بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2019 12:22ص «الناش» مرض الكبد العصري علاجه الوحيد دواء «الأوكاليفا» وبإشراف الأطباء

دكتور الأمراض الجرثومية والمستعصية روي نسناس دكتور الأمراض الجرثومية والمستعصية روي نسناس
حجم الخط
الناش هو الاسم الطبي لمرض العصر، ويعني التهاب الكبد وتعطيل عمله بسبب تراكم الدهن فيه. وهو ناتج عن خلل في الميتابوليزم، أي الأيض، الذي يخلق مجموعة من التفاعلات الكيميائية والفيزيائية الحيوية الموجودة نواتها في خلايا الكائن لكي تحافظ على حياته.
وتشمل عملية الأيض التنفس، الأكل، هضم الطعام، توصيل العناصر الغذائية الى خلايا الجسم بالدم، استخدام الطاقة بالعضلات والاعصاب والخلايا والتخلص من الفضلات في عملية الإخراج. 
ويتحوّل الغذاء من خلال عملية الأيض أو الاستقلاب الى طاقة تجديد، من خلال بناء وهدم الخلايا والانسجة. ومعدل الأيض أو التمثيل الغذائي، هو معدل الطاقة التي يحتاجها الجسم للحفاظ على استمرار عمل اعضاء الجسم في أوقات الراحة، وهو المعدل المسؤول عن فقدان الوزن في الجسم، حيث ان انخفاض الأيض يؤدي الى زيادة الوزن والسمنة، وارتفاعه يحرق السعرات الحرارية، ويتخلص من السمنة والوزن الزائد. ويُحْتَسَب معدل الأيض لدى كل من الرجل والمرأة من خلال معادلة حسابية وضعها هاريس بنديكيت، لها علاقة بالسعرات والوزن، والطول والعمر. 
ويمكن تسريع عملية الايض بممارسة الرياضة، كالمشي، السباحة، الركض، وتمارين القوة، لزيادة الكتل العضلية. وأيضا من خلال نظام غذائي صحي، والنوم الكافي  وبانتظام، والتقليل من نسبة السكر، وشرب الماء بما يعادل 8 أكواب يوميا. وهنالك طرق طبيعية لتعزيز الأيض في الجسم، كتناول القرفة والحمضيات، وزيت جوز الهند، والقهوة، والزنجبيل، والشاي الأخضر.
د. روي نسناس
ويقول الطبيب روي نسناس المتخصِّص في الأمراض الجرثومية والمستعصية، ان التهاب الكبد الدهني غير الكحولي «ناش» هو السبب الرئيسي لفشل عمل الكبد والسبب الأكثر شيوعا الذي يؤدي الى ضرورة زرع الكبد.
منذ بضع سنوات كان التهاب الكبد من الدرجة «ب» ومن الدرجة «سي» هو المؤشر الرئيسي الأوّل الذي يفرض زرع الكبد. لكننا اليوم نملك علاجا فعالا لهذه الالتهابات التي تصيب الكبد، وهو  المرض المتعلق بالمتلازمة الغذائية «الميتابوليزم». ومرض «الناش» يحتل الدرجة الأولى في المعالجة لدرء أخطار التهابات الكبد الأخرى ونتائجها.
فالمرض الذي لم تكن تعرف أسبابه طبيا، وبعد أكثر من ربع قرن من الابحاث والدراسات في العالم، تبين أن له علاقة لصيقة بالمتلازمة الغذائية «الميتابوليزم» وقد باتت عوارضها تًعرف بمرض «الناش».
بات من الممكن تشخيص مرض «الناش» بسهولة، بعد اختبارات طبية مخبرية وشعاعية متلاحقة، ومراقبة واستشفاء يخضع له المريض بأشراف الطبيب المعالج. 
ولا بد للمريض ان تتوافر فيه ثلاثة شروط من أصل خمسة لتشخيص مرض الناش فيه وهي التالية: ارتفاع ضغط الدم. السمنة. ارتفاع مستوى الدهون الثلاثية. انخفاض الكوليستيرول الحميد. ارتفاع مستوى السكر «الغلوكوز»، وذلك عندما تقاوم خلايا الأنسجة الدهنية الشحمية عمل الأنسولين أثناء الأيض.
فالكربوهايدريت في هذه الخلايا وخلايا الكبد يتحول الى دهون تتراكم فيها. وقد تتوقف حالة المريض عند هذا الحد. لكن وعند نسبة معينة من الافراد فإن هذا التراكم الدهني يؤدي الى التهاب في الكبد، يقضي على الخلايا ويتسبب بموت المريض الحتمي في حال لم يتلق العلاج المناسب.
ويضيف الطبيب «نسناس» بأنّه عند إصابة الكبد بمرض «الناش»، فإن التلف التدريجي للكبد سوف يتفاقم الى درجة يستحيل معها الشفاء، لذلك لا بد من علاجه، لأن الالتهاب سوف يؤدي الى تليّف للكبد، ومن ثم الى سرطان مستفحل.
