بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آذار 2021 12:02ص البزري لـ «اللواء»: 22 ترخيصاً للقطاع الخاص لشراء اللقاح.. والمنصة ستتوسع

الباب فتح أمام استيراد اللقاح.. ماذا عن الاحتكار والصفقات؟

حجم الخط
مع إستمرار تفشي جائحة كورونا وارتفاع أعداد الإصابات المستمر محلياً في لبنان ورغم بدء حملة التلقيح منذ 14 شباط 2021، لم تُلمَس حتى الآن الإيجابيات من ناحية انخفاض عداد الإصابات. ومع إجماع بعض المراجع العلمية على تصنيف وتيرة سير التلقيح بال»بطيئة»، وبما أن الخطط في لبنان لا تسلم من الإستثناءات، ربما الإيجابية في الحالة الراهنة، دعت وزارة الصحة ممثلةً بوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، لاجتماعٍ تنسيقي بخصوص لقاح كورونا بهدف فتح الباب أمام أصحاب المبادرات الفردية والنقابية والمؤسساتية الذين يسعون لشراء اللقاح لتمنيع قطاعاتهم أو الطواقم الخاصة بهم، ما يعكس سعي الوزارة واللجنة الوطنية للقاح لتسهيل خلق الحلول والإسراع في عملية تلقيح الشعب اللبناني. فماذا كان فحوى الإجتماع؟ ومن هي هذه الجهات المبادِرَة لشراء اللقاح؟ وما هي آراء أهل الإختصاص إزاء هذا القرار؟

قبل الإجابة في تحقيق اليوم لـ«اللواء»، كان لا بد من المرور على ما تم تحقيقه حتى الآن منذ انطلاقة حملة التلقيح في لبنان. إحصائياً وبحسب وزارة الصّحة وتقرير حملة التّلقيح الوطنية تبيّن أنّ مجموع من تلقحوا يبلغ عددهم ٤٦٩٧١ مواطن حتى الآن، وذلك بعد استلام مراكز التلقيح على كافة الأراضي اللبنانية ٨٠١٩ عبوة لقاح تراكمية منذ بداية الحملة من وزارة الصّحة وذلك ما بين تاريخ ١٣ شباط ٢٠٢١ و ٢٧ شباط ٢٠٢١.

البزري: كان اجتماعاً حاشداً!

ولمعرفة ما توصّل إليه المجتمعون في وزارة الصّحة، يلفت رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرّحمن البزري في حديثٍ خاص لـ«اللواء»، أنّ «شركات اللّقاح لا تتعامل إلاّ في إطار دولةٍ لدولة ولهذا السّبب تمّ إقتراح مبادرة بين وزارة الصّحة واللجنة الوطنية تحمل إسم «مبادرة التضامن المجتمعي» بما معناه أنّ القطاعات الّتي تريد أن تلقّح أفراداها وتساهم بذلك من خلال مبادرةٍ خاصّةٍ فيها، يمكنها شراء اللّقاح عن طريق الدّولة ولصالحها، فعُقِدَ إجتماع يوم الجمعة الفائت على هذا الأساس.»


د. عبد الرحمن البزري

ويلفت إلى أنّهم «تفاجأوا بالإقبال على حضور هذا الإجتماع، فقد كان حاشداً وعلموا أنّ هناك العديد من الجهات الّتي تريد الإنضمام إلى المبادرة أيضاً». ويذكر بزري أنّ »هناك حوالي 22 ترخيص للمبادرات حتى الآن، وضمن الجهات الّتي تقدّمت خلال اجتماعهم كلّ من »رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) محمد الحوت، الجامعة اللّبنانية، جمعيّة الصّناعيين اللّبنانيين، جمعيّة مصارف لبنان، مؤسسات أهلية فلسطينيّة تشجّعت لأنّ دولة لبنان بادرت لتلقيح اللّاجئين، مؤسسات في صيدا و بيروت، جمعيّة المقاصد الخيريّة، الرّابطة المارونيّة...»، ويؤكّد أنّه «بالأخصّ، كل قطاعٍ غير خاصّ تتحمّس لمبادرته الوزارة لأنّه يساعد في تخفيف حيّزٍ من الضّغط على اللّقاح، و يسرّع في عملية التّمنيع، ما يوفّر على الدّولة أموالاً ويجعل الجميع يعملون تحت سقف المبادرة لمعرفة مسار التّلقيح تماماً أين أصبح».

ويضيف: «إجتماع يوم الجمعة الفائت كان أيضاً لتفعيل المبادرة عبر إتفاق ثلاثي بين الجهة المبادرة ووزارة الصّحة والشّركات المصنعة للقاح وكأنّ هذا الإتفاق ما بين الدّولة اللّبنانية وبينها، وهذا يقتضي دفع المبلغ المالي من قبل المؤسسة أو الجمعية أو النقابة». ولدى سؤاله حول إمكانيّة تخوّفهم من حدوث فوضى في الخطة المعتمدة، يجيب بزري أنّ «كلّ ما سيحدث سيكون تحت إشراف الوزارة ورقابتها لأنّه من الطبيعي متابعة الأعداد والأشخاص الّذين تلقّحوا لإحصاء نسبة المناعة الّتي تحققت حسب الأعمار والمناطق والعوامل الديموغرافية».

