لم يعد استهلاك المخدّرات مقتصراً على تعاطيها بالوريد أو مضغها أو شمها أو تدخينها، بل تطور الفكر الإنساني، ليحول نظم التعاطي إلى تعاطٍ إلكتروني، أو تعاطٍ رقمي يحدث نفس التأثير الذي تمنحه المخدّرات الطبيعية.
هي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعتين بكل من الأذنين، بحيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمنى على سبيل المثال وترددات أقل في الأذن اليسرى.
انطلاقا من خطورة هذه المخدّرات، نوهت الحكومة اللبنانية إلى ضرورة زيادة وعي الأهالي لمثل هذه الأنواع من المخدّرات، ومراقبة ما يقوم به أولادهم على «الانترنت»، داعية الجهات المعنية إلى حجب المواقع الإلكترونية التي تقوم بتسويق وبيع هذه الموسيقى.
لمعرفة ماهية هذه المخدّرات الرقمية وأنواعها ومدى تأثيرها وخطورتها، التقت «اللـواء» الأخصائية في علم النفس العيادي مارلين دمرجيان، فكان الحوار الآتي:
{ ما هي المخدّرات الرقمية؟
- «قبل البدء بماهية المخدّرات الرقمية، لا بد من التعرّف على ظروف تكوينها. إذ يقوم تشكيل هذه المخدّرات على تقنية «النقر بالأذنين»، التي اكتشفها العالم الألماني هينريتش دوف عام 1839، حيث استخدمها لأوّل مرّة عام 1970 لعلاج بعض الأمراض النفسية، كحالات الاكتئاب الخفيف، خصوصاً إذا كان المريض يرفض العلاج السلوكي وتناول الأدوية، وذلك بالعودة إلى تقنية «النقر بالأذنين»، التي تتم عن طريق تذبذبات كهرومغناطيسية تعزز مواد منشطة المزاج لدى بعض المرضى النفسيين.
إذن المخدّرات الرقمية هي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر وضع سماعات في الأذنَين،تُبث تردّدات معيّنة في الأذن اليُمنى على سبيل المثال، وأخرى أقل في اليُسرى. ويجهد الدماغ للتوحيد بين التردّدين، ومن ثم يجعلهما في مستوى واحد، ما يؤدي إلى خلل في الإشارات الكهربائية العصبية التي يرسلها، لذلك يمكن القول إنّ هذه المخدّرات هي طريقة جديدة لتحريك التفاعلات الكيميائية التي تحركها المخدّرات التقليدية».
أنواعها وتأثيرها
{ هل هناك من أنواع لهذه المخدّرات؟
«- بالطبع، هناك أنواع عديدة للمخدّرات الرقمية. على سبيل المثال، هناك تردّدات تعمل على تهدئة أو تثبيط الجهاز العصبي، وهناك أخرى تعمل على اهتياجه، بمعنى آخر، تتطابق أنواع هذه المخدّرات مع المخدّرات التقليدية كالكوكايين، والهيروين،...وغيرها».
{ ما مدى تأثيرها؟
- «هناك مَنْ يتأثّر بالمخدّرات، ومَنْ لا يتأثّر بها. إذ تظهر تأثيراتها في انخفاض الطاقة الإنتاجية للفرد على المستويات كافة، كالأكاديمي، والاجتماعي.. وذلك بسبب انعزاله عن الواقع الخارجي، فيحدث الإدمان النفسي. كما هناك صراخ أيضاً، وتشنّجات عضلية لا إرادية».
طقوس التعاطي؟
{ كيف يتم تعاطيها؟، وهل من طقوس؟
- «يتم تزويد السمّاعات بأصوات تشبه الذبذبات والأصوات المشوّشة، بحيث يتراوح تردّدها بين 1000 و1500 هيرتز. وكما أشرنا، يتم تزويد طرفَي السماعة بدرجتين مختلفتين من هذه التردّدات. ويأتي الفارق بين هاتين الدرجتين ليحدد حجم الجرعة.
طبعا هناك طقوس معيّنة تتعلّق باستهلاك المخدّرات الرقمية، إنْ جاز التعبير. تتجلّى في الإضاءة المنخفضة، تعصيب العينين، وارتداء الملابس الفضفاضة، وشرب الماء قبل الاستماع للمقطع الصوتي. مما لا شك فيه، أنّ هذه الطقوس تساعد الفرد في الوصول إلى النشوة».
الوقاية والعلاج
{ كيف يمكن الوقاية من هذه المخدّرات؟
- «ينبغي أنْ تتم الوقاية من جانب مستويات عدّة، نذكر منها: على المستوى القانوني، يجب تحديث القوانين الرادعة. بمعنى أنْ تتم ملاحقة مَنْ يعمد إلى ترويجها وإستهلاكها.
- على المستوى الأمني، ينبغي تدريب فرق متخصّصة لمراقبة المواقع التي تروّجها.
- على المستوى الاجتماعي، لا بد من إقامة دورات توعية المراهقين والشباب على مخاطر المخدّرات الرقمية.
- على المستوى الأسري، يجب على الوالدَين مراقبة أبنائهما ومراقبة أجهزتهم الخلوية أو «اللابتوب» وغيرها...، وتوعيتهم على الإبتعاد عن أي مواقع مشبوهة. ولا يجب أنْ ننسى ما للمدرسة من دور مهم في توعية التلاميذ من خلال محاضرات خاصة بالمخدّرات الرقمية وتبِعاتها».
{ ماذا عن العلاج؟
- «لا يمكن، حتى الآن، الجزم في ما إذا كان العلاج مشابهاً للعلاج من المخدّرات التقليدية. قد يتم العلاج من المخدّرات الرقمية عبر إخضاع المدمن لجلسات توعية. ومما لا شك فيه، أنّ للأهل دوراً أساسياً في نجاح العلاج، وذلك من خلال مشاركتهم في مساره. كما يجب أنْ يتم دفع المدمن إلى ممارسة الأنشطة الرياضية مع ضرورة مراقبة الهواتف النقالة والحواسيب... أما في حال عجز الأهل عن مساعدة إبنهم المدمن على التخلّص من إدمانه، حينها يتوجب أن يلجأوا إلى المراكز المتخصصة..