بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 شباط 2020 12:00ص الحوار الأخير لحكواتي بيروت قبل رحيله

«الحكواتي»: حرفة قديمة لكن عريقة «الحكواتي»: حرفة قديمة لكن عريقة
حجم الخط
التقينا الحكواتي عماد الوزان لنستذكر مرحلة جميلة من حكايات بيروت، فكانت جلسة مليئة بالعبر والمعاني، لكن غفلة الموت فاجأته وفاجأتنا قبل أن ننشر هذا الحوار الشيّق.

«اللواء» تتقدم بالتعازي الحارة من عائلة وذوي الفقيد الذي سيبقى في ذاكرة بيروت.

«الحكواتي» مهنة الفن والأدب والشعر.. و«السيطرة» على المستمعين، عبر الإصغاء الكلي وشد انتباههم وخيالهم، لسيرة «عنترة بن شداد» أو «أبو زيد الهلالي»، أو صلاح الدين..

أما السيرة والسرد وجذب الإنتباه، فتطول مدته لأيام أو أسابيع، مع نهاية سعيدة في فوز بطل الرواية، والقضاء على الأشرار والمجرمين والخارجين عن القانون.

«الحكواتي» الوزان

لتسليط الضوء على هذه الشخصية ومعرفة المزيد عنها التقت «اللواء» «حكواتي بيروت» عماد محمد الوزان، فكان الحوار الآتي: 

{ من هو «الحكواتي»؟ 

- «الحكواتي» شخصية شعبية محببة لدى الكبار والصغار، يروي قصصاً حماسية تم اقتباسها عن الأجداد.

هو الذي يجمع أبناء الأحياء الشعبية ووجهاء المناطق في شهر رمضان المبارك، ليجسد لهم بالصوت والصورة إحدى الملاحم التاريخية، المليئة بالبطولة والمغامرات».

خبرة ومهارة

{ هل باتت شخصية «الحكواتي» قديمة؟

- صحيح أنها حرفة قديمة لكنهاعريقة، ولاسيما أن «الحكواتي» يحتاج الى خبرة ومهارة في سرد الروايات، فهوكان يتوقف عند نقطة حساسة في القصة الى اليوم التالي، وهذا ما يجعل الجمهور يتشوق شغفاً وشوقاً لمعرفة التفاصيل بلهفة. 

والحقيقة أن جمهور أيام زمان كان يتحلق حول «الحكواتي» في المقاهي والنوادي والخيم الرمضانية، فوقتها لم يكن هناك من وجود ل «التلفزيون» أو «الراديو» كما هوالحال اليوم».

توجيه الشباب

{ ما الذي يميز «حكواتي» الأمس؟

- ما يميز «حكواتي» الأمس هو القيم والفضائل والشجاعة التي كانت تتسم بها الشخصيات والملاحم. أما الهدف من سرد هذه القصص التاريخية كونها تحمل معاني نحتاجها اليوم، وكانت الغاية توجيه الشباب الى الطريق المستقيم المليء بالقيم والأخلاق ونجدة المحتاج.

وهذه المهنة لا يقدر عليها أياً كان، لانها تحتاج الى فنون في الإلقاء والسرد والصوت الجهوري، وهي تمثل التراث الشعبي الذي يحبه كل الناس من دون استثناء».

شخصية مطلوبة

{ متى تبلغ هذه المهنة ذروتها؟

- بروز هذه المهنة يتم في شهر رمضان المبارك، حيث من الصعب أن نجد خيمة رمضانية أو مقهى إلاّ وبه «حكواتي» يكمل عادات وتقاليد أحبها الصائمون وينتظرونها بلهفة كل عام.

ولقد كانت بيروت، صيدا وطرابلس بمقاهيها على موعد مع «الحكواتي» الذي لم يعد ظهوره مقتصراً على شهر رمضان المبارك، بل أصبحت هذه الشخصية مطلوبة في كثير من الاحتفالات والمناسبات».

إضفاء الإثارة

{ ما هي مقومات «الحكواتي» لإنجاح العرض؟

- الراوي الناجح عليه أن يضفي الإثارة من عنده لدى سرد أي قصة شعبية أو تاريخية، ومن أولويات النجاح أن يقدمها بطريقته هو مع إضافات لا بد منها في الحكايات والكلام والحركات وطبقات الصوت الذي يحتد ويرتفع بما يتلاءم مع المجريات، فهناك الربح والخسارة، والمعارك والفداء والإنتصارات. والوصول الى الذروة في هذه المشاهد يتطلب جعل المستمعين والحضور يعيشون الحدث بكل تفاصيله، حتى أنني في كثير من الأحيان أمازح البعض لإعطاء الحماسة فرصة استراحة خوفاً من الإنفعالات والحدة والصراخ ضد شخصية ما في القصة، ارتكبت أهوالاً وفظائع، وهذا ما يساعد في تبريد الأعصاب لفترة معينة».

خصوصية طيبة

{ وماذا عن العمل في شهررمضان المبارك؟

- إن طبيعة عملي في شهر رمضان الكريم، تجعلني أشعر بأن طقوس وعادات وتقاليد هذا الشهر المبارك لا تزال كما هي، وإن خف بريقها عن الماضي، وايضاً أشعر بأنني أقدم شيئاً مفيداً للجمهور، عبر خصوصية طيبة لا نراها إلاّ في هذا الشهر الكريم».

شجاعة ورجولة

كذلك، التقت «اللواء» حسن بيضون المعروف بـ«أبو عمر» وهو واحد من الذين عاصروا «حكواتية» أيام زمان، كونه كان دوما يرافق والده في تلك الأمسيات، عن هذه المهنة، يقول: «هي تشكل عدة فنون في وقت واحد، لناحية القصة والسرد وحالة التمثيل والدراما، وفي تفاصيل القصص عن أبطال العرب القدامى».

أما الرواد القدامى فكانوا يتبوأون الصفوف الأمامية لسماع ما سيرويه «الحكواتي»من أشياء عرفوا عنها القليل في التاريخ.

وطبعاً، إطلالة «حكواتي» أيام زمان كانت «غير شكل» وحضورهم وتمثيلهم الرائع كان يرمز دائماً الى الشجاعة والرجولة، حيث كانوا يتمتعون بحس الإلقاء المستمد من الناس والحياة.

وكلما شد جذب انتباه الجمهور عبر إبراز بعض الوقائع المثيرة، كلما نال»الحكواتي»فلان خطوة وشعبية ومناصرة تختلف عن غيره.

وهذا ما يعزز رصيده حسب قوة عناصر الإثارة والتعبير وحركات ضرب السيف واستخدام الأيدي والأرجل في مجريات الأحداث».