بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الأول 2019 06:00ص بيروت تحتلُّ المرتبة 53 بين أغلى المدن عالمياً

كلفة المعيشة في بيروت أغلى بنسبة 85% من إسطنبول وبنسبة 7% من «برشلونة» كلفة المعيشة في بيروت أغلى بنسبة 85% من إسطنبول وبنسبة 7% من «برشلونة»
حجم الخط
احتلت بيروت المرتبة 53، بين أغلى المدن عالمياً والأدنى في المعيشة بحسب تصنيف جديد ودراسة إحصائية.

وعُددت الأسباب بناءً إلى ارتفاع أسعار السكن، النقل، المواد الغذائية، المنتوجات الإستهلاكية، ووسائل الترفيه.

وعليه تبيّن أن كلفة المعيشة في بيروت أغلى بنسبة 85% من مدينة اسطنبول، وبنسبة 7% من «برشلونة»، وأغلى مدينة في الشرق الأوسط لناحية (كلفة الخدمات: كهرباء، تدفئة، غاز)، وثاني أغلى مدينة في العالم (لكلفة خدمات الكهرباء)، لمدة شهر واحد لشخص، في استديو مساحته 45 مترا مربعا، وأغلى مدينة في الشرق الأوسط، لجهة تعرفة دقيقة المخابرة المدفوعة مسبقاً، (دون حسومات) من خلال الهواتف النقالة، ورابع أغلى كلفة اشتراك في نادٍ رياضي، في المنطقة التجارية، أو منطقة الأعمال في العالم. كما أن الترفيه في بيروت، أغلى بنسبة 19% عن الترفيه في «باريس»، وبنسبة 18% عن الترفيه في «لاس فيغاس». 

د. يشوعي 

بناءً عليه، لتسليط الضوء، على أسباب ارتفاع الأسعار في بيروت، بعكس ما هو حاصل، في مدن عالمية أخرى، التقت «اللواء» الخبير الاقتصادي والمالي، الدكتور إيلي يشوعي.

حول انخفاض الأسعار أو ارتفاعها، يقول د. يشوعي: «إن انخفاض الأسعار أو ارتفاعها، مرتبط عموماً بالإنتاجية وأقصد بذلك كل النشاطات الإقتصادية، واستعمال عوامل إنتاج السلع والخدمات، يكون فاعلاً جداً، وينتج عنه قيمة مضافة عالية، تسمح لهذه الشركة أو تلك المؤسسة أن تربح أو تكسب، من دون أن تكون مضطرة لرفع أسعارها.

وارتفاع الأسعار في بيروت، يعود في سببها المباشر، إلى رداءة النشاطات الإقتصادية من ناحية النوعية والفاعلية.

وإن أعطينا مثالاً على ذلك، نلحظ أن كلمّا الخدمة تفتقد الإنتاجية، كلما ازدادت كلفتها، فالخدمات في لبنان كلفتها عالية جداً، مقارنة مع الأسعار العالمية لخدمات مماثلة، في مدن كبرى، وإن كلفة الخدمات المحلية، هي أعلى بسبب ضعف إنتاجيتها وفاعليتها، وما يصح على الخدمات العامة، ينطبق على سلع الإنتاج المحلية، خصوصاً أننا في بلد، الإنتاجية فيها تفتقد إلى مواكبة المعرفة والتكنولوجيا الحديثة والمتطوّرة، يعني أننا أمام رداءة في خدمات الإدارة العامة، ومعرفة محدودة وتكنولوجيا غير متطوّرة، وهذا كله يؤدّي إلى زيادة الأكلاف والإرتفاع في الأسعار».


د. إيلي يشوعي



تقييم ألأسواق اللبنانية

وعن تقييم الأسواق اللبنانية، يقول: «إن الأسواق اللبنانية، تفتقد إلى عدم وجود المنافسة فيها، لأن وكالات الإستيراد، تمتلك لوحدها الحصرية الداخلية والخارجية، لجلب تلك السلعة أو المنتج إلى لبنان.

كأن يُمنع مثلا على أي مواطن، استيراد سيارة جديدة، إلا عبر الوكيل الحصري في لبنان.

في المقابل، فإن الوكالات الحصرية لآلاف السلع الإستهلاكية والتجارية، هي بيد 4 إلى 5 شركات، والتي تتحكّم بالأسعار كما تريد أو تشاء، في الأسواق المحلية، لناحية العرض والطلب لهذه السلعة أو تلك، والسيطرة على توقيت إنزالها، قبل فترة الأعياد اللبنانية».

وسأل يشوعي: «أين مدينة بيروت العريقة، والتي جمعت منذ ما قبل الإستقلال عام 1943، وحتى العام 1975، أهلها البيارتة من مسلمين ومسيحيين، وكانت مدينة نموذجية، فيها أرقى المدارس والجامعات، وأجمل المنتجعات والفنادق والمراكز السياحية، وأروع الشوارع وأنظفها وأكثرها أناقةً، وأسواقها التي اشتهرت بها، (التباريس، أياس، سرسق، الجميزة، الفرنج، بركة العنتبلي، التياترو الكبير، بسترس، سيّور، حمادة، باب إدريس، التويني، الطويلة)؟». 

