بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 كانون الأول 2020 12:01ص طلاب لبنان في الخارج بين المعاناة والتشرّد والذلّ وانتظار المساعدات

والقانون 193 فصل من أكاذيب السلطة والمصارف

حجم الخط
لم يكن تحرّك أهالي الطلاب الذين يدرسون في الخارج، أمس، أول خطوة يقومون بها للضغط على السلطة والحكومة ومصرف لبنان والمصارف للايفاء بتعهداتهم المتكررة بتسهيل عمليات التحاويل المالية لأبنائهم في جامعات العالم.. سبقته مواقف وتحركات وقانون (نعم قانون) صدر في المجلس النيابي بهذا الشأن لكن دون جدوى. وإذا كان مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة أعلى الصوت في عظة الأحد الماضي بأن «من له ولد يدرس في الخارج.. مكبّل لأن أمواله مجمدة»، فإن حقيقة الوضع وشهادات الطلاب وذويهم أكثر وجعاً وإيلاماً وحرقة!

لا تكشف قصص هؤلاء فساد المنظومة الحاكمة وجشع المصارف وقساوة قلوبهم فحسب، بل ان القانون في هذا البلد بات وجهة نظر يمكن لأيّ كان أن يحتال عليه ويتجاوزه!

ما الذي يجري؟ من يقف وراء هذه المأساة؟ من يتحمّل مسؤولية تدمير مستقبل آلاف الشابات والشباب اللبنانيين؟ «اللواء» تلقي الضوء على أجزاء من القصة، خصوصاً مسألة «الدولار الطالبي» ومدى إستفادة الطلاب منه، علّها ما في هذا التحقيق يصل لآذان المسؤولين.

«الدولار الطّالـبي».. حقـيقـة أم وهمٌ؟

شهادات موجعة

«الوضع سيّئ للغاية، اضطرُرت في بعض الأحيان إلى التّفتيش في كتبي عن عملة لعلّي نسيتها يوماً بين صفحاتها، هذا بعدما بحثت في جيوب ثيابي واحداً تلو الآخر، علّي أعثر على قرشٍ واحد!»، هذا ما يرويه أحد طلاب لبنان في المغترب عن حجم مأساتهم. بالتّوازي لم ينفك أهالي هؤلاء عن الإعتصام أمام مصرف لبنان مطالبين بأبسط حقوق أبنائهم وهو تطبيق قانون «الدّولار الطالبي» الرقم 193، والّذي صدر بمرسوم موقّعٍ من رئيس الجمهورية، وينصّ على إعطاء كلّ طالبٍ مبلغ 10 آلاف دولار على سعر الصرف 1515 ل.ل لإكمال دراساتهم بشكلٍ طبيعيّ، لكن لا زال تنفيذه قيد المماطلة أو مصيره «القول لا الفعل»، كما هو مصير حق كلّ ذي حقٍّ في هذا البلد.

تكتل الطلاب: لا فائدة حتى الآن

باسم «تكتل الطلّاب اللّبنانيين المغتربين»، الّذي نشأ خارجاً بعد أزمة الدّولار وجائحة كورونا في لبنان، توضح النّاشطة صوفي اللحام أنّ «معاناة الطلّاب بدأت عندما أصبحت أسعار بطاقات الطّيران للعودة مرتفعة بشكلٍ خياليّ، وكان سعر صرف الدولار الواحد حينها 3000 ل.ل، فراحت شركات الطّيران تحتكر الأسعار»، وتضيف: «ثم حلّت المشكلة الأكبر عندما لم يعد باستطاعة أهالينا إرسال الأموال لنا أو حتّى تحويلها من حساباتنا الشّخصيّة، عندها بدأنا بالمطالبة بما يسمّى «بالدولار الطّالبي» أو الدّولار المدعوم للطلاب المغتربين لنستطيع الحصول على مصروفنا على الأقلّ».

وتروي اللّحام عن زملائها أنّ «بعضهم لم يعد بمقدورهم شراء الطّعام أو دفع أجور بيوتهم. فلجأوا لجمع بعضهم البعض في منازل صغيرةٍ، أي يسكن خمسة أشخاصٍ مثلاً في شقّةٍ لثلاثة فقط. ومؤخراً، بدأت الجامعات تنذر بطرد الطلاّب الّذين لم يسددّوا أقساطهم الجامعيّة»، باستثناء فرنسا التي قررت منح كل طالب لبناني مبلغ 500 يورو لتسهيل أموره.

