كشفت دراسة طبيّة حديثة أنّ الرجال والنساء يتقدّمن في السن بوتيرة متشابهة، لحين بلوغ سن الخمسين، بعدها تكون مرحلة الشيخوخة لدى النساء أسرع من عند الرجال، وهذا ما يدفع المرأة إلى الاهتمام بوجهها، والقيام بعمليات جراحية تجميلية، تطال ليس فقط ملامح الوجه، بل الجسد كله.
د. المر
في هذا السياق، التقت «اللواء» بالطبيب الاختصاصي في الجراحة التجميلية، د. شادي المر، فقال: «هذه الدراسة العلمية صحيحة جداً، وواقعية في تفاصيلها ومندرجاتها ومعطياتها، لناحية ارتباط الجوانب المتعلّقة بها، بأنّ النساء يبدأنّ بالتقدم في السن، ويعانين من التجاعيد، حين يبلغن سن الخمسين، رغم أنّهن يظهرن الإهتمام الكلي بوجههن باكراً، حينما يرون التجاعيد ظاهرة للعيان، في الواجهة الأمامية للرأس.
وما يلحظه الأطباء الاختصاصيون في مجال الجراحة التجميلية، أن الأشخاص أصحاب البشرة البيضاء أو الشقراء، هم أسرع في بلوغ مرحلة «الختيرة»، وظهور التجاعيد وعلامات الكَبَر والشيخوخة، من الأشخاص ذات البشرة السمراء، بفعل العوامل الوراثية المختلفة، التي تؤثّر على نوعية الجلد، فالمرأة تهتم بجسمها وملامح وجهها منذ الصغر، بعكس الرجل الذي لا يبالي بهذا الأمر، من قريب أو بعيد. وما نلحظه أن الأشخاص ذات البشرة السمراء أو السوداء، مثل المهاجرين في القارة الأميركية، أو الأفارقة في القارة السوداء، تبقى وجوههم مشدودة، أكثر من الأشخاص ذات الملامح البيضاء.
وبحسب هذه الدراسة الطبية الحديثة، فإنّ المعدلات المتشابهة من التغيرات تحدث بين سن الأربعين والخمسين من العمر، سواء لدى الرجال أو النساء، وهذا يعود إلى تسارع ظهور علامات التقدم في السن، بعد عمر الخمسين، بسبب خسارة هرمون الأستروجين، بعد بلوغ سن اليأس، ما يؤثر على الكولاجين، الموجود في الجسد، والذي يبدأ بالذوبان والانخفاض، ودوره أساسي في شدّ الجلد، مما يؤدي إلى ظهور التجاعيد في الوجه، وفي مختلف أنحاء الجسم، ولكن يكون أسرع عند المرأة، منه عند الرجل».
ظهور التغيّرات
وبالنسبة إلى بدء ظهور التغيّرات، قال د. المر: «بعد بلوغ سن الخمسين، وهو السن المتوسط لفترة انقطاع الطمث عند النساء، تبدأ التغيّرات المتعلقة بالسن، تظهر بوتيرة أسرع لدى النساء، إذ يلاحظن تغييرات واضحة، في حجم العينين، تضخّم في حجم الأنف والأذنين، ويصبح الوجه كالمسطح، وهذا يعود إلى خسارة الدهون الموجودة في الوجه والعينين والأنف والأذنين والفم والخدود وذوبانها، ما يجعل الواجهة الأساسية للرأس، في حالة ارتخاء تامة، وهذا ما نسميه تغيرات جذرية في ملامح الوجه.
