بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2021 12:02ص الأزمة تدفع حتى «المَيسورين».. نحو سوق «المُستعمل»

حجم الخط
لم يعد سوق الثياب المُستعملة أو ما يُعرف أحيانا بـ«البالة»، مقتصرا على المحتاجين من الطبقات الدنيا الذين يلجأون الى أسواق باتت معروفة في بيروت والمناطق، ذلك أن الأمر توسع ليشمل الطبقة الوسطى بدرجاتها المتعددة وحتى الميسورة أيضا مع تفاقم الأزمة الإقتصادية في البلاد وعدم القدرة على تحصيل الإيداعات من البنوك بينما لا يزال السياسيون يتعاركون لتحصيل المكاسب وسط فراغ حكومي عجيب.

في الآونة الأخيرة، بدأت أسواق جديدة في الظهور في ظل الطلب المتزايد عليها مؤخرا ومنها ما ينتشر سريعا اليوم ضمن إطار «سوق الخلنج» و»Second Base» و»سوق عكاظ» وغيرهم. ولتلك الأسواق طرقها المتنوعة وعلى رأسها بيع الألبسة المقدمة من الناس الى المحتاجين بعد تنظيفها وتعديلها من دون أن يكون ذلك بالضرورة دافعه عدم جودتها، بل قد يكون بسبب عدم الحاجة إليها وتغير ذوق مقدميها أو عدم قياسها على أجسامهم أو ربما ببساطة عدم الرغبة فيها، حسب المديرة التنفيذية للمشروع الجامع لتلك الأسواق المعروف بـ»FabricAID» لوليا حلواني.

كيف خرج «سوق الخلنج»؟

هي تروي قصة تعود الى أعوام ثلاثة حين قدّم عمر عيتاني ثيابا لا يعوزها الى ناطور المبنى حيث يقطن قبل أن يكتشف قيام الاخير بالتخلص من الكثير منها لعدم قياسها عليه، فأخذ عندها عيتاني يفكر في الطريقة المثلى لإيصال الثياب الى المحتاجين وشرع يبحث في وسطه الجغرافي وبيئته للتبرع الى المحتاجين حتى تطورت الفكرة لإنشاء مشروع مستدام.

وقد احتاج مشروع «سوق الخلنج» لمتفرغين يلبون حاجة الراغبين «وخاصة من هم تحت خط الفقر» عبر معرض تتراوح أسعاره بين الـ 500 ليرة لبنانية حتى الثلاثة آلاف. وتطور الأمر وسط الاقبال الكبير على المعارض المتنقلة الى استئجار الشركة في المكلس أربعة محال للتسوق خاصة بالتجزئة، توزعت على مناطق طرابلس وعكار شمالا ووادي الزينة في إقليم الخروب وبرج حمود في بيروت.

طبعا يستحق هنا السؤال حول كلفة المشروع المكون من 45شخصا يتوزعون بين الفارزين للثياب وسائقين ومتفرغين للتسويق والامور الحسابية واللوجستية. تقول حلواني: كان التحدي أمامنا في كيفية الحفاظ على الاسعار المناسبة للعامة في ظل التكلفة التي نتحملها في عملية تنظيف ثياب والتصليح والتعديل ودفع إيجار المحلات والمستودعات من دون ان ننسى التنقلات، لكن برغم كل ذلك لم نلجأ الى رفع الأسعار كون من يأتي إلينا يعاني أيضا ولم يتم رفع مستوى إنتاجه ماديا. 

وتقدم امثلة على سعر المواد المباعة «فالبنطال لأعمار مختلفة يبلغ سعره 2000 ليرة والقميص ألفا والجاكيت  ثلاثة آلاف». وتشدد على أن مجموعتها وضعت قانونا لعدم البيع لأية جهة بأكثر من ثلاث قطع في الشهر «وذلك لكي نمنع تجار الجملة من استغلال الموضوع كون بضاعتنا أرخص من بضاعة هؤلاء ومن غير المفترض ان تحتاج أية عائلة معوزة الى اكثر من ثلاث قطع في الشهر، ومن يحتاج اكثر من عشر قطع مثلا لا يعد هدفا للمساعدة حسب ما نراه».

«Second Base»

وكانت الفكرة المستحدثة بعدها إنشاء محلات عرفت بعنوان الـ»Second Base» التي تتوجه الى «الميسورين» اذا صح التعبير وتقدم مواد بعضها غريب وأعلى تكلفة من «سوق الخلنج». هنا للمواد المطلوبة خاصية معيّنة تحتاج الى خياطة ما أو الى «تصغير» لتباع بأسعار غير بخسة قياسا الى أسواق ما عرف تاريخيا بـ«البالة».

وكانت المفاجأة في الاقبال على هذا السوق الذي تخطت مستوعباته الـ 150 ومن المخطط له ان يجمع 400 مستوعبا العام المقبل موزعين في المناطق. وتكمل حلواني بأن منتوجاتها تتواجد في أماكن التجمعات مثل «السبينس» والـ«أ ب ث» وبعض البلديات وحتى المصارف «حيث تقدم الناس تبرعاتها ثم نقوم بجلبها».

وهذا الامر يعني ان الحاجة لتخفيف تكاليف شراء الألبسة غير مقتصرة على الطبقة الدنيا وحتى الوسطى، بل تشمل من يريد من الطبقة الميسورة أن يقلص ميزانية دفوعاته في ظرف دقيق لم يستثن أحدا، وحتى بالنسبة الى هؤلاء فإن الازمة الاقتصادية الحالية قد دفعت بهم الى الاحتفاظ بالكثير من ثيابهم.. حتى إشعار آخر!  

«سوق عكاظ» للبيع والشراء

وتلفت النظر الى «ان هدفنا ان نتوسع اكثر في لبنان وقد تسجلنا كمؤسسة اجتماعية أي «ش.م.ل» وتُفرض علينا الضريبة ونسجل الموظفين في الضمان، لكن هدفنا يبقى ان نفيد الناس وليس الربح وما نحصله يعود الى الشركة وبذلك افتتحنا ستة محال في سنتين»، كان آخرها «سوق عكاظ» في الحمراء. 

ويُلاحظ هنا الاقبال على هذا السوق الجديد الذي افتتح الشهر الماضي للبيع ومن ثم الشراء اضافة الى التبديل، وهو ما تعزز جراء الازمة الاقتصادية المتفاقمة.

هذا السوق الاخير يختص كثيرا بالطبقة الوسطى وما دونها كموظفي المصارف الذين تراجعت مداخيلهم على سبيل المثال لا الحصر. ومعدل الاسعار هو ضمن الـ 40 ألف ليرة وقد يتخطاها في بعض الاحيان. والهدف ان تحصل هذه الطبقة على مرادها حتى لو كان مستعملا عبر ماركات متنوعة مثل «زارا» و»تومي هليفغر» و«ماسيمو دوتي» وغيرها.. ولكل سعره ويتمحور معظمها حول ألبسة الاطفال». 

ويوم بعد الآخر يتعزز هذا النوع من المبيع وسط طفرة في وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت محور هذه الحركة التجارية في هذا العصر الجديد.