وتتابع: «قمنا بتحرّكاتٍ عدّة في لبنان مع الجمعيّة اللبنانية لأولياء الطلّاب في الجامعات الأجنبية، وما زلنا ضمن تنسيقٍ مستمرٍّ معهم، ونحن كتكتّل بما أنّنا في الخارج، كنّا نوصل صوتنا عبر الإعلام، وأحدثنا ضجّة إعلاميّة لفترة معيّنة على التّلفزيونات والإذاعات والجرائد كافّة، واستمرّرنا هكذا إلى حين صدر قانون الدّولار الطّلابي».

وتشير اللحام إلى «الكثير من الثّغرات الّتي تشوب هذا القانون منها أنّ دفعة الطلاب لعام ٢٠٢٠ - ٢٠٢١ لم تشملها المساعدة، إضافةً إلى أنّ مبلغ العشرة آلاف دولار غير كاف للعام كلّه. وكذلك العشوائيّة بسبب عدم تحديد الجهة الّتي ستستلم هذا المبلغ في الخارج، والبنك له حرّية في تحديد الجهة». وتؤكد أنّ «الأفراد الّذين ليس لديهم حسابات مصرفية لا يستطيعون الحصول على هذه المساعدات أيضاً. أما بعد إقرار القانون، فقد تخلّفت المصارف عن تنفيذه، ولا زالت المعاناة مستمرّة، إذ لا استفادة حتى الآن من هذا القانون».

الأهالي: وعود الحاكم لم تنفّذ

عن موقف الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية، وفي إتصالٍ هاتفي لـ«اللواء» مع أمين السر الدكتور ربيع كنج، يفيد بأنّهم «عندما أطلقوا عبارة «الدّولار الطالبي»، في المؤتمر الصّحافي التأسيسي في 4 آذار 2020، كانت حلماً لكثير من الأهالي، وتركزت المطالب على نقطتين، الأولى قضية الدّولار الطالبي مثل دولار الطحين، دولار الغذاء... أي أن يكون هناك دولار للطلاب على السّعر الرسمي، مع إتجاه الجمعية للّجوء إلى القضاء، علماً بأن القضاء اللبناني يأخذ مدةً طويلةً للبت بالقضايا، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تستغرق وقتاً نظراً للحاجات الفورية للطلاب في المغترب».

ويؤكّد كنج أنّ «بعض الجامعات، في بيلاروسيا مثلاً، ستعطي مهلة بين الأول من كانون الأول والأول من كانون الثاني لدفع الأقساط، وستفرض غرامة مالية كلما تأخر موعد التسديد. وكلّ طالبٍ لا يسدّد سيتم طرده من الجامعة».

وعن المسألة الثانية التي تنادي بها الجمعية يشير كنج إلى أنّهم «قاموا بالمطالبة بفصل وتحرير التّحويلات المصرفية للطلاب عن مشكلة المودعين. واجتمعت الجمعية في آب الماضي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووعد بمرافقة قانون الدولار الطالبي مع الآليات التطبيقية أي صدورها فور صدور القانون، إلا أنّ هذا لم يحصل، ولم يطبّق حتى الآن، زيادةً على عدم مراعاة القانون الصادر لأيٍّ من المطالب العامة التي اقترحتها الجمعية والطلاب».

الموسوي: لستُ متفائلاً

وبما أنّ اقتراح هذا القانون انبثق عن كتلة الوفاء للمقاومة، وفي حديثٍ خاص لـ«اللّواء» مع النائب إبراهيم الموسوي لمعرفة مدى استمرار متابعتهم لتطبيقه، يوضح بأنّهم «وتحسّساً منهم بظروف الطلاب ومعاناتهم في الخارج، قاموا بإقتراح هذا القانون ثمّ تبعته زياراتٍ عدّة لحاكم مصرف لبنان ولجمعية المصارف، وهم الآن يحاولون الضغط والمتابعة مع رئاسة الحكومة والوزراء المعنيين، وتحديداً وزير المالية».

