بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2018 06:50ص "اللواء" تنشر وثائق أكبر مأساة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية (2/4)

655 ألفاً إلى الأردن ورأسمال سوري تشغيلي في مصر وإعادة توطين في أوروبا

حجم الخط

حجم الاستثمارات السورية في الاقتصاد المصري بلغ نحو 800 مليون دولار

إذا كانت نكبة اللاجئين الفلسطينيين عام 1948، إحدى أكبر فظائع القرن العشرين، جرّاء العدوان الصهيوني، وتواطؤ المجتمع الدولي، الذي عطّل تنفيذ القرار الأممي رقم 194، وشتّت الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، وفي أرجاء مختلفة من دنيا الله الواسعة، فإنّ أزمة النزوح السوري منذ عام 2011، تشكّل أكبر مأساة إنسانية، وأضخم أزمة نزوح في التاريخ الحديث منذ الحرب العالمية الثانية، وفقاُ لدراسة أعدّها معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية ببيروت، تنشرها «اللـواء» على حلقات..
في الحلقة الثانية، سُجّل حتى شهر كانون الأول 2017، 654 ألفاً و903 آلاف نازح سوري إلى الأردن وحدها، توزّعوا بين المخيّمات والأحياء والمناطق الأردنية أو الفلسطينية، إذ إنّ نحو 23 % من النازحين السوريين يعيشون في مخيّمات في الأردن، ما أدّى إلى زيادة في الطلب على المنازل، فارتفعت أسعار الإيجارات ثلاثة أضعاف في المناطق الواقعة على الحدود الأردنية – السورية والمناطق المكتظة بالنازحين، ونتيجة لذلك، يتشارك العديد من اللاجئين الوافدين المنازل مع لاجئين آخرين، ليتسنّى لهم تحمّل كلفة الإيجار الباهظة جراء ارتفاع الطلب على المنازل.
وفي شمال الأردن، كانت المجتمعات المضيفة للنازحين السوريين الأكثر تضرّراً من الركود الاقتصادي، ما أدى إلى نزوحها أيضاً، فزادت الأسعار، ومعها التوتّر بين اللاجئين السوريين والمجتمعات الأردنية المضيفة، بعدما كان الأردنيون يرحّبون بالنازحين في مستهل الأزمة، لكن ازدياد التنافس على المعونات الإنسانية، وقلّة الموارد سبّبت موجة من الامتعاض إزاء النازحين.
وحتى شهر أيلول 2017، كان نحو 50 ألف شخص، بينهم 80 % من النساء والأطفال، يُقيمون في مستوطنات عشوائية في منطقة ركبان على الحدود السورية الجنوبية - الشرقية مع الأردن، ويشمل هذا الرقم 4500 شخص، تمّ إخلاؤهم من مستوطنة حدلات، بعد التغيّرات التي طرأت في السيطرة على الأراضي في سوريا، وازدياد الأعمال العدائية، فضلاً عن آلاف الأشخاص الذين نزحوا جنوباً من دير الزور، وعلقوا في منطقة محايدة وسط الصحراء، حيث لا يحصلون على الغذاء أو على إمداد الغذاء أو على خدمات الرعاية الصحية، في ظل شح الخدمات والموارد الأساسية، كما أظهرت التقييمات التي أُجريت في تموز 2017 وضعاً متدهوراً مع زيادة معدلات الأمراض المعدية وإصابة 70 % من الأطفال بالإسهال.
ومع الوقت ازداد تأقلم النازحين السوريين في المجتمع الأردني، ووفقاً لدراسة أُجريت في عمان 2017، حيث تعيش ربع العائلات السورية النازحة من المدن السورية في أحياء يقطنها سوريون، وهي نسبة تراجعت هذا العام، حيث يعيش 3/2 النازحين في أحياء أردنية، في حين يعيش 11.2 % في أحياء فلسطينية، وتشير الأرقام إلى علاقة جيدة تجمع النازحين من المدن السورية بأحيائهم الجديدة، وتجمع نسبة 71.6 % من نازحي المدن السورية إلى الأردن علاقات إيجابية مع جيرانهم الأردنيين والفلسطينيين، في حين أشار 2 % إلى أن هذه العلاقة سلبية إجمالاً.
مشاكل الأسر النازحة
ومن المشاكل التي تعانيها آلاف الأسر النازحة هي مشكلة وثيقة الزواج، والتي هي نتيجة واحدة من الحالات الآتية:
- لم يسجّل الزوجان زواجهما في سوريا.
- سجّل الزوجان زواجهما لكنهما فقدا وثيقة الزواج.
- تزوّج الزوجان في الدولة المضيفة - ولم يسجّلا زواجهما.
وهذا يمكن أنْ يؤدي إلى عواقب وخيمة، لا سيما أنّ عدم وجود هذه الوثيقة يعرقل تسجيل الأطفال ما يعرّضهم لأنْ يُصبِحوا مكتومي القيد، ويعرقل حصول المرأة على ممتلكات الأسرة في ظل غياب زوجها، إضافة إلى ذلك تبقى الهوية القانونية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان، وبالتالي يبقى الحصول على الوثائق القانونية ضرورياً لحماية حقوق اللاجئين.
