تساعدنا الموسيقى على الخروج من حالة نفسية سيئة إلى الشعور بالتحسّن، ولذلك فهي ليست مجرّد وسيلة للتسلية، فالأطباء يستخدمونها في العلاج النفسي والجسدي.
واليوم كم نحن بحاجة ماسّة للموسيقى لمعالجة الإضطرابات النفسية التي نعاني منها، ولا سيما نتيجة «الكوفيد 19».
لتسليط الضوء على أهمية العلاج بالموسيقى، التقت «اللواء» أخصائية علم النفس والأستاذة الجامعية في العلاج بالموسيقى الدكتورة لينا رياشي حداد، فكان الحوار الآتي:
{ إلى أي مدى ممكن أن تكون الموسيقى علاجا للإضطرابات النفسية ما بعد «الكوفيد 19»؟
- الإستماع للموسيقى له تأثير إيجابي على الدماغ ورفع المزاج، مما يجعله أداة عظيمة للمساعدة في مكافحة القلق الناتج عن الحجر المفروض في كل أنحاء العالم، بسبب جائحة «الكورونا»، ومعالجة اضطراب ما بعد الصدمة والإرتباك والإحباط الذي خلّفته هذه الجائحة.
والجدير بالذكر، أن الموسيقى تشجّع على إطلاق «الدوبامين» في نقاط الإشتباك العصبي في الدماغ. «فالدوبامين» هو ناقل عصبي يلعب دورا هاما في عملنا المعرفي والعاطفي والسلوكي، المعروف بإسم «هرمون السعادة».
هو يساعد على خلق الشعور بالمتعة، في حين أننا نعرف منذ فترة طويلة أن الموسيقى تحسّن المزاج.
وهناك أدلة متزايدة على أنها يمكن أن تسهم أيضا في الصحة العقلية والبدنية.
وتشير الدراسات أن الموسيقى ساعدت على تقليل مستويات الإجهاد بشكل كبير لدى الأفراد. كما أنها حسّنت قدرة جهاز المناعة لديهم على العمل وقلّلت مستوى القلق على المدى الطويل.
{ كيف يتم العلاج؟
- العلاج بالموسيقى هو نوع من العلاجات الفنّية المحفّزة على التّعبير، وهي تستخدم الموسيقى لتحسين الحالة العامة للفرد وللحفاظ على الرفاه الجسدي والنفسي والاجتماعي لديه، وهي تنطوي على مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل الإستماع إلى الموسيقى، الغناء، الرقص والعزف على آلة موسيقية.
ويتم العلاج كالتالي:
يقوم مقدّمو خدمات الصحة العقلية بإحالة العملاء إلى المعالجين الموسيقيين إذا رغبوا في دمج العلاج بالموسيقى مع العلاجات الأخرى أو الإكتفاء بالعلاج الموسيقي فقط.
يقوم المعالج بالموسيقى بصياغة خطة العلاج بعد مقابلة العميل والتعرّف الى مشكلته والى ميوله واختياراته الموسيقية.
بعد وضع الخطة، تبدأ رحلة العلاج التي تستغرق فترة ستة أشهر على أقل تقدير.
ويشمل العلاج استخدام المهارات والعناصر الموسيقية من قبل المعالج بالموسيقى للحفاظ على الصحة العقلية، الجسدية، العاطفية والروحية وتعزيزها.
يقدّم المعالج بالموسيقى بنية مصممة خصيصاً لتشكيل وتطوير مسار العلاج.
على سبيل المثال، يمكن للمريض إنشاء موسيقاه الخاصة بتوجيه من المعالج كوسيلة للتعبير عن العواطف أو يمكن للمعالج أيضا أن يغني للمريض ويشجعه على الغناء مثلا أو كتابة كلماتهم الخاصة على لحن أغنية معروفة وغيرها من الأنشطة الموسيقية كالرقص والحركات الإيمائية والصور الموجهة بواسطة الموسيقى، والتي تنطوي على الاستماع إلى الموسيقى المختارة من أجل الحصول على الصور والرموز، والمشاعر العميقة، التي يحتمل أن تكون غير واعية.
{ هل من تقنيات معينة؟
- طبعا هناك التقنيات التي تنطوي على الارتجال الموسيقي وتمارين الاستماع والغناء، وتأليف الموسيقى، والعزف على آلة موسيقية.
مناقشة العواطف التي نقلت من خلال قطعة من الموسيقى التي سمعها المريض وغيرها...
بالإضافة الى أنواعها:
العلاج بالموسيقى النشطة، العلاج بالموسيقى الاستقبالية، مزيج من الاثنين معا والعلاج الفردي بالموسيقى والعلاج الجماعي بالموسيقى.
{ بعيدا عن جائحة «الكوفيد 19»، ما الأمراض التي من الممكن أن تعالج بالموسيقى؟
- قد يوفّر العلاج بالموسيقى خياراً علاجياً أكثر سهولة وأقلّ كلفة لعلاج الإجهاد اللاحق للصدمة، كما أنه يقلل من التوتر والقلق في حالات أخرى مثل الأطفال، الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب ومرضى «الزهايمر»...
كذلك، فإن الموسيقى تقلل من الضائقة العاطفية، وتعزز الترابط الاجتماعي، وتحسّن الرفاه العام.
{ من يمكنه الإستفادة من هذا العلاج؟
- الأفراد الذين يواجهون الإجهاد في حياتهم اليومية مثل المعلّمين، الأطباء، الأطفال والمراهقين والبالغين وكبار السن الذين يعانون من احتياجات الصحة العقلّية والنفسيّة، بالإضافة إلى الأفراد ذوي الصّعوبات التعلّميّة.
أيضا الأفراد الذين يعانون من مشاكل تعاطي المخدرات والمصابين بإصابات الدماغ والإعاقات الجسدية.
أيضا، الأفراد الذين يعانون من آلام حادة ومزمنة، بما في ذلك الأمهات في المخاض والأفراد المصابين بمرض «الزهايمر» والظروف الأخرى المرتبطة بالشيخوخة.
{ هل يختلف نوع الموسيقى من مريض لآخر؟
- طبعا، يختلف نوع الموسيقى من مريض لآخر بحسب ميول المريض الموسيقية وخبراته السابقة في هذا المجال وحالته النفسية أو الجسدية التي تستدعي العلاج.
{ ما هو الوقت الذي يجب أن نخصصه يوميا للموسيقى كي نتمتع بالراحة النفسية؟
- بما أن الموسيقى يمكن أن تحسّن مزاجك وتبعدك عن الاكتئاب... ننصح بالاستماع إليها قدر المستطاع مع انتقاء أنواع الموسيقى المناسبة.