وعن ما قد يطرأ من متغيّراتٍ على المنصّة إبّان تنفيذ هذه المبادرة يصرّح بزري أنّه «سيتمّ إعتماد المنصّة ذاتها، ولكن بعد توسيعها لتستوعب الأعداد وذلك بهدف معرفة أسماء وأعداد من تلقّحوا، ولتَتَبُّع نسبة المناعة المجتمعيّة وتغيّرها.» وضمن إستكمال خطّة توفير خياراتٍ عدة من اللّقاحات تحدّث بزري عن أنّ «اللجنة الوطنية للقاح وافقت على اللقاح الرّوسي «سبوتنيك» بعد إطلاعها على معطياتٍ عدّة وأبلغت الوزارة لإعطاء الرخصة لإستخدامه، وكذلك الأمر نسبةً للقاح الصيني »سينوفارم» الّذي أُعطيَ ترخيص الإستخدام الطّارئ، وعلى أثره سيصل ١٥٠ ألف لقاح صيني كمبادرة خاصّة للجيش اللّبناني إضافة إلى هبةٍ من الحكومة الصينية للحكومة اللّبنانية تقدّر ب ٥٠ ألف لقاح.»

سكرية: لانتقاء الشركات الموثوقة

أمّا عن رأي الهيئة الوطنية الصحية في ما يخصّ فتح باب المبادرات الفردية والمؤسساتيّة والنقابية...، لحجز أو استيراد اللّقاح، فيعتبر رئيسها الدكتور إسماعيل سكرية أنّه »في ظلّ الوتيرة البطيئة الّتي تسير فيها حملة التلقيح في لبنان، تحمل هذه الأخيرة مخاطراً إذ أنّ نسبة التّلقيح قليلة، فلا بدّ إذاً من إعطاء دورٍ للقطاع الخاص في لبنان على وجه التّحديد، لكنّها بالطّبع يجب أن تكون منظّمة مع وزارة الصحة واللجان المعنيّة برقابةٍ وبضبطٍ للتوزيع ضمن الخطّة المتّبعة من قبل اللجان العلمية لمنع حصول الفوضى أو التجارة، مع التأكيد أنه يحبّذ فتح هذا الباب ضمن حدود لتحسين سير الأمور.»

ويصرّح أنّه «لا يسلّم بالمطلق للدّولة الممثلة بوزارة الصحّة، إذ عقدت إتفاقية مع شركة خاصّة في لقاحٍ واحدٍ فقط يصل بكميّاتٍ قليلة ويُبطِئُ عملية التّلقيح، ولكن في الوقت ذاته لا يجب إفلات الموضوع للقطاع الخاص لأنّ هذا غير سليم». ويرى سكريّة خلال الحديث عن خطّة اللّقاح في لبنان أنّها »تعثّرت بعض الشيء لسبب أساسي وهو إعتماد »فايزر» كخيار وحيدٍ أحاطته أسئلة وتساؤلات ما سبّب تردّداً في البلد ولدى النّاس الّذين لم يُقدِموا لأخذ اللقاح بدايةً»، ولتخطّي هذا الأمر يدعو إلى »قرارٍ وطني لتوفير خيارات أخرى من اللقاح، منهم اللقاحين الرّوسي والصيني »سبوتنيك وسينوفارم «تحديداً مع ضرورة التدقيق والتّصحيح في المنصّة الإلكترونية» الّتي وبحسب سكرية «يشوبها الكثير من المغالطات والتّجاوزات وهذا بعد شكاوى النّاس وشهاداتهم، إضافةً إلى محاسبة كلّ من يخلّ في الخطة المعتمدة، وفتح الباب للشركات الموثوقة الّتي تستوفي الشّروط المناسبة فقط وللإبتعاد عن الشّركات الّتي لها تاريخ في تغليب العمل التّجاري البحت».

وتطرّق ختاماً في حديثه، »لسعي بعض الجهات نحو تصنيع اللقاح في لبنان وخاصّةً الرّوسي» فيقول في هذا السّياق أنّه «غير متحمّس وضد التّصنيع في لبنان، لأنّ هذه العملية تحتاج إلى تحضيرٍ مكثّفٍ ومصانع مؤهّلة، وهذه المقوّمات غير متوفرة في لبنان ومن الممكن أن تثير الشّك».

يعبّر البعض عن ثقته بمسار التلقيح في لبنان إذاً، لأن من استلموا الملف لجانٌ من الأطباء المستقلين عن السلطة الحاكمة وعن اللجان الحكومية، في حين لا زالت هناك فئة مقابلة لا تثق ولا تقتنع بمدى أهمية اللقاح في موسم الوباء العالمي. وبين هذا الموقف وذاك، تلقّى المواطن اللبناني صفعةً جديدة في هذا الملف أيضاً عندما تلقى نوابٌ من البرلمان لقاحهم، رغم المحاولات لإبقائه بعيداً عن المحسوبيات...فهل ستكون مبادرة توسيع فرص استيراد لقاح كورونا اليوم باباً منقذاً بوتيرةٍ أسرع للشعب اللبناني من تفشي الوباء أكثر وأكثر؟ أم أنه سيكون باباً إضافياً لتوسيع حلقة الإستنسابيات وهُوّة تفضيل الحاكم على المواطن مجدداً كما حصل منذ أيامٍ ويحصل منذ أعوام؟ علّها بادرة خيرٍ.