بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الثاني 2019 12:00ص بسبب غياب الرقابة وتراجع الليرة: إرتفاع أسعار المواد الغذائية... والحق على «الدولار»

حجم الخط
أسعار السلع ترتفع 40% إلى 60%، بسبب تقلّص وجود الدولار في السوق المحلي، فيما الشعب اللبناني يثور على واقعه المعيشي، في تحقيق مطالبه الإجتماعية والإقتصادية، ونتيجة ذلك بدأت أسعار السلع الإستهلاكية، لا سيما الغذائية منها بالإرتفاع بشكل غير مسبوق، لتطال الخضار واللحوم والدجاج والمواد الغذائية المعلّبة وسواها.

 الأسعار تفاوتت بين سلعة وأخرى، وبين تاجر وآخر، لترتفع أسعار بعض السلع بنسبة 100%، بفعل إستغلال التجار، للوضع الراهن الحالي في لبنان، فقاموا بتبديل أسعار السلع لمرات عديدة، خلال الفترة الماضية، ولم يلتزموا بهوامش الأرباح المعقولة، مما أسهم بحدوث تفلت في الأسعار، بالإضافة إلى التلاعب بأسعار الدولار، وظهور سوق سوداء، واستمرار إقفال المصارف التجارية، وعدم قدرة التجار على تأمين الدولار بسعر الصرف الرسمي، وتطبيق رسم 3%، على بعض المواد المستوردة، وزيادة إحتكارات التجار، وغياب المنافسة في السوق المحلي.

الأرقام تشير إلى إرتفاع أسعار الخضار، بنسبة 27% والفواكة 2% واللحوم 7% والألبان والأجبان 3% منذ الأول من تشرين الأول الماضي، وحتى المرحلة الحالية، بالإضافة إلى زيادة كلفة الفوائد على الشركات، من 7.5% إلى 12%، وفرض رسوم على الدفع بالبطاقة الائتمانية، التي كانت تتراوح كلفتها، على المحال التجارية بين 0.85% و1.25%، إلى 2%، وفرض رسم جمركي، تراوح بين 10% و20%، على بعض المواد المستوردة، دون أن نغفل حدوث أزمة تأمين أصحاب المحلات التجارية والتعاونيات الدولار للمستوردين الذين يشترون البضائع بهذه العملة العالمية.

د. برو

لقد بدأ الفلتان في الإرتفاع المخيف، في الأسعار للسلع الإستهلاكية، قبل حدوث الثورة أو الحراك الشعبي، في 17 تشرين الأول الماضي، يقول رئيس جمعية المستهلك الدكتور زهير برو، عندما ارتفعت أسعار البطاقات المسبقة بالدفع، من قبل شركتي الخليوي (ألفا وتاتش)، ولقد أخبرتُ وزارتي الإقتصاد والتجارة والإتصالات بما حدث وحصل، ولكن ما «تندهي ما في حدا».


د. زهير برو


والحقيقة أن وتيرة إرتفاع الأسعار ارتفعت بشكل تصاعدي منذ نهاية شهر أيلول الماضي، ولغاية المرحلة الحالية، بطريقة غير مسبوقة، وكله ارتبط بسعر الدولار الأميركي، أمام الليرة اللبنانية، صعوداً وانخفاضاً في السوق المحلية.

وفي المقابل، قام مصرف لبنان المركزي، بفتح الإعتمادات المالية لكبار التجار والمستوردين، من أجل بقاء الدعم المادي، ليطال السلع الأساسية، المرتبطة بحياة المواطن اليومية، (الطحين، المحروقات، الدواء)، فيما كافة السلع الإستهلاكية الأخرى (الخضار، الفواكة، اللحوم والألبان والأجبان، الرز، السكر، الشعيرية، المواد المعلبة، الزيت وسواها)، بقيت خارج منظومة الدعم المباشر لها من قبل مصرف لبنان المركزي، فيما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أشار في المؤتمر الصحفي الأخير إلى «أن نشوء سوق موازية لسعر صرف الدولار، لدى الصرافين الذين يسعّـرون الليرة على ذوقهم، خلق ضغطاً متزايداً، على شراء الدولار في السوق المحلي، بينما المصرف لبنان المركزي، مع المصارف التجارية، لا تبيع الدولارات إلا لكبار الزبائن، ولأعضاء مجالس إدارتها ومالكيها».

وما نستغربه قول سلامة: «أن نشوء السوق الموازية لدى الصرافين، بأنها «ظاهرة ستتراجع»، محملاً المواطن اللبناني، مسؤولية ارتفاع سعر الصرف لدى الصرافين، لأنه لا يعرف مصلحته»، وما نتفاجأ به أكثر كلام سلامة: «أن المواطن اللبناني لا يعرف مصلحته، وأزمة الصرافين هي نتيجة العرض والطلب، ومصرف لبنان لا يتعاطى بالأوراق بالدولار».

وخارج كلام سلامة، بات سعر صرف الدولار، مقابل الليرة اللبنانية، يتراوح ما بين 1600 إلى 2000 ل.ل. مما ساهم بإرتفاع أسعار السلع الإستهلاكية في السوق المحلي، الذي شهد فوضى وتهافتا غير مسبوق، من قبل المواطنين، لشراء البضائع والمواد المرتبطة بحياتهم اليومية.

السوق الإستهلاكية دون ضوابط

وعن السياسة المالية للسلطة، يقول برّو «إن السياسة المالية للسلطة الحاكمة، أدت إلى تراجع قيمة صرف الليرة اللبنانية، أمام الدولار الأميركي، وهذا حتماً يلحق الأذى المباشر، بقيمة الأجور والرواتب للمواطن اللبناني، وتخفيض القدرة الشرائية لديه، وهذا خيار مالي واقتصادي، يبرر اللجوء إليه، من قبل السلطة السياسية والمالية الحاكمة، التي تركت السوق الإستهلاكية بدون «ضوابط»، وفي حالة من الفلتان في الأسعار، كما حصل في المرحلة الأخيرة.

مع الأسف، ان النظام اللبناني الحالي، يعمل على تحميل المواطنين، مسؤولية ما يحصل في السوق المالي والنقدي، ويبتعد عن فرض «الكأس المرة»، على المصارف التجارية وأصحاب الإحتكارات، وكبار الشركات والتجار، لناحية إلزامهم دفع الضرائب والرسوم على أرباحهم، وهذا ما نسميه «التهرب الضريبي»، وإيقاف الهدر في الجمارك اللبنانية، التي تتم فيها تخفيض الرسوم على البضائع المستوردة، والتلاعب بمحتويات «الكونتينرات»، لصالح أصحاب الوساطات والنفوذ و«أهل البلاط» والحظوة، لدى القوى السياسية والحزبية، التي تسيطر على مقدرات البلاد من العام 1992.

 في المقابل، يجب إعادة الأملاك البحرية والنهرية إلى كنف الدولة، وهذا كله يؤمن ويوفر 6 مليارات دولار سنوياً، مما يؤدي إلى تحسين الأوضاع المالية والإقتصادية والمعيشية، في واقع البلد كله، فيما السلطة الحاكمة حالياً، تنتظر الأموال التي سترد من مؤتمر «سيدر»، وتبلغ قيمتها 11 مليار دولار، سوف تصرف على مدى 5 سنوات، وليست هبات بل ديون جديدة، سوف يتحملها الشعب اللبناني.

أين نحن من محاسبة المزورين والسارقين؟

ويختم رئيس حماية المستهلك: لا يسعنا سوى أن نطرح السؤال التالي: أين نحن من محاسبة المزوّرين والسارقين والناهبين للمال العام الذين هربوا أموالهم إلى الخارج؟

 أما الكلام عن رفع السرية المصرفية فهو «هرطقة وكذبة»، يقوم بها هذا المسؤول السياسي، أو ذاك الحزبي، لأن أهل السلطة الحاكمة، منذ 30 عاماً، لا يدفعون أية رسوم وضرائب على ثرواتهم وأموالهم، ولا يجوز لأحد الإقتراب منها، أو المساس بها، أو التعرّض لها!!.