بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آب 2020 12:00ص الشباب اللبناني.. وحقائب السفر

شباب مع حقائب الرحيل شباب مع حقائب الرحيل
حجم الخط
منذ الرابع من آب 2020 المشؤوم تاريخ حصول الانفجار الهائل الذي هزّ العاصمة اللبنانية بيروت والمناطق المحيطة بها، ودمر ما دمره في المرفأ مما أدى إلى وقوع خسائر جسيمة جداً في الأرواح والممتلكات وترك تداعيات خطيرة إنعكست على اللبنانيين جميعاً من دون استثناء مادياً ومعنوياً ونفسياً والذين ما زالوا حتى الآن يلملمون جراحهم ويبحثون بين الأنقاض عمن لا يزال مفقوداً من احبائهم واقربائهم فيما تعذر على الكثيرين منهم إصلاح الدمار الذي لحق بممتلكاتهم ومنازلهم ومؤسساتهم ومتاجرهم، كل ذلك يأتي في ظل غياب حكومة فاعلة ترعى شؤون مواطنيها في المراحل والظروف الصعبة كالتي يعاني منها البلد حالياً وعاصمته العريقة بتاريخها وأصالتها بيروت بعدما لحق بها من خراب ودمار.

اما وقد أدّت تلك النكبة إلى ما أدّت إليه، فالمساعي والاتصالات المبذولة حالياً تدور حول من سيعيد اعمار بيروت ومرفأها الذي بقي حتى الأمس القريب يعتبر من أهم المرافئ في منطقة الشرق الأوسط وعلى البحر المتوسط والذي سيبقى محور اهتمام ومحط أنظار كل محبي لبنان وست الدنيا بيروت، لذلك فإن معظم دول العالم والحكومات فيها المنشغلة بمواكبة اخطار فيروس كورونا في بلادها الا انها تعمل على إرسال المساعدات وفرق الاغاثة الطبية والصحية والغذائية إلى هذا البلد نظراً للمكانة المميزة التي يتمتع بها لدى معظم دول العالم. وإن المحافظة على التاريخ والذكريات في مدينة عريقة كبيروت كفيل بأن يجعل محبي لبنان يتسابقون لانقاذه ودعمه ومساعدته في الظروف الصعبة والمصيرية التي يُعاني منها حالياً.

وفيما تنشغل المراجع والجهات المختصة في لبنان من مسؤولين وفعاليات واحزاب وتيارات سياسية بمشاكلها والمهاترات في ما بينها دون الأخذ بعين الاعتبار حجم الكارثة يبقى المواطن اللبناني الطيب يتعلق بخيط رفيع من الأمل والتفاؤل بإمكانية الخروج من هذه الأزمة ولملمة جراحه للولوج إلى بر الأمان في وقت قريب وذلك من خلال إيجاد السبل الآيلة لعزل أولئك السياسيين الذين اثبتوا فشلاً ذريعاً في ممارساتهم السياسية التي لم ولن تحافظ في يوم من الأيام الا على مكاسبهم ومصالحهم الذاتية، مما اوصل البلد إلى ما وصل إليه حالياً، من فساد وشبه انهيار اقتصادي وسياسي وامني بكل ما للكلمة من معنى.

ولو قُدِّر للمراقبين ان يواكبوا ويركزوا على حركة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لجهة الوافدين والمغادرين عبره هذه الفترة لأمكن لهم ان يتبينوا بوضوح ان عدداً كبيراً من اللبنانيين بدأوا بحزم حقائب السفر مع اسرهم ومعظمهم بعمر الشباب قاصدين وجهات عديدة في العالم بهدف التفتيش عن مستقبل يليق بهم كشباب لبناني مثقف يسعى إلى تأمين ما يراه مناسباً لهم في الخارج دون التطلع إلى الوراء رغم انهم يؤكدون مراراً وتكراراً مدى تعلقهم بهذا البلد، الا ان اليأس والاحباط الذي تغلغل في نفوسهم وعقولهم جعلهم يلجأون إلى الخيار الصعب على أمل ان يعودوا في يوم من الأيام إلى لبنان ويكون المشهد مغايراً كلياً للواقع المرير الذي وصل إليه حتى الآن هذا البلد.

اضف إلى كل ذلك ان ما يعتبره لبنان ثروة حقيقية يمكن الاعتماد عليها واللجوء إليها في أوقات الملمات الصعبة أي الطاقة الاغترابية في دول الانتشار بالعالم باتت بدورها تحسب ألف حساب لما كانت تقدم عليه على مدى سنوات طويلة ورغم كل الحروب والمشاكل التي عانى منها لبنان طويلاً وبدأت بالتفكير جدياً بعدم ارسال الأموال والمساعدات المادية إلى هذا البلد لا سيما في ضوء ما عانوا منه من إجراءات تعسفية وظالمة بحقهم من قبل المصارف اللبنانية إذ وجدوا أنفسهم وجنى عمرهم فجأة رهينة بأيدي بعض القيمين على شؤون تلك المصارف وبينهم عدد من السياسيين الممثلين بأعضاء مجلس إداراتها مما جعلهم يفقدون الثقة بأولئك الأشخاص والمسؤولين وباتوا يعمدون إلى إرسال الدعم والمساعدات المالية إلى ذويهم وعائلاتهم بشكل مباشر أو عبر بعض المؤسسات التي تُعنى بهذا الأمر.

ويبقى أخيراً وليس آخراً ما يواجهه لبنان حالياً من خطر انتشار وباء كورونا بشكل واسع وكبير في مختلف المناطق اللبنانية دون تمييز أو رحمة رغم كل التدابير والإجراءات التي تحاول وزارة الصحة العامة والجهات الرسمية الأخرى والبلديات والجمعيات الأهلية اتخاذها للحد من انتشار هذا الوباء الخطير وإعادة اقفال البلد من جديد، وكل ذلك لا يزال حتى الآن يراكم الأزمات في لبنان الواحدة تلو الأخرى حتى بات السؤال الكبير الذي يطرح نفسه ألا وهو ماذا يمكن لهذا البلد ان ينتظر في المستقبل المنظور على صعيد الخروج من أزماته المتسارعة اقتصادياً وسياسياً وامنياً وصحياً أو بالتالي على صعيد تفاقم مثل تلك الأزمات والمشاكل التي سترسم مشهداً جديداً لظروف أقسى يتمنى كل محبي لبنان أن لا يصل إليها هذا البلد في يوم من الأيام.