ويتابع: «طبعاً لا ننكر أنّ البلد في أزمةٍ عميقةٍ، لكن الحجة لدى أصحاب المصارف أنّ ليس لديهم أموالاً لإعطائها للطلاب، والحاكم صرّح أنّه لا يمكن تطبيق هذا القانون سوى لسنةٍ واحدة، ففضّلنا المساعدة قدر الإمكان للطلاب وخريجي هذا العام على الأقلّ. وكلّ ما نفعله حالياً هو متابعة الإتصالات مع الجهات المعنية وممارسة الضغوطات للتّأكد من التنفيذ عساه يساعد». ويعبّر الموسوي عن «عدم تفاؤله حقيقةً وبالنّظر للوضع العام المأساوي في البلد على المستوى المالي والنّقدي عدا عن مشكلة أموال المودعين، أي تعب وجنى عمر النّاس.» ويرى بأن «إقتراح القانون لفت الأنظار لمعاناة الطلاب ويلفت الحكومة لمساعدتهم». وبحسب الموسوي، «قامت أيضاً بعض الجامعات في فرنسا وبلجيكا، بتقديم منحٍ للطلاب أو بالتخفيض والتكفّل بهم وفي روسيا أيضاً الأمر مشابه، وبالتالي نحن لفتنا النظر وسنبقى في صدد المتابعة لكن لا يمكن تحديد مدى التوفيق في هذا الملف».

المصارف «فوق... تشرّد الطلاب»

تسأل اللحام «هل سيكون هذا القانون عادلاً للجميع أمّ أننا كالعادة سنتعثّر بالمحسوبيّات والوساطات؟» سؤالٌ لا شكّ يراود آلاف الطلاب الّذين يعيشون التّجربة ذاتها. والغريب أكثر أنّ القانون الذي يعتبر «فوق كلّ شيءٍ» تتخلّف عن تنفيذه المصارف الّتي لا زالت تتذرّع بالأزمات المالية والإقتصادية وهي أساساً «رأس الحربة» في ما وصلنا إليه. الكثير من الغرابة في هذا الوطن، قوانينٌ إمّا بانتظار حكوماتٍ، أو محسوبياتٍ، أو قراراتٍ مصرفيّةٍ تعسّفيةٍ لكي تطبّق مع استهتارٍ تامٍ وإهمالٍ لصرخات الطّلاب الذين لم تعد تقتصر أزمتهم على الطّرد من الجامعات فقط بل تعدّتها ليصبحوا «مشرّدين» بالمعنى الحرفي للكلمة!

بيان أولياء الطلاب


أصدرت «الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الاجنبية»، بيانا، أعلنت فيه، انه «بعد اتصال اجراه أمين سر الجمعية الدكتور ربيع كنج برئيس المركز الثقافي الروسي العربي في سانت بطرسبورغ المهندس مسلم شعيتو وبالسفارة الروسية في بيروت، عقد اجتماع بين سعادة سفير روسيا الإتحادية في لبنان السيد الكسندر روداكوف ووفد من الجمعية ضم: المهندس عماد دبوس، والسادة: أسعد الضاهر ورياض الخوري تمحور حول طلب المساعدة من السلطات الروسية لحلحلة الاوضاع الصعبة التي يتعرض لها الطلاب اللبنانيون في الجامعات الأجنبية ومنها الجامعات الروسية. ويأتي اللقاء في اطار سلسلة من التحركات ستحاول الجمعية القيام بها تجاه السفارات الاجنبية للدول التي يوجد فيها انتشار لبناني طالبي للعمل على تسهيل اوضاعهم».

7000 استمارة في وزارة التربية


في ظل عدم توفر إحصاء دّقيق لعدد الطلاب اللبنانيين في جامعات العالم، توضح جمعية أولياء الطلاب في الخارج أنها قامت بتعبئة إستمارات خاصة بأبنائهم وقدّمتها إلى وزارة التربية، وبلغ عدد الملفات المقدمة 7000 طلب لطلاب موزعين على جامعات: فرنسا، إنكلترا، أميركا، بلجيكا، روسيا، بيلاروسيا، أوكرانيا، ألمانيا، جورجيا، أرمينيا، وجامعات أخرى في أوروبا الوسطى والغربيّة.

علماً أن فرنسا منحت كل طالب لبناني مقيم لديها منحة مالية بقيمة 500 يورو لتسهيل أموره.