بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 كانون الأول 2018 12:46ص أسواق البترون تنتفض لتستعيد هويتها ومكانتها بين المدن السياحية اللبنانية

حجم الخط
ها هو سوق البترون التراثي يستعد لاستعادة هويته، فلأن المواقع تحفظ بحفظ الهوية، تستعيد شوارع مدينة البترون جزءاً من تاريخها وإشراقتها عبر ورشة ترميم واسعة، كي تعود إلى ما كانت عليه في سابق عهدها من عز.
إعادة إعمار شوارع مدينة البترون وترميمها، اعتبرها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، (إبن المدينة)، جزءاً لا يتجزّأ من إعادة إعمار لبنان، كعنوان للعمل البنّاء، فقال: «هذا أمر طبيعي إذا ما اعتمدنا معايير العدالة في التمثيل، على أمل أن تنتهي كل ورشة بنهضة».
نشير إلى أنّ إنجاز ترميم شوارع مدينة البترون، هو واحد من خمسة أهداف وضعتها بلدية المدينة لتظهير حضارة المدينة وتاريخها، حيث تعتبر البلدية أنّ ترميم السوق جاء نتيجة التشويه الذي لحق بالشارع العام على مر السنين، وذلك يعود إلى تراكم المخالفات التي استعملت كخدمات للإفادة في السياسة، إلا أنّ هذه الطريقة في العمل أنتجت بلداً مشوّهاً، ومدينة فينيقية عريقة كادت أنْ تختفي معالمها، في حين أنّ البترونيين يريدون «بتروناً نموذجاً».
وينطلق مشروع ترميم أسواق البترون لإظهار بعض المعالم التراثية والأثرية للمدينة، وصون ذاكرتها الاجتماعية والثقافية، لتحافظ على سماتها التاريخية الأصلية والأصيلة، فيلحظ المشروع إضفاء طابع من الحداثة على القيمة التاريخية، بحيث يجعل المدينة تواكب العصر، فتصبح بذلك قابلة لتأمين الخدمات والسلع التي ينشدها الزائر اللبناني، المُقيم أو المغترب، والسائح العربي أو الأجنبي.
وبالتالي من المنتظر أنْ يؤمّن هذا المشروع التراثي الحضاري النموذجي تعزيز موقع البترون على خريطة السياحة المحلية والإقليمية، في حين يأمل تجّار السوق خيراً باستنهاض حيوية السوق التجاري القديم وإعادة إبراز جماليته الباهرة.
الحرك
واعتبر رئيس المجلس البلدي مرسيلينو الحرك وأعضاء المجلس أنّ تنفيذ هذا المشروع وغيره من المشاريع التي من شأنها أنْ تُضفي على مدينة البترون المزيد من الجمال والتألّق والحيوية، سوف تجذب المواطن البتروني أولاً ليعود وافتخر بمدينته، ويعود ليعيش في منطقته، ويحرص على نظافتها ورونقها وعلى صونها من شتى أنواع التلوّث، فيجعل من هذه المدينة جاذبة للسياح وللاستثمارات المحلية والخارجية، ما يؤمّن لأبناء البترون في بيئتهم المحلية فرص عمل لائقة، ويجعلهم أكثر تعلّقاً بأرض الآباء والأجداد وأكثر تجذّراً بلبنانيتهم، فلا ينشدون الغربة والاغتراب، لا سيما جيل الشباب.
إذاً بعد عام من الآن سنرى البترون بثوبها الجديد الجميل، كمدينة تاريخية تكبر وتتطوّر وتتقدّم ثابتة إلى الأمام، لتستكمل المسيرة بالتعاون مع بنك بيبلوس ورئيس مجموعته الدكتور فرانسوا باسيل، الذي اهتم بمشاريع إنمائية في المنطقة، بالإضافة إلى الدعم الذي يقدّمه لأبناء المنطقة، انطلاقاً من أهداف المصرف الرامية إلى تعزيز «التعلّق بالأرض والولاء للمكان الذي وُلِدَ الإنسان وترعرع فيه، ولعب بين شوارعه ودغدغ كل حبة تراب في أرضه».
مهندسو المشروع
ويؤكد مهندسو المشروع أنّ أهميته تنطلق من أهمية المدينة ومعالمها وكنائسها وشوارعها وأسوارها، حيث تبلغ كلفة المرحلة الأولى، التي لا تزال قيد التنفيذ، مليار ليرة لبنانية. أما المرحلة الثانية فتتضمّن أعمال إعادة الواجهات إلى ما كانت عليه مع المحافظة على طابعها الهندسي التاريخي البتروني الاصيل، وبذلك ومع انتهاء المشروع تستعيد البترون ذاكرتها وتاريخها الجميل.
وتتمثّل المرحلة الأولى من المشروع، بالعمل على تعزيز الإنارة في الشوارع والأرصفة، التي تشكل جزءاً من الملك العام، والمبالغ رُصِدَتْ لإتمامها.. فيما المرحلة الثانية من المشروع ستشمل واجهات الأبنية التي تغيّرت معالمها بسبب التعديات ومرور الزمن. وقد أُنجزت الدراسات الخاصة بإعادة الواجهات إلى صورتها الاساسية، وتوحيدها للمحافظة على المشهد الهندسي الفني الاصيل، الذي ارتسم في أذهان اللبنانيين والبترونيين عن تاريخ البترون الحقيقي.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدراسات احترمت خصوصية وميزة المدينة، وقد وُضِعَتْ الخرائط الهندسية لتتلاءم وأسواق البترون مع ما كانت عليه في أوائل القرن التاسع عشر.
وتُعتبر مدينة البترون من أقدم المدن الساحلية، والشارع العام والسوق القديم هو حلم راود بلدية البترون منذ سنوات عدّة، وبين العامين 2003 و2004، وقد انطلق العمل في السوق الاثري، الذي رُصِفَتْ شوارعه بحجر البازالت الاسود، وهو سوق قديم تتميّز أبنيته بعقوده المتصالبة والسريرية والمزدوجة من الحجر الرملي البتروني المنشأ، وهي من إنجاز طبقة اجتماعية غنية من البورجوازيين التجار والصناعيين، وكان السوق يجمع عدداً كبيراً من الدكاكين والمحال التجارية والخانات والفنادق والمعامل، أما المنازل فهي في الطبقات العليا.
وبُعيد انتهاء المرحلة الاولى من الترميم احتفلت بلدية البترون بوضع الحجر الاساس لبدء المرحلة الثانية من المشروع، بعد دعم بنك بيبلوس مقدما مبلغ 2 مليون و200 ألف دولار.. والمشروع الحلم الذي يراود أهالي البترون منذ 8 سنوات انطلق والبركة في التنفيذ.