ويشير د. روي نسناس في استيضاحه حول هذا المرض الدقيق والخطير، الى أنه ومنذ 5 سنوات لم يكن هنالك علاج لمرض «الناش». كان العلاج الوحيد، ولا يزال حجر الزاوية، تخفيض الوزن باتباع نظام غذائي يتضمن القليل القليل من سعرات الكربوهيدريت.
وبسؤال نسناس حول ما إذا كان المريض يشفى بعلاجات عشبية، قال هنالك من يتَّبع هذا النظام  العلاجي، لكن النتيجة غير معروفة وغير مضمونة. والاحتمال كبير بتعريض المريض لتفاقم مرضه، لأنها غير مدروسة ولأن المريض يكون بحالة مرضية يحتاج فيها الى العلاج المطلوب بسرعة. فالمداواة بالأعشاب تُعتمد بالخبرة، وقد تفيد مرضى يستجيب لها تكوينهم الجيني، فيما تؤثر سلبا في مرضى آخرين، فيدفعون ثمن افتقارهم الى العلاج المطلوب حياتهم بسرعة.
وأضاف نسناس بأن الدراسات في البداية ركزت على حمص «أيرسو ديسوكسي كوليك»  وهو دواء مستخرج من منقوع املاح المادة الصفراء التي يصنعها الكبد والمرارة، ويستخدم بنجاح في بعض أمراض الكبد، مثل التهاب الأقنية الصفراوية للمناعة الذاتية. لكن الاختراق الحقيقي لداء «الناش» هو بحمض « الأوبيتوكوليك» الذي يباع للمستشفيات تحت أسم «الأوكاليفا» الذي يخرج بالمريض الى نتائج طبية جيدة.
وهنالك العديد من الأدوية قيد الاختبار والدراسة بهدف تطوير العلاج لهذا المرض المتزايد بين الناس. ولا يوجد لهذا المرض الخطير الذي أصبح شائعا، إحصاءات في لبنان حول مدى تفشيه، لكنه الى ازدياد ويصيب الأشخاص الذين يعانوا من زيادة في الوزن، لكن هذا ليس معيارا ولا على سبيل الحصر، لأنه قد يكون هناك مرضى بمرض «الناش» من هزيلي البنية.
أما بالنسبة للسؤال حول تورط المضادات عند تناولها بكثرة في مرض «الناش» فأقول أن لا تورط للمضادات الحيوية والادوية الاعتيادية في هذا المرض، وهي بالطبع ليست من الأسباب التي تؤدي الى مرض «الناش». كما لا يوجد دليل على تورطٍ للإشعاعات أو للموجات الكهرومغناطيسية بالمرض. و«الناش» مرض لا يعدي.
الواقع اللبناني مع المرض
وبسؤال الصيدليات عن دواء «الأوكاليفا» لمعالجة مرض «الناش»، يجيب معظم أصحابها بأن دواء «الأوكاليفا» غير متوفر في صيدليات لبنان، ولا حتى في الصيدليات خارج لبنان، وأن الدواء يًسْتَخْدَم فقط بإشراف الأطباء المعالجين وفي المستشفيات، وهو لا يباع للأفراد، نظرا لدقة العلاج المطلوب، وللنظام الغذائي الذي يفرضه العلاج  لشفاء المريض.
أما وزارة الصحة في لبنان، وعلى رأس هرمها الوزير الدكتور جميل جبق، فإنها تعمل اليوم على معالجة هذه المسألة لاستيراد «الأوكاليفا» وعلى تأمين هذا الدواء للمرضى بـ«الناش» بعدما تفهّم الوزير الوضع وأبدى اهتمامه الجاد، وبعدما استوعبت اللجنة الطبية حجم الكارثة التي يتسببها عدم توافر هذا الدواء في المستشفيات، خصوصا في ضوء المستجدات بازدياد عدد المرضى بالداء، والثمن الباهظ للدواء.
ومعروف أن المستشفيات في لبنان لا يمكنها استيراد الدواء إلا بترخيص من وزارة الصحة، وبأجراء معاملات متلازمة مع الوزارة، لتسهيل أمر استشفاء اللبنانيين والمقيمين في لبنان. أما المؤسسات الضامنة للاستشفاء فإنها في ضوء تلك المستجدات بدأت تتراجع بتأمين ضماناتها للمريض فيما يوضَع حياة المريض «بالناش» في مهب الريح، علما بأنّ أمراضا أخرى غريبة بدأت تظهر بين اللبنانيين والمقيمين فترة طويلة في لبنان، مثل أمراض الرئة، التي لا بد أيضا من توفير الأدوية الشافية للمرضى لأن البعض من تلك الأدوية لا تعطى إلا بالمستشفيات وبإشراف الطبيب المعالج.