي على طريقة جرائم الحرب المعروفة، والمدانة بكل المعايير والمقاييس.
وسط هذا الاسترخاء العسكري، والعودة الى الانتظام الذي كان قبل عملية «طوفان الاقصى» في 7ت1، وما تلاه من حرب مدمرة شنتها اسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، وقوى غربية تدور في فلكها، تجدَّد البحث، في المسائل الداخلية، سواء الجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس نبيه بري الدعوة اليها قريباً كما نقل عنه، او معالجة الشغور في قيادة الجيش والمؤسسات العسكرية والامنية، فضلا عن ايجاد آلية تسمح بإنهاء الشغور في الرئاسة الاولى.
وحسب ما لمس النائب وائل ابو فاعور ان المساعي قائمة لإنهاء الشغور في المؤسسات، لا سيما القيادات العسكرية، دون ان يتطرق الى الخيارات التي يمكن الاخذ بها.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن جبهة الجنوب التي يفترض أن تلحق بتطورات الهدنة منعا لأية انعكاسات قد تكون منفصلة في بعض الأحيان إلا إذا اتخذ القرار بعدم قيام خطوات معينة. ولفتت هذه المصادر إلى أن الدخول الأميركي على خط التهدئة واضح وقد انضمت فرنسا إلى هذا الأمر، اما الخشية من مفاجآت معينة فمرتبط بالميدان. 
إلى ذلك، رأت المصادر نفسها أن ملف التمديد. لقائد الجيش العماد حوزف عون يبقى خيارا قائما في حين ان تعيين قائد الجيش لن يحظى بأي تفاهم أو توافق، اما اذا كان وزير الدفاع موريس سليم سيرفع أسماء لتعيين قائد جديد فهو أمر منوط بوزير الدفاع الذي له رأي واضح في هذه العملية، معلنة أن التيار الوطني الحر قد يرفع سقف الاعتراض على تأجيل التسريح ويؤكد أهمية التعيين أو يذعن لخيار التمديد انطلاقا من مبادىء محددة وفي كل الأحوال لا بد من انتظار كيفية ترجمة موقف رئيس مجلس النواب الأخير.
واعتبرت مصادر سياسية الهدوء الذي سادعلى جبهة الجنوب وتوقف الاشتباكات المسلحة على طول الحدود اللبنانية، انه نتاج عاملين اساسيين، الأول جراء الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان الى بيروت فجأة، وبدون إبلاغ وزارة الخارجية اللبنانية بهذه الزيارة، كماتحصل عادة، والتي طلب فيها من حزب الله تهدئة ظرفية للاشتباكات، افساحا في المجال امام الجهود والمساعي الديبلوماسية، لتأخذ مداها للاتفاق على وقف اطلاق النار واتمام عملية تبادل الاسرى والمعتقلين، بين حركة حماس وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والانطلاق منها بالمسار الديبلوماسي برعاية قطر تمهيدا للتوصل الى اتفاق شامل بين الفلسطينين وإسرائيل على المرحلة المقبلة، من دون تحديد ماهية المواضيع التي سيتم التفاوض عليها، وما اذا كانت تشمل مشروع اقامة الدوليتن او اي صيغة اخرى.
اما العامل الثاني فهو الالتزام ضمنيا باتفاق التهدئة بين حركة حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي، باعتبار ان تحريك جبهة الجنوب اللبناني، هدفه دعم حماس وتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عنها، واشغال الجيش الاسرائيلي بحرب استنزاف، لتحويل جزء كبير من قواته واسلحته، عن الحرب التي يشنها ضد الفلسطينيين بقطاع غزّة. 
واشارت المصادر إلى انه لولا هذين العاملين الضاغطين، لما كان بالإمكان تهدئة الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد ايام من التصعيد العسكري الذي طال استهداف اربعة من كوادر حزب الله في الجنوب، والذي كان متوقعا ان يرد الحزب على هذا الاستهداف، بتوجيه ضربة مماثلة لقوات الاحتلال الإسرائيلي ولكنه اكتفى بتكثيف عدد ضرباته الصاروخية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي. 
ومن وجهة نظر المصادر فإن مرد استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي لكوادر الحزب الاربعة، الرد على تخطي الحزب للقواعد الاشتباك التي سادت بين الطرفين منذ بدء التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الجنوبية والزج باسلحة جديدة، والثاني والاهم هو جر الحزب لردة فعل على مستوى هذه العملية المؤلمة بهدف توسيع نطاق الحرب لتشمل مناطق واسعة خارج مناطق الاشتباكات الحاصلة. 
وفهم من اجواء عين التينة، ان الرئيس بري ماضٍ بما يسمى بجلسات «تشريع الضرورة» وان مكتب المجلس الذي يمكن ان يدعى لاجتماع في الاسبوع الاول من الشهر المقبل ان يعرض لاقتراحات ومشاريع القوانين المطروحة على الطاولة، بما في ذلك اقتراح نواب «القوات اللبنانية» بالتمديد سنة كاملة لما هو برتبة عماد، من اجل ضمان بقاء قائد الجيش في منصبه.
وقالت مصادر تتابع مجرى الاتصالات الجاري لعقد قمة اسلامية مسيحية موسعه،  كشف عنها نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب بعد زيارته مع وفد موسع البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي امس الاول، ان عوائق وصعوبات تعترض انعقاد مثل هذه القمة، وفي مقدمتها موعد ومكان انعقادها وجدول اعمالها،وهي من النقاط الصعبة التي تتطلب تذليلها مسبقا، وتساءلت الاهم وهو هل يلتزم الاطراف السياسيون بقراراتها،وهل تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ام يكون اهم من انعقاد القمة الروحية، انعقاد مجلس  النواب وانتخاب رئيس للجمهورية؟

