بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تشرين الثاني 2019 06:20ص خيمة للدعم النفسي في ساحة الشهداء لمعالجة المحبطين من المتظاهرين

خيمة الدعم النفسي خيمة الدعم النفسي
حجم الخط
في المنطقة الممتدّة، ما بين مبنى اللعازارية وساحة الشهداء، تنتشر خيم لمجموعات الحراك الشعبي، لكن أكثر ما لفتني وجود خيمة لـ «الدعم النفسي الأوّلي» تحت عنوان: «دعم المتظاهرين نفسياً، جرّاء ما يتعرّضون إليه، من حالات قمع واعتداء».

الفكرة طرحتها أستاذة علم النفس العيادي، في الجامعة الأميركية في بيروت بريجيت خوري، والتي تتعاون مع أكثر من 30 إختصاصياً واختصاصية، في مجال العلاج النفسي، من الجامعات: الأميركية واللبنانية واليسوعية، والروح القدس – الكسليك وسيدة اللويزة، إلى جانب طلاب متمرّنين في علم النفس.

لتسليط الضوء على هذا الموضوع، التقت «اللواء» أستاذة علم النفس العيادي في «جامعة الروح القدس – الكسليك»، ليا صوايا واصّاف، فكان الحوار الآتي:


ليا صوايا واصّاف



خيمة الدعم النفسي

{ ما الهدف من خيمة «الدعم النفسي الأولي»؟

- كما هو معلوم فإن الدعم النفسي الأوّلي، يشكّل إحدى أساسيات الحقوق الصحية للأفراد، الذين يتعرّضون إلى العنف الجسدي والنفسي، وما حصل أن الشعب اللبناني، منذ ما قبل 17 تشرين الأول الماضي، كان يعاني من ضغوطات إقتصادية ومالية ومعيشية وإجتماعية ونفسية، وإنما بشكل يومي.

وفي ظل الإنتفاضة الشعبية، التي قامت على الحرب النفسية، بين ثلاثية الدولة والحكومة والشعب، الذي نزل إلى ساحات الإعتصامات والتظاهرات، متخلياً عن روتين حياته اليومية، من الذهاب إلى العمل، أو إلى الدراسة، فالمعاناة التي وصلوا إليها، من أجل المطالبة بحقوقهم المشروعة، ليس بالأمر السهل أبداً، فكانت الحاجة أكثر من ملحّة للإستماع إلى المتظاهرين، في مثل هذه الخيم، لتقديم الدعم النفسي الأولي لهم.

وهنا لا بد أن نتذكر النظرية التي طرحها المفكر في علم النفس، MASLOW-ABRAHAM، الذي أشار إلى: «تدرّج وترتيب لحاجات الإنسان، في شكل تسلسل هرمي، فالإنسان في حاجة دائمة يقف وراءها دائماً الدافع.

هذه الحاجة تؤثر بالطبع على سلوكياته، وإذا لم يتم إشباعها، تسبب آلاماً نفسية له، وإحباطاً مما يدفعه إلى إتباع العديد من الحيل الدفاعية، التي تحميه من هذا الإحباط أو تلك الآلام»، وعليه في مثل هذه الأوضاع الراهنة، المعقدة على الصعيد السياسي والأمني والإقتصادي والمالي والإجتماعي، لا بد من اللجوء إلى المعاينة النفسية الأولية، فيأتي الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وحالات إكتئاب بفعل تخبّط المشاعر، وعدم الإحساس بالأمان والإستقرار، والشعور بالهلع والخوف، والتعرّض إلى ضيق في التنفس، وصولاً إلى الضغط العائلي، نتيجة الإنقسام والإختلاف في التفكير، داخل العائلة الواحدة، بين مؤيد للثورة ومعارض لها، والإختلاف في الآراء السياسية».