إصلاحات
وقد نفّذت الحكومة الأردنية إصلاحات على مستوى إجازات العمل للسماح لعدد أكبر من النازحين في اكتساب هذه الإجازات، فركّزت هذه الإصلاحات على التخفيف من حدّة المتطلبات بالنسبة للنازحين، من أجل الحصول على إجازات العمل، فارتفع على سبيل المثال، عدد رخص العمل من نحو 5 آلاف في العام 2015، إلى 22 ألف في العام 2016، مع العلم بأنّ ذلك الرقم يمثّل فقط 9.14 % من مجموع 350 ألف نازح في سن العمل.
النزوح إلى مصر وأماكن أخرى
أما في مصر، فإنّ النازحين السوريين أسهموا إيجاباً في الاقتصاد المصري، ويبلغ حجم الاستثمارات التي قام بها السوريون منذ بداية الأزمة نحو 800 مليون دولار أميركي.
وقد أظهر السوريون حتى من دون أنْ تضطلع الحكومة المصرية بدور مباشر في استقطاب المشاريع التجارية السورية، أنّ استثماراتهم يمكن أنْ تقدّم فرصة لتعزّز القطاع الخاص، واستحداث فرص عمل للمصريين والسوريين على حد سواء، كما ساعدوا سوريين آخرين من خلال تزويدهم بالتوجيه حول القوانين والتنظيمات المحلية، وباستخدام معارفهم في الحكومة من أجل الدعوة إلى دعم الشركات المنشأة حديثاً.
وعلى هذا النحو تقوم الشركات السورية بإدخال رؤوس الأموال والمهارات، وتعزيز شبكات التجارة من مصر، وتقوم كل هذه العناصر بتوفير تمويل جديد وخبرة تقنية إلى القطاع الخاص في مصر.
إعادة توطين
ثمّة مشكلة أمام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تتمثّل بإيجاد حلول دائمة لحالة النازحين، ويمثّل أحد هذه الحلول في إعادة التوطين في دول أخرى، وفي الفترة ما بين كانون الثاني 2013 وتشرين الأول 2017، قامت هذه المفوضية بوضع 190 ألفاً و978 لاجئاً سورياً من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا على لائحة إعادة التوطين.. ومن أصل هذا الرقم غادر 96 ألفاً و30 لاجئاً إلى 45 بلداً من بلدان إعادة التوطين. 
وتشمل الحلول الأخرى مسارات القبول التكميلية لدول أخرى مثل: تأشيرات الدخول الإنسانية ولَم شمل الأسر، وفرص تنقل العمالة والتعليم.
عبروا البحر نحو المجهول
بين كانون الثاني وكانون الأول عام 2017، عبر 6 آلاف و557 سورياً البحر الأبيض المتوسط إلى الأراضي الآمنة في اليونان، وإيطاليا، وقبرص، وعلى الرغم من تدابير الدول الأوروبية الصارمة فإن السوريين لا يزالون يهاجرون عبر مسارات خطرة. ففي غياب السُبل القانونية للوصول إلى أوروبا، مازالوا يعتمدون على المهرّبين وشبكات الإتجار، ويخاطرون بحياتهم أو بإمكانية تعرُّضهم لاعتداءات خطيرة. 
وأفاد اللاجئون بأنّهم تعرّضوا للاعتداء والضرب والسرقة من قبل المهرّبين خلال هذه الرحلاتن وكثيرون ممن وصلوا إلى هذه المناطق، بمن فيهم الأطفال، كانوا ضحايا للعنف الجنسي أو الإتجار. إلاّ أنّ الوصول إلى أوروبا لا يضمن اللجوء لمن هم في حاجة ماسة إليه، وتلقت المفوضية وشركاؤها ادعاءات بممارسة السلطات الحكومية ضغوطات، منها «بلغاريا، وكرواتيا، واليونان، وهنغاريا، ورومانيا، وصربيا، وإسبانيا، وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة». وتدعو المفوضية إلى الالتزام بالحماية وتوفير حلول وقائية للاجئين، كضمان مسارات قانونية أكثر أمنّا، مثل زيادة عمليات إعادة التوطين وتيسير لمّ شمل الأسر.
الأطباء السوريون
يشكّل الأطباء السوريون في بلدان الإتحاد الأوروبي عنصراً هاماً يساهم في تقديم الخدمات الصحية اللازمة في تلك المجتمعات، فهم يتمتّعون بالخبرة والمهارات اللغوية لتقييم صحة المرضى السوريين، وغالباً ما يتوصّلون إلى التشخيص بشكل أسرع من زملائهم الأوروبيين.
ففي ألمانيا على سبيل المثال لا الحصر، هناك نحو 2000 طبيب مارسوا مهنتهم، حتى نهاية 2015، إلاّ أنّه كان يُحتمل أنْ يكون هذا الرقم أعلى، لكن الكثير من السوريين لا يحملون الوثائق الملائمة للتأكد من مؤهّلاتهم، بالإضافة إلى أنّ عدداً من الأطباء السوريين يواجهون عائق اللغة الألمانية الذي يمنعهم من العمل بشكل مستقل.

المصدر: جريدة "اللواء"