من الهدنة الى استئناف المبادرات

وحسب مصدر مطلع، فإن ثبات الهدنة في غزة، فضلا عن احتمال تمديدها لعشرة ايام او اكثر، كما نقل عن مصدر اسرائيلي، من شأنه ان يفتح الباب مجددا امام استئناف المبادرات الخارجية لحلحلة عقد الاستحقاقات الواحدة تلو الأخرى، بدءاً من استئناف الوساطة القطرية، حيث بدأ وزير قطري مهمة المساعدة على حلحلة العقد المستحكمة بالملفات، بدءاً من ملف عدم الوصول الى شغور في قيادة الجيش.
وفي اطار متصل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف للرئيس ميقاتي على موقفه الثابت لوحدة الجمهورية اللبنانية، وعدم جواز امتداد التصعيد إلى الأراضي اللبنانية.
وجاءت مواقف بوغدانوف خلال اتصال أجراه مع ميقاتي، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، مشيرة في بيان لها إلى «أنه جرت محادثة هاتفية بين بوغدانوف وميقاتي، وقد جرت خلال المحادثة مناقشة القضايا الراهنة المتعلقة بمواصلة التطوير التدريجي للعلاقات الروسية اللبنانية الودية التقليدية، بما في ذلك الحفاظ على الحوار السياسي المنتظم، كما جرى التطرق إلى الوضع الناشئ في الشرق الأوسط، مع التركيز على الأحداث في قطاع غزة وجنوب لبنان».
ولفت البيان إلى أنه «في الوقت نفسه، أكد الجانب الروسي موقفه الثابت الداعم لوحدة الجمهورية اللبنانية وسلامتها الإقليمية وسيادتها، وعدم جواز امتداد التصعيد المسلح في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية». وأتى الاتصال بعدما كان قد أعلن عن استقبال بوغدانوف لسفير لبنان لدى روسيا الاتحادية شوقي بو نصار.
وأشار بيان صادر عن السفير بو نصار إلى أنه «جرى خلال اللقاء تبادل موسع للآراء حول تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط في ظل التفاقم الحاد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع إيلاء الاهتمام الخاص للوضع الذي قد ينفجر في لبنان».

فرنجية -وبوغدانوف

كما جرى إتصال هاتفي بين بوغدانوف ورئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية.
وخلال الاتصال، تمّ «تبادل مفصل لوجهات النظر حول تطور الوضع في لبنان والجوار، لا سيما في الجنوب وقطاع غزة وخطورة الوضع في حال التمدد والتصعيد».
وعلم ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيصل الى بيروت الاربعاء المقبل.
دبلوماسياً، كشف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب بعد لقائة الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن للاتحاد الاوروبي جوزف بوريل: «انه وجه الدعوة لبوريل لزيارة لبنان في اقرب فرصة ممكنة، وشكرته على خطابه بالامس امام البرلمان الاوروبي ومقاربته السياسية لغزة». 
أضاف: «اذا ارادت اسرائيل وقف التصعيد فعليها وقف الحرب، والسماح بعودة الفلسطينيين الى شمال غزة، ووقف تهديداتها للبنان».

هدنة.. وهدوء حذر

جنوباً، بدأت الهدنة عند السابعة من صباح امس ، فسيطر هدوء حذر على القرى والبلدات الحدودية فيما سارع اهالي التي القرى التي نزحوا عنها الى العودة اليها لتفقد منازلهم واللحاق بمواسمهم الزراعية . وعاشت قرى القطاعين الغربي والاوسط حالا من الهدوء الحذر حيث لم يسجل اي قصف معادٍ او عمليات عسكرية.
وعلى الرغم من الحركة الخجولة التي شهدتها القرى والبلدات الحدودية الا ان عودة الاهالي الى منازلهم كانت متفاوتة ما بين بلدة واخرى خصوصا تلك المتقدمة أكثر عند الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة والتي شهدت حربا حقيقية خلفت اضرارا في الممتلكات  والمزروعات. 
 كما ان نسبة الاضرار تفاوتت أيضا، حيث الاضرار الاكبر كانت في بلدات مروحين والضهيرة وعلما الشعب، التي أتت الحرائق فيها على معظم الثروة الحرجية، اضافة الى تضرر العديد من المنازل بشكل كامل. 
 وفي هذا السياق، أكد العديد من الاهالي اصرارهم على العودة الى منازلهم رغم الحذر الشديد الذي يلف بلداتهم. وأفاد أكثر من شخص في البلدات الحدودية ان الوضع لا يزال طور الانتظار حتى تقرير العودة النهائية اليها، فيما يصر آخرون على البقاء رغم الاحداث والتشبث في أرضهم مهما حصل من اعتداءت.