الإستماع للمتظاهرين

{ ما هي مهمة توفير الدعم النفسي الأولي؟

- إن مهمة توفير الدعم النفسي الأولي، هي الإستماع إلى هؤلاء المتظاهرين، الذين يأتون إلى الخيمة، وإجراء الحوار والنقاش المباشر معهم، وصولاً إلى تحقيق تمارين التنفس الصحيحة، وترخية الأعصاب وممارسة الرياضة والمشي اليومي، والإصغاء إلى الموسيقى الهادئة وقراءة الكتب، وتحفيزهم بشكل إيجابي، في حال عدم تحقيق مطالبهم، مما يؤدّي إلى الإصابة بخيبات الأمل، أو الإحباط النفسي.

أذى وإحباط نفسي

{ من هم أكثر رواد «الخيمة»؟

- كما هو معلوم أن الشباب اللبناني، ومنهم فئة المراهقين ومعهم رجال ونساء من مختلف الأعمار، نزلوا إلى الساحات، مع إنطلاقة الإنتفاضة، بسبب ضيق الأحوال الإقتصادية والمالية والإجتماعية، فتراهم يتحدثون في الحوارات المباشرة، في المحطات التلفزيونية، عن معاناتهم اليومية مع أهلهم، في تحصيل أبسط مقومات الحياة ومنهم الحقوق المشروعة من (الأكل والشرب وامتلاك منزل، والطبابة وتوفير فرص العمل والزواج)، ولكن ما حصل، أنه في بدايات الثورة الشعبية، شعروا بنفسية وبعزيمة عالية، وخصوصاً في الأيام الأولى لها، وأصيبوا بالأذى والإحباط النفسي، بفعل تعرّضهم إلى حملات التضييق وتكسير الخيم، والتعدّي عليهم جسدياً.

إرشادات لإدارة الضغوطات

{ ما المطلوب؟

- المطلوب وضع إرشادات متنوّعة، لإدارة الضغوطات التي يتعرّض إليها المواطنين، خلال التظاهرات الشعبية، ومنها أن بعض الأشخاص يعانون من حالات الغضب، الأمر الذي يفترض مساعدتهم على إدارة غضبهم بشكل سليم، والحاجة ملحّة لكل متظاهر، يعاني من الإكتئاب النفسي، اللجوء إلى الإهتمام بنفسه، أو ما يعرف بالعناية الذاتية، والتعامل مع الأشخاص الإيجابيين، والتحدث مع الذين يمتلكون الأفكار الحسنة، وأخذ فترات استراحة، والعودة بعدها إلى ساحات التظاهر، وعند الشعور بأي عارض وإرهاق جسدي، ضرورة التوجه إلى خيمة الدعم النفسي الأوّلي، للتخفيف من حدة المشكلة، التي يتعرضون إليها.

حالة حرجة

{ ماذا عن الحالات التي عاينتموها؟

- إن الأشخاص الذين ينزلون إلى ساحات التظاهرات والإعتصامات يومياً، ويشتركون في الحراك الشعبي، هم في حالة «حرجة»، وخطورة الأمر أنهم يحملون أنفسهم، مسؤولية نجاح أو فشل الثورة، لأنهم بأعدادهم المتزايدة، أرادوا تحقيق مطالبهم المحقة، واستعمل الشباب فائض القوة لديهم، من خلال اللغة اللفظية، التي اعتمدوها ولجأوا إليها، واللغة الجسدية العنفية التي جعلتهم في حالة دفاع عن النفس، بفعل الإحتكاك المباشر، مع الأجهزة والقوى الأمنية، التابعة للسلطة الحاكمة.

«الخيمة» ليست كافية

{ هل خيمة العلاج النفسي الأوّلي كافية في التعامل مع المعاناة النفسية؟

- إن خيمة العلاج النفسي الأولي، ليست كافية في التعامل مع المعاناة النفسية، لهؤلاء الأشخاص الذين يتم متابعتهم عيادياً، وهذه الخطوة جريئة ومهمة جداً، ولكن يجب إكمالها بمتابعات لاحقة، في المرحلة التي تلي ما يعيشه الشباب اللبناني، في الساحات والميادين، وما يمر به الوطن وشعبه، لأن الخوف من تحوّل المعاناة النفسية إلى مرض نفسي، تصعب معه عملية المعالجة، لذا ينصح بتلقي الدعم النفسي الأوّلي، قبل تفاقم هذه المشكلة النفسية.