بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 حزيران 2020 10:50ص احتدام «التحدي القانوني» إثر «قرار مازح».. و«فيينا» تحسم الجدل

حجم الخط
لبنان الذي ترافق شمسه بشكل يومي أزمة جديدة، بات مسرحًا لجميع أنواع التحديات والسجالات، انقسام حاد بين أهله رغم «الوجع الواحد»، والواقع يؤكد أن لبنان بسياسييه وأحزابه ومناصريهم يهوى زج نفسه بصراعات الإقليم والعالم.

آخر هذه التحديات، قانوني، فبعد قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح، «منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم ألكترونية، من إجراء أي مُقابلة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة»، ظهرت شيا على وسيلتين محليتين لاستنكار القرار.

وتحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي الى حلبة قانونية بين رجال السياسة والديبلوماسية والقانون، وأتباعهم. وضاع الرأي العام بين مصدّق لرواية السفيرة التي أكدت «اعتذار الحكومة» منها، وبين مصدّق لرواية وزيرة الإعلام منال عبد الصمد التي نفت أي اعتذار رسمي.

ووصلت «شظايا» القرار الى مبنى الخارجية الأميركية، حيث اتهمت الوزارة حزب الله بـ«بمحاولة إسكات الإعلام اللبناني»، معتبرة أنه «أمر مثير للشفقة». وقالت، وفقا لـ«فرانس برس»، "حتى التفكير في استخدام القضاء لإسكات حرية التعبير وحرية الصحافة أمر سخيف"، مضيفة "نحن نقف مع الشعب اللبناني وضد رقابة حزب الله".

ووكان القرار قد جاء بعدما صرّحت شيا في مقابلة أجرتها معها قناة «الحدث» التلفزيونية السعودية، الجمعة، أن "الولايات المتحدة تشعر بقلق كبير حيال دور حزب الله المصنف منظمة إرهابية".

بالعودة الى قانونية القرار، استنكر عدد من وجوه الديبلوماسية اللبنانية «نص مازح»، مشددين على ضرورة التزام لبنان باتفاقية فيينا الديبلوماسية التي تمثل قاعدة التعامل مع ديبلوماسيي البلدان المعتمدة، وعبرّ عدد من رجال القانون عن بالغ استيائهم من القرار كونه يناقض أحكام القانون الدولي وأصول المحاكمات.

علمًا أن القرار موجه بشكل مباشر ضد وسائل الإعلام التي تستقبل شيا.

ولكن على ماذا تؤكد اتفاقية فيينا؟

في المادة 29 منها، تنص اتفاقية فيينا على أن "للشخص الممثل الدبلوماسي حرمة، فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه، وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره."

كما أن المادة 31 من الاتفاقية الملزمة للبنان تؤكد في البند الأول على أن أي ديبلوماسي أكان من طاقم البعثة أو رئيسها "يتمتع بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها، ويتمتع أيضا بالحصانة القضائية المدنية والإدارية إلا إذا كان الأمر يتعلق بما يأتي:

أ- إذا كانت دعوى عينية منصبة على عقار خاص كائن في أراضي الدولة المعتمد لديها إلا إذا شغله الممثل الدبلوماسي لحساب دولته في خصوص أعمال البعثة.
ب- إذا كانت دعوى خاصة بميراث ويكون الممثل الدبلوماسي منفذا للوصية أو مديرا للتركة أو وارثا فيها أو موصى له بصفته الشخصية لا باسم الدولة المعتمدة.
جـ- إذا كانت دعوى متعلقة بمهنة حرة أو نشاط تجاري -أيا كان- يقوم به الممثل الدبلوماسي في الدولة المعتمد لديها خارج نطاق أعماله الرسمية."

وتنص المادة نفسها في البند الثاني على أنه "لا يجوز إجبار الممثل الدبلوماسي على الإدلاء بالشهادة. ولا يجوز اتخاذ أي إجراء تنفيذي ضد الممثل الدبلوماسي إلا في الحالات المذكورة في الفقرات أ، ب، ج من البند الاول من هذه المادة، وعلى شرط إمكان إجراء التنفيذ بدون المساس بحرمة شخص الممثل أو بحرمة مسكنه. كما تنص على ان عدم خضوع الممثل الدبلوماسي لاختصاص قضاء الدولة المعتمد لديها لا يعفيه من الخضوع لقضاء الدولة المعتمدة".

إلا أن الإتفاقية أيضًا ذكرت في المادة 41 منها، أنه "یجب على جمیع المتمتعین بالامتیازات والحصانات، مع عدم الاخلال بھا، احترام قوانین الدولة المعتمد لدیھا وانظمتھا، ویجب علیھم كذلك عدم التدخل في شؤونھا الداخلية.

وتنص المادة عينها على أنه "یجب في التعامل مع الدولة المعتمد لدیھا بشأن الاعمال الرسمیة، التي تسندھا الدولة المعتمدة الى البعثة، ان یجري مع وزارة خارجیة الدولة المعتمد لدیھا او عن طریقھا، او ایة وزارة اخرى قد یتفق علیھا. وعلى وجوب ألا تُستخدم دار البعثة بأیة طریقة تتنافى مع وظائف البعثة كما ھي مبینة في ھذه الاتفاقیة أو في غیرھا من قواعد القانون الدولي العام أو في أیة اتفاقات خاصة نافذة بین الدولة المعتمدة والدولة لدیھا.

إذن، بنظرة سريعة الى بنود الإتفاقية، نستطيع أن نؤكد على حصانة البعثات الديبلوماسية، وتاليًا عدم صوابية قرار مازح كونه لم يستند الى الفقرات أ ب ج من البند الأول من المادة 31. إلا أن المادة 41 تلزم البعثات أيضًا عدم التدخل في شؤون الدول المعتمدة لديهم.

تبقى المعركة «سياسية» بامتياز، ويبقى هم الناس اليوم أكبر من أي بند في اتفاقية، أو خرق دستوري في أي قرار.