إنّ انخفاض معدلات هرمون الإستروجين وخسارته بعد سن اليأس، يؤثر على الكولاجين (المسؤول عن توزيع الدهون في الجسد)، وعليه نقول بأنّ هرمون الإستروجين، هو المسؤول عن الصفات الجنسية الأنثوية، التي تشمل حجم الثدي، وعرض عظام الحوض، ونسبة الدهون في الجسم، التي تزيد لدى النساء عن الرجال، كما يلعب دوراً هاماً في حدوث الطمث، فيتغير هرمون الإستروجين، خلال الدورة الشهرية والذي ينظمها، كما يحصل في فترة الحمل، ويحافظ على مستويات الكولسترول، ضمن الحدود الطبيعية، ويحمي العظام ويحافظ على صحتها، وهنا دوره أساسي في حماية القلب والأوعية الدموية، وأيضاً في نضارة الجلد.
وعليه فإنّ أعراض انخفاض هرمون الإستروجين، المؤثر في مرحلة الوصول إلى سن اليأس، التي نرى فيها تقلبات المزاج والاكتئاب، الألم في الثدي، الإصابة بالصداع الرأسي، والصعوبة بالقدرة على التركيز، الشعور بالتعب والإعياء، ضعف العظام وسهولة إصابتها بالكسور، ما يدفع لمطالبة المرأة، بتناول الأطعمة والمأكولات، التي فيها الكالسيوم وفيتامين «د».
«الإستروجين» و«الكولاجين»
تجدر الإشارة إلى أنّ هناك ارتباطا واضحا بين خسارة هرمون الإستروجين، بعد سن اليأس لدى المرأة، وتأثيره على الكولاجين، الذي هو بروتين موجود بالأجساد، والمسؤول عن عدة وظائف في جسم الإنسان، ومنها تغيير وإصلاح الأنسجة، ونمو العظام والغضاريف، وجمال البشرة ونضارتها وتأخير ظهور التجاعيد.
وعليه نقول بأنّ الكولاجين أشبه بمادة «الغري»، بالنسبة إلى جسم الإنسان، لكونه يعزز الأوعية الدموية ويعطي الجلد مرونته وقوته، ويحافظ على نضارة البشرة، وأي تناقص في الكولاجين، يسبب زيادة التجاعيد في الجسم كله، لذلك فإنّ حشو الجلد، عن طريق الحقن، تزداد بشكل لافت، للتخلص من الخطوط والتجاعيد المرتبطة بالشيخوخة، وإن الكولاجين يقوم بتجديد خلايا الجلد، في جميع المراحل العمرية، إلا التقدم في العمر، يؤدي إلى تراجع في إنتاج الكولاجين وتناقصه بشكل واضح، وهذا ما يفسر ظهور التجاعيد، وترهّل بعض مناطق الجسم، لدى كبار السن.
المرأة والرجل والجمال
{ وحول اهتمام المرأة اللبنانية بوجهها، قال د. المر: «المرأة اللبنانية تهتم بوجهها، لناحية زيارة الأطباء الاختصاصيين لإجراء العمليات التجميلية، في هذا الجانب من الجسد أو ذاك، وتحديداً شد الوجه والعيون والأنف والخدود عبر تعبئة المواد المختلفة ومنها البوتوكس، بديلاً عن الكولاجين الذي يبدأ بالذوبان والتراجع، في المقابل فإن المرأة اللبنانية تحب أن تركب الموجة، وبالعربي الدارج تحب أن تمشي «عالموضة»، ولديها حب الظهور والحفاظ على أناقتها، وجمال وجهها وجسدها، من أجل الظهور أمام الكاميرا، لتكون أكثر جمالاً وحيوية ونضارة، فيما المرأة في أميركا الجنوبية، وتحديداً في البرازيل، تهتم بمعالجة التجاعيد، التي تظهر في مختلف أنحاء جسدها، فيما المرأة في الدول الأوروبية، تهتم بتكبير صدرها، لكونها تولد بصدر صغير الحجم.
وفي المقابل نلحظ أن الرجل في لبنان، بات شريكاً للمرأة، في إجراء العمليات الجراحية التجميلية، لناحية القيام بتغيير ملامح الوجه، وتحديداً في الأنف والعيون، وشفط الدهون في البطن، (أي إزالة الكَرش)».