ويضيف: «بيروت في حينها كانت درّة الشرق، وكان يزورها السياح العرب والأجانب، فماذا حصل في هذه المدينة الأصيلة؟ الوسط التجاري في بيروت، أسعار الشقق والمحلات التجارية فيه، مرتفعة وعالية جداً، ولا تجد من يستثمرها، أو يجذب الزبائن والزوار إليها، من المستثمرين اللبنانيين والعرب والأجانب، وقبل وقوع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، كانت العاصمة بيروت، ملتقى الشعب اللبناني بكل طبقاته، وعليه نسأل لماذا لم يأخذوا من أمثلة ودروس الماضي، ولماذا أسعار الشراء أو الإيجار عالية ومرتفعة جداً؟ سواء في وسط بيروت التجاري أو خارجه؟

هل يعود إلى كلفة البناء العالية، أم أن هناك مبالغة أو إفراط، في فرض أسعار الإيجار أو الشراء، أم إن منطق الجنون مسيطر على عقول من يتحكّم، في تحديد سعر المتر المربع، لقيمة الشقق السكنية، أو المحلات التجارية؟!».

أسباب إرتفاع الأسعار؟

وعما إذا كان هناك من أسباب أخرى لارتفاع الأسعار، يقول: «إن ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة في لبنان، تعود إلى أسباب أخرى، منها ارتفاع كلفة التخابر، في الهاتف الخليوي في لبنان، بحيث أن شركات هذا القطاع الحيوي، تحقق أرباحا تصل إلى مليارات الدولارات، فيما حصة الدولة اللبنانية، منخفضة ومتواضعة جداً، لذلك نطالب بإصدار قانون، يلزم هذه الشركة أو تلك، بنشر ميزانيتها المالية، كل 3 أو 6 أشهر، في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، لمعرفة حصة الدولة فيها، وإجراء مقارنة بين كلفة التخابر الخليوي في لبنان والدول المحيطة به، وهل يعقل أن تبقى أسعار الهاتف الخليوي في لبنان، أغلى ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل في العالم كله!!».

ويؤكد يشوعي: «قبل حدوث الحرب في سوريا عام 2011، كان لبنان محاصرا واقعياً بسياسات إقتصادية ونقدية ومالية، تعتريها أخطاء كبيرة جداً، لكن هذا الوطن الذي قيل عنه، بأنه سويسرا الشرق، استفاد مطوّلاً من الخارج، من خلال الإستثمارات الخليجية، التي كانت تقدّر بـ 5 مليارات دولار سنوياً، والأن تلامس الصفر.

في المقابل صادرات لبنان، كانت تقدّر بـ 5 مليارات دولار، وتحويل أموال المغتربين اللبنانيين في الخارج، كانت تقدّر بـ 9 مليار دولار، في المقابل لا يزال ميزان المدفوعات، منذ سبع سنوات يشكو من عجز مرتفع الوتيرة تصاعدياً، وبلغ لغاية الآن من العام 2019، 6 مليارات دولار، ولبنان يعاني حالياً من حصارين، الأول داخلي بفعل أخطاء السياسات الداخلية، (النقدية، الفساد الإداري، نهب المال العام، الخدمات السيئة، النفايات، البيئة المتردية وسواها). والثاني خارجي، (استثمارات خارجية متوقفة، الصادرات شبه متوقفة، تحويلات اللبنانيين المغتربين، تنخفض بشكل مخيف، بسبب انعدام الثقة بهذا الوطن، وبالمناخ السياسي والحزبي والمسيطر على واقع البلد، والأوضاع الأمنية المتردّية، والعقوبات الاقتصادية والمالية، التي تفرض على الدول، التي يعمل فيها المغتربين اللبنانيين)».

وكشف يشوعي: «منذ العام 1994 ولغاية الآن، صرف أكثر من 20 مليار دولار على قطاع الكهرباء، بينما الكهرباء على مدى 24 ساعة، في مصر أو نيجيريا، أو السودان وسواه، وعدد السكان فيهم يتجاوز الـ 100 مليون نسمة، بينما عدد سكان لبنان، لا يتجاوز الـ 5 ملايين مواطن، وهذا يعني أننا على مدى 27 سنة، كنا نعيش في مغارة علي بابا، وحارة «كل من إيدو إلو»، في مختلف القطاعات الإنتاجية، ومنها قطاع الكهرباء، بحيث بات البلد مكشوفاً، إقتصادياً ومالياً، ونقدياً وإجتماعياً، وهناك سيطرة على القطاع العام، وتقاسم الدولة بالحصص والمغانم، من خلال السيطرة السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية، سواءً عبر التوزيع المنفعي والإنتخابي في القطاع العام، أو عبر توزيع العمولات والسمسرات، في هذا القطاع أو ذاك».

وختاما تساءل د. يشوعي «أين دور مصلحة حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة، الغائبة بشكل كلي عن مراقبة الأسعار في الأسواق المحلية؟ في المقابل فإن أي نشاط اقتصادي، يكون مبنياً على أسعار النفط، فإذا كان برميل ارتفع من 50 دولارا إلى 120 دولارا، فلا بد أن تزداد وترتفع الأسعار في